الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال للوفاق:

المؤشرات تؤكد التفوق العسكري للقوات المسلحة بدعم واسع من أبناء السودان

خاص الوفاق: أكد سعد محمد عبدالله الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (الجبهة الثورية)، في حوار خاص مع الوفاق، أن هنالك أدلة دامغة حول وجود تمويل وتسليح للمليشيات المتمردة من دول العدوان في داخل وخارج أفريقيا، وكل المؤشرات تؤكد التفوق العسكري للقوات المسلحة والقوات الصديقة لها بدعم ومؤازرة طيف سياسي وجماهيري واسع من أبناء وبنات الشعب السوداني الذين يقفون مع المؤسسات المدنية والعسكرية الشرعية، ويعملون جميعًا في تضامن وتعاضد من أجل تحرير القرار السيادي للدولة والوحدة الوطنية. وفيما يلي نص الحوار :

س- الجيش السوداني حقق فتوحات مهمة وحرر عدة مدن سودانية وعلى وجه الخصوص العاصمة الخرطوم واستطاع طرد ميليشيا الدعم السريع وذلك بعد عمليات عسكرية واسعة النطاق، كيف تقيمون الوضع الراهن؟

 

ج- ثمة تحول ملحوظ طرأ على المشهد العسكري في مختلف المحاور؛ فقد نجحت القوات المسلحة السودانية والقوات المساندة لها من إمتصاص الصدمة التي أعقبت إندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م، وتمكنت بعد فترة وجيزة من ترتيب الصفوف والإنتقال من موقف الدفاع إلى الهجوم، وإتضح للعالم فارق الخبرة والإحتراف العسكري في إدارة المعارك بخطط عسكرية محكمة وإلتهام القوات المقاتلة مع بعضها البعض بعد عزلتها الطويلة التي هزمتها بصبر وصمود، وأكدت هذه القوات الوطنية في مشاهد وشهادات موثقة حمايتها للشعب والمرافق العامة في المواقع التي شهدت إشتباكات مسلحة، على عكس سلوك المليشيات التي تقتل وتنهب وتمارس أبشع الجرائم، وتأكد الجميع بأن السودان لن ينكسر مهما حدث بعد التمكن من تحرير ولايات سنار والجزيرة والخرطوم والتوجه نحو أقاليم كردفان ودارفور التي تحتدم فيها الآن معارك التحرير الوطني، ولذلك يأتي تقييم الوضع الحالي مسنودًا بوقائع تجري على الأرض؛ فكل المؤشرات تؤكد التفوق العسكري للقوات المسلحة والقوات الصديقة لها بدعم ومؤازرة طيف سياسي وجماهيري واسع من أبناء وبنات الشعب السوداني الذين يقفون مع المؤسسات المدنية والعسكرية الشرعية، ويعملون جميعًا في تضامن وتعاضد من أجل تحرير القرار السيادي للدولة والوحدة الوطنية على أساس التنوع، وتعد هذه حرباً مصيرية يكافح فيها الجميع بغية بناء سودان جديد ناهض وشعب متحرر ومتحد، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال العمل على إرساء دعائم السلام والتسامح وحرية الفكر والرأي، في ظل نظام الحكم المدني والديمقراطية التشاركية واللامركزية وسن وتطبيق القانون، وقد عبر عن ذلك التوجه الخطاب الذي أدلى به مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي على منضدة الورشة الحوارية لمناقشة مقترحات تعديل قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009م، والتي انطلقت أعمالها بتاريخ 26 مايو 2025م بمدينة بورتسودان؛ تحت شعار “حرية إعلامية بمعايير مهنية”، وهذا الأمر يؤكد ثبات مؤسسات الدولة ورؤية قيادتها للمستقبل، ويتوجب علينا الإرتقاء بمثل هذه النقاشات إلى المؤتمر القومي الدستوري الذي ينبغي أن يضع الأسس البنيوية للسودان الجديد الذي نأمل أن يحقق السلام الشامل والتنمية العادلة والمواطنة المتساوية للجميع.

