الوفاق / خاص/ موناسادات خواسته
يعتبر الفن من أفضل أدوات التبيين والاعراب عن المشاعر وما يختلج داخل الإنسان، العلاقة بين الدين والفن لها جذور قديمة، ومنذ القِدَم نرى أن الفنانين حاولوا على مر السنين الحفاظ على تخليد ذكرى الأئمة والشخصيات المقدسة من خلال تصوير وجوههم المقدسة أو خلق آثار عنهم في إطار الخط واللوحات ذات المحتوى المماثل، والصناعات اليدوية والفنون التشكيلية وغيرها.
إحدى الشخصيات المؤثرة والمقدسة التي تركت أثراً عميقاً وخالداً منذ مئات السنين حتى يومنا هذا وإلى يوم القيامة، هي سيدة نساء العالمين وبنت النبي محمد (ص)، السيدة فاطمة الزهراء (س)، التي إذا إستبدلت البحار الى جوهر والأشجار إلى اقلام، وكتبت الى ابد الدهر عنها، فلا يمكن تأدية حق مقامها وشخصيتها وإيمانها ومكارم أخلاقها وغيرها، فهي في جميع مجالات الحياة، أفضل أيقونة وأنموذجاً ليس فقط للنساء بل لجميع أبناء البشر برمّته.
يصادف غداً الثلاثاء 27 ديسمبر/كانون الأول ذكرى استشهاد بنت حبيب الله، السيدة فاطمة الزهراء (س) التي قرأنا وسمعنا كثيراً عنها ومازال المجال مفتوحا في هذا الطريق، ولا يستثنى الفنانون في مختلف المجالات من عرض حبهم وولائهم لسيدة نساء العالمين من خلال أعمالهم الفنية الجميلة في جميع أنحاء العالم، فنقدّم لكم في هذا المقال بعض من هذه الآثار كأنموذج.
متحف العتبة الرضوية المقدسة هو أحد المجموعات التي تحتفظ بمجموعة من الأعمال الفنية ذات الموضوعات الدينية. وجزء من أعمال هذه المجموعة مكرّس للسيدة فاطمة الزهراء (س)، فمنها آثار فنانين شهيرين مثل الأستاذ فرشجيان وحبيب الله صادقي، وحسن روح الأمين وغيرهم.
لوحة ” کوثر”
لوحة ” کوثر” تحفة فنية قيّمة للأستاذ محمود فرشجيان الشهير، وهذا العمل 80 × 100 سم بتقنية الأكريليك وتم ابتكاره بناءً على اسلوب الرسم عام 2007.
في هذا العمل الذي تم إنشاؤه بعناصر بشرية، صورت ابنة الرسول الأعظم (ص) في محور اللوحة ويدها مرفوعة بالدعاء إلى الله وإلى الناس الذين يطلبون الشفاعة، في حين نرى ثلاث نساء القديسة السيدة مريم العذراء والسيدة خديجة الكبرى (س)، والسيدة آسيه زوجة فرعون، وأيديهن نحو السماء. تظهر لوحة كوثر السيدة فاطمة الزهراء (س) في يوم القيامة.
كما أنه تم وضع الطابع التذكاري للسيدة فاطمة الزهراء (س) على موقع الطوابع العالمي في لندن مع رمز العمل المصغر للأستاذ محمود فرشجيان، الرسّام الإيراني العظيم، من لوحة “كوثر”، وكان هذا نظرا لأهمية هذا الطابع كطابع ديني في العالم الإسلامي.
تمثال “الشمعة الخالدة”
تمثال “الشمعة الخالدة”، نحت على جذع شجرة متحجر عمره حوالي مليون سنة تبرع به المرحوم “حسن رواسي” من مشهد المقدسة في عام 2008، وفي هذا العمل، تم نقش اسم السيدة فاطمة الزهراء (س) بشكل جميل على الشمعة.
لوحة فسيفساء خشبية
تم إنتاج لوحة الفسيفساء الخشبية تحت عنوان “يا فاطمة الزهراء (س)”، تبرّع بها أكبر صوتي كرماني في عام 1994م، وهذه اللوحة بخط “جليل رسولي”، وهي بصورة كاملة وموحّدة وثلاثية الأبعاد دون استخدام الصمغ.
لوحات خطية
من السمات الرئيسية لأعمال الخط التي تتمحور حول السيدة فاطمة الزهراء (س) أن العديد من المفاهيم الموجودة حولها قد صوّرتها فنون أخرى، ولكن فن الخط سابقاً كان قليلاً يتطرق الى هذا الموضوع، أما فنانو الخط أيضاً دخلوا هذا المجال و قاموا بدراسة شخصية سيدة نساء العالمين وتصوير هذه الشخصية القيمة في إطار فن الخط.
