تسارعت مؤخراً وتيرة اللقاءات والإجتماعات والمباحثات الثنائية والمتعددة الأطراف بين مسؤولي السياسة الخارجية في الجمهورية الاسلامية الإيرانية ونظرائهم في دول الجوار ودول المنطقة، فبين فالتقارب الإيراني –السعودي والذي أعقبه تقارب مع جميع دول الخليج الفارسي ودول المنطقة وحتى الحركة الديناميكية الإيجابية التي بدأت تلوح في غرب آسيا بالتزامن مع دور ايران البنّاء لحلّ الأزمات بعيد عن التدخل الأجنبي الهدّام فيها، باتت دبلوماسيّة ايران النشطة هي محطّ الأنظار في كل هذه التطورات، وهو الأمر الذي يضع ايران في ريادة الدول التي تنتهج دبلوماسية الجوار الفعّالة.
*الحوار وحلّ جميع المشاكل عبر الدبلوماسية
الحركة الدبلوماسية النشطة، بين ايران وجيرانها، تؤكد ان دول المنطقة ادركت ان لا خيار امامها إلا الحوار وحل جميع مشاكلها عبر الدبلوماسية، لمنع الكيان الصهيوني، من التمادي اكثر في استغلال هذه المشاكل، والتي هي مشاكل طبيعية بين الدول، وان زيارة وزير الخارجية السعودي لطهران مؤخراً وتأكيده ونظيره الإيراني عبداللهيان على تعزيز التعاون بين البلدين الإسلاميين خير دليل على نجاح سياسة الجوّار البنّاءة التي إنتهجتها ايران، سياسة بعثت القلق في الكيان الصهيوني الذي عقد آمالا كبيرة على مشروع التطبيع الفاشل مع الدول العربية مستخدماً “مسرحية” “الإيرانوفوبيا” كمطيّة لركوب هذه الموجة، واستجرار مواقف الدول الإسلامية الى جانبه للوصول الى عزل ايران في نهاية المطاف.
فبالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيراني الى دول الخليج الفارسي (قطر وسلطنة عمان والكويت والإمارات) خلال اليومين الأخيرين ولقائه خلال هذه الزيارة مع رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام مساء أمس في سلطنة عمان، وتأكيده على دعم طهران المستمرّ وبقوّة لأي حلّ من شأنه إنهاء المعاناة في اليمن ووقف الحرب، وعلى تمسّك ايران بدعم الشعب اليمني، جرت تحركات دبلوماسية مهمّة أيضاً بشأن حلّ الأزمة السورية دعت خلالها ايران للإتفاق بين دمشق وأنقرة لإنهاء الأزمة وإعادة الإستقرار الى هذا البلد، كما تباحث مبعوث رئيس الجمهورية الخاص بشؤون افغانستان، رئيس بعثة الجمهورية الاسلامية الى هذا البلد “حسن كاظمي قمي” مع الرئيس الافغاني الاسبق “حامد كرزاري”، حول آليات تعزيز العلاقات وتطوير مجالات التعاون بين طهران وكابول.
*لقاءات مُكثّفة
في إطار جولته على دول الخليج الفارسي والتي جاءت مباشرة عقب زيارة وزير الخارجية السعودي لطهران، أجرى أمير عبداللهيان جولة خاطفة لكل من دول “قطر وعمان والكويت والإمارات”، حيث إلتقى في الدوحة ضمن زيارة لم تتجاوز بضعة ساعات كلاً من أمير قطر ونظيره القطري، ليتوجّه بعدها الى مسقط ويلتقي خلال هذه الزيارة بنظيره العماني بدر البوسعيدي وعدد من المسؤولين في هذا البلد، حيث رحب عبدالليهان في تصريحات للصحفيين عقب محادثاته مع نظيره العماني في مسقط بمبادرة الامين العام للامم المتحدة بعقد اجتماع للدول الـ 8 في الخليج الفارسي، وقد اكد اميرعبداللهيان ان مبادرة الحوار الاقليمي يمكنها ان تؤدي الى التعاون بين الدول الـ 8 في الخليج الفارسي.
كما قدم امير عبداللهيان الشكر لجهود سلطان عمان هيثم بن طارق للتوسط بين دول المنطقة، قائلا: “نشكر مبادرات سلطان عمان حيال القضايا الاقليمية والدولية والتي تهدف الى التعاون والسلام والاستقرار والتنمية في المنطقة”.
من جانبه قال وزير الخارجية العماني: ان محادثاته مع نظيره الايراني تناولت موضوع التعاون بين البلدين وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين البلدين والمستجدات الاقليمية والدولية، مؤكدا ان هناك تطابقا في وجهات النظر والمواقف بين البلدين اللذين قررا القيام بدور ايجابي في مجال الامن والاستقرار في المنطقة. وفي الختام دعا نظيره للقيام بزيارة رسمية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأمر الذي رحب به نظيره العماني. بدوره أكد وزير خارجية سلطنة عمان السيد بدر بن حمد البوسعيدي، في هذا اللقاء، على أهمية زيارة سلطان عمان الأخيرة إلى طهران، معربا عن ارتياح بلاده للمباحثات والاتفاقيات الجيدة للغاية، مؤكدا استعداد وزارة الخارجية العمانية للتعاون مع الوزارات والأجهزة الأخرى من أجل المتابعة وبذل الجهود لتنفيذ اتفاقيات طهران وتنفيذ أوامر سلطان عمان ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
*تطوير التعاون الإقتصادي
وجرى في هذا اللقاء تبادل وجهات النظر حول التعاون وبعض المشاريع المشتركة بين البلدين في مجالات الطاقة والنقل والتعاون في مجال الموانئ والبنوك والاتصالات والتكنولوجيا والشؤون القنصلية والقضائية وشؤون السجناء والتعاون بين المحافظات والشؤون الجمركية وغيرها من القضايا الثنائية.
