مدينة قم المقدسة

بيت الإمام الخميني(رض).. قاعدة لإنطلاق الثورة الاسلامية المباركة

لم يكن الامام يملك منزلاً في مدينة  قم المقدسة. وكان سماحته يقيم في هذا المنزل المتواضع حتى الايام والساعات الأخيرة من وجوده بمدينة قم المقدسة.

2023-05-23

الوفاق/

يقع منزل الامام الخميني(رض) في محلة (يخجال قاضي) في مدينة قم المقدسة والذي كان يقيم فيه الامام الخميني(رض) خلال وجوده في مدينة قم المقدسة، وكان الاكثر شهرة من بين هذه المنازل ويحظى بزيارة وتفقد الجميع.. اشترى الامام المنزل في سنة 1956م،

وقبل هذا المنزل لم يكن الامام يملك منزلاً في مدينة  قم المقدسة. وكان سماحته يقيم في هذا المنزل المتواضع حتى الايام والساعات الأخيرة من وجوده بمدينة قم المقدسة. وكان قد تم تأمين ثمن شراء هذا المنزل (ثلاثة عشر ألف تومان) الذي تبلغ مساحته ثلاثمائة متر مربع تقريباً، من بيع عقار كان قد ورثه عن أبيه في مدينة خمين.

وإثر نفي الامام الى تركيا، ومن ثم انتقال سماحته الى مدينة النجف الاشرف في العراق والتحاق أفراد أسرته به، وضع المنزل تحت تصرف آية الله بسنديده شقيق الامام.

بقي المنزل الواقع في (يخجال قاضي)، بعد انتصار الثورة وانتقال سماحة الامام الى مدينة قم المقدسة، في حسرة لقاء صاحبه ومالكه من جديد، لأن الازقة الضيقة التي يقع فيها المنزل لم تكن تستوعب هذا الكم الهائل من عشاق الامام ومحبيه الذين كانوا يتوافدون للقاء سماحته.لأنه بعد وصول الامام الى ايران وانتقاله الى مدينة قم المقدسة، اقترح المرحوم آية الله اشراقي (صهر الامام) على سماحته أن يقيم في منزله الواقع في الجنوب الشرقي من جسر الحجتية. بيد أن هذا المنزل ايضاً لم يكن يستوعب هذه الاعداد الضخمة التي كانت تتوافد للقاء الامام وتحيته. ولهذا تم اختيار منزل آخر مجاور لمنزل السيد اشراقي وكان يعود الى آية الله محمد يزدي، لإقامة الامام، فيما تم تخصيص منزل السيد اشراقي بمثابة مكتب لسماحة الامام .

القسم الخارجي من منزل (يخجال قاضي) كان يضم حجرة كبيرة كانت على مدى سنوات مكاناً لاستضافة زوار سماحة الامام(رض) وتلامذته. وعلى الرغم من أن هذا المنزل كان يعتبر واسعاً من حيث المساحة مقارنة بمنازل قم الأخرى، إلاّ أنه كان في غاية البساطة وخال من مظاهر الزينة والترف.. أن هذا المنزل البسيط المتواضع، يعتبر نموذجاً لبساطة وعصامية رجل عاش عزيزاً طوال عمره وانتقل الى العالم الآخر بكل اطمئنان .

منزل سماحة الامام الخميني (قدس) لم يكن مكاناً للسكنى فحسب، وإنما مركزاً لتذليل معاناة الناس، ومقراً للمضي قُدماً بالثورة الاسلامية، ومكتباً للأمور الشرعية والعبادية الخاصة بالناس.. فحيناً يتحول الى فصل للدراسة، وحيناً قاعدة للثورة، وحيناً يمارس دوره بمثابة مسجداً وحسينية..  فالخطاب التاريخي الذي ألقاه الامام عام 1962م احتجاجاً على لائحة مجالس الاقاليم والولايات، كان في هذا المكان. وفي العشرين من شهر آذر من نفس السنة جاء رؤساء شرطة وسافاك قم المقدسة الى منزل الامام،  غير ان سماحته واصل إلقاء خطابه المطول للجماهير دون أن يعبأ بوجودهم.. وفي الايام الاولى من عام 1963م كانت القوات الحكومية تنوي مداهمة مجلس التعزية الذي كان يقام في منزل الامام (قدس)، وعندما علم الامام بخبر المؤامرة حذر عن طريق خطيب المجلس بأنه إذا ما تمت مداهمة المجلس والتعرّض الى نظم المنزل، فأنه سوف يعمل على تحريض الناس ضد المخططين والمنفذين لذلك.

آخر خطاب ألقاه سماحة الامام في منزل يخجال قاضي، كان في الرابع من شهر آبان عام 1963م احتجاجاً على القانون الذي يمنح الاميركيين حصانة قضائية. ففي صباح ذلك اليوم جاءت فئات الشعب المختلفة الى منزل الامام (قدس) للاستماع الى خطابه. وكان سماحته قد بدأ خطابه بالقول (إنا لله وإنا اليه راجعون). وفي هذا الخطاب كان قد قال : (أن قلبي يعتصر ألماً… أنا أتألم… لم يعد هناك عيد لإيران.. لقد بدلوا عيد ايران الى مأتم.. لقد باعونا… لقد انتهت عظمة ايران…). وبعد عدة أيام من هذا الخطاب، وفي يوم الثالث عشر من آبان، وإثر مداهمة بيت الامام واعتقال سماحته، تم نفيه الى تركيا.

لاشك لو كان لكل آجر وطوبة من منزل الامام في محلة يخجال قاضي لسان لكانت حدّثتنا عن تهجد الامام وقيامه الليل، وعن الحماس والالتهاب الذي كان يتركه خطابه الناري في النفوس والقلوب.