 

س- هناك دعوات دولية إلى وقف النار وعرضت الوساطة والعودة إلى الحوار، كيف تنظرون إليها؟

 

ج- نعم، برزت دعوات ومبادرات عديدة من الدول المهتمة بالشأن السوداني؛ لكن بعضها تعثرت بمؤثرات المتغيرات الإقليمية والدولية، ومن بين تلك المواقف على سبيل المثال مبادرة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية التي أسفرت عن توقيع إتفاقية جدة؛ لكن لم تلتزم بتنفيذها مليشيا الدعم السريع، وهنالك أطروحات مجموعة دول جوار السودان، ومواقف الإتحاد الافريقي رغم تجميده عضوية السودان، وأيضًا هنالك حضور لافت من جامعة الدول العربية في المشهد السوداني، وكان لدينا موقف واضح من آخر قمة عُقدت لحكومات دول عدم الإنحياز، ونقرأ أيضًا البيان الذي تمخض عن إجتماعات كمبالا للآلية الإقليمية لمراقبة الإتفاق الإطاري للأمن والسلم والتعاون الخاص بمنطقة البحيرات العظمى، وهذه المحاولات وغيرها لم تحقق مقاصدها المرجوة بسبب تدخلات سالبة من حكومات العدوان الإستعماري التي لديها مطامع تحركها وتدفعها دفعًا لإرتكاب المزيد من الأخطاء بمطامع نهب الثروات وتشريد الشعب وتقسيم البلاد، وظلت الحكومة السودانية تعمل بجدية على إيجاد صيغة سودانوية مقبولة لتحقيق السلام والإستقرار، وقد طرحت خارطة طريق حكومية للحل، ولم تتوقف عند هذا الحد، بل خاطبت الهيئات الدولية الحقوقية والعدلية على رأسها الأمم المتحدة، ودعونا نقف ونطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي المنصوص عليه تحت الرقم 2736، ونطالب أيضًا بفتح ملف قضية الإبادة الجماعية والتهجير القسري المقدمة أمام محكمة الجنايات الدولية بلاهاي، ونؤمن بضرورة تكامل كل الأدوار لصالح الأمن والإستقرار في السودان؛ لكن يجب أن يتم ذلك من خلال إنهاء ظاهرة مليشيا الدعم السريع مع إيقاف التمويل والدعم الخارجي للحرب، وعلى هذا نستطيع قراءة مواقف دول العالم الصديقة مثل روسيا والصين ومصر وإريتريا وغيرها من الدول التي تتفهم الأوضاع وخطورة مآلاتها، وتدعم السودان للخروج من هذا المأزق الذي يهدد السلم والأمن القومي السوداني والإقليمي نظرًا لخلفية محاولات أحلاف الحروب تفخيخ مساحات حدودية شاسعة في جغرافيا السودان بغية تعطيل حركة التجارة العابرة للحدود في دولة محورية مهمة وتُعد من أهم بوابات أفريقيا المطلة على دول الشرق الأوسط، وتقع في موقع إستراتيجي يربط بين القرن والساحل الأفريقي وتعتبر جسرًا في تصورات مستقبل أفريقيا من القاهرة شمالاً إلى كيب تاون جنوبًا.

 

س- ما هو الدور الخارجي في تأجيج الأحداث في السودان، وكيف تتعامل السودان مع البُعد الدولي في الحرب؟

 

ج- هنالك أدلة دامغة حول وجود تمويل وتسليح للمليشيات المتمردة من دول العدوان في داخل وخارج أفريقيا، وأجزم أن دُعاة ورُعاة الحرب الإستعمارية في السودان لا ينظرون للعواقب الوخيمة التي ستنجم عنها مستقبلاً في السودان، وقد تنعكس على بلدانهم أيضًا؛ لكنهم يفكرون في مطامعهم الضيقة فقط، وهذه واحدة من كوارث التفكير الإنكفائي وسوء التخطيط، واعتمدت الحكومة السودانية على سياسة الدبلوماسية والحوار والمواجهات القضائية لإنتزاع حقوق السودانيين أمام تلك الحكومات الظالمة والمستبدة، وقدمت حكومتنا شكوى واضحة للأمم المتحدة ولمحكمة الجنايات الدولية، وقالت موقفها بوضوح، ولم تتوقف عن مخاطبة الهيئات الإقليمية والدولية معبرة عن رفضها القاطع للإستعمار والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية ومحاولة إستلاب القرار السيادي السوداني، وينبغي على العالم أن يدرك خطورة استمرار الحرب في السودان وتأثيراتها على حركة التجارة الحدودية والملاحة في البحر الأحمر لاسيما مع المهددات التي تواجهها المعابر البحرية والموانئ والمنافذ البرية على الحدود؛ فما يمكن تحقيقه من خلال التواصل والحوار والتعاون السياسي والاقتصادي والأمني والتضامن بين الدول على أساس الإحترام المتبادل أكثر بكثير مما تحققه الحروب التي تزعزع إستقرار المجتمعات، وعندما نقول ذلك نقصد أننا نأمل أن يعيش شعبنا بسلام وحرية، وأن نبني علاقات جيدة ومتكافئة مع العالم أجمع على قاعدة إحترام المواثيق والمعاهدات التي تنظم العلاقات الدولية.

