لماذا يعجز نتنياهو عن شن حرب؟

استعد محور المقاومة وتجهز منذ فترة طويلة لاي نوع من المواجهة العسكرية الشاملة، وان خيارات هذا المحور المعلنة عنها تمثل قمة جبل الجليد، وما خفي فهو أعظم.

2023-04-08

وسط التساؤلات المطروحة بشأن خيارات رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وطبيعة رد محور المقاومة على الاعتداءات الصهيونية، لا يمكن ان نعتبر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في موقف الآخذ بزمام المبادرة لمجرد قيام جيشه المجرم بشن غارات هنا وهناك، فزمام المبادرة بيد محور المقاومة الذي تقدم طوال السنوات الماضية ليضع الصهيوني نتنياهو في موقف صعب وامام لعبة خاسرة في الاتجاهين.

ان مفاجئة الخصم، هو الشرط الاول والضروري لبدء حرب ناجحة لكن اليوم بات تحقيق هذا الشرط الضروري حلما لنتنياهو وامثاله، فقبل عدة عقود كان الصهاينة عندما كان الصهاينة يريدون اصابة دولة عربية او عدة دول في آن واحد بالشلل عبر شن هجمات خاطفة ومدمرة ،كانوا ينفذون خطتهم فورا ومن دون تريث عبر شن عملية مفاجئة، لكن نتنياهو الان يشبه الشخص الذي يقعد على شفرة المنشار ولا يستطيع التحرك يمينا أو يسارا ، فهو ومن اجل التهرب من أزمته الداخلية يغامر عسكريا في سوريا ولبنان وغزة دون وجود أي أمل بالانتصار في الحرب أو أي امكانية لخروج كيانه سالما من هذه الحرب.

لقد استعد محور المقاومة وتجهز منذ فترة طويلة لاي نوع من المواجهة العسكرية الشاملة، وان خيارات هذا المحور المعلنة عنها تمثل قمة جبل الجليد، وما خفي فهو أعظم، وعلى سبيل المثال يمكن الاشارة الى الاعتراف الاميركي بعد تعرض القوات الاميركية لعدة هجمات بسيطة بالطائرات المسيرة، بالعجز امام هجمات الطائرات المسيرة وزوال التفوق الجوي الاميركي في المنطقة لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فكيف بالكيان الصهيوني حينما تستهدفه آلاف الطائرات المسيرة من عدة جهات وفي آن واحد ؟ ورغم هذا فان محور المقاومة لا يلعب في الملعب الذي يرسمه العدو بل يواصل تنفيذ خطته باحكام.

في هذه الخطة تم تجاوز الرد بالمثل ويتم دفع الكيان الصهيوني نحو الزوال التدريجي بشكل مستمر ، ففي استراتيجية جبهة المقاومة لا يتم الرد على استشهاد مستشارين عسكريين ايرانيين اثنين في سوريا، باطلاق صواريخ او عملية عسكرية معقدة فقط، بل يمكن ان يكون العقاب استنزاف يستمر مثل عملية غور الاردن التي اسفرت عن مقتل 3 صهيونيات ، فخلال الشهور الثلاثة الماضية قتل 19 صهيونيا في داخل الاراضي المحتلة وجرح 133 آخرين في عمليات مماثلة.

ولا يهدر محور المقاومة امكانياته رغم ان صواريخه وطائراته المسيرة تكفي لحرث الاراضي التي يعيش عليها الصهاينة عدة مرات وهي جاهزة للاطلاق، فقبل عامين اطلق المقاومون الفلسطينيون 600 صاروخ في يوم واحد على العمق الصهيوني وهذا الذي اركع الصهاينة حينها.

اما القدرات المتراكمة لدى حزب الله فهي ايضا مجهولة ، فقبل 4 او 5 اعوام قدّر الصهاينة عدد صواريخ حزب الله باكثر من 140 الف صاروخ جاهز للاطلاق نحو ابعد المناطق في داخل كيان الاحتلال ، وقد صرح قائد الجبهة الداخلية في الجيش الصهيوني “اوري غوردين” قبل عامين انه “يمكن لحزب الله إطلاق 2500 صاروخ في اليوم خلال أي قتال محتمل بين الجانبين وان كيانه لا يتمتع بجهوزية كافية للحرب في الجبهة الشمالية، وهذا اكبر المتاعب لنا” . كما يعتقد قائد قوات الاحتياط في الجيش الصهيوني اسحاق بريك “ان الجيش الاسرائيلي هو اضعف مما يتم تصويره واذا وقعت الحرب سنرى سقوط 3 آلاف صاروخ يوميا ومئات الطائرات المسيرة وخسائر واضرار كبيرة”.

