موناسادات خواسته
السينما بمختلف أقسامها وأفلامها السينمائية القصيرة والطويلة والوثائقيات، تترك أثراً كبيراً لدى المشاهدين، وتُقام لها مهرجانات مختلفة على طول السنة في مختلف أنحاء العالم ومنها إيران التي بين فترة واخرى نشهد فيها إقامة مهرجان سينمائي دولي بمشاركة واسعة، ومنها مهرجان عمار السينمائي الشعبي الذي يُعتبر مهرجانا لمختلف شرائح المجتمع ويواصل نشاطاته خلال السنة.
ويتم تكريم الفنانين الفائزين والأفلام البارزة، وهذا ما حدث يوم الخميس الماضي 11 يناير/كانون الثاني في طهران، واختتم مهرجان عمار السينمائي في دورته الرابعة عشرة بإهداء سبعة فوانيس وجائزة خاصة، وفي قسم “البرنامج التلفزيوني المشترك” منحت لجنة التحكيم فانوس هذا القسم للبرنامج بسبب “المعالجة الفنية للقرآن باعتباره محور وحدة الأمة وربط القرآن بحياة المؤمنين وحيويتهم” وتم إهداؤه لعمل “محفل”، وكذلك برنامج “نوسان” الذي حصل على جائزة “الاستجابة الإبداعية المختلفة والثورية السريعة للقضايا الراهنة، وخاصة للجمهور العام”.
وأشادت لجنة تحكيم قسم “الإنتاجات الإعلامية البشرية” (أصحاب الأعمال الفعالة في الفضاء الافتراضي) بعمل “بافتار”، وأهدت فانوس هذا القسم للسيد “سرباز روح الله رضوي” مخرج وثائقي “اسكرين شات” بسبب “الاستجابة السريعة والجهادية للمشكلة الأولى للعالم الإسلامي بمنهج البحث والتدقيق بالتعبير الشعبي البليغ والمعبّر وتعزيز وزيادة تنوع أشكال ومناهج التعامل مع الإرهاب”.
وبعد هذه التكريمات، تم إزاحة الستار عن أحدث أنشودة للمنشد “مجتبى الله وري” بعنوان “العالم المقلوب”، والتي ركزت على موضوع مهرجان عمار الرابع عشر، وجاءت رداً على تناقض سلوك المثقفين وازدواجية معايير المطالبين بحقوق الإنسان وعدم الإهتمام بالشعب الفلسطيني المظلوم. وقد تم إهداء الجوائز لمختلف الأقسام كما ذكرنا، وبدأ عرض الأفلام والندوات المتخصصة وورش العمل الخاصة بالمهرجان اعتباراً من يوم الجمعة وسوف تستمر لمدة 6 أيام في “سينما فلسطين” بطهران.
الجدير بالذكر إن مهرجان “عمار” الشعبي للأفلام بدأ عام 2011 بهدف نشر السينما الإسلامية الملتزمة بقضايا الشعوب وتشجيعاً للتمسك بالثقافة المستقلة بعيداً عن نفوذ الثقافة الغربية وقد أطلق على المهرجان إسم الصحابي الجليل “عمار بن ياسر” بسبب دوره الفعال في تمييز الحق عن الباطل والدفاع عن الحق.
وحضر حفل مهرجان عمار الشعبي الرابع عشر نخبة من المسؤولين وأسر الشهداء والفائزين في هذه الدورة من المهرجان، وقد ركّز مهرجان عمار في هذه السنة على قضية فلسطين، وله قسم خاص تحت عنوان “فلسطيننا”، وفي هذه الأجواء إغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع أمين عام المهرجان السيد “سهيل أسعد” وفيما يلي نص الحوار:
ميزة مهرجان عمار الرابع عشر
بداية طلبنا من أمين عام مهرجان عمار السينمائي الشعبي “سهيل أسعد” لكي يتحدث لنا عن ميزة مهرجان عمار الرابع عشر بالنسبة للفترات السابقة، فقال: في قضية عمار نحن عندنا قالب منذ تأسيس المهرجان له علاقة بـكون المهرجان شعبياً وهذا القالب مهم في المهرجان، واعطاء مجال للشعب، يعني كما أن الشعب يرى ضرورة ايجاد تغيير او تحول معين، فهو يقترح مقترحات، والجديد بالنسبة للسنوات الماضية هي مشاهدة الأفلام عبر موقع المهرجان “عمار يار”، الذي يضع كل الأفلام والآثار التي تصل إلينا مع فرق يوم واحد، يعني بعدما يبث الفيلم، فعامّة الشعب بإمكانهم أن يشاهدوا الأفلام عبر هذا الموقع.