 

 

 

س- ما هي الخيارات المتاحة حول مستقبل السودان، وأنتم في حركتكم كيف تنظرون إلى الوضع الراهن والمستقبل؟

 

ج- تعتبر الحركة الشعبية-شمال من أقدم التنظيمات السياسية التحررية في السودان وأفريقيا، ولديها تجارب طويلة في الكفاح الثوري وحكم وإدارة الدولة، وتمتلك رؤية سياسية واقتصادية وعسكرية بشأن إعادة تأسيس السودان، ونعتقد أن الأزمة الآن معقدة إلى حد بعيد؛ لكن من الممكن الخروج منها بشكل مرحلي يقودنا للعبور نحو واقع سوداني جديد، وأن المدخل الأساسي للمستقبل يبدأ من إستكمال تنفيذ إتفاقية جوبا لسلام السودان التي توقف تنفيذها لوجود عقبات كثيرة من أبرزها الحرب المشتعلة حاليًا إلى جانب أسباب أخرى، وهنالك مساعٍ الآن لإحياء إجراءات تنفيذ هذا الإتفاق، ومع ذلك يجب العمل على إنهاء الحرب القائمة وفقاً لخطوات محددة أعلنتها حكومة السودان بغية إنعاش السودان بمشاريع تنموية وفرص عمل جديدة ومتكافئة للجميع، ومعالجة معضلة الحوكمة والتشريعات ومحاربة الفساد المالي والإداري والتخطيط لإدارة الموارد وتوزيعها طبقاً لما يحقق النهضة الشاملة، وجلب الإستثمارات في شتى المجالات من خلال بناء علاقات اقتصادية راسخة مع كافة المؤسسات الإقليمية والدولية، وأرجو سماحكم لي بتقديم التهنئة للسودانيين بمناسبة فوز مرشح السودان الصديق العبيد بمنصب المدير التنفيذي القطري في مجلس إدارة بنك التنمية الأفريقي خلفاً لممثل ليبيريا السابق السيد روفوس، وأعتقد أن ما ذكرناه آنفًا لا يتحقق أبدًا إلا عبر نشر العلوم والمعارف الكونية وتبادل الخبرات وإحياء مراكز الإشعاع الفكري والثقافي وعقد مؤتمرات للأمن الإقتصادي؛ فلا خيار اليوم أمام السودان سوى مواجهة التحديات التي تحدق بمصيره دون فقدان الأمل في نجاح نضال الدفاع عن وحدة وسيادة الدولة وحرية وكرامة شعبها وفتح حوار موضوعي مع العالم الخارجي من أجل إيجاد مقاربات جديدة لتعزيز السلام والإستقرار في البلاد.

 

س- كيف تنظرون للعقوبات الأمريكية، وهل تم إستخدام الأسلحة الكيماوية في السودان؟

 

ج- كنّا نتوقع دورًا إيجابيًا من الولايات المتحدة الأمريكية حيال مساعٍ حلحلة الأزمة السودانية؛ لكن للأسف الشديد اعتمدت الإدارة الأمريكية على التقارير والأخبار المغلوطة والمتضاربة في مضامينها، والتي لا تسندها أيّ حقائق على أرض الواقع؛ إنما تظهر محاولة فرض الأوامر غض النظر عن صحة الإدعاء أم غيره، وهذا الأمر يتضح جليًا من خلال متابعة السردية التي قدمها تيموني كارني السفير الأمريكي السابق لدى السودان في مداخلته على إحدى القنوات، وقد أراد كارني تبرير المواقف الأمريكية وشرعنة عقوباتها دون النظر إلى الواقع بواقعية أو حتى إستفسار حكومة السودان عن صحة ذلك الإدعاء الذي بُنيت عليه العقوبات، ومن هذه المداخلة إستبان الرأي العام العالمي أن الحكومة الأمريكية ذهبت بخطوات متعجلة إلى محطة اتخاذ قرار فرض العقوبات غض الطرف عن خلفيات وتداعيات ذلك؛ لكن هذه ليست المرة الأولى التي تخطئ أمريكا في تقديراتها فيما يخص التعامل مع الشأن السوداني، وعندما نقف ونعيد شريط الذاكرة نجد سابقة القصف الأمريكي الذي طال “مصنع الشفاء للأدوية” في قلب الخرطوم بناءً على معلومات مضللة عن تصنيع أسلحة كيميائية داخل مباني المستشفى؛ ولم يتحققوا منها رغم سوء النظام الإنقاذي حينها، والآن على الولايات المتحدة أن لا تكرر تلك التجربة المريرة مرة أخرى في زمن غير ذلك الزمن وحاضر لا يشبه الماضي على الإطلاق، ولتعلم أن حماية البلاد وشعبها من مسؤولية حكومة السودان؛ كما أن السلام والأمن لا يأتيان بمعاقبة من يدافعون عن سيادة وطنهم ووحدة شعوبهم أمام عدوان الإستعمار الذي قاومه الأسلاف قبل قرون تليدة؛ بل يجب الحوار الدبلوماسي والتعاون الإقليمي والدولي، وينبغي فرض العقوبة على الحكومات الإستعمارية الممولة للإرهاب في السودان وليس العكس، وهنا لابد للحكومة السودانية الكشف عن نوعية الأسلحة التي ضبطت بحوزة مليشيا الدعم السريع الإرهابية في مختلف المواقع كيما تعرف الولايات المتحدة وغيرها من أين وكيف يأتي السلاح الذي يستخدم هذه لهدم المؤسسات المدنية والعسكرية وقتل وتهجير الشعب السوداني.

