مصر في الطوفان: آراء متقلبة تحت العباءة الأميركية

يتوقع أن حجم فشل النظام المصري في أداء مهامه الوظيفية، لن يترك خياراً لداعمه الأول -أميركا- إلا التوقف عن دعم تجربة تصدّر الجيش المصري مباشرة لإدارة الدولة بقيادة عبد الفتاح السيسي بعد انقلاب 2013،

2024-01-22

على الرغم من بعض التحليلات التي تقول إن بعد احداث طوفان الأقصى صار الغرب أكثر حاجة لاستقرار مصر كمرتكز لضبط الأمن بالمنطقة، إلا أنه يتوقع أن حجم فشل النظام المصري في أداء مهامه الوظيفية، لن يترك خياراً لداعمه الأول -أميركا- إلا التوقف عن دعم تجربة تصدّر الجيش المصري مباشرة لإدارة الدولة بقيادة عبد الفتاح السيسي بعد انقلاب 2013، ويساعد على رجحان هذا التخمين فقدان النظام المصري الدعم الاقتصادي والسياسي من حلفائه الخليجيين (السعودية والإمارات)، كما فقد بسبب أحداث طوفان الأقصى دعم آخر حلفائه نتنياهو واليمين الإسرائيلي، الذي بدوره أصبحت خياراته غربياً محل تشكيك من واشنطن.

 

 

لماذا انقلب النظام المصري إلى متعاطف مع غزة؟

 

واجه النظام المصري خلال الشهور الأخيرة رأياً عاماً ساخطاً بسبب الفشل الحكومي في إدارة التضخم الذي عصف في البلاد، والذي سرعان ما حوّل النظام إلى متعاطف مع غزة وعملية طوفان الأقصى، عندها حاول النظام المصري توظيف الحدث من خلال:

 

– التغطية الإعلامية الإيجابية للحدث في وسائل إعلام مصرية رسمية ودعم صمود الفلسطينيين، وصدور تصريحات داعمة من رموز فنية وسياسية محسوبة على النظام.

 

– إتاحة حرية التظاهر الشعبي المصري لإبداء التعاطف. (تجمع متظاهرون في عدة أماكن في مصر أهمها وأكبرها كان في ميدان مسجد القائد إبراهيم بمحافظة الإسكندرية).

 

– تعبير الرئيس السيسي في عدة خطابات عن موقف سياسي متوازن داعم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بشكل عام، وفي نفس الوقت حاول امتصاص الغضب الأميركي والإسرائيلي باقتراح أوراق الوساطة والمفاوضات.

 

– حاول النظام المصري استجماع التأييد الدولي الإنساني من خلال الإعلان عن قبول دخول المساعدات الإنسانية عبر مطار العريش بالتزامن مع إشاعة إعلام مقرب من النظام خبر رفض الانصياع لمطالب إخراج حملة الجنسيات الأجنبية من قطاع غزة دون عقد هدنة شاملة تتيح إدخال المساعدات.

 

تثبت المؤشرات ان تعامل النظام المصري الإيجابي مع القضية الفلسطينية هو تعامل مرحلي مؤقت بهدف امتصاص الموقف، ولا ينبئ عن تغير جذري في العقيدة السياسية المصرية، حيث كان السلوك العملي للنظام المصري خلال العقد الأخير في عمومه سلوكاً غير بنّاء مقارنة بمن كان قبله.

 

 

المتوقع من النظام المصري

 

على الرغم من الممانعة الظاهرية التي يبديها النظام المصري لإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء ضمن “صفقة القرن”، إلا أن ما تم تسريبه من الجانب الأميركي عن التعاون الأمني المصري – الإسرائيلي ضد قطاع غزة مضافًا إلى السلوك السياسي والأمني الخانق على القطاع طوال السنوات الماضية، يجعل من المبرر توقع سلوك غير بنّاء من النظام المصري في كل ما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية. مضافًا إلى أن حضور مبلغ الـ 25 مليار دولار المطلوب من النظام المصري سدادها للدائنين الدوليين تلحّ عليه لقبول العرض الأميركي بتوطين 250 ألف فلسطيني في سيناء مقابل مبلغ 20 مليار دولار وعدت بها الولايات المتحدة، لذلك، غالباً ما سينهار الخطاب المصري الداعم للقضية الفلسطينية ويذعن للمعادلة التي صاغها (جيك سوليفان) مستشار الأمن القومي الأميركي في خطابه الأخير: “ممرات آمنة للخروج من غزة لسيناء مقابل التهدئة والدعم المالي”.

 

يتوقع أن يستمر النظام المصري في البقاء في الفلك الأميركي بما يمتلكه من مقومات جيوسياسية واجتماعية واقتصادية بالكامل، لكن سيسعى الأميركي إلى ترميم النظام القائم وتحديداً سياسة إدارة الدولة، لإعادة تفعيل الدور الوظيفي المنوط بمصر. ولن يمتلك النظام المصري أي هامش مناورة لأي تقارب جدّي مع أي قوى إقليمية أو عالمية بخلاف رغبة الولايات المتحدة الأميركية، وسيستمر الوضع الداخلي المصري سائراً على سياسة “حافة الهاوية” حيث لا يغرق البلد وينفجر اجتماعياً ولا يستعيد أي هامش مناورة.

 

شادي علي

 

أ.ش