لا تزال مقولة الحاج عماد “الهدف واضحٌ ومحدّدٌ ودقيق: إزالة “إسرائيل” من الوجود” حاضرة في أذهان أهل المقاومة، وتشتدّ توهّجًا في مواقيت المعارك. تحضر بصوته، بصدقه، بيقينه، تشير إلى الهدف الواضح، تحدّد مسارات بلوغه بدقّة، وتعدّ الأرض وأهلها لدخول عصر ما بعد “إسرائيل”.
في اليومين الأخيرين، نشر الإعلام الحربي مقطعًا مصوّرًا من صاروخ يوثّق استهداف المقاومة الإسلاميّة قبة تجسسية في موقع جل العلام التابع لجيش العدوّ بأسلحة صاروخية خاصة، وقالت المقاومة في بيان لها أنّه صاروخ “خاص”. كما جرى إدخال الصاروخ “فلق ١” النوعي إلى الجبهة إذ أعلنت المقاومة الإسلاميّة في لبنان عن استهدافها ثكنة “معاليه غولان” بصواريخ “فلق 1” التي يبلغ مداها بين 10 و11 كيلومترًا، وتحمل رأسًا حربيًا شديد الانفجار يزن 50 كيلوجرامًا.
تفاعل أهل المقاومة على منصّات التواصل مع الفيديو الذي يوثّق الاستهداف ثانية بثانية منذ تشخيص الهدف حتّى اصابته، باعتزاز وفرح، لا سيّما أنّ العدوّ الذي يظنّ الجدار والتحصينات المتطوّرة كافية لإخفاء قواعده عن عين المقاومة وعن صواريخها، انكشف أمام كاميرا صواريخها “الخاصّة”.
أما إعلام العدوّ فبطبيعة الحال تلقّف الفيديو بارباك يعكس ذهول الكيان حيال كلّ خطوة تقوم بها المقاومة، وقال إنّ “حزب الله نشر توثيقًا مقلقًا لما يبدو أنه إصابة دقيقة جدًا لصاروخ مضاد للدروع لمنشأة رادار”، فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية أخرى عن أنّ صاروخًا دخل من الأعلى وليس بشكل أفقي، مؤكدة أن “الأمر لا يتعلق بكورنيت بل بمصيبة ما يعدّونها لنا”. ولفتت إلى أنّ “الأمر يتعلق بكاميرا خاصة أُلصقت بالصاروخ الذي أُطلق، كما يبدو”. ويطرح الإعلام تساؤلًا حول كيفية نجاح المقاومة في تحقيق إصابة بهده الدّقة في الوقت الذين يبلغ استنفار العدوّ ذروته.
من جهة أخرى، كانت مواصفات صاروخ “فلق ١” تنتشر بين الناشطين الذين تبادلوا ما أمكنهم من معلومات حوله منذ أن بدأ تطويره في تسعينيات القرن الماضي. وكذلك، لم يمرّ الخبر مرور الكرام لدى الإعلام العبري الذي تلقى صفعتين متتاليتين لا يفصل بينهما ساعات قليلة: صاروخ بمسار منحنٍ يصيب ما خلف الجدار في موقع جلّ العلام ويصوّر، وآخر، أي “فلق ١” يمكن أن يؤمّن دعمًا ناريًا متواصلًا ويصيب أهدافه بشكل محقّق ولا يتيح لكلّ منظومات الحماية لدى الصهاينة التصرّف.
أمام الاحتمالات المفتوحة حول الاتجاهات التي قد تتطوّر فيها الأحداث على الجبهة في لبنان، ينظر الناس، أشرف الناس، إلى المقاومة ويرون فيها مصداق {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} فيزداد شعورهم بالعزّة، ولا سيّما حين يرون بالمقابل وهن الصهاينة رغم عتادهم المتطوّر ومنشآتهم الحديثة، وتجربتهم مه هذه المقاومة الصادقة التي حقّقت الانتصارات حتّى حين لم يكن عتادها أكثر من رصاصات قليلة يشتريها “فتية آمنوا بربّهم” من مصروفهم الخاص والقليل.
بذهول يفيض بالفرح، استعاد الناس لحظات استهداف البارجة في حرب تموز 2006 على وقع صوت سيّد المقاومة “انظروا إليها تحترق” ولحظات الإعلان عن إسقاط الطائرة يسعور ومجزرة الميركاڤا. استعادوها وهم يتفكّرون في كمّ المفاجآت التي أعدّتها المقاومة التي ترهب عدوّ الله، والتي حين تعد بالنصر تحقّقه.
على صعيد آخر، يعلم المشاهدون أنّه كلّما نشرت المقاومة صورة أو مقطعًا مصوّرًا، ثمّة رسالة في المحتوى، موجّهة إلى العدوّ جيشًا ومستوطنين. وكذلك يعلمون أنّ في ادخال صواريخ جديدة إلى المعركة، رسائل واضحة يقرأها الصهاينة بجديّة وترقّب.. وبفعل الخبرة، ومصداقية المقاومة التي يعرفها الصهاينة جيدًا، هم يبحثون في المحتوى المنشور عن الرسالة، يفهمونها ويتفاعلون بحسب ما تقول لهم. وهم الآن، بعد الفيديو الذي رأوه بالأمس، وشاهدوا بأمّ أعينهم كيف يمكن للمقاومة لا أن تصيب أهدافها فقط، بل وتوثّق هذه الإصابات كعادتها، وإن بطريقة مختلفة جدًا هذه المرّة، وواضحة ومحدّدة ودقيقة، بكاميرا مثبتة في رأس صاروخ، يُقال. وبالتوثيق تُسقط كلّ احتمالات التعتيم والتعمية التي يجتهد فيها الصهاينة لإخفاء خسائرهم حتّى عن المستوطنين، لا يمكن أن يرضى مستوطنو الشمال بالعودة إلى وحداتهم الاستيطانية ولو صحبهم إليها ألف كتيبة عسكر.. لقد وضعت المقاومة عبر الصاروخ “الخاص” الذي صوّر و”فلق ١” قلوب الصهاينة جميعهم في دائرة الهدف، وأصابت مقتلًا.
ليلى عماشا
أ.ش