المسألة الثانية في الجانب الدولي حاولنا في هذه السنة أن يكون لنا بُعد عالمي، فهناك 500 فيلم وصلنا مع محتوى دولي.
والجانب الآخر هو أن يُضاف إلى المحتوى قضية فلسطين، لأن في الأيام الماضية شاهدنا انتصار المقاومة في القضية الفلسطينية في يوم 7 اكتوبر بعملية طوفان الأقصى، فجعلنا القضية الفلسطينية محوراً أساسياً للمهرجان، وكثير من الآثار والأفلام والإنتاج كان موجهاً إلى القضية الفلسطينية، وعلى مستوى الفعالية من الناشطين، لدينا حضور من مختلف المهرجانات الماضية، من 5 سنوات حتى 7 و 10 سنوات، تواجد الاطفال كناشطين في هذه الحركة الشعبية، لإنتاج أفلام وثائقية، خاصة في قسم الوثائقيات، وهذا كان تحولاً جميلاً جداً، أنا شاهدته أخيراً في بعض الأفلام والوثائقيات التي كان للاطفال فيه حضور ممتاز جداً، فهذا أيضاً جانب جديد في مهرجان هذا العام.
أفلام عن المقاومة وفلسطين
وفيما يتعلق بموضوع الأفلام التي وصلت للمهرجان في القسم الدولي وأن عدداً منها تطرق إلى موضوع فلسطين، قال أسعد: على مستوى القضية الفلسطينية هناك مجموعة من الإخوة كان لهم حضور في انتصار المقاومة اللبنانية على الحدود الفلسطينية، وأجروا مقابلات وبرامج على الحدود، وكان لهم الحضور في قلب القضية، مثل الأخ “سرباز روح الله رضوي” الذي في بداية عملية طوفان الأقصى كان له حضور وأجرى حوارات وأنتج برامج ووصلتنا هذه البرامج، وهو من الشخصيات التي تم تكريمه في المهرجان وله جائزة خاصة.
وهناك برامج وآثار لها صلة بمحور المقاومة، مثل بعض الوثائقيات عن الحرب في العراق، وسوريا وافغانستان، ولبنان وفلسطين، وهناك بعض الآثار وصلتنا من نفس الفلسطينيين، كما أن هناك بعض الأفلام تتطرق إلى الأحداث التي شاهدناها في الأيام الأخيرة ونشاهدها حالياً.
أفلام الدول المشاركة والتعاون المستقبلي
وحول الدول المشاركة في المهرجان والتعاون في المستقبل قال أمين عام مهرجان عمار: كما أشرت سابقاً هذه الآثار من دول محور المقاومة من سوريا ولبنان والعراق، وفلسطين، جاءت تتكلم عن القضايا التي تجري في هذه المناطق، تتكلم عن القضايا الفكرية لدى هذه البلدان، ومحتوى معين يرتبط بهذه البلدان، وعلى كل حال هناك خطة للمستقبل إن شاءالله خلال السنة أن يكون لنا توسّع مناطقي، وأنا شخصياً عندي خطة في أمريكا اللاتينية وهناك أيضاً بعض الإجتماعات مع بعض الفعالين والناشطين السينمائيين لكي نبدأ بصناعة الأفلام على مستوى أفريقيا، مثلاً أخيراً كان عندي جلسة مع أحد المخرجين الذي أتى إلى هنا يشرح لي تفاصيل الوثائقيات في أفريقيا، وبما يتعلق بالعراق، آثار مختصة بالأربعين وزيارة الإمام الحسين(ع) والزوّار من مختلف الدول، وفيما يتعلق بسوريا وآثار الحرب فيها خلال تلك السنوات.
فلسطيننا والخنجر اليماني
أما في مهرجان عمار الرابع عشر نشهد هذا العام جائزة “الخنجر اليماني”، وقسم فلسطيننا، فسألنا من أسعد حول الموضوع، فهكذا ردّ علينا بالجواب: قضية فلسطين شيء يريد العدو إزالته من الإعلام، ومن خلال قسم “فلسطيننا” أكد مهرجان عمار أن خطة العدو لا تأثير لها وأن الشعب نفسه منخرط إعلامياً ويعرف أن فلسطين هي أولويتنا الأولى، واستطاع عمار أن يفعل ذلك.
وأضاف: نحن باعتبار أن الحدود الجغرافية حُذفت من محتوى عمار، والشعار هو “النشاط الفني والإعلامي والسينمائي في عمار هو نشاط أممي”، يعني لا نقيّد النشاط في بلد معيّن، أو ثقافة معينة، أو حتى لغة معينة، لأن القضية هي قضية أممية، قضية الأمة، فالخنجر اليماني دليل على أنه ليس هناك حدود جغرافية معيّنة في عمار، ولا ثقافية ولا مناطقية، ولا لغوية، الخنجر اليماني هو دليل على أن محور المقاومة أصبح محورا إقليميا دوليا، وأصبحت قوى المقاومة تتصرف وتفعل في عدة مناطق والقضية واحدة، يعني شعار فلسطين انتهى ووجود جائزة مثل الخنجر اليماني هو دليل على أن القضية واحدة، لأمة واحدة وحركة واحدة، وهدف واحد، فهذا التنوع بالمحتوى وبالقالب وبالإنتاج وبالتوزيع هو دليل على أن عمار استطاع أن يجعل من الأمم التي كانت تاريخياً متفرقة وعلى كل حال منحصرة في منطقة معينة، أمم متحدة وعامة ولكل المسلمين، ولا فرق أن يكون الفاعل يماني أو عراقي أو يتكلم باللغة العربية أو الفارسية، بل الشعار في تدوين ظاهرة عمار هي شعار الأمة الإسلامية وقضايا وأهداف ونشاطات الأمة.
تأثير المهرجان على المنطقة
أما فيما يتعلق بإقامة هكذا مهرجانات وتأثيرها على المنطقة، قال أسعد: كان لنا على أي حال بعض المحاولات على قضية دعم الأمة الإسلامية لفلسطين، نحن أمام مجموعة دول إسلامية وعربية وحكّام مسلمين عرب، لم يتعاطفوا مع القضية الفلسطينية على مستوى الموقف العملي، نحن نرى أن هناك يجب أن يكون وعي أعظم مِن قِبل بعض الحكومات والدول والأمم والمجتمعات، وبالتالي، هذا الوعي لا يسمعه إلا الفن والإعلام والقلم، والأفلام والفنانين، والنشاط الفني والإعلامي، وباعتبار أنه شعار عمار هو شعار الفكر والفن والإعلام، فمن الطبيعي أنه نسعى لأن نقوي حالة الوعي عند الأمة، فالوعي بداية الحركة والنشاط والفعل، وبالتالي عمار يسعى أن يسمع هذا الوعي حتى إن شاءالله نشهد في المستقبل حركة ونشاط وموقف عملي أقوى.
مواصلة نشاطات المهرجان خلال السنة
وأخيراً يختتم أمين المهرجان سهيل أسعد كلامه حول مواصلة نشاطات المهرجان خلال السنة، ويقول: نشاطات عمار وأصل فعالياته أساساً هو خلال السنة، من ضمن مشاهدة ونقد وتوزيع الأفلام، ووضعها بيد الناشطين، وعرضها على مستوى الفضاء الإفتراضي والإنترنت، وقضية التعليم التي هي عبارة عن عملية مستمرة خلال السنة، عن طريق إقامة دورات فنية وتعليمية من قبل الإخصائيين، وحركة شعبية في مختلف مناطق إيران، فأصل نشاط عمار هو خلال السنة.
كان لدينا افتتاحية المهرجان يوم الخميس الماضي ويواصل نشاطاته حتى يوم الجمعة المقبل 19 يناير/كانون الثاني الجاري وستكون الإختتامية خلال الأيام القادمة، وهي عبارة عن توزيع الجوائز وتعريف أفضل الآثار والفنانين والناشطين، والنشاط الأصلي مستمر خلال السنة.
أ.ش