كسراً للحصار..

خرّيجو قطاع غزة يتجهون إلى العمل الحرّ عن بُعد

كل قصص الخريجين تكاد تكون متشابهة في الألم والضياع، خصوصاً بعد التخرج، إذ يُفاجأ الخريج بواقع مر ينتظره كواحد من آلاف الذين تخرجوا في العام نفسه،

2022-12-25

كاسرين للحصار وقيوده، الخريجون الغزيون يتجهون إلى العمل الحر عبر الإنترنت، في وقت قاربت نسبة البطالة 47%، فيما زادت على 68% بين الشباب، وهي أعلى نسبة عالمياً، فيما وصلت إلى 78% بين حمَلة الشهادات الجامعية.

يقاتل الغزيون من أجل صنع حياة تليق بأحلامهم، فيتجه كثير من الخريجين في قطاع غزة إلى العمل الحرّ عن بعد عبر الإنترنت. مواقع عالمية عديدة أبرزها “فريلانس” و”إيلانس” و”أوديسك” باتت مقصداً لهم، يعرضون من خلالها خدماتهم ويقدمونها بمقابل مادي.

وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني، تعد مستويات البطالة في قطاع غزة من أعلى المستويات في العالم بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006، إذ وصل معدل العاطلين من العمل في الربع الأول من عام 2022 إلى 46.6% مقارنة بالمتوسط الذي كان 34.8% عام 2006، ووصل معدل البطالة بين الشباب (الفئة العمرية 15-29 عاماً) إلى 62.5% في الفترة نفسها.

من البحث عن عمل إلى صناعة الفرص 

وفي مواجهة تحديات الحصار على قطاع غزة، تقول أفنان الحايك (36 عاماً) للميادين نت: “بدأت العمل عبر الإنترنت عام 2013، كنت خريجة أبحث عن فرصة عمل، وطرحت إحدى المؤسسات برنامجاً إرشادياً للعمل عن بعد، تعرفت من خلاله إلى منصة كانت تعرف بـodesk، وحالياً تعرف بـupwork و بدأت برحله التقدم إلى الوظائف”.

وتضيف أن التحديات بالنسبة إليها كانت حافزاً لا حاجزاً، فساعات وصل الكهرباء وصلت إلى أربع ساعات يومياً، وربما كانت أقل، وهو ما جعلها مضطرة إلى التنقل من مكان إلى آخر لإنجاز المشاريع وتسليمها في الوقت المحدد مع العملاء.

وفي عام 2015، أصبحت الحايك خبيراً بالعمل عن بعد وتعمل مدرباً لبناء القدرات فيه، حتى أطلقت برنامجها الخاص (حاضنة kicklance) عام 2020، الذي وفر فرصاً لما يزيد على 500 خريج، ولم تقتصر الاستفادة والتشغيل على فلسطين وحدها، إذ استفاد أكثر من 100 سوري من العمل في الحاضنة عام 2021، ووصلت أعمال حاضنتها إلى الأردن وإيطاليا وكامل فلسطين، فضلاً عن تشغيل 20 شخصاً من ذوي الإعاقة، حصل معظمهم على فرص عمل متنوعة بين المتقطعة والمستدامة.

ويقول الخريج براء وادي (27 عاماً)، من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، إن تجربته الشخصية في العمل كانت مميزة، إذ تخرج في الجامعة عام 2019، وانتظر على بند البطالة في مجال تخصصه الجامعي، ولكن ظروف البطالة قاتلة، ما دفعه إلى البحث عن حلول وكان العمل الحر عن بعد أهمها.

بدأ وادي بتطوير مهارته في تصميم الغرافيك، وتلقّى تدريبات عدة في العمل عن بعد، للتعرّف إلى المنصات، وعمل حسابات عليها، وكتابة العروض للعملاء، وكيفية جذبهم، وعرض أعماله بصورة مميزة، وكيفية الحصول على العمل والاستفادة من المنصات، ويقول: “في البدء كنت أواجه صعوبات كبيرة بسبب الحصار من ناحية تقنية ومالية، وفي فهم العملاء من ناحية مهنية، “كل بداية صعبة”، ثم أخذت تقييمات عالية على المنصة وكسبت ثقة العملاء،لكن لا بد من مواجهة التحديات، إذ يمكن استغلالنا والاحتيال علينا أحياناً، بسبب الأزمة الحقيقية المتمثلة في تلقي الأموال، لا سيما أن قطاع غزة محظور عليه فتح حسابات (باي بال أو بيونير)، وأحياناً توقف الحسابات المفتوحة مسبقاً من أماكن خارج الوطن”.

كل قصص الخريجين تكاد تكون متشابهة في الألم والضياع، خصوصاً بعد التخرج، إذ يُفاجأ الخريج بواقع مر ينتظره كواحد من آلاف الذين تخرجوا في العام نفسه، وفي السنوات الفائتة، ينطلق ليبحث بين المؤسسات على أمل الحصول على وظيفة هرباً من وحش البطالة العملاق، ولكنها تنتهي من دون جدوى غالباً.