وسط قلق الغربيين… إيران تقيم مهرجاناً فضائياً مع إطلاق “ثريا ومهدا”

عشية الذكرى الخامسة والأربعين للثورة الإسلامية، استقبلت إيران احتفالاتها الثورية باستعراض قوتها العلمية في مجال الفضاء، حيث إنه في الأيام الأخيرة، لفت إطلاق ناجح لقمرين صناعيين انتباه العالم إلى قوة إيران الفضائية.

2024-01-30

في السبت الماضي، أكمل القمر الصناعي الإيراني “ثريا”، من سلسلة الأقمار الصناعية البحثية التي بناها معهد أبحاث الفضاء الإيراني، رحلته إلى مدار الأرض الذي يبلغ طوله 750 كيلومتراً بنجاح، مع الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية “قائم 100″، الذي هو ثمرة جهود نخب وعلماء القوة الجو فضائية للحرس الثوري الإيراني، ليحقق رقماً قياسياً جديداً في مجال وضع الأقمار الصناعية الإيرانية على ارتفاع جديد.

 

مع الإطلاق الناجح لهذا القمر الصناعي البحثي، سيتم وضع العديد من الأنظمة الفرعية المطورة في ظروف اختبار مدارية من قبل معهد أبحاث الفضاء الإيراني، وسيكون الطريق للتطور السريع لصناعة الفضاء المحلية في إيران أكثر سلاسةً.

 

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر هذا الإطلاق خطوةً مهمةً في اتجاه زيادة القدرة على وضع الأقمار الصناعية في مدارات أعلى، وقال “حسن سالاريه” رئيس هيئة الفضاء الإيرانية، إن القمر الصناعي المحلي “ثريا”، هو قمر بحثي مهمته الأهم التحقق من أداء الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية “قائم 100”.

 

الأهداف التي من أجلها تم إطلاق القمر الصناعي “ثريا”، تشمل اختبار أداء وموثوقية الأنظمة الفرعية للأقمار الصناعية، والتحقق من حالة اتصال المحطات الأرضية مع القمر الصناعي.

 

ويتضمن هذا القمر الصناعي تقنيات مثل وصلة الاتصالات، أجهزة استشعار تحديد المواقع، النظام الفرعي للتوزيع وتحديد الطاقة، معدات الأجهزة وهياكل البرمجيات لإدارة الأوضاع المختلفة، والألواح الشمسية القابلة للفتح لتوفير الطاقة المثلى للقمر الصناعي.

 

وحسب سالاريه، فإن “المهام الأخرى لهذا القمر الصناعي، تشمل اختبار أداء الآلية الفضائية وإطلاق المصفوفات الشمسية إلى المدار وحساب سرعتها، وتكرار العملية برمتها باستخدام معدات فضائية محلية، واختبار أداء القمر الصناعي في المدار أثناء الانفصال باستخدام أجهزة الاستشعار المحلية، واختبار أداء أجهزة الاتصالات في إرسال بيانات الحالة عبر الأقمار الصناعية واستقبال الأوامر من الأرض”.

 

وقال محمد نويد قريشي، عضو مجلس إدارة الجمعية الجوفضائية وعضو الهيئة العلمية في معهد أبحاث الفضاء الإيراني، عن قدرات القمر الصناعي “ثريا”: “يزن القمر الصناعي “ثريا” أكثر من الأقمار الصناعية السابقة، وكلما زاد وزنه وأبعاده، زادت الإمكانيات والخدمات التي يمكن أن يقدمها القمر الصناعي للبلاد”.

 

وأكد قريشي: “هناك 10 دول في العالم يمكنها إکمال عملية تصميم وبناء وإطلاق القمر الصناعي، وإيران هي إحدى هذه الدول، كما أن هذا المدار يزيد من عمر القمر الصناعي، وهو أمر مهم للغاية”.