وكان وزير خارجية الجمهورية الإسلامية حسين أميرعبداللهيان، قد التقى الأربعاء، وزير المكتب السلطاني العماني سلطان بن محمد النعماني. وأكد الجانبان استمرار الجهود المشتركة من أجل المضي بالعملية السياسية في اليمن قدما، وتحقيق الاستقرار والسلام المستدام، والحدّ من معاناة أبناء هذا البلد.
*عبد اللهيان يلتقي عبد السلام
في سياق سعي كل من إيران وسلطنة عُمان الى وقف الحرب العدوانية التي فرضت على الشعب اليمني الأعزل، التقى رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام مساء أمس بوزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في مقر السفارة الإيرانية بالعاصمة العمانية مسقط. وخلال اللقاء عبّر عبد السلام عن شكره لدعم الجمهورية الإسلامية في إيران المعنوي لليمن وجهود طهران لإنهاء المعاناة الأليمة التي يعاني منها الشعب اليمني. من جهته، أشاد وزير الخارجية الإيراني بصمود الشعب اليمني العظيم الصابر، مؤكدًا دعم طهران لأي قرار يمني بشأن إنهاء المعاناة المستمرة منذ سنوات.
* نهج السياسة الخارجية المتوازنة
ووصل حسين أميرعبد اللهيان والوفد المرافق له الى الكويت يوم الاربعاء أيضاً، المحطة الثالثة من جولته في الخليج الفارسي، وإلتقى برئيس وزراء الكويت الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، وعقد معه مباحثات ثنائية. وهذه هي الزيارة الأولى لحسين امير عبداللهيان إلى الكويت منذ تسلمه منصب وزير الخارجية. وكتب أمير عبد اللهيان على موقع تويتر في مُستهل جولته الى دول الخليج الفارسي: “إن مواصلة التطور الشامل للعلاقات مع الجيران هو أحد المحاور الأساسية في عقيدة السياسة الخارجية المتوازنة للحكومة. ويتمتع جيران إيران بطاقات اقتصادية وتجارية وسياسية. وفيما يتعلق بالعلاقات الايرانية العمانية قال امير عبداللهيان: ان البلدين قد تجاوزا مرحلة الحوار البحت ودخلا في مرحلة التعاون المتنوع والمتعدد الأبعاد”. وتابع: متفقون على عقد اجتماع للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في القريب العاجل.
*جیران إیران
وكان قد أكد وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان، أن جيران إيران يتمتعون بامكانات اقتصادية وتجارية وسياسية مهمة. وفي تغريدة على تويتر قال: إن استمرار التعزيز الشامل للعلاقات مع الجيران هو من بين المحاور الأساسية في عقيدة السياسة الخارجية المتوازنة للحكومة.
بالتزامن مع جولة وزير الخارجية الى دول الخليج الفارسي، وفيما تتسارع وتيرة التقارب بين ايران وجيرانها العرب، قال سفير إيران الجديد لدى السعودية علي رضا عنايتي: إن منطقة الخليج الفارسي تحتاج إلى حوار جديد في إطار التعاون والأمن القائم على التنمية. وأوضح عنايتي، في مقابلة مع تلفزيون “سي جي تي إن” الصيني: إن البيان المشترك لوزيري خارجية إيران والسعودية تناول بشكل شامل العلاقات التجارية بين البلدين.
وأضاف: “فيما يتعلق بالعلاقات التجارية، لقد تمت صياغة الخطط بشأن الزيارات المتبادلة بين الوزراء وكذلك إنشاء لجان مشتركة، ويسلط البيان المشترك الضوء أيضا على القطاعات الخاصة النشيطة في البلدين”. وتوقع عنايتي تفعيل العلاقات التجارية في القطاعين العام والخاص بين البلدين. وأشاد “بجهود الصين في تسهيل استئناف العلاقات بين إيران والسعودية”، قائلا: إن “منطقة الخليج الفارسي بحاجة إلى حوار جديد في إطار التعاون والأمن القائم على التنمية”.
*لقاءات متزامنة في الدوحة
الى ذلك، أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري، الأربعاء، أنه عقد لقاء جادا وبناءً مع إنريكي مورا في الدوحة. وأعلن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي باقري، أعلن في تغريدة على تويتر الأربعاء، أنه عقد لقاء جادا وبناءً مع نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا في الدوحة. وأضاف، تبادلنا وجهات النظر حول مجموعة من القضايا، بما في ذلك مفاوضات رفع العقوبات.
*حل قضية اللاجئين السوريين
وبموازاة هذه التحركات وفي جانب آخر من دور ايران البنّاء في حلّ أزمات المنطقة التي أشعلها الغرب والكيان الصهيوني في المنطقة، أكد علي أصغر خاجي كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، خلال لقاء الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السورية “غير بيدرسون”، على هامش الاجتماع العشرين بصيغة أستانا حول سوريا، على حل قضايا مثل قضية اللاجئين وتعاون المجتمع الدولي في هذا المجال.
وفي هذا اللقاء، أشار الجانبان إلى عملية تطبيع العلاقات بين سوريا والدول العربية، وعرضا وجهات نظرهما بشأن آخر تطورات الأزمة السورية، واجتماعات اللجنة الدستورية، واتصالات بيدرسون مع الحكومة السورية، وأكدا ضرورة الحوار في التسوية السياسية للأزمة. كما أكد كبير مساعدي وزير الخارجية في هذا اللقاء على حل قضايا مثل قضية اللاجئين وتعاون المجتمع الدولي بما يتماشى مع توسيع المساعدات الإنسانية.