اساليب الدعاية في السلم والحرب

يستخدم رجل الدعاية من أجل إصابة هدفه من أساليب الدعاية ما يراها أحسن وأسرع الطرق إلى تحقيق التأثير المطلوب على سلوك الفرد واستجابته،

2024-01-26

لا تقتصر الدعاية من أجل تحقيق غايتها وإصابة هدفها على أسلوب واحد من أساليب التأثير والإقناع، ويعكس هذا طبيعة عمل الدعاية وفنون هجوماتها التي تستند إلى أساليب مختلفة ومتنوّعة، عبر وسائل إعلامية عديدة حتى تكون حربها شاملة.

 

عد الباحثون أكثر من ثلاثين أسلوبًا للدعاية، غير أنّهم استخلصوا أنّ قوّة الدعاية لا تكمن في كمية هذه الأساليب، إنّما في الطريقة التي تُمارَس بها، وأنّ فاعليتها في تنوعها واستمرارها في أوسع نطاق لتمس مختلف الشرائح والطبقات، وتؤثر في كل أفراد المجتمع من الشخص البسيط إلى ذلك المسؤول الذي يشغل وظيفة سامية في الدولة، وان قوتها فى بساطتها، وضعفها في عنفها، حيث ينبغي أن تكون حازمة في غير شدة على الناس، وان لا تبالغ بصورة فاضحة مكشوفة كي لا ينفر منها الأفراد بعدما يتشككوا فى حقيقة نواياها وأهدافها.

 

يستخدم رجل الدعاية من أجل إصابة هدفه من أساليب الدعاية ما يراها أحسن وأسرع الطرق إلى تحقيق التأثير المطلوب على سلوك الفرد واستجابته، وقد تكون هذه الأساليب في حدّ ذاتها فاسدة أو طيّبة، وقد يكون الغرض منها شرًا أو إصلاحًا، وسواء كان هذا أو ذاك، فإنه لا يمس جوهر الدعاية كدعاية.

 

اختلف الدارسون في تقييم مدى قوة وفاعلية أساليب الدعاية، فمنهم من رأى في الكذب أسلوبًا قويًا للتأثير في الأشخاص مثل خبراء الدعاية النازيون الذين كان شعارهم: “أكذب، ثم أكذب حتى يصدقك الناس”، فى حين، يرى البعض الآخر أنَّ الكذب أضعف أساليب الدعاية وهو يضر بالجهة القائمة بالدعاية أكثر مما ينفعها.

 

 

الدعاية في السلم

اتخذت أساليب الدعاية أشكالا عدة نذكر هنا أهمها:

 

 

1_ إطلاق الشعارات:

 

الشعارات هي عبارة عن الكلمات البسيطة التي تصدر عن الزعماء في كل حركة من الحركات السياسية والاجتماعية ثم يرددها الشعب نفسه وربما تدخل الأناشيد والقصائد الشعرية والأغانى كواحد من مصاديقها أيضا، وهو أسلوب شائع في الدعايات التجارية والسياسية.

 

 

2- القولبة والتنميط:

 

لعل هذا الأسلوب من أكثر أساليب الدعاية شيوعاً ووضوحاً، إذ تقدم لنا وسائل الإعلام وجهات نظر أصحابها الخاصة في كل شيء، كأن يحرص على تقديم المسلم في صورة رجل طويل اللحية غريب الملبس، أو في صورة امرأة تتشح بالسواد وتجلس في مقعد السيارة الخلفي، حيث يعمل تكرار هذه الصورة على الربط التلقائي لكل ما تستدعيه من توابع قد لا يُصرح بها، فيغدو الإسلام مرتبطاً في ذهن الغربي بكل الصفات السلبية.

 

 

3- التأكيد بدلا من المناقشة والبرهنة:

 

بالرغم من تساهل وسائل الإعلام مع أصحاب الاراء الشاذة في عرض وجهات نظرها، إلا أنها غالباً ما تغفل الآراء التي لا تتفق مع مصالحها بشكل شبه تام، فتقدم وجهات نظرها على أنها من المسلمات التي يتفق عليها الجميع دون نقاش، وتتجنب حتى الرد على الرأي الآخر خشية تسليط الضوء عليه والمساعدة على انتشاره بلفت الأنظار إليه، ومن ذلك تقديم الديمقراطية الليبرالية الغربية على أنها الحل المجمع عليه في الكثير من وسائل الإعلام العربية وكأن المجتمع العربي الإسلامي بكافة أطيافه قد قال كلمته في ذلك.

 

 

4- اسلوب النكتة:

 

للنكتة أثر كبير في الرأي العام وخاصة في الشعوب التي تميل بطبيعتها إلى ذلك، وقد يحدث أحياناً أن يكون لبعض النكات تأثير في الرأي العام أكبر واعمق من تأثير المقالات الصحفية والأحاديث الإذاعية، ولذلك تعني البلاد المعادية دائما بجمع النكات ذات الهدف السياسي.

 

 

5- استخدام الصور الذهنية:

 

إعطاء تسميات معينة تصبح معها هذه التصورات كتعابير لا تتأثر بالممارسة مثل الاشتراكية الرأسمالية، السلام، الإرهاب”.

