يواجه الاقتصاد الصهيوني إضطراباً أدى إلى هبوط الشيكل بحدة، وسط التصعيد في الشمال، وإحالة إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية، وخفض أسعار الفائدة، وفقاً لموقع “غلوبس”.
ومع افتتاح تعاملات هذا الأسبوع في سوق الصرف الأجنبي، انخفض سعر الشيكل بشكل حاد مقابل الدولار، فقد تراجع بنسبة 41/1% مقارنة بالسعر التمثيلي ليوم الجمعة، عند 7074/3 شواكل للدولار، ومقابل اليورو انخفض سعر الشيكل أكثر يوم الإثنين بنسبة 58/1% ليصل إلى 0541/4 شواكل لليورو. وانخفض سعر الشيكل الأسبوع الماضي بنحو 2% مقابل الدولار، وبنحو 25/1% مقابل اليورو.
ويشير كبير الاقتصاديين في بنك مزراحي تفاهوت، رونين مناحيم، إلى عدد من العوامل المحلية التي تؤدي إلى إضعاف الشيكل؛ التصعيد في الشمال والضفة الغربية، وإحالة “إسرائيل” إلى محكمة العدل الدولية، وتخفيض بنك إسرائيل أسعار الفائدة في بداية الشهر، أدى إلى انخفاض قيمة الشيكل مقابل الدولار، بعد فترة طويلة من الارتفاع.
يأتي الانخفاض الحاد في قيمة العملة بعد أن أصدر بنك إسرائيل، الإثنين، أرقام احتياطيات النقد الأجنبي التي أظهرت أنه لم يبع الدولار على الإطلاق لتحقيق التوازن في سوق الصرف الأجنبي، وهو احتمال أن يستمر البنك المركزي في إبقائه على الطاولة، على الرغم من تعزيز العملة، والارتفاع الحاد منذ نهاية أكتوبر.
* تحديات أمام الشيكل
ويقول مناحيم: إنه على الرغم من أن بنك إسرائيل لم يتدخل على الإطلاق في ديسمبر/ كانون الأول ولم يقم سوى بعمليات بيع صغيرة في نوفمبر/ تشرين الثاني، فانه “إذا استمر الانخفاض الحالي في قيمة الشيكل، فقد يجدد مبيعات الدولارات”.
إن الانخفاض الأخير في قيمة الشيكل سيؤثر أولاً، وقبل كل شيء، في التضخم، فضعف الشيكل قد يعني ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة. إذا حدث ذلك، فسيصبح من الصعب على بنك إسرائيل إجراء مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، بحسب “غلوبس”.
هناك أيضاً مسألة ميزانية الدولة لعام 2024، والتي تسببت في نفاد صبر كبير بين كبار المسؤولين في بنك إسرائيل، الذين يطالبون بتغييرات في الميزانية في ضوء تكلفة الحرب.
ويقول مناحيم: يأمل البنك أن تتضمن الميزانية المعدلة نية خفض نسب الدين الحكومي والعجز المالي إلى الناتج المحلي الإجمالي بمجرد انتهاء الحرب.
لا تزال الحرب في قطاع غزة تشكل عامل خطر بالنسبة للكيان الصهيوني في الأسواق. إن التصعيد في الشمال وسيطرة القوات اليمنية على مسار السفن في البحر الأحمر، يغير الصورة فيما يتعلق بالحرب، وسيخلق المزيد من عدم اليقين بشأن الكيان الصهيوني؛ بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع الآن أن تستمر الفجوات في أسعار الفائدة بين الكيان الصهيوني والدول الأخرى لبعض الوقت، مع تراجع التوقعات بتخفيض أسعار الفائدة من قبل الاحتياط الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي.
ويقول مناحيم: بالنظر إلى القائمة الطويلة من العوامل التي ستشكل تحدياً للشيكل في الداخل والخارج في الفترة المقبلة، فمن المحتمل أن يستمر التقلب إلى حد ما، وقد يستمر الاتجاه الحالي للانخفاض لفترة من الوقت.
* عوامل داخلية
ويشير مناحيم إلى أن قرارات محكمة العدل العليا التي صدرت هذا الأسبوع والتي تلغي قانون الإصلاح القضائي الذي أصدرته الحكومة يمكن أن تؤدي إلى توترات مستقبلية، ويقول: جزء كبير من تعزيز الشيكل منذ اندلاع الحرب يرتبط بافتراض أن قضية الإصلاح القضائي لن تتصدر جدول الأعمال، ولن تعود إلى حدتها السابقة. ورغم أن هذه القضية قد حظيت خلال الحرب بالفعل بصدى منخفض، فانها قد تتحدى الأسواق مرة أخرى.
بدوره، يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة “IBI” للاستثمارات، رافي غوزلان، إن الأحداث التي أثرت في سوق الصرف الأجنبي هذا الأسبوع تنبع بشكل أساسي من الأمور المحلية، أهمها خفض سعر الفائدة من قبل بنك إسرائيل.
ويشرح غوزلان: توقع السوق أن يخفض البنك سعر الفائدة، ولم يتفاجأ بالخفض الفعلي؛ لكن السوق لم يقم بتسعيره بشكل كامل، لذلك رأينا الشيكل يضعف مقابل الدولار بعد القرار. تؤثر فروق أسعار الفائدة في جاذبية السوق، كما أن انخفاض سعر الفائدة يجعل الدولة أقل ربحية للاستثمار مقارنة بالدول الأخرى.
علاوة على ذلك، أصبحت الحدود الشمالية متوترة للغاية هذا الأسبوع. ويشير غوزلان إلى أن اغتيال نائب زعيم حماس صالح العاروري في بيروت أثر بالسوق، ويقول: أدى التصعيد على الجبهة الشمالية إلى ردة فعل في جميع الأسواق، وضعف الشيكل، وهوت سوق الأوراق المالية، وعلاوة المخاطرة الإسرائيلية في العالم ارتفعت.
وبعيداً عن هذه الأحداث، يشير غوزلان إلى أن عام 2023 انتهى بضعف الدولار عالمياً، ويقول: تشهد نهاية العام تداولات متفرقة في الأسواق بعد العطلات. وضعف تداول الدولار عالمياً أدى أيضاً إلى ارتفاع قيمة الشيكل في نهاية العام. والآن نرى الدولار يعود إلى قيمته الأصلية. وهذا ما يفسر جزءاً من قوة العملة الأميركية، بغض النظر عما يحدث في “إسرائيل”.
ويؤكد غوزلان أن قطاع الدفاع هو أحد العناصر الرئيسية التي تؤثر بالسوق الإسرائيلية، ويقول: إن نقاش “اليوم التالي للحرب” لا يتعلق بالبيئة الجيوسياسية فحسب، بل يتعلق أيضاً بالجانب السياسي، وما إذا كانت “إسرائيل” ستذهب إلى الانتخابات، وتضيف الحرب جواً من عدم اليقين ما سيؤثر في الأسواق والشيكل في المستقبل.
د.ح