اما التقييم الذي يقدمه يوزي رابين الرئيس السابق للبرنامج الصاروخي في الكيان الصهيوني فهو ايضا جدير بالاهتمام علما بان هذا التقييم صدر قبل 8 سنوات وتلاه امام ضباط القوات الجوية الاميركية حيث قال ” ان الايرانيين يعيشون التطور الصاروخي ، انهم صنعوا صاروخ فاتح 110 لافشال منظومات الدفاع الصاروخي ، وانا كمهندس يجب ان اعترف بانهم قاموا بعمل جيد، مع زيادة دقة هذا الصاروخ ورأسه الحربي الذي يزن 500 كيلوغرام اصبح باستطاعتهم تدمير حي بأكمله، لا يمكن تصديق ذلك، ان الصواريخ الباليستية الايرانية تنتج وتخزن وحتى يتم تصديرها، ايران لا تحتاج السلاح النووي ، انهم يستطيعون اصابة اسرائيل بالشلل بصواريخ نقطوية مداها 2000 كيلومتر ، ان الايرانيين عرضوا مشاهد يظهر تخزينهم لصواريخ قيام وقدر ، انني ارفع القبعة احتراما لمن قاموا بهذا الفعل، هذا الانجاز جاء في ظل الحظر”.

بعد الهزيمة الصهيونية في حرب تموز عام 2006 في لبنان خلصت لجنة فينوغراد الصهيونية في تقريرها حول اسباب الهزيمة الصهيونية ” ان القيادة السياسية في هذه الحرب عانت من الازمات والتخبط، رغم الاعلان عن وجود تخطيط لمدة 4 أشهر لم تكن السيناريوهات تتناسب المجريات على الارض ، الجيش كان يتخبط وكان عاجزا امام الهجمات الصاروخية لحزب الله ، لم يكن هناك استراتيجية لحسم الحرب ، هذه الحرب كانت خطأ مخيفا واخفاقا خطيرا، لقد لمسنا شرخا خطيرا في اعلى مستويات الهرم السياسي والعسكري” ، اما اليوم وبعد مضي 17 عاما على حرب تموز فيمكن الجزم بأن الكيان الصهيوني تراجع كثيرا في انسجامه الداخلي وازداد عجزه لاحتواء المقاومة الفلسطينية وتراجع ردعه العسكري ايضا ، فالظروف لا يمكن مقارنتها بعام 2006 ، كما ان يد قوات محور المقاومة هي على الزناد وهم مستعدون لتلقين الصهاينة ورمزهم المشهور بالفشل والعجز أي بنيامين نتنياهو، درسا قاسيا.

ان نتنياهو هو الان كالصيد الذي ينزف امام الصياد ، لكن محور المقاومة لم يبدأ اللعبة بعد ولم يكشف عما في قبضته ، ان الافعال الجنونية لنتنياهو ناجمة عن العجز واليأس أكثر من ان تكون ناجمة عن تخطيط مؤثر والامساك بزمام المبادرة، انه يريد اظهار نفسه كمنقذ لـ “اسرائيل” في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الكيان، بالاضافة الى انقاذ نفسه من الملاحقة القضائية ، في وقت يعتبر نتنياهو من الاسباب الرئيسية لاشتداد الأزمة في هذا الكيان، فالكثير من الصهاينة يعرفونه كديكتاتور محتال ومخادع يريد ان ينجو بنفسه عبر افتعال الازمات.

ومن المحتمل جدا ان لا يفرح المحتجين الذين نزلوا الى شوارع الكيان بالمغامرات العسكرية لنتنياهو بل يعتبرونها خدعة لقمع الاحتجاجات وهذا سيزيد من غضبهم.

اما المؤكد هو ان هذا الكيان سيدفع ثمن اجرامه لكن من المرجح ان يكون سقوط حكومة نتنياهو بسبب الازمة الداخلية وليس بسبب الحرب، هذه المغامرات ستسرع السقوط وتؤدي الى تقصير عمر هذا الكيان المصطنع ، لقد قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الصهيونية عاموس يادلين ” ان قائد الثورة في ايران يبتسم ويقول بان اسرائيل قررت تدمير نفسها قبل الموعد المحدد، ان الايرانيين يناقشون الان هل يهاجموننا أم يتركوننا ننهار من الداخل؟ “.