لتحقيق أفضل النّتائج...

الطريق إلى تقوية التفاعل الاجتماعي

مرونة التفكير في التعامل مع الإحباطات، والصبر في حلّ المعضلات التي قد تواجه الانسان، هو الطريق الأفضل لتحقيق أفضل النّتائج

2023-01-07

د. جمال عبد الفتاح

المجتمع المتمدن، مجتمع زاخر بالأدوار الاجتماعية، وكل منها يعطي رائحة تحمل عبق الخبرات والمعلومات والأفكار المتداولة بين الأفراد، فهي عملية مقايضة تعتمد على الأخذ والردّ بين الناس، والتوقف عند بعض خبراتها المتميزة والاستفادة من تجارب الحياة، يصبح أكثر نفعاً وفاعليةً وتأثيراً إذا ما تعامل مع الآخرين.

وللأدوار الاجتماعية صفات يتبنّاها الفرد بحكم التعاطي مع قوانين هذا الدور، وتصبح جزءاً من سلوكه وشخصيّته، فالمعلّم حينما يعلم الأطفال المبادئ والقيم الجيدة، كاحترام الآخرين الأكبر سنّاً والعطف على الصغير، نجد هذه المبادئ تصقل من شخصيّته، وتصبح ميزة في سلوكه، لا يمكنه أن يعمل إلا بها في حياته اليوميّة. والمشاركة الاجتماعيّة، ما هي إلا وسيلة حضارية تساعد الأفراد على اكتساب الخبرات بطرق إنسانيّة، من خلال التعامل اليومي لكلّ دور مع بقية الأدوار.

مزايا وخصال قد تسهم في إنجاح عمل الدور الاجتماعي

لذا يمكن أن نشير إلى بعض المزايا والخصال التي قد تسهم في إنجاح عمل الدور الاجتماعي، منها:

1- الإحساس بمسؤولية الدور الذي يمثله الشخص، إذ إن الاستهانة والتلاعب أو التباطؤ في أداء ما يتطلبه الدور الاجتماعي، قد يغير أو يقلل من نتائجه المستقبلية، فالأب الذي ينتظر أولاده حتى يكبروا، ثم يبدأ عمليّة التوجيه ظنّاً منه أنهم لا يفهمون في هذا العمر المبكر، فهو بالتأكيد أب مخطئ في رأيه وموقفه هذا، حيث سيجد نفسه، وبعد أن ترك فسحة من الزمن تكبر بينه وبين أبنائه، سيجد أن دوره أصبح هامشيّاً، نصائحه لا تتناسب مع ما تعلمه أبناؤه عبر الفطرة والغير، وبذلك لا نجده أباً كفوءاً في تحمل مسؤولية دوره الأبوي.

2- عدم الشعور بالتعب أو الإحباط من ممارسة الدّور الذي يجد نفسه فيه، فصاحب الدور قد يجد نفسه متخبّطاً ومصاباً بكثير من الإحباطات، إلا أنّ مرونة التفكير في التعامل مع مثل هذه الإحباطات، والصبر في حلّ المعضلات التي قد تواجهه، هو الطريق الأفضل لتحقيق أفضل النّتائج.

3- إن الدور الاجتماعي، عمليّة شبكيّة متشعّبة، حيث يجد الفرد نفسه في أكثر من دور اجتماعيّ واحد، فالمرأة لها أدوار مختلفة تنتقل فيها بكلّ رشاقة وخفّة ما بين دور وآخر، فنجدها أمّاً في دور ما، وزوجة في دور آخر، ومعلّمة. وهكذا تتشعب الأدوار للفرد الواحد، فيجد نفسه كالنحلة يتنقل ما بين دور وآخر، ليأخذ من أحدهم تارةً، ويضيف إلى آخر تارةً أخرى، فتصبح هذه العملية، عملية تطوريّة تتابعيّة، ينقل فيها الدور الاجتماعي خبراته من دور اجتماعي إلى دور اجتماعي آخر.

– عدم الاستهانة بباقي الأدوار وإعطاء قيمتها المعنوية واحترام ما تقدّمه من عمل مفيد، مهما كان حجم هذا الدور بسيطاً، إلا أنه قد يؤثر تأثيراً كبيراً في نفسية الآخرين، فبائعة الخضار في البلدان الشرقية، قد تعطي صورة متفائلة للفرد، حيث تتفاعل مع ألوان الخضار وأشكالها وروائحها، ويجدها الآخرون تقدّم خدمة جليلة تزيد من التواصل الاجتماعي بين الأفراد. إننا كآباء وأمّهات نسعى دائماً إلى تربية أولادنا التربية الحقّة قدر المستطاع، فهو واجب علينا. لذا يتطلّب الأمر ما يلي:

تعريف الأبناء بالأدوار الاجتماعيّة وقيمتها المعنوية واحترام جميع الأدوار الموجودة في المجتمع .

– تبادل الثقة بين الأدوار المختلفة تفسح المجال لتعريف كلّ شخص بمزايا الشخص الآخر وتفكيره.

– قد تأخذ عملية تبادل الأدوار الاجتماعيّة مأخذاً علاجيّاً في بعض الأحيان. فالشخص الذي يخاف من دور ما في الحياة، من الممكن أن يعمل الأسلوب العلاجي على تعريفه بهذا الدور، وبالتالي، تقليل مخاوفه وهواجسه من هذا الدور أو إزالتها، وبالتالي، يخافون من الارتفاعات أو ركوب البحر، والعلاج هو زجّهم بطريقة تدريجية في صعود الارتفاعات أو ركوب البحر.

– يقع على عاتق صاحب الدور الأكبر مسؤوليّة الأخذ بيد صاحب الدور الأصغر، في عملية التقدم الاجتماعي، فالأب مسؤول عن تقديم النّصح والتوجيه والتقويم إن لزم الأمر إلى الأبناء وإخلاص إلى طلابه… إلخ.

أخيراً، لا يمكننا القول إنّ الطبيعة الإنسانيّة طبيعة ثابتة متصلّبة، بل إن صفة المرونة والتعلم والتبادل الاجتماعي هي من سماتها الرئيسة.