مثّل إعلان الانتقال إلى مرحلة ثالثة حجم الفشل الذي تعرّضت له قوات جيش الاحتلال في عمليتها البرية، وإخفاقها في تحقيق أهدافها المتمثّلة باستعادة الردع الذي كان يتمتع به الكيان قبل 7 تشرين الأول، وإلحاق ضرر جسيم بالبنية التحتية لحماس كما وتحرير الرهائن، مع عودة القوة المكلفة بالتحرير ومعها قتلى من الجنود وأعداد كبيرة من الجرحى. وقد ظهر في تصريحات وتحليلات الصحف العبرية مدى افتقار الخطط العسكرية لأهداف قابلة للتحقيق، إذ إن جيش الاحتلال لم يكن مستعداً بعد لشن غزو بري لقطاع غزة في تلك اللحظة، مع اعتبار أن أي وقف لإطلاق النار دون تحقيق الهدف المعلن بالقضاء التام على حماس، يعني خسارة إسرائيلية خالصة، مع كثرة الحديث عن مرحلة ثالثة من الحرب على قطاع غزة والذي يعدّ هروباً من الإخفاق العسكري، ومحاولة لتخفيف خسائر الجيش.
أبرز ما ورد في التحليلات العبرية:
– الحملة البرية لا تدفع في اتجاه تحرير الرهائن، بل تحفّز حماس فقط على تشديد شروطها. بالإضافة إلى استنفاذ جيش الاحتلال كل الفرص للوصول إلى المخطوفين. في هذا السياق نشرت يديعوت أحرنوت مقالاً كُتب فيه “أطلقوا على الخطة التي تُعَد لتحرير الرهائن أي اسم تريدونه – المقترح القطري، أو المصري، أو الأميركي – هذه الاقتراحات كلها تشير إلى أن الجانب الإسرائيلي بدأ يتصالح مع النتائج المحدودة للحرب”.
– فشل جيش الاحتلال في الوصول إلى الأنفاق وتدميرها وتأكيده بأن المهمة تحتاج لسنوات. في هذا الإطار، نشرت نيويورك تايمز مقالاً أوردت فيه “قال مسؤول إسرائيلي كبير إن القتال في غزة حول الأنفاق كان مرهقًا حتى مع وجود معلومات استخباراتية بشأنها. وأضاف أن تدمير الأنفاق ليس بالمهمة السهلة، مشدداً على ضرورة التحقق من عدم وجود مخطوفين”.
– إصرار “إسرائيل” على الانتصار، يجعلها غير مدركة للأزمة الاقتصادية التي تواجهها، بالإضافة إلى تكاليف المعركة البرية. في سياق ذلك، نقلت القناة 12 العبرية التالي:”الأكثر تكلفة لـ “إسرائيل” : تكلفة المعارك البرية في قطاع غزة تقدر بنحو مليار شيكل يوميًا، ما بين التسليح والمحروقات للمركبات العسكرية والطائرات، والطعام وغيره”.
– انخفاض مستوى التوقعات المتعلقة بتفكيك حماس في قطاع غزة، وفرص تحقيق هذا الهدف آخذة في الابتعاد بمرور كل يوم، وهو هدف غير واقعي وغير قابل للتحقيق. في هذا الإطار، نشرت صحيفة هآرتس مقالاً أوردت فيه التالي: “إن فرص تحقيق هذا الهدف (القضاء على حماس) آخذة في الابتعاد بمرور كل يوم. إذا كانت هذه هي الحال التي ستؤول إليها الأمور أيضاً بعد أشهر طويلة، لا بل بعد أعوام، فما الفائدة إذاً من مواصلة القتال داخل خان يونس، وفي تحقيق أهداف تكتيكية لن تؤدي إلى تقويض “حماس”، أو القضاء على سلطتها؟”
– غياب التنسيق والانقسام الداخلي يُخسّر “إسرائيل” بصورة مخيفة أوراق مقايضة كانت قادرة على استخدامها من أجل الضغط على حركة حماس.
– مواصلة القتال سيُسقط مئات القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال.
– ضرورة الاعتراف بالفشل ومعرفة أين وقع هذا الفشل لمعالجته.
– العملية البرية وحدها غير كافية لتحقيق الأهداف.
– القتال يدور في مساحة معقدة للغاية، تحت الأرض وفوقها. والعدو استعد منذ فترة طويلة جداً للدفاع بطريقة منظمة.
– لن يتم تحقيق النصر وكل يوم إضافي في المعارك البرية يعمق الفشل أكثر وعندما تنتهي هذه المعركة الفظيعة بسبب الضغط الدولي ستكون “إسرائيل” في وضع أشد صعوبة من الوضع الذي دخلت فيه بسبب الهجوم.
– إن تقديرات المخابرات خاطئة من الأساس والخطة العملياتية خاطئة.
– رفض عدد كبير من جنود الاحتياط المشاركة في القتال في قطاع غزة بسبب وجود ثغرات خطيرة على مستوى التدريب.
قبل حوالي الشهرين، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن العملية البرية في غزة ستستغرق ما يصل إلى 3 أشهر. وفي كلمة له في مركز قيادة القوات الجوية في تل أبيب، قال بأن الهجوم البري في غزة يجب أن يكون “الأخير”، لأنه في النهاية لن تظل حركة حماس موجودة. كما قال الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال حينها أن المستوى السياسي في “إسرائيل” حدد أهداف العملية البرية، وهي القضاء على حماس وإعادة من وصفهم بـ “المخطوفين”. كان هذا الكلام قبل دخول جيش الاحتلال في مستنقعات غزة، وقبل فشله في تحقيق أهدافه، بفضل جهود المقاومة الفلسطينية وصمودها الميداني.
أ.ش