يواجه زعيم حزب العمال البريطاني كاير ستارمر ضغوطاً متزايدة من داخل حزبه ومن منظمات حقوقية للابتعاد عن السياسات المتشددة التي تتبناها إيطاليا في مجال الهجرة، وذلك قبل زيارته المرتقبة إلى روما.
تصاعدت حدة الجدل عندما ألمح وزير الداخلية البريطاني، جيمس كليفرلي، إلى إمكانية دراسة المملكة المتحدة لنموذج إيطاليا في التعامل مع طلبات اللجوء خارج أراضيها، مثل ما تخطط له في ألبانيا.
أثارت هذه التصريحات موجة من الانتقادات داخل حزب العمال، حيث تساءل بعض النواب عن مدى ملاءمة تبني نهج حكومة يمينية متطرفة.
وجهت منظمات إنسانية بارزة، من بينها مجلس اللاجئين ومنظمة العفو الدولية، دعوة لستارمر لتجنب اعتماد أي سياسات مثيرة للجدل، مذكرة بفشل مشروع الحكومة السابق لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا. وشددت هذه المنظمات على ضرورة التركيز على إصلاح جذري لنظام اللجوء البريطاني بدلاً من محاكاة سياسات مشكوك في فعاليتها وأخلاقيتها.
تزامن هذا الجدل مع مأساة إنسانية جديدة في بحر المانش، حيث لقي ثمانية أشخاص مصرعهم خلال محاولة عبور القناة. كما تم إنقاذ رضيع يبلغ من العمر عشرة أشهر كان يعاني من انخفاض حرارة الجسم، ضمن مجموعة من 53 شخصاً كانوا على متن قارب تحطم قبالة السواحل الفرنسية الشمالية.
يعتزم ستارمر زيارة روما للاطلاع على تجربة الحكومة الإيطالية برئاسة جورجيا ميلوني في خفض أعداد المهاجرين الواصلين عبر البحر من 118 ألفاً إلى نحو 44 ألفاً خلال العام الماضي.
تعتمد إستراتيجية ميلوني على عقد اتفاقيات أمنية واقتصادية مع دول شمال أفريقيا، خاصة تونس وليبيا، لتشديد الرقابة على حدودها البحرية. كما تخطط إيطاليا لافتتاح مركز احتجاز في ألبانيا لإيواء طالبي اللجوء الذين يتم إنقاذهم في البحر ريثما تتم معالجة طلباتهم.
عبرت النائبة العمالية كيم جونسون عن قلقها العميق إزاء توجه ستارمر نحو دراسة النموذج الإيطالي، واصفة سياسات ميلوني بأنها “نموذج للإدارة السيئة وانتهاك حقوق الإنسان”، مستشهدة بتقارير منظمة هيومن رايتس ووتش.
من جانبه، أكد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي أن زيارة ستارمر تهدف إلى مناقشة الجهود الإيطالية في مكافحة الهجرة غير النظامية والتعاون مع ألبانيا، مشدداً على أن فكرة نقل معالجة طلبات اللجوء إلى دول ثالثة لا تمثل سياسة رسمية للحكومة البريطانية حالياً.
تدرس الحكومة البريطانية أيضاً الاستفادة من تجربة إيطاليا في مكافحة شبكات تهريب البشر، بما في ذلك مشروع إنشاء مركز تنسيق في سراييفو. كما تبحث لندن في إطلاق مبادرات تنموية في إفريقيا بميزانية تقدر بـ 5.5 مليار يورو.
في خطوة ذات صلة، تم تعيين مارتن هيويت، الرئيس السابق لمجلس قادة الشرطة الوطنية، رئيساً لوحدة الأمن الحدودي الجديدة في الحكومة البريطانية، للإشراف على خطط ستارمر للحد من عمليات عبور القناة بالقوارب الصغيرة.
حذرت منظمات حقوقية، بما فيها العفو الدولية ومجلس اللاجئين، من مغبة تنصل المملكة المتحدة من مسؤولياتها الدولية تجاه اللاجئين، داعية إلى التمسك بالالتزامات القانونية والأخلاقية في هذا المجال.