 

س- هنالك جيوش تتبع للحركات المسلحة وأخرى من خلفيات متعددة.. كيف ترون مستقبل البلاد مع وجود هذه الجيوش إن كانت تقاتل في صف الدولة أو ضدّها؟

 

ج- هذا سؤال جيد، وللإجابة عليه يجب النظر إلى الخلفيات والظروف التاريخية التي تشكلت فيها هذه الحركات المسلحة وقياس مواقفها الوطنية التي إتخذتها على مدار التاريخ؛ فقد نشأت الحركات منذ عشرات السنين في الريف السوداني بهدف التحرر من سياسات التهميش والإفقار الممنهج وتحقيق العدالة الإجتماعية والإقتصادية والمشاركة المتساوية مع الآخرين، في مواقع صنع القرار وغير ذلك من الدوافع الثورية والسياسية، وقد فاوضت وإتفقت وإختلفت مع مختلف الحكومات المركزية؛ فبعد سقوط نظام الإنقاذ بثورة ديسمبر سنة 2019م وقّعت الحكومة الجديدة إتفاقية جوبا للسلام مع حركات الكفاح المسلح، وتحتوي علي بروتوكول مهم عنوانه “الترتيبات الأمنية”، وقد نص على ترتيبات محددة لدمج وتسريح مقاتلي الحركات المسلحة داخل المؤسسة العسكرية ممثلة في “الجيش، الشرطة، جهاز الأمن والمخابرات” وغير ذلك، وحققت هذه الخطوة إندماج العديد من المقاتلين، وقبل أن تكتمل توقفت الإجراءات بسبب إندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م مما دفع قيادة الحركة الشعبية والحركات الأخرى إلى اتخاذ موقف الإلتهام مع القوات المسلحة لمحاربة أشباح الإستعمار الإستيطاني الذي تقوده حكومات دول مختلفة تنفذ أجندتها عبر مليشيا الدعم السريع المتمردة مع حلفائها السياسيين، وعليه تواصل الحركات والجيش في الدفاع عن إستقلال السودان حتى إكتمال التحرير الوطني وإعادة بناء الجيش المهني الواحد والمتنوع، والحركة الشعبية-شمال وضعت قوات الجيش الشعبي من المدمجين وغير المدمجين في معركة الحرية والكرامة، وكانت حاضرة في الساحات السياسية للبحث عن سُبل إستكمال تطبيق إتفاقية السلام لاسيما بروتوكول “الترتيبات الأمنية” للوصول إلى دولة سودانية مستقرة ومزدهرة.

