دوي صواريخ الحرس الثوري الإيراني في سماء سوريا والعراق… ليلة جهنمية ل و”داعش”

شهدت سماء وأرض مدينتي أربيل في العراق وإدلب في سوريا، في الساعات الأولى من صباح اليوم، انفجارات قوية جذبت أنظار العالم.

2024-01-17

وبعد وقت قصير من هذه الانفجارات، أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان: “رداً على الأفعال الإجرامية الأخيرة للکيان الصهيوني باغتيال قادة الحرس الثوري الإيراني وجبهة المقاومة، ومع السيطرة الاستخباراتية على مقرات وتحركات هذا الکيان في المنطقة، تم استهداف وتدمير أحد مقرات التجسس الرئيسية للکيان الصهيوني (الموساد) في إقليم كردستان العراق، من خلال إطلاق صواريخ باليستية”.

 

وجاء في هذا البيان أن “هذا المقر كان مركزاً لتطوير عمليات التجسس، وتصميم الأنشطة الإرهابية في المنطقة، وخاصةً في إيران، ونؤكد لشعبنا العزيز أن العمليات الهجومية لقوات الحرس الثوري الإيراني، ستستمر حتى الثأر لآخر قطرة من دماء الشهداء”.

 

وبعد الهجوم، الذي تم تنفيذه بصواريخ دقيقة التوجيه، قال مسؤول عراقي لقناة إي بي سي، إن ضربات إيرانية مكثفة استهدفت ثمانية مواقع بالقرب من القنصلية الأمريكية في أربيل.

 

ورغم أن مراسل “سكاي نيوز” أفاد بأن هدف هذا الهجوم الصاروخي، كان القاعدة العسكرية للتحالف الأمريكي في مطار أربيل الدولي، إلا أن المسؤولين الأمريكيين قالوا لرويترز إنه لم تلحق أي أضرار بالمنشآت أو الجنود الأمريكيين نتيجة هذه الهجمات.

 

 

موقف أمريكا وقادة أربيل

 

كما كان متوقعًا، لم تعجب الهجمات الصاروخية التي شنها الحرس الثوري الإيراني، بعض الجهات الفاعلة الإقليمية والخارجية، وقد أبدوا ردودهم على الفور على هذه العملية.

 

رداً على هجمات الحرس الثوري الإيراني، صرح ماتيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة تدين بشدة الهجمات الإيرانية في أربيل، وتعرب عن تعازيها لأسر القتلى، زاعماً: “نحن ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية التي تقوض استقرار العراق”.

 

وزعم مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كردستان، رداً على الهجمات الصاروخية، أن هذا الهجوم “انتهاك واضح لاستقلال العراق وإقليم كردستان”، ودعا الحكومة العراقية والمجتمع الدولي إلى التصدي لهذه الإجراءات.

 

يأتي ادعاء قادة الحزب الديمقراطي بأن إيران انتهكت سيادة العراق، في حين حذرت سلطات الجمهورية الإسلامية مراراً وتكراراً زعماء أربيل في السنوات الأخيرة، بضرورة القضاء علی جواسيس الموساد والجماعات الانفصالية التي تشكل تهديداً خطيراً على الأمن القومي الإيراني.

 

وحتى بعد أعمال الشغب التي شهدتها بعض المدن الإيرانية العام الماضي، والتي كانت تقودها جماعات إرهابية تتمركز في إقليم كردستان، نفّذ الحرس الثوري هجمات على مقرات الجماعات الانفصالية. وفي مارس الماضي، وقعوا اتفاقيةً أمنيةً مع الحكومة العراقية، تم الاتفاق خلالها على ابتعاد الجماعات الانفصالية عن حدود إيران لمدة ستة أشهر.

 

وعلى الرغم من أنه خلال هذه الفترة، وبسبب الضغوط الإيرانية على الجانب العراقي للوفاء بالتزاماته، غادر الإرهابيون بعض مقراتهم في أربيل، لكن لا يزال الحزب الديمقراطي الكردستاني يعيق هذا المسار، ولم تختف تماماً ظلال التهديدات القادمة من إقليم کردستان ضد سلامة أراضي إيران.

 

وكما قال مسؤول عراقي كبير في مجلس الأمن القومي مؤخراً، إنه لا تزال هناك بعض العقبات في طريق الاتفاقية الأمنية الإيرانية العراقية، بما في ذلك أن بعض الجماعات الانفصالية الكردية لا تزال ترفض الانسحاب، أو تسليم أسلحتها.

 

ولذلك، فإن زعماء الإقليم والحزب الديمقراطي يختبئون خلف الحكومة المركزية بحجة انتهاك السيادة الإقليمية للعراق، ويرفضون الوفاء بالتزامات الحكومة المركزية في الاتفاقية الأمنية مع الجمهورية الإسلامية خلال العام الماضي، وهم غير مستعدين لتنفيذ الاتفاقية الأمنية التي وقعتها بغداد.

 

هذه المعاهدة تؤكد بشكل أساسي على ضرورة حسن الجوار والتعاون الأمني ​​والاستخباراتي، وغياب التهديدات الأمنية من الأراضي العراقية ضد سلامة أراضي إيران وأمنها الإقليمي.

 

ومن أبرز حالات انتهاك هذه المعاهدة، هو التعاون خلف الكواليس لقادة أربيل مع الکيان الصهيوني، والذي حوّل بوساطة الولايات المتحدة هذه المنطقة إلى فناء خلفي للتجسس وإدارة الأنشطة التخريبية والإرهابية ضد إيران.

 

ولذلك، فإن عدم تنفيذ أربيل لهذه الاتفاقية الأمنية، يتعارض مع سياسة حسن الجوار، وقادة أربيل، إذا أرادوا أن يشهد الإقليم السلام وعدم تكرار مثل هذه الهجمات في المستقبل، عليهم إزالة الجواسيس والإرهابيين الصهاينة في هذه المنطقة إلى الأبد.

 

وقع هجوم الليلة الماضية على مركز تجسس الموساد، بينما دمّر الحرس الثوري الإيراني العام الماضي، رداً على الإجرام الإسرائيلي، مقر هذه المنظمة في أربيل بهجوم دقيق، قُتل خلاله أحد كبار موظفي الموساد.

 

ويظهر ضرب مقر تجسس الموساد في أراضي الإقليم، أنه على الرغم من جهود تل أبيب لإبقاء أنشطتها التجسسية سريةً، إلا أن الجمهورية الإسلامية تتمتع بسيطرة كاملة على أنشطة الصهاينة في المنطقة، ويمكنها استهدافهم متى أرادت.

 

ومع الهجوم الصاروخي على مقر تجسس الموساد في أربيل، وجّه الحرس الثوري رسالةً إلى قادة تل أبيب مفادها بأن زمن “اضرب واهرب” قد انتهى، وأنهم لن يتسامحوا مع جرائم هذا الکيان.

 

في الشهر الماضي، اغتال الکيان الصهيوني ثلاثةً من قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية والإيرانية، معتقداً أنه سيتمكن من استعادة هيبته من إيران وفصائل المقاومة الأخرى، أمام الهزيمة الاستراتيجية في عملية طوفان الأقصى، لكن بهذه الهجمات الصاروخية، أظهر الحرس الثوري الإيراني أنه لن يسمح بضياع دماء القادة الشهداء، وسيقوم بالانتقام الشديد من الکيان الصهيوني.

 

 

الهجوم على إدلب.. قطع الأذرع الإرهابية للکيان الإسرائيلي

 

بالإضافة إلى تدمير مقر تجسس الموساد، لم يسلم مقر الإرهابيين في سوريا، من الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني.

 

وأعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان له: “رداً على الجرائم الأخيرة التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية، واستشهاد مجموعة من مواطنينا الأعزاء في كرمان وراسك، تم تحديد أماكن تجمع القادة والعناصر الرئيسية المرتبطة بالعمليات الإرهابية الأخيرة، وخاصةً تنظيم داعش، في المناطق المحتلة في سوريا، وتدميرها بإطلاق عدد من الصواريخ الباليستية، ويؤكد الحرس الثوري للشعب الإيراني العظيم أنه سيجد الجماعات الإرهابية الخبيثة المعادية للشعب الإيراني أينما كانت، وسوف يعاقبهم على أفعالهم المشينة”.

 

وحسب قناة الميادين، فقد استهدفت الهجمات الصاروخية على مقرات الإرهابيين السوريين، معسكرات تدريب ومقرات دعم لوجستي ومنشأة طبية تابعة لجماعتي “هيئة تحرير الشام” و”الحزب الإسلامي التركستاني” الإرهابيتين في محافظة إدلب.

 

وقالت بعض المصادر للميادين: إن “هذه المنطقة هي المكان الذي يتلقى فيه إرهابيو داعش فرع خراسان تدريبات، وينقلهم الأمريكيون إلى أفغانستان وحدود إيران لتنفيذ هجمات داخل إيران”. وأضافت هذه المصادر إن هذا الهجوم تم باستخدام 7 صواريخ، وعدد من الطائرات الهجومية المسيرة.

 

بعد تفجيرات كرمان، ادعى الأمريكيون أن تنظيم “داعش”، فرع خراسان، هو من نفّذ هذه الهجمات الإرهابية، وبهذه الادعاءات حاولوا تبرئة أنفسهم والصهاينة من أي اتهامات، وإدخال إيران في صراع مع أفغانستان، لكن هدف واشنطن لم يتحقق.

 

ولذلك، من خلال مهاجمة مقرات الإرهابيين السوريين، تظهر إيران أنها تمكنت من تعقب قادة تخطيط وتنفيذ الأعمال الإرهابية في الأراضي السورية، حيث المکان الذي يتم فيه دعم الجماعات التكفيرية من قبل الولايات المتحدة، وفي العام الماضي جرت لقاءات بين مسؤولين في واشنطن وقادة هذه الجماعات، حتى يتمكنوا من جعل سوريا غير آمنة مرةً أخرى، وتنفيذ مخططاتهم الفاشلة.

 

وبالتالي، فإن العمليات الإرهابية في كرمان مصممة بشكل غير مباشر من قبل أمريكا والصهاينة، الذين يريدون، باعتبارهم رعاة الإرهابيين، تنفيذ برنامج “الموت بألف طعنة” ضد إيران.

 

ويأتي الهجوم على مقر الإرهابيين السوريين بعد التفجيرات الإرهابية في كرمان، في حين طالب الشعب الإيراني الحزين بالانتقام الشديد من مرتكبي هذه الجريمة، ووعدت السلطات العسكرية والسياسية في البلاد بمعاقبة مرتكبي هذه الهجمات الرئيسيين على أفعالهم.

 

ولذلك، فإن هذه العملية الصاروخية يمكن أن تكون مرهماً، مهما كان صغيراً، لقلوب العائلات المتضررة من الأحداث الإرهابية في كرمان، الذين كانوا ضحايا أبرياء للجرائم الصهيونية والأمريكية.

 

 

رسالة تحذيرية من طهران إلى تل أبيب

 

يمكن تحليل الهجمات الصاروخية على مقرات التكفيريين في سوريا من زاوية أخرى أيضًا، حيث كانت هذه الهجمات، التي لم يسبق لها مثيل من نوعها، بمثابة تحذير للکيان الصهيوني، من أن الجمهورية الإسلامية لديها القدرة على استهداف الأراضي المحتلة.

 

ورداً على هجمات الحرس الثوري الإيراني على مقرات الإرهابيين، أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران صواريخ عملياتية، يصل مداها إلى 1230 كيلومتراً.

 

ويبدو أن الصهاينة بهذا الهجوم يتخوفون من أن تكون طهران قد أطلقت صواريخها بالقرب من الأراضي المحتلة، وفي حال نشوب صراع محتمل يمكنها استهداف جميع المدن الصهيونية، بما في ذلك منشأة ديمونة النووية، ومينائي حيفا وتل أبيب الاستراتيجيين على البحر الأبيض المتوسط.

 

هذه الموانئ التي تأثرت هذه الأيام بحرب غزة، وتباطأ سوق التجارة فيها، في حال نشوب صراع واسع النطاق مع إيران وفصائل المقاومة الأخرى، سيؤدي إلى شل التجارة البحرية في هذه الموانئ بشكل كامل، ويمكن أن يوجه ضربةً قاتلةً لاقتصاد الكيان الصهيوني.

 

ولذلك، فإن هذا الهجوم الصاروخي يشكل تحذيراً خطيراً لسلطات تل أبيب، بأنها إذا أخطأت، فإنها ستشهد رداً قاسياً على مغامراتها.

 

ومن وجهة نظر السلطات الإيرانية، فإن الإرهابيين في المنطقة هم صنيعة أمريكا والکيان الإسرائيلي، ومن أجل إحلال الأمن والاستقرار في الدول الإسلامية، لا بد من استهداف رأس الأفعى وهو الکيان الصهيوني، والهجوم على مقر تجسس الموساد في أربيل تم أيضًا في هذا الاتجاه، لإزالة ظلال تهديدات هذا الکيان في المنطقة.

 

أ.ش