 

 

6- أسلوب الكذب والاختلاق:

 

كما قال هتلر: إنه كلما كبرت الكذبة كلما أمكنت في بعض الأحيان من أن تتسجل في الأذهان”.

 

 

7- اسلوب الاختيار:

 

ذكر الايجابيات التي تناسب الغرض وإخفاء السلبيات، ويظهر هذا الأسلوب في الحملات الانتخابية.

 

 

8_ الأسلوب الديني:

 

يستعمل مثل هذا الأسلوب في الدعاية السياسية والاجتماعية وهو خطر جدا إذ ينفذ إلا الأمة من أعماقها وعقائدها ويحاول ضربها ونسف كيانها العقائدي وتحقيق مصالحهم وفق ما يشتهون إذا ملكوا الأداة لتسيير الأمة.

 

 

9- أسلوب الاستضعاف والاستعطاف:

 

ويستعمل هذا الأسلوب بغية التأثير في نفوس المقابل، وعليه تعتمد الصهيونية كثيراً في نشر دعاياتها ضد الدول العربية في ربوع أمريكا، ومثاله، استخدمت الصهيونية عبارات مؤثرة في نفوس الشعب الأمريكي مثل قوله (أعطونا لنعيش)، ومع هذه العبارة رسم طفلا صغيرا يريد طعاما فلا يجده، بذلك يستدرّون عطف الأمريكيين ويستجدون عطاءهم.

 

 

10- أسلوب استبدال الأسماء والمصطلحات:

 

كاستخدام المصطلحات العاطفية والرنانة على ما يروج له وإطلاق أسماء سيئة على الغير.

 

 

11- أسلوب التكرار:

 

فالدعاية السياسية أو الاجتماعية لا غنى لها مطلقا عن التكرار وهي وسيلة من وسائل تثبيت المعلومات المراد إشاعتها بين الجماهير، ونحن عندما نعدّد هذه الأساليب قد لا تخص فقط الدعاية السلبية فقد تتعداها إلى الدعاية الطيبة الداعية إلى الحق.

 

 

12- الاعتماد على الأرقام والإحصائيات ونتائج الاستفتاء:

 

وهذا الأسلوب يضفي الكثير من المصداقية على الخبر المراد ترويجه، إذ تعمد وسائل الإعلام- الأمريكية منها على وجه الخصوص- إلى دعم الكثير من الأخبار والإعلانات باستفتاءات وإحصائيات تنسب عادة إلى بعض الجهات المتخصصة ذائعة الصيت.

 

 

13- عدم التعرض للقضايا الحساسة:

 

امتدادا لما سبق، فإن الإعلام الموجه يتجنب غالبا التعرض للقضايا المثيرة للخلاف، بل يتجاوزها إلى ما هو أبعد منها ليتعامل مع الواقع من حيث هو، مما يؤدي لا شعوريا إلى ترسيخ هذا الواقع في وجدان المتلقي إلى درجة التعايش معه وتقبله دون التساؤل.

 

 

15- الاسلوب الاستنكاري:

 

هو ان تطرح الدعاية بلهجة استنكارية تثير لدى الانسان تحفزا استنكاريا مقابلا لمعرفة الحقيقة واستنكارها، وثم ياتي الاسلوب الاثباتي، وهو تثبيت امتداد الاسلوب الاول حيث ان ايجابية رد الفعل في الاسلوب الاول هو تقرير معلومات الاشاعة لحقيقة ثابتة.

 

 

16_ محاولة خلق عدو وهمي:

 

ومن الاساليب الحديثة في تمرير الدعاية هي محاولة خلق عدو وهمي للامة، يحاول ان يفترس الامة في اي لحظة (وهماً)، وهنا يصبح من الميسور اصدار مختلف انواع الدعايات بشكل مهول وفي اي وقت، وهذا اسلوب يستخدمه الزعماء، الديكتاتوريون في الغالب اذ يصنعون امام نظر الشعب عدوا كبيرا وخطيرا ليروا سياساتهم الخاطئة ويصرفوهم اليه بدلا من قضاياهم المصيرية.

 

 

17- الاسلوب العلمي:

 

يحاول البعض ان يطرح الدعاية باسلوب يدعي انه علمي ويتفلسف في الكلام في سبيل جلب ثقة المقابل بأنه عالم وفاهم فيتقبل منه الاشاعة برحابة صدر.

 

 

18- اسلوب الاحتواء:

 

وهو محاولة افهام المقابل انه على رأيه ومذهبه وبعد ان يطمئن اليه يبدأ المشيع ببث افكاره شيئا فشيئا فلا يجد معارضة من الطرف المقابل في تقبل راية لأنه وثق ان المشيع معه في المبدأ والفكرة بينما المشيع يحاول تمرير اشاعته وأفكاره بهذا الأسلوب ويشير القران الكريم الى مثل هؤلاء الناس بقوله (ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون) ألبقرة 8-9).

 

 

مروة الاسدي

 

أ.ش