حتى لا يغيب شهر رمضان عن الأسرة المسلمة

التأكيد على حضور القرآن في الأسرة، حيث حرصت الأسر في رمضان على استحضار القرآن حتى الأطفال والكبار غير القارئين عن طريق السماع وغيره

2023-04-08

د. حسان عبد الله

رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها أسرنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية، فبلا شك كان رمضان نفحة ربانية لها في هذا التوقيت، ونتناصح دائماً ألا يغيب رمضان عن أسرنا هذه.

وننصح أنفسنا والقارئ الكريم بهذه النصائح كي لا يغيب رمضان عنا:

أولا- تعزيز فكرة الثواب والعقاب بين أفراد الأسرة، حيث ارتبط الحرص على الصيام وعدم الفطر بفكرة الثواب الأخروي من الله تعالى لهذه الفريضة، والخوف من آثار المخالفة في الدنيا والآخرة، ومن ثم حرص المسلم أن يؤدي هذه الفريضة مع أعمال الخير الاجتماعي التي يعتقد في تعظيمها مع فرضية الصيام؛ فيحرص على الأعمال التي ترتبط دائماً بالثواب الأخروي، وأن استمرار فعل الخير لاستمرار الثواب يعني استمرار حرص الأسرة كلها على فعل الخير سواء داخلها أو خارجها، وبهذا تستعيد الأمة لحمتها الاجتماعية، وتعيد شبكة علاقتها إلى الحياة مرة أخرى، فتجنب المسلم كل أنماط السلوك التي تجلب له (العقاب – الضرر) وحرصه على الأفعال التي تحقق له (الثواب – النفع) من شأنه تحقيق التماسك الاجتماعي بين أفراد الأسرة أولاً، ثم بينها وبين المجتمع بصفة عامة.

ثانيا- التأكيد على حضور القرآن في الأسرة، حيث حرصت الأسر في رمضان على استحضار القرآن حتى الأطفال والكبار غير القارئين عن طريق السماع وغيره، وهذا ما يجب استمرار استحضاره بأي طريقة أو وسيلة: القراءة، السماع، المدارسة البسيطة، فليكن القرآن حاضراً بين أفراد الأسرة، ونحذر، ونحتَطْ من هجره من عام إلى عام.

ثالثا- صلاة الفجر والمسجد: اعتاد الأطفال والكبار في رمضان على المواظبة على صلاة الفجر والذهاب إلى المسجد، حتى إن المساجد في صلاة الفجر أصبحت تشبه صلاة الجمعة، وهذه العادة العبادية يجب ألا تنقطع في غير رمضان، ويجب أن تتعلم أسرنا ما في الفجر والمسجد من خير لها، قال(ص): “بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة“. يجب أن تكون صلاة الفجر في المساجد جزءا رئيسا من مسيرة التنشئة التربوية لأطفالنا، وضمن سلوكهم المعتاد. وبالطبع دفع الأبناء إلى المحافظة على كل الصلوات في أوقاتها كما كانوا يواظبون عليها ابتغاء تقبل الصيام.

رابعا– كذلك أيضاً فإن قيمة “الغيب” و”المراقبة لله” تعالى ينبغي ألا يرحلا عن وجداننا، فمراقبة أطفالنا لله تعالى في صيامهم الكامل أو بعض صيامهم، وكذلك نحن الكبار في تصرفاتنا التي تضبط كثيرا في رمضان، ينبغي ألا تغيب، وأن نعززها في سلوكنا الشخصي وسلوك أبنائنا في جميع الأنشطة التي تقوم بها جوارحنا طول العام؛ فربْط الإنسان نشاطه وسلوكه بالله تعالى يحقق له الاستقرار الوجداني، ويخفف عنه من قلق الحياة وتقلباتها المستمرة.

خامسا– كذلك أيضا قيمة “الدعاء”، فالحرص الذي أظهرناه في رمضان على الدعاء والإلحاح على الله تعالى بحاجتنا أملاً وطمعاً في تحقيق الله تعالى لنا والاستجابة، ينبغي لهذه الحالة الوجدانية ألا تتوقف وألا تنقطع؛ فالدعاء هو أكبر وأقصر الطرق وصولاً إلى الله تعالى، ويمثل –أيضاً- رابطا وجدانياً ذا أثر كبير في التشكيل الوجداني للإنسان، يجب أن يتم تعزيزه بالمدوامة عليه وعدم الانقطاع عنه لا سيما أن استمرار جعل هذا السبيل مفتوحاً بيننا وبين الله تعالى.

سادسا- الصدقة: إن أحوالنا الاقتصادية المتعثرة لم تمنعنا من فعل الصدقة في رمضان، تقرباً إلى الله من خلال التواصل الإنساني، تواصل المسلم مع أخيه المسلم، والشعور بحاجته، وبعث قيمة التكافل الاجتماعي، والصدقة يمكن أن تكون على أشكال متعددة وليس الشكل المادي فقط، أو بالإضافة إلى هذا الشكل حسب الاستطاعة والقدرة، وقد وسع النبي(ص) في مفهوم الصدقة وحدد لها ستة مجالات تتسع كل منها إلى مضامين وأفعال متعددة.

سابعا- التواصل الأسري: من السمات المميزة لشهر رمضان هو اجتماع الأسرة على موائد الإفطار والسحور، والذهاب إلى الصلوات جماعات، بما حقق للأسرة تواصلاً ربما كانت كثير من الأسر تفتقده في شهور العام، ويمكن في إطار المحافظة على فضيلة هذا التواصل أن تبحث كل أسرة بما يلائم  ظروفها عن المحافظة على أي شكل للإبقاء عليه، وهو ما يعيد بلا شك ترتيب العلاقات الاجتماعية التي كادت أن تفقد في الأسرة المسلمة بسبب سحق العولمة لكافة أشكال التواصل الأسري بالإغراء بالانصراف عنه أو التقليل من أهميته، أو ربما بسبب الانشغال بأمور واحتياجات الأسرة التي لا تنقطع ما بقيت الحياة وبقيت الأسرة، فربما كان التمسك بشكل من أشكال التواصل الأسري الذي حققناه في رمضان محاولة لتحقيق استقامة الأسرة المسلمة على الطريقة.