 

س- أحدثت الحرب نزوح ولجوء السودانيين فماذا عن هذا الملف؟ وما دوركم في قضايا النازحين واللاجئين سواء في الحركة أو الحكومة؟

 

ج- تعتبر قضية النازحين واللاجئين من القضايا الجوهرية المهمة جدًا؛ فقد أحدثت الحرب حركة تنقل إجباري للمجتمع، وهنالك الملايين من أبناء وبنات السودان في مراكز الإيواء داخل وخارج البلاد، ونتألم لما يعانونه من جوع وفقر وحرمان، ونأمل تحرير السودان في أقرب وقت ممكن من المستعمرين والمتمردين؛ وتمكين عودة الجميع إلآ الوطن والديار سالمين، وقد شهدت الأيام الماضية عودة بعض اللاجئين من دولة جنوب السودان إلى السودان عبر معبر جودة الحدودي مرورًا بولاية النيل الأبيض؛ حيث يتم إستقبالهم في دار الحركة الشعبية الذي فتحنا أبوابه لهم، وكذلك في مواقع أخرى، وبعد إستجمام وترتيب من قبل مفوضية العودة الطوعية للنازحين واللاجئين يتم ترحيلهم إلى إقليم النيل الأزرق؛ وتعمل الحكومة على تقديم المساعدات الممكنة إلا أن الكارثة كبيرة وتحتاج لتضافر جهود أكبر، وهنا دعوني أدعو المنظمات الإنسانية لتقديم المزيد من الإعانات رغم عملها المقدر في ظروف قاسية تتعرض فيها كثير من الإنتهاكات من مليشيا الدعم السريع إلا أنها مازالت صامدة أمام التحديات وتواصل أعمالها الإنسانية، ونتطلع للمزيد من الدعم والمساندة حتى يتم إنهاء الحرب وتحقيق السلام والإستقرار والعودة إلى فلاحة الأرض وصناعة خبز المستقبل.

 

س- إحتفلتم في 16 مايو بالعيد الـ42 لتأسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي بقيادة جون قرنق.. كيف تقيمون واقع التنظيم بعد إنفصال جنوب السودان عن السودان؟

 

ج- دعني أتقدّم بتحية للمهمشين والعُمال من البُناة والرُعاة والمزارعين وغيرهم، والشهداء الذين كانوا وما زالوا يمثلون مشاعل ثورة 16 مايو 1983م، وهذا هو تاريخ تحرير شهادة ميلاد الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق، وناضلت الحركة الشعبية في السنوات السابقة لبناء دولة السلام والديمقراطية والتنمية المتوازنة والمواطنة بلا تمييز بتطبيق مشروع السودان الجديد، وكما قلنا سالفًا الحركة الشعبية تنظيم سياسي، وثوري تحرري، إعتمد في كفاحه على آليات محددة منها “الكفاح المسلح والحوار السياسي والعمل الدبلوماسي للتضامن الإقليمي والدولي”، ومرّت الحركة الشعبية في نضالها عبر الحقب والأزمنة الماضية بمنعطفات تاريخية علمتنا الكثير من العبر، وشهد التاريخ القديم والحديث تحولات سياسية وفكرية وانقلابات وانقسامات مع إدارة الحرب والحوار، ولتلك المحطات تأثيراتها على الحركة ومسيرتها في كل المراحل، وبعد إنقسام السودان إلى دولتين بعد إستفتاء العام 2011م وقع إنقلاب قادته مجموعة عبدالعزيز الحلو التي تحالفت الآن مع مليشيا الدعم السريع الإرهابية، وظلت الحركة تعمل على تراجع وتقييم تجربتها ورؤيتها وتحدث آليات نضالها، وفي العام 2019م عقدت الحركة الشعبية-شمال مؤتمرها بمدينة جوبا، وأجازت الوثائق المُحَدَّثة من المنفستو والدستور، وتم اعتماد وثيقة “نحو عقد إجتماعي، إقتصادي وثقافي جديد” والتي أعدّتها مجموعة الخبراء الإستشارية  “Expert Advisory Group EAG”، وتناولت تلك الوثائق جملة قضايا استراتيجية منها تعريف وإيضاح مفصل حول نشأت وتطور الحركة الشعبية والجيش الشعبي ورؤيتها تجاه مشكلات السودان البنيوية في إطارها التاريخي والمعاصر ومعضلات الإضطهاد القومي والطبقي والديني واللوني وطرائق إدارة التنوع في دولة المواطنة المتساوية دون فرز، وقضايا النساء والشباب والأطفال وكبار السن، والإطار النظري لرؤية السودان الجديد، وتكافئ حقوق التنمية للأرياف والمدن المريفة ومناطق المرازعيين والرُّعاة والعُمال بشكل عام، وكذلك نظام الحكم ومعادلة الإدارة الديمقراطية للدولة السودانية، وقضايا الأرض والهوية والإدارة الأهلية ودورها التاريخي والقانوني، وغير ذلك من القضايا السياسية والفكرية المطروحة في واقع السودان المعاصر.

 

 

المصدر: الوفاق خاص