الأمم المتحدة تدعو لندن للإلتزام بالقانون الدولي..

سياسة بريطانيا تجاه اللاجئين تُغرقها بالعار

مقررة أممية: سياسة لندن تجاه المهاجرين خطيرة جدا قد يكون له عواقب كارثية على طالبي اللجوء واللاجئين.

2022-11-12

يمكن لأي مهاجر وصل إلى بريطانيا عبر بحر المانش بطريقة غير شرعية أن يجد نفسه يوما ما في رواندا. إنها السياسة الجديدة للحكومة البريطانية المحافظة في معالجة قضية الهجرة غير الشرعية والتي أثارات إنتقادات من قبل مؤسسات حقوق الانسان والعديد من الدول لما فيها من إنتهاك لحقوق المهاجرين وفقاً لقوانين الأمم المتحدة.  وتصر بريطانيا على المضي قدما في سياستها المنتهكة لحقوق المهاجرين، ورغم الانتقادات الكثيرة التي تواجهها. إلاّ أنها اختارت هكذا سياسة متشددة تجاه ملف الهجرة.

حيث قال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن على المملكة المتحدة التأكد من أن “معاملتها لطالبي اللجوء تتوافق مع القوانين الدولية”.

وتأتي التوصية بينما سلط المجلس الضوء على خطة بريطانيا لإرسال المهاجرين إلى رواندا، أثناء فحصه لسجل حقوق الإنسان في المملكة المتحدة.

*إنتقادات وردود

وخلال المراجعة الدورية، وهي عملية تتم كل أربع سنوات، قالت هولندا: إن على الحكومة “إلغاء أجزاء من شراكة التنمية الاقتصادية للهجرة التي لا تمتثل لاتفاقية اللاجئين لعام 1951”. كما دعت نيوزيلندا المملكة المتحدة إلى ضمان “توافق معاملتها لطالبي اللجوء مع مسؤولياتها والتزاماتها الإنسانية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين”.

وقال وزير العدل مايك فرير، الذي يمثل المملكة المتحدة في الجلسة في جنيف، إن بلاده “ملتزمة تماما بحماية حقوق الإنسان في الداخل والخارج”، مؤكدا أن “هذا الالتزام لم يتغير”. ووصل ما يقرب من 40 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة بعد عبور القناة الإنجليزية (من جهة فرنسا) حتى الآن هذا العام. لكن لم يكن هناك حتى الآن أي عبور في نوفمبر وسط سوء الأحوال الجوية، مما يجعل المجموع لعام 2022 حتى الآن عند 39913 مهاجرا.

*مراكز أشبه بحدائق الحيوانات

الى ذلك، قال أحد النزلاء السابقين في مركز مانستون للمهاجرين في بريطانيا لبي بي سي إن ظروف العيش في المركز المزدحم بالمهاجرين تشبه العيش في سجن أو حديقة حيوانات. وأضاف أحمد – وهو اسم مستعار – إن المهاجرين الذين يعيشون في مركز مانستون، الواقع في مدينة كنت، يُعاملون معاملة “الحيوانات”، إذ أُجبر 130 شخصا على تقاسم خيمة واحدة كبيرة. وتقول تقارير إنه تم احتجاز أكثر من 4000 مهاجر في المخيم، الذي جُهز لاستضافة 1600 شخص فقط، في الأيام الأخيرة.

وتقول وزارة الداخلية البريطانية إنها توفر “جميع الاحتياجات الأساسية” للمهاجرين. وأصر وزير الهجرة، روبرت جينريك، في السابق على خفض عدد الأشخاص في مخيم مانستون.

*لماذا تصر بريطانيا على ترحيل المهاجرين ؟

يستهدف من هذه السياسة كل المهاجرين بمن فيهم القادمون من الشرق الأوسط. رولا أمين المتحدثة باسم المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين في المنطقة تعتبر أن “موقف المفوضية واضح ومبدئي. وتجد هذا التطور أمر خطير جدا قد يكون له عواقب كارثية على طالبي اللجوء واللاجئين، وسابقة خطيرة ستضر وتقوض نظام حمايتهم”.

وندد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي بخطة المملكة المتحدة، معتبرا أنها “كلّها خطأ”. كما لم تلاق هذه الخطة في التعاطي مع ملف الهجرة غير الشرعية ترحيبا من أطراف مختلفة في الداخل البريطاني أيضا على رأسها الأسرة المالكة والكنيسة الأنغليكانية.

وكتب الزعماء الروحيون للكنيسة الأنغليكانية وبينها رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي ويورك ستيفن كوتريل و23 أسقفا، في وقت سابق من العام الجاري أن “هذه السياسة غير الأخلاقية تغطي بريطانيا بالعار”. من جانبه، وصف الأمير تشارلز خطة الحكومة البريطانية لإرسال طالبي لجوء إلى رواندا بأنها “مروعة”.

لكن هذا المشروع يحظى بشعبية كبيرة لدى الكتلة الناخبة المحافظة، ما يشجع الحكومة في الإصرار على تنفيذ هذه السياسة، إذ أكد رئيس الوزراء بوريس جونسون أنه “لن يتم ردعنا بأي شكل من الأشكال أو ثنينا من خلال بعض الانتقادات”.

*أهداف الحكومة البريطانية

التجأت حكومة المحافظين البريطانية إلى سياسة متشددة في مواجهة الهجرة غير الشرعية، في محاولة منها، لا تلاقي ترحيبا من عدة جهات داخل المملكة وخارجها، لتوجيه رسالة إلى المهاجرين الذين يحاولون دخول أراضيها عبر بحر المانش بطريقة غير شرعية. وأكدت لندن أنها تريد طرد أي شخص، مهما كانت جنسيته، يتم توقيفه وهو يحاول دخول البلاد بشكل غير قانوني، إلى رواندا رغم تكلفة هذه السياسة “أخلاقيا وماليا”، حسب منتقديها. ومن المتوقع أن تجبر الحروب والكوارث المناخية هذا العام عددا قياسيا من الأشخاص على الفرار من بلدانهم، وفق تقارير عديدة.

*فوائد للدولة الإفريقية المستضيفة

وتستفيد كيغالي من هذه الصفقة ماليا التي يعتبر منتقدوها أنها أبرمت على حساب حقوق المهاجرين. وتجني منها هذه الدولة الأفريقية، بموجب اتفاق مع لندن مبلغ 120 مليون جنيه إسترليني (144 مليون يورو) كتمويل أولي للخطة.

وخلال مؤتمر صحفي في كيغالي، قالت المتحدثة باسم الحكومة يولاند ماكولو في وقت سابق: إن هذا الاتفاق يشكل “حلا لنظام اللجوء العالمي الفاشل”. وأضافت “لا نرى أن من غير الأخلاقي أن نمنح الناس منزلا”، مشيرة إلى أن رواندا ستكون “سعيدة” باستقبال “آلاف المهاجرين”.

ومن المفترض أن يوضع المهاجرون المرحلون من بريطانيا في “فندق الأمل” Hope Hostel في كيغالي، “وهو ليس سجنا”، بحسب مديره، إنما فندق يملك فيه النزلاء حرية الخروج والدخول. وتتهم منظمات غير حكومية بانتظام الحكومة الرواندية بقمع حرية التعبير والمعارضة السياسية.

وهذه ليست هي المرة الأولى التي تستقبل فيها رواندا طالبي لجوء من دولة أخرى، إذ اتفقت كيغالي والاتحاد الأفريقي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 2019 على أنه يمكن إجلاء المهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية المزرية طواعية إلى رواندا على متن رحلات جوية تديرها الأمم المتحدة.