ما الفرق بين القسوة والحزم في التعامل مع طفلك؟

إذا كانت الأم تصرخ طيلة الوقت على طفلها وتتبع معه أسلوب الصوت المرتفع والغاضب، وإلقاء الأوامر أيضاً والأمر والنهي، وعلى الرغم من ذلك فهي تستغرب لأن طفلها لا يطيعها ولا يسمع كلامها؛ فهي تستخدم من الأساس أسلوباً خاطئاً في التربية، وهو ليس أسلوباً تربوياً على الإطلاق على الرغم من أن الصراخ هو الأسلوب المتبع في معظم البيوت.

عندما يحدّق الطفل الرضيع في وجه أمه أو يتتبع الضوء المتسلل عبر النافذة، فإنه لا يكتفي بالمشاهدة ولا يمارس عبثًا بصريا كما يظنّ الكثيرون، ولكن في الواقع هو يقوم بأول فعل تعلُّم في حياته. منذ لحظة الميلاد، يبدأ الإنسان في إنشاء علاقة بين ذاته والعالم، علاقة تمرّ عبر الحواس، فكل ملمس جديد وكل صوتٍ وكل رائحةٍ تشكّل حدثًا عقليًّا صغيرًا في دماغٍ يتكوّن بسرعةٍ مذهلة.

يبدو أن أمتنا اليوم تسير بخطى حثيثة في كل مجالات الحياة: مدارس وجامعات، مؤتمرات ومراكز بحث، مدنٌ تمتدّ في العمران، وشبكات تملأ الفضاء بالضجيج. ومع ذلك، يتملكها شعورٌ غامض بالتيه؛ كأنّ الحركة أخذت مكان الوعي، والسرعة صارت بديلًا عن الاتجاه. نسير بأقدامنا في مسيرة التاريخ، لكننا لا نتمعن بقلوبنا في معنى هذا التقدم، ونبني الأبراج شاهقة، بينما تتشقق وتتدهور القِيم التي كان من المفترض أن تحملها هذه الأبراج.

المجتمع