هناك كثير من اللوحات الخطية التي تزيّنت باسم وموضوع السيدة فاطمة الزهراء (س)، منها الصلوات الخاصة لسيدة نساء العالمين، وأنواع الخط الفارسي والعربي، ومنها بعض اللوحات لفنانين دوليين منها: لوحة تحت عنوان “آية المودة” لـ “ماجد مكي الجبل” من البحرين، ولوحة “حليلة فاطمي” لـ “نوريه غارسيا ماسيب” من فرنسا، ولوحة “فاطمة بضعة وجود رسول الله” لـ “حاكم كاظم الغنام” من الإمارات، ولوحة “فاطمة معيار الرضى والغضب الإلهي” لـ “القاضي” من الإمارات، وعدنان محمد القزاز من هولندا، وصباح الأربيلي من إنجلترا، وسيد صادق الحسيني من العراق، الذين تم عرض لوحاتهم الفنية في القسم الفني بمعرض القرآن الذي أقيم في السنة الماضية بطهران وكانت حوالي 30 عملاً خطياً بموضوع السيدة فاطمة الزهراء (س).
كما أن هناك أيضاً تم عرض لوحة مزيّنة بـ ” فاطمة الزهراء عليها السلام” بخط الثلث الزخرفي، للفنان الأستاذ سيد محمد حسيني موحد، والمذهّبة السيدة ريحانة رحمتي، وتقنية التنفيذ في اللوحة الحبر الأسود التقليدي والورق العادي -الذهب الأصلي- ألوان معدنية – غواش.
وكذلك هناك لوحة فنية للخطاط العراقي ” نبیل حسین فرحان المعموري”، التي تم كتابة زيارة السيدة فاطمة الزهراء (س) بخط النسخ، وكان تاريخ إنشاء العمل ۱۴۳۶ ق، في أبعاد 50*70.
الصلوات الخاصة
الخطاط الأستاذ “جليل رسولي” له لوحات خط فنية رائعة قدّمها الى سيدة نساء العالمين بعناوين: “سیدة نساء العالمین”، “أیتها الصدیقة الشهیدة” و “بضعة مني”، حيث تعتبر هذه اللوحات مقدسة لأنها مزيّنة باسم السيدة فاطمة الزهراء (س)، مؤكداً أنني لم أكتب الخط في هذه اللوحات أبداً وحتى لتأطيرها، لم أتطرق إلى اللوحات دون الوضوء.
لوحات الوداع
هناك لوحات عديدة حول وداع أمير المؤمنين الإمام علي (ع) وولديه الحسنين عليهما السلام، مع السيدة فاطمة الزهراء (س) بعد وفاتها، تمّ رسمها من قبل الفنان “حسن روح الأمين”، وكذلك لوحات للفنان المرحوم “حبيب الله صادقي”، وغيرها، حيث كل فنان يرسم ما يشعر به في داخله بالنسبة لهذه السيدة الجليلة.
مسرحية “الجنة في النار”
هناك مسرحيات كثيرة أيضاً تطرقت الى حياة وموضوع سيدة نساء العالمين ومنها المسرحية الأخيرة التي تم عرضها أخيراً في مدينة يزد الإيرانية وواجهت إقبالاً كبيراً، هي مسرحية “الجنة في النار”، من تأليف حجة الإسلام “سيد كاظم فلاح زاده” وإخراج “علي جاور”، التي تطرق الى حياة بنت رسول الله (ص)، هذه المسرحية تروي تاريخ الإسلام المبكر في وقت ما عن السيدة فاطمة الزهراء (س)، وشخص اسمه “سهام” وشخص اسمه “عمار”.
ويعتبر مدير مركز الفنون المسرحية في الحوزة الفنية “كوروش زارعي” أن عرض مسرحية “الجنة في النار” عرضاً عاطفياً ومثيراً للإعجاب ويقول: لقد كنت بين الجمهور وشهدت الارتباط الجيد والروحي للمشاهدين بهذا العرض، وهو أعظم عمل.
ومن جهة أخرى مسرحية “فاطمة” من تأليف وإنتاج “مریم شعباني” أيضاً يتم عرضها مرة أخرى خلال السنوات الماضية في أيام استشهاد سيدة نساء العالمين، في مركز “سوره” للحوزة الفنية.
كما أن هناك مسرحيات وفنونا أخرى كثيرة تطرقت الى موضوع السيدة فاطمة الزهراء (س)، منها الصناعات اليدوية وبأجمل صورة يتم عرضها أو ورشات عمل للفنون المختلفة التي تعرض أمام الحضور، يقوم الفنانون فيها بعرض فنهم، وكذلك حوالي سنتين تم عرض لوحة فنية يبلغ طولها 70 متراً من حياة السيدة فاطمة الزهراء (س) وهي عبارة عن 35 لوحة تروي جوانب مختلفة من شخصية بنت رسول الله (ص)، هذا إضافة إلى أن كل عام نرى لوحات مطرزة ومؤطرة تحمل عبارة “يا فاطمة الزهراء (ٍس)” أو “يا سيدة نساء العالمين” وغيرها، على أي حال في هذا المجال نرى أن كل شخص بقدر استطاعته يقوم بعرض مودّته وحبه لسيدة نساء العالمين، آملين شفاعتها في يوم القيامة.
