وِفقا للتعاليم القرآنية، لاتُوزن مكانة وقيمة الإنسان بحسب تذكيره أو تأنيثه؛ وذلك من أجل أن الضابطة، تقوى الإنسان في حياته وهي التي تحكي عن مكانته ومنزلته عند الله تبارك وتعالى.
من جملة المواضيع والمسائل التي يستعملها المُشككون في الدين بإلقاء الشبهات حولها، مسألة حقوق المرأة في الإسلام. المباحث المتشتتة حول حقوق النساء والتشكيك حول مكانة المرأة في الإسلام، من جملة المواضيع التي يستعملها المنافقون والمُشككون في الدين وذلك بداعي تعجيز مكتب الإسلام. ماهية وأساس أكثر هذه الشبهات هو أن الإسلام لم يهتم بالنساء فلم ير لهن مكانة، بل دين الإسلام يميل الى جانب الرجال فقط. في هذه المقالة نسعى لتبيين مكانة المرأة في دين الإسلام المبارك.
أولا: يرى الله تبارك وتعالى الكرامة لكلٍ من الرجل والمرأة ومن دون أي فرق بينهما:
خلافا لما يتوهم المُشككون حول مكانة المرأة في الإسلام، يرى دين الإسلام للمرأة مكانة كما يراها للرجل من دون أي فرق. مثلا: يقول الله جل وعلى في بيان كرامة الإنسان في القرآن الكريم: «وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَني آدَمَ» فيستعمل كلمة بني آدم وهو لفظ عام يشمل الرجل والمرأة كليهما. يقول الطبرسي في تفسيره جوامع الجامع حول هذه الآية الشريفة:
يعني: (كرّمنا) هم بالنطق والعقل والتمييز والصورة الحسنة والقامة المعتدلة، وتدبير أمر المعاش والمعاد، وبتسليطهم على ما في الأرض، وتسخير سائر الحيوانات لهم.
ثانيا: لاعبرة بالجنسية في الإسلام
الآية الشريفة التالية التي تحكي عن عدم وجود فارق بين المرأة والرجل، آية 13 من سورة الحجرات؛ يقول الله تبارك وتعالى في هذه الآية الشريفة أن ضابطة الأفضلية والمكانة الرفيعة عند الله تبارك وتعالى، أمر أكبر وأعلى شأنا من الجنسية: «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ» لو كان للرجل مكانة أعلى من مكانة المرأة في دين الإسلام، لما عرّف الله تبارك وتعالى التقوى بأنها الضابطة والميزان لتعيين مكانة الناس وقيمتهم؛ بل لكان عليه أن يقول بأن الرجال أعلى منزلة من النساء.
يقول العلامة الطباطبائي في تفسير هذه الآية الشريفة:
«الناس بما هم ناس يساوي بعضهم بعضا لا اختلاف بينهم و لا فضل لأحدهم على غيره، و أن الاختلاف المترائي في الخلقة من حيث الشعوب و القبائل إنما هو للتوصل به إلى تعارفهم… و الشرف الحقيقي هو الذي يؤدي الإنسان إلى سعادته الحقيقية و هو الحياة الطيبة الأبدية في جوار رب العزة و هذا الشرف و الكرامة هو بتقوى الله سبحانه و هي الوسيلة الوحيدة إلى سعادة الدار الآخرة، و تتبعها سعادة الدنيا… و إذا كانت الكرامة بالتقوى فأكرم الناس عند الله أتقاهم كما قال تعالى.»
ثالثا: الهویة الإنسانية الواحدة بين الرجل والمرأة
يقول الله جل وعلى في بعض آيات القرآن الكريم أن خِلقة الرجل والمرأة واحدة ومن جنس واحد وأنه لا فرق بينهما وأنه لا فضل لأحدهما على الآخر. فيقول سبحانه وتعالى:
«يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثيراً وَ نِساءً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقيباً»
يقول العلامة الطباطبائي أيضا في تفسير هذه الآية الشريفة في بيان المراد من (نَفْسٍ واحِدَةٍ):
«و ظاهر السياق أن المراد بالنفس الواحدة آدم (ع)، و من زوجها زوجته، و هما أبوا هذا النسل الموجود الذي نحن منه و إليهما ننتهي جميعا على ما هو ظاهر القرآن الكريم»
الکلام الأخیر
نظرا لهذه الآيات الشريفة التي ذُكرت في هذا النص القصير، وبعد لفت النظر لما جاء عن بعض مفسري القرآن الكريم، تبيّن أنه لم تذكر في آيات القرآن الكريم أي أفضلية لجنس الذكر على الأنثى كما أن لا يوجد في القرآن الكريم أي بيان في تنقيص منزلة المرأة.