بالنسبة لسكان مسقط رأس المدافع البالغ 30 عاما، ورغم الخسارة أمام قطر 1-2، فإن دقائق المباراة التسعين كانت بمثابة الفخر لهم.
قبل ساعات من انطلاق ضربة البداية، كانت الكراسي البلاستيكية قد وُضعت على شكل نصف دائرة. حلويات، وشعر مستعار للأطفال بألوان العلم (الأسود والأخضر والأحمر)، في وقت استهلك فيه الرجال كمية كبيرة من السجائر.
اجتمعت أجيال عدّة على شرفة تحت مظلّة لتشجيع المنتخب المكنى بـ”الفدائي”، بينهم جدّة مصعب البطاط البالغة 80 عاما والتي رفعت يديها نحو السماء وهي تدعو بأن تحقق فلسