مرتضى الطالبي: أصحاب السعادة النواب: هل أحسستم بالصفعة ؟

الموقف سابقة على مستوى سياسي ودبلوماسي وفيه إهانة إلى المنظومة السياسية في البحرين وخصوصاً السلطة التشريعية التي لم يجرؤ أحد فيها على الرد على سفير كيان الاحتلال

2023-11-07

في سابقة لم يسجل لها مثيل في العلاقة مع العدو الصهيوني وعبر على شاشات التلفاز خرج السفير الإسرائيلي في البحرين إيتان نائيه ساخرًا من مجلس النواب البحريني، ومفندًا لكذبة قطع العلاقات بين البحرين وكيان الاحتلال، ليؤكد أن العلاقات بين البحرين و”إسرائيل” مستقرة، وأن بيان مجلس النواب هو “تقديم سيئ للحقيقة” في موقف يحمل كما كبير من الإهانة والاحتقار للنواب ولمجلس النواب كسلطة في هذا البلد، التعبير الساخر والفوقي جاء على لسان السفير وكذلك كبيان من الخارجية الإسرائيلية.

الموقف سابقة على مستوى سياسي ودبلوماسي وفيه إهانة إلى المنظومة السياسية في البحرين وخصوصاً السلطة التشريعية التي لم يجرؤ أحد فيها على الرد على سفير كيان الاحتلال.

الإهانة كبيرة على اسم البحرين وعلى حكومة البحرين وعلى برلمان ومؤسسات الدولة في البحرين لكن حجم التبعية والانصياع للمحتل وصلت الى ما لا يمكن ان تصل إليه.

في يوم الخميس 2 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري أصدر مجلس النواب البحريني بيانًا أكد فيه “وقف العلاقات الاقتصادية البحرينية الإسرائيلية، ومغادرة السفير الإسرائيلي المنامة وعودة السفير البحريني من إسرائيل”.

كذبة لم تصمد كثيرًا إذ سارع مركز الاتصال الوطني لحكومة البحرين لنفيها أو تصحيحها بالتأكيد على أن سفير “اسرائيل” قد غادر المنامة منذ فترة، وبالمثل عاد سفير البحرين من تل أبيب كإجراء روتيني وبعض المعلومات تقول إن مغادرته بطلب من حكومة الاحتلال كون حكومة البحرين كانت متمسكة به وبتلابيب ثيابه حتى النفس الأخير.

فمنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول اتخذ شعب البحرين موقفًا حاسمًا ومعتاداً بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وارتفعت أصوات المواطنين بالمطالبة بطرد سفير كيان الاحتلال والتراجع الفوري عن اتفاقية الخيانة التي وقع عليها النظام في البحرين في 2020. وبهذا وجد النواب أنفسهم بين كماشتي الموقف الشعبي، والتعنت الرسمي في استمرار العلاقة التطبيعية مع الصهاينة.

وعلى وقع ما يجري في فلسطين وغزّة تحديدًا، ماذا قدّم مجلس النواب في البحرين؟ في ملخص لما قام به النواب في البحرين: مداخلات مليئة بالخوف والقلق من نائب ونائب ونائبة تحت قبّة البرلمان، وإعادة تشكيل لجنة مؤقتة لمناصرة الشعب الفلسطيني، ووقفة أمام مجلس النواب للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وأخيرًا محاولة تضليل الرأي العام ببيان مزور للحقيقة أريد به إيهام الشعب بأن العلاقات بين المنامة وتل أبيب قد قطعت. وكل ذلك تبين انه ليس صحيحاً، فما قيمة كل هذا؟

وعلى مسافة قصيرة تسجل دولة الخليجية شقيقة “الكويت” موقفاً رائعاً منسجماً مع شعبها ومتسقاً مع الموقف العربي والاسلامي والحر في العالم، حيث الأغلبية النيابية في مجلس الأمة الكويتي هناك تقدم مشروع قانون يستهدف تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. وفي جلسة خاصة عقدت لمناقشة الوضع في غزة أقر المجلس الكويتي 13 توصية أبرزها ملاحقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كمجرم حرب، وتفعيل مقاطعة الكيان الصهيوني ورفض كل أشكال التطبيع معه.

وشتان بين مواقف السلطة التشريعية في الكويت التي جاءت منسجمة مع مبدأية الشعب الكويتي، وبين برلمان البحرين الذي يغرد بعيداً عن الموقف الشعبي، فهو لم يجد ما يستدعي أن يجري جلسة استثنائية لمناقشة ما يجري في غزة من جرائم يندى لها جبين الإنسانية بحق الأطفال والنساء، ومجازر استهدفت المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد. ولم يستخدم شيئًا من أدواته النيابية المتاحة لمناهضة التطبيع مع الكيان المؤقت.

فهل أنتم خونة يا أصحاب السعادة؟ هل أنتم شركاء في القتل والمذابح والتدمير الذي تصبه آلة القتل الصهيونية على رؤوس الفلسطينيين بدعم وغطاء أمريكي وغربي؟

قد تكونون على مستوى النية، أو حتى رفع أصواتكم ضد هذه الجرائم. لكنكم في اللحظة التي حملتم فيها وصف “سعادة النائب” تحمّلتم وزر كل ما يُمرر من تشريعات، وفي هذه الحالة ما لا يُشرّع. ألستم شركاء وقد حذركم العقلاء، ودعاكم الشعب إلى مقاطعة انتخابات يراد بها تزوير إرادته؟ وبالتالي تشكل مجلس النواب بأقلية من الاصوات وبمقاطعة الاكثرية الساحقة من شعب البحرين.

مجلس النواب في البحرين أعجزُ من أن يبحث تحت قبّته مسألة ليس هناك ما هو أهّم منها، ومطلبٌ يُجمع عليه كُل شعب البحرين، وهو طرد سفير كيان الاحتلال والتراجع عن اتفاقية الخيانة، هو مصداق بارز لتزوير الإرادة الشعبية. وقد قيل حينها بأن المشارك في الانتخابات مُطبعٌ حتمًا، وإن كان على مستوى النية وبعض المواقف رافضًا للتطبيع، لكنه عملياً في موقع الخيانة لنفسه ودينه ووطنه. وها هي الأيامُ لم تمهلكم سنة واحدة لتُثبتُ صدق ما قيل.

أقتبسُ هنا ما قاله آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم حرفيًا في 11 نوفمبر 2022: “قد تكون أيُّها المترشّح للمجلس على خير نيّة، ولكنّك من ناحية الواقع ستكون نصيراً للباطل، لأنّ نيّتك لا تنفذ ومشاركتك تعني الإعانة على الظلم، أنت بمشاركتك معيناً على الظلم، أمّا بنيّتك فنيّتك عاطلة لا فاعليّة لها، فبأيّ وجهٍ تدخل إذا كنت تحمل إخلاصاً، وتحمل غيرةٍ على شعبك ووطنك ودينك؟”

لو كان أحدٌ من النواب يملك كامل القدرة النيابية لأعلن ترك هذا المجلس واستقال، واعتذر لشعب فلسطين قبل شعب البحرين، على ما جرى وما يجري.

 

أ.ش