 

وبعد أقل من أسبوع من إطلاق القمر الصناعي “ثريا”، أعلنت وكالة الفضاء الإيرانية، الأحد الماضي، أن الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية “سيمرغ”، تمكن بنجاح من وضع القمر الصناعي “مهدا” وقمرين صناعيين نانويين آخرين في مدار بزاوية 450 درجة، وهذه هي المرة الأولى التي يضع فيها خبراء الفضاء الإيرانيون ثلاثة أقمار صناعية محلية في المدار بشکل متزامن عبر صاروخ حامل للأقمار الصناعية محلي الصنع.

 

القمر الصناعي “مهدا”، هو قمر صناعي يبلغ وزنه 32 كجم من سلسلة الأقمار الصناعية خفيفة الوزن التابعة لمعهد أبحاث الفضاء الإيراني، والذي تم تصميمه وبناؤه لاختبار أنظمة الأقمار الصناعية الفرعية المتقدمة.

 

وتتمثل المهمة الرئيسية لهذا القمر الصناعي، في التحقق من دقة حامل الأقمار الصناعية “سيمرغ” في وضع شحنات فضائية متعددة في مدار أرضي منخفض، وتقييم أداء بعض التصميمات الجديدة وموثوقية التقنيات المحلية في الفضاء.

 

وتجدر الإشارة إلى أن حامل الأقمار الصناعية “سيمرغ”، هو قمر صناعي يعمل بالوقود السائل على مرحلتين، وقد تمكن في إطلاقه البحثي السابع من فتح باب جديد لعمليات الإطلاق الفضائية الإيرانية، من خلال وضع أقمار صناعية متعددة.

 

تم إطلاق أول قمر صناعي إيراني باسم “الخيام” في أغسطس 2022، وتم وضعه بنجاح في مدار الأرض، ويعدّ إطلاق الأقمار الصناعية إلى الفضاء، جزءًا من برنامج الرؤية الفضائية الإيراني، والذي وافق عليه المجلس الأعلى للثورة الثقافية الإيرانية في عام 2011.

 

موضوع هذه الوثيقة هو تطوير العلوم والتكنولوجيا والصناعات المعرفية في القطاع الجوفضاء الإيراني، والذي يشمل جميع المؤسسات التي تشارك بطريقة أو بأخرى في تحديد واستغلال الفضاء والجو، لاستخدامات مثل النشاط الإعلامي والاتصالات والتصوير وتحديد وحركة البضائع في الجو والفضاء.

 

 

الغرب يقلق بشأن التقدم العلمي في إيران مرةً أخرى

 

تعمل إيران منذ سنوات على تطوير أنشطتها الجوية، وتؤكد دائمًا أن هذه الأنشطة سلمية وتتوافق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بينما تزعم الحكومات الغربية أن أنظمة إطلاق هذه الأقمار الصناعية، تتضمن تقنيات يمكن استبدالها بصواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية.

 

وفي هذا الصدد، قالت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، كما في الماضي، في بيانها الجديد رداً على إطلاق القمر الصناعي “ثريا”، “إننا ندين هذا الإطلاق، لأن هذا الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية يستخدم التقنيات اللازمة لبناء نظام صاروخي باليستي بعيد المدى، کما تواصل إيران تطوير برنامجها الصاروخي على الرغم من المطالبات الدولية المتكررة بوقف برنامجها الصاروخي، وبعد سنوات من تجاهل قيود الأمم المتحدة”.

 

وفي بياناتها السابقة ضد البرنامج الصاروخي الإيراني، کانت الترويكا الأوروبية تزعم عادةً أن الأنشطة الصاروخية الإيرانية تنتهك قرار مجلس الأمن رقم 2231، ولكن مع انتهاء الحظر التسليحي المفروض على إيران في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، فقدت مرجعية الغربيين لأحكام قرار مجلس الأمن مصداقيتها.

 

وتأتي مزاعم الأوروبيين هذه في حين أنه بعد توقيع الاتفاق النووي في يوليو/تموز 2015، أوفت إيران بجميع التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، لكن الترويكا الأوروبية، تماشياً مع السياسات الأمريكية، أحجمت عن الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي تحت ذرائع مختلفة.

 

تمتلك أمريكا وأوروبا آلاف الأقمار الصناعية في مدار الأرض، وهم ينقلون الصور من أماكن مختلفة كل يوم، ويستخدمون هذه المعلومات لتعزيز سياساتهم وخططهم.

 

حتى إن أمريكا ذهبت إلى أبعد من ذلك، ففي ديسمبر/كانون الأول 2019، شكلت القوات الفضائية للولايات المتحدة USSF، الفرع السادس للقوات المسلحة للبلاد، والذي يهدف إلى السيطرة على العمليات العسكرية في الفضاء الخارجي.

 

الغربيون أنفسهم يعلمون جيداً أن المنافسة والحرب المستقبلية ستكون في مجال الفضاء، وأي دولة تمتلك أكبر القدرات في هذا المجال ستنتصر على المنافسين الآخرين، ولا يريدون أن يختل التوازن الفضائي بدخول إيران إلى هذه الساحة.

 

يريد الغربيون التلميح إلى أن الأقمار الصناعية الإيرانية من المفترض أن تستخدم في الشؤون العسكرية وتطوير الصواريخ، لكن من المؤكد أن جميع التقنيات اليوم تتشابك مع الأمن القومي، والأقمار الصناعية تستخدم أيضًا لتحسين القدرة العسكرية.

 

في العقد الماضي، حاول الکيان الصهيوني والولايات المتحدة جاهدين منع إيران من بناء صواريخ وطائرات دون طيار وأقمار صناعية متقدمة، لكن كل هذه الجهود باءت بالفشل، والآن انضمت إيران إلى صفوف الدول القليلة التي وضعت أقماراً صناعيةً في مدار الأرض.

 

في الوقت الحالي، هناك أربع دول فقط، هي الصين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا، مجهزة بصواريخ باليستية طويلة المدى يصل مداها إلى أكثر من 12 ألف كيلومتر، ومحرك يعمل بالوقود الصلب، ومع الاختبار الناجح لحامل الأقمار الصناعية “قائم”، انضمت إيران أيضًا إلى هذه الدول الأربع، والآن أصبحت هذه الدول الخمس من بين القوى العظمى في العالم في مجال أحدث وأقوى المعدات الفضائية.

 

 

عدم فعالية العقوبات

 

يتم تحقيق التقدم في مجال الفضاء، في وقت فرض فيه الغربيون عقوبات قاسية على إيران في العقود القليلة الماضية لعرقلة تنمية هذا البلد، لكن الكشف عن الإنجازات الفضائية والصاروخية، أظهر أن هذه التهديدات تحولت إلى فرص.

 

وقد أظهرت التجربة أنه لا يوجد بلد يقدّم تقنياته الجديدة للآخرين بسهولة، لذلك حاولت إيران الوصول إلى مكانة أعلى في مجال الصواريخ والفضاء، من خلال الاعتماد على قوتها الداخلية والاستعانة بخبرائها وعلمائها، ومن دون مبالغة يمكن القول إن إيران هي الدولة الوحيدة التي تمكنت من إنتاج وإطلاق أقمارها الصناعية دون مساعدة الشرق والغرب.

 

وخلال الانتشار الواسع لفيروس كورونا، رفض الغربيون حتى إعطاء اللقاحات والأدوية الخاصة لإيران، ولا شك أنهم لن يزودوا إيران ببرامج الصواريخ والأقمار الصناعية، وأصبحت الجمهورية الإسلامية تعتقد أنه لا يمكن تحقيق التقدم بالاعتماد على الآخرين، وأن طريق التنمية يتحقق بالقدرات الداخلية.

 

لقد أظهر وضع القمر الصناعي الإيراني المتطور في مدار الأرض، أن العقوبات الغربية لم تتمكن من منع إيران من الوصول إلى قمة النجاح في المجالات العلمية والتكنولوجية، وكلما زادت هذه الضغوط، كانت إنجازات إيران مثيرةً للإعجاب بالقدر نفسه، ومع التدابير التي يتم تنفيذها، ستتحقق إنجازات أوسع بكثير في المستقبل.

 

أ.ش

المصدر: موقع الوقت