الكمالية وآثارها النفسية على الأطفال

الأسرة هي أول وأهم منصة تعليمية للطفل، فيمكن القول أن أساس قالب شخصية الطفل النفسية والسلوكية تتشكل في السنوات الأولى من الحياة وفي البيت مع الوالدين.

2024-01-28

الأسرة هي أول وأهم منصة تعليمية للطفل، فيمكن القول أن أساس قالب شخصية الطفل النفسية والسلوكية تتشكل في السنوات الأولى من الحياة وفي البيت مع الوالدين. بالإضافة إلى ان عامل الوراثة ينقل بعض الخصائص من الوالدين إلى الطفل فيكتسبها، واضف إلى ذلك كيفية تعامل الوالدين مع التحديات التي يواجهونها في حياتهم أيضاً فالطفل يكتسب من والديه قدرة حل المعضلة، فتؤثر على تشكيل هيكلية شخصية الطفل. ومن بين العديد من الخصائص النفسية للوالدين التي يمكن أن تكون مؤشرًا جيدًا على صحة الطفل العقلية، يمكننا أن نذكر كمالية الوالدين.

 

 

ما معنى الكمالية (perfectionism)؟

يضع الكماليون معايير صارمة لكل فعل وسلوك وطريقة تفكير (سواء من جانبهم أو من قبل الآخرين). فيحددون نقطة كهدف ولا يشعرون بالرضا عن أنفسهم وأدائهم حتى يصلوا إلى هذه النقطة. إنهم لا يتسامحون مع العيوب والأخطاء. يختارون الأمر بدقةٍ عالية وبقلقٍ شديد. إنهم نقّاد لا يرحمون، ويلومون أنفسهم أو الآخرين لكونهم “طبيعيين” و”غير كاملين”. ومن الصعب جدًا الارتباط بالكماليين. هؤلاء الناس يدافعون عن توقعاتهم غير الواقعية بكل قوتهم، وعادة ما يكون من الصعب إرضائهم وإقناعهم.

 

 

ما هي خصائص الوالدين الكماليين؟

 

تخيل أن هؤلاء الناس لديهم أطفال. هل يتغلّبون بسهولة على “الحياة الطبيعية” و”النقص” لدى أطفالهم؟ لا. ستكون مهمة أطفالهم أن يكونوا مهذبين تمامًا، وأن يكونوا أذكياء تمامًا، وأن يكونوا منضبطين تمامًا، وأن يكونوا متعلمين تمامًا، وأن يكونوا يقدّرون الظروف في كل شيء تمامًا، وما إلى ذلك.

 

يصف ويليام روجرز إحدى الخصائص المرغوبة لدى الوالدين بأنها “التبني غير المشروط للطفل”. هذا يعني أن الآباء لا يزالون يحبون الطفل على الرغم من عيوبه وأخطائه وما يقوم به من تخريب و”الحياة الطبيعية” (حب الطفل ككائن محترم). سيزيد القبول غير المشروط من ثقة الطفل بنفسه، ويجعله يشعر بأنه محبوب.

 

وعلى عكس ذلك الوالدين الكماليين، بفعلهم وأوامرهم والمحظورات التي يرسمونها، واللوم الدائم، وتوقعات غير معقولة تتجاوز قدرة الطفل، تزرع بذور القلق والشك في شخصية الطفل الصغير، وما سيتم حصاده في النهاية سيكون طفلًا أو مراهقًا بدون ثقة بالنفس ، وغير موثوق به وعرضة للفشل.

 

وكما هو المعهود والثابت ان أحد أنماط تربية الطفل (الأسلوب الصارم أو الاستبدادي) حيث يسعى فيه الآباء والأمهات للسيطرة على أطفالهم بشكل صارم، بمعنى أن يكون الأب والأم مركز السلطة والأطفال عليهم أتّباع أوامرهما، بحيث لا يُفتح مجال النقاش وتبادل الآراء مع أطفالهما، ويتلقى الأطفال العقاب الصارم في حالة مخالفتهم لأوامر الأم والأب، ويفتقر هذا الأسلوب للعطف والحنان في التعامل مع الأبناء، فهذا –أيضا- أسلوب فاشل وغير كامل يشترك مع أسلوب الذي يستخدمه الكماليين في تربية أطفالهم، ولهذا الأسلوبين الكثير من القواسم المشتركة لدرجة أنه إذا أصبح نمطًا لسلوك الوالدين، فسيكون له آثار مدمرة وغير قابلة للإصلاح في كثير من الأحيان على الطفل.

 

 

ما هو الحل؟

“الكمالية” ليست سمة تؤثر في الآباء بين عشية وضحاها، بل لها جذور يجب الكشف عنها. وأفضل عرض للآباء الكاملين هي زيارة طبيب نفسي لتتبع جذر هذه السمة وعلاجها، وإبعاد الطفل عن الأذى المحتمل.

 

 

أ.ش

الاخبار ذات الصلة