صوت المرأة في السينما العربية (2)

تأثير الغربي على المرأة في السينما المصرية

2022-12-24

قلنا في العدد السابق أنه فيما يتعلق بما حدث في السينما في العالم العربي بشأن الدور الخلاق للمرأة، يجب القول إن ميول ومنهجية الأنظمة السياسية الحاكمة في الشرق الأوسط ساهمت في تشكيل هذا الدور. وسبب ذلك أن الأنظمة السياسية المذكورة تماشت مع خطط وبرامج الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تتمحور حول القضايا المتعلقة بالمرأة. ولعل في هذا السياق يمكن ذكر مصر كنموذج بارز حيث قام النظام السياسي الحاكم في مصر بطرح نفسه على أنه داعم لحقوق المرأة وانجز العديد من الأنشطة المتعلقة بشؤون المرأة. حاليا، في الوقت الحاضر يتم إنتاج وبث العديد من الأفلام والمسلسلات التي تستعرض فيها قضايا المرأة ومشاكلها بما في ذلك مشكلة رواج الاعتداء الجنسي والاغتصاب.

لكن هذا لا يعني أن سينما المرأة في الوطن العربي تقتصر على هذه الأفلام ولا ان أسماء المنتجين محدود، فقد تطرقنا لنماذج من الأفلام والمنتجين فقط، حتى نتمكن من خلال ذلك من تصوير الوضع الحالي لسينما المرأة في العالم العربي.

ربما في السابق نادراً ما نجد امرأة مصرية قامت بإنتاج فيلم يدعم حقوق المرأة والقضايا المتعلقة بها، لأن أفضل الأفلام وعالية الجودة التي تدور حول قضايا المرأة والتغيرات في المجتمع والسياسة في مصر، وانعكاسات هذه التغييرات على النساء، هي من انتاج الرجال. بينما في الوقت الحاضر دخلت المخرجات المصريات ومنتجات الأفلام عالم صناعة السينما وصناعة الأفلام وأصبح لهن مكانة مرموقة للغاية. كمثال يمكن أن نذكر “ساندرا نشأت” المخرجة المصرية التي أخرجت العديد من الأفلام الدرامية حتى الآن. كما أن “كاملة أبوذكري” هي من بين المخرجات المصريات اللواتي تركز أفلامهن على النساء كما في فيلم “سجن النساء” وهوأحد الأعمال التي أنتجتها ويتمحور حول دور المرأة.

ومن بين الأفلام التي تناولت لأول مرة بشجاعة قضايا وأمور تتعلق بالمرأة نذكر فيلم “مجدي أحمد” تحت عنوان “أسرار البنات”، الذي تم إنتاجه في العام 2001. في هذا الفيلم يروي المخرج قصة فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا تحمل بعد علاقة غير شرعية. وصور في هذا الفيلم أيضًا العلاقات الباردة والمتفككة داخل الأسر المصرية؛ العلاقات التي قد تؤدي إلى حدث كارثي مثل ما حدث للفتاة بعمر 16 عامًا.

في الألفية الجديدة  واصل المخرج المصري “محمد خان” إنتاج أفلام تتمحور حول المرأة، فأنتج ثلاثة أفلام هي “بنات وسط البلد” و”في شقة مصر الجديدة ” و”فتاة المصنع” على التوالي. غالبًا ما تُصوّر هذه الأفلام أحلام وأمنيات فتيات الطبقة الوسطى اللاتي تحاولن الوقوف على أقدامهن والمضي قدمًا باستقلالية وتحقيق أحلامهن. وفي عام 2010 تم إنتاج وبث أفلام تركز على المرأة في مصر وتناولت الوضع السياسي والاجتماعي له البلد آنذاك. ومن بين هذه الأفلام فيلم “بنتين من مصر” للمخرج “محمد أمين” و”أسماء” إخراج “عمروسلامة” و”678″ إخراج “محمد دياب”. وكما أشرنا، تمثل المرأة محور القصة في الأفلام الثلاثة المذكورة وفي الوقت نفسه في العديد من الأفلام التي تدور قصصها حول المرأة في مصر وتطرقت إلى مسألة الاغتصاب.

قدم المخرج المصري “عمروسلامة” أحد أنجح أفلامه، “أسماء”، الذي لعبت “هند صبري” دور البطلة فيه. وادت دور شخصية تعيش مع أب وابنته في عائلة تعاني من الفقر. وفي القصة يتضح أن بطلة الفلم “هند صبري” مصابة بمرض الإيدز. وبطلة القصة تسعى الى عدم الاستسلام لمرضها، وتجد نفسها تواجه فجأة مجتمع ظالم جاهل، مجتمع يسيء معاملتها بشدة ويحاول تهميشها وعزلها. وسبب تعامل المجتمع مع بطلة فلم “أسماء” اعتقاد افراد المجتمع بأنها أصيبت بالإيدز بأسباب جنسية.

من جهة أخرى، يتناول فيلم “بنتين من مصر” للمخرج “محمد أمين” حياة فتاتين مصريتين من الطبقة الوسطى في المجتمع. في سياق هذا الفيلم يتم تصوير الجهود المضنية التي تبذلها الفتاتين لتأمين سبل عيشهما. وما هوواضح في الفلم هوأن الفتاتين من الطبقة الوسطى في المجتمع المصري تحاولان الوقوف على قدميهما والاستقلال إلى حد ما. وعلى الرغم من أن الفلم المذكور يتناول قضايا المرأة إلا أنه لا يُهمّش دور الرجل فيه، لأن قصة الفتاتين المصريتين في هذا الفلم تلتقي مع قصة شابين يحبانهما. في هذا الفلم يمكن رؤية مشاكل مؤسسة “الزواج” وفشلها بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في مصر في عهد “حسني مبارك” .

وفي فيلم “678” للمخرج “محمد دياب” طرح موضوع أثار ضجة كبيرة بين الرأي العام في ذلك الوقت، حيث تناول الصعوبات اليومية للمرأة المصرية داخل وسائط النقل العامة بما في ذلك الحافلات، وصوّر حياة ثلاث نساء مختلفات، الأولى موظفة حكومية وذات دخل منخفض، في طريقها من المنزل إلى العمل تواجه مشاكل تؤثر حتى على حياتها الزوجية.  الثانية امرأة مصممة مجوهرات من الطبقة الوسطى تتعرض لمضايقات من قبل مجموعة من الرجال وعندما يكتشف زوج هذه المرأة ذلك لا يمكنه تحمل الأمر. والثالثة موظفة تتعرض للتحرش بالكلام بشكل يومي وهي أول امرأة مصرية ترفع دعوى قضائية بتهمة الاعتداء. في مواصلة قصة هذه المرأة[المرأة الثالثة]نكتشف أن “قمع صوت الاحتجاج” يحدث من قبل نفس رجال القانون الذين يعملون في مراكز الشرطة .

كما أنتج المخرج “محمد دياب” فيلماً جديداً عام 2016  تحت عنوان “اشتباك” وتدور قصته حول ثورة 25 يناير. في سياق هذا الفلم تم تصوير الاشتباكات اليومية بين المتظاهرين المصريين مع قوات الشرطة. وفي هذا الفلم أيضًا شخصية امرأة مناضلة تؤدي دورها الممثلة “نيلي كريم”.

إضافة إلى كل ما قيل، عُرض في السينما النسائية المصرية فيلم بعنوان “ريش” من إخراج “عمر الزهيري” تسبب في ضجة كبيرة، لاعتقاد البعض أن هذا الفيلم أضر بسمعة مصر لكونه يروي آلام ومعاناة امرأة مصرية تعيش في مناطق نائية من البلاد يتحول زوجها إلى دجاجة في حالة سريالية (غير واقعية).

في غضون هذا لا يمكن غض النظر عن تجربة عام 2021 المهمة بسهولة. ففي هذا العام تم عرض فيلم “سعاد” للمخرجة “آيتن أمين”، يحكي قصة شقيقتين مراهقتين من منطقة الزقازيق، شقيقتين محافظتين دينياً وتختلفان عن “سعاد” التي تحب الشبكات الاجتماعية. وتتناول “آيتن أمين” العديد من المشاكل والمعضلات الشخصية لـ “سعاد” وصراعاتها اليومية لتكتشف طبيعة صراعها الداخلي مع نفسها.

المصدر: الوفاق خاص

الاخبار ذات الصلة