تعميم ثقافة السلام الأسري

مسؤولية الأب هي الأعلى وهي الأولى في ترتيب درجات ومراتب المسؤولية الأسرية، ومسؤولية الأم لا تقل في مستواها عن مرتبة مسؤولية الأب، ثم تأتي بعد ذلك مسؤوليات الأبناء من الجنسين، فالحقيقة هي أن جميع أفراد العائلة تقع عليهم مسؤوليات مهمة في قضية إنجاز السلام الأسري، وهذه مهمة ذات سمة جماعية وفردية في نفس الوقت.

2024-01-23

يُقصَد بالسلام الأسري تلك الأجواء السليمة التي تسود بين أفراد العائلة الواحدة، وهي غالبا تتكون من الأب والأم وأولادهم من الذكور والإناث، أما كيف يتم تكوين هذا النوع من أجواء السلام والمحبة والتعاون في الأسرة الواحدة، فهذا يتطلب اتخاذ خطوات مهمة يشارك جميع أفراد الأسرة في إنجازها، ولكن الأدوار هنا لها مراتب في المسؤولية ودرجتها.

 

مسؤولية الأب هي الأعلى وهي الأولى في ترتيب درجات ومراتب المسؤولية الأسرية، ومسؤولية الأم لا تقل في مستواها عن مرتبة مسؤولية الأب، ثم تأتي بعد ذلك مسؤوليات الأبناء من الجنسين، فالحقيقة هي أن جميع أفراد العائلة تقع عليهم مسؤوليات مهمة في قضية إنجاز السلام الأسري، وهذه مهمة ذات سمة جماعية وفردية في نفس الوقت.

 

التعاون الجماعي يتعلق بالحفاظ على صلة الرحم، وهي تربية تغرسها الأسرة في سلوكيات الأفراد، لتعمّ بعد ذلك جميع أفراد الجماعة أو المجتمع، ولك بعد أن يتدرب الفرد داخل العائلة على كيفية تطوير علاقاته في المجتمع، كما أن الأسرة لها قصب السبق في بناء شخصية الفرد ذكرا كان أم أنثى، فتزرع فيهما القيم الصالحة، ثم تتكون من الأبناء أمة صالحة، أو مجتمعا متطورا مستقرا وسطيا.

 

كيفية نشر السلام داخل الأسرة، فهذا يتعلق بطبيعة تفكير وسلوكيات قادة العائلات (الآباء والأمهات)، فالأب حتى يكون نموذجا لأبنائه عليه أن يكون في علاقة سلام مع نفسه، وهذا يتعلق بقدرة الفرد على التعامل الجيد والمراعاة المستمرة لبدنه (جسده) وروحه ونفسه وعقله، وكل الحواس الفعلية أو الشعورية التي يمتلكها.

 

 

التأثير الأخلاقي خارج نطاق الأسرة

 

فإذا كان الأب مثلا من الأشخاص الذين يتعاملون بشكل جيد مع الجسد والذات والنفس، فهو سوف يفيد نفسه وكل ما يرتبط به لأنها أمانة في عنقه، وكذلك سوف يكون ذا تأثير قوي وسليم على الأبناء، أو حتى على الأقارب والأصدقاء، وبهذا يمتد تأثيره إلى الآخرين، خارج نطاق الأسرة، فيكون مصدر إشعاع أخلاقي يعلّم الآخرين على الفضائل والسلوكيات الراقية التي ترتقي بالإنسان عاليا.

 

ومن الأركان المهمة للسلام الأسري، أن لا يخسر الإنسان نفسه، وخسارة النفس لها أسباب كثيرة، منها مثلا، حين ينسى الإنسان نفسه ودوره في الحياة، والاستعداد لملاقاة الحساب في الآخرة، فتشغله الدنيا ومغرياتها، فلا يعبأ بنفسه ولا بحقوقه الذاتية، وحتى حقوق الآخرين لا تعنيه من قريب أو بعيد.

 

وفي هذه الحالة سوف يخسر نفسه أولا، ومن ثم يخسر المزيد، لأن الإنسان إذا كان مستعدا لخسارة نفسه ويقبل بذلك، فإنه سوف يكون مستعدا لخسارة الجميع، وهذا يجعله من المحبين للدنيا، المتمسكين بمغرياتها وملذاتها، وبهذا سوف يخسر نفسه، ويخسر الآخرين، ويخسر فرصة النجاح في مواجهة الحساب الأخروي.

 

 

كيف تصبح الأسرة مصدرا للسلام؟

 

لذا يجب أن يصدق الإنسان في قضية الإصلاح بين ذاته ونفسه، وأن يكون مصدرا للسلام الذاتي أولا، حتى يكون قادرا على تعميم هذه الحالة من السلام على الآخرين، وإلا لا يمكن للإنسان أن يكون قادرا على إصلاح الناس، ما لم يبدأ ذلك مع نفسه أولا، ويصلحها، ويبعدها عن مسالك الانحراف والانحدار في طرق وأشكال الرذيلة المختلفة.

 

أما في حال فشل بقضية الإصلاح بين ذاته ونفسه، فإنه لا يمكن أن ينجح في إصلاح الآخرين، لأنه طالما فشل في الإصلاح الذاتي فإنه سوف يفشل أيضا في كل الأنواع الأخرى من الإصلاح، وهناك قول معروف ينص على أن : (فاقد الشيء لا يعطيه)، ومن يفقد القدرة على إصلاح الخلل بين ذاته ونفسه، لا يمكنه أن يساعد الآخرين على الإصلاح.ج إلى نوع من الإيمان، ومن ثم التدريب، والتنوير والتوضيح، والمساعدة على تحقيق الإصلاح الذي يبدأ بالنفس والذات، ومن ثم نقل هذه العملية الإصلاحية التربوية إلى الآخرين، حتى يُبنى المجتمع المتصالح مع نفسه، من خلال نشر ثقافة التصالح والسلام الأسري بين الناس.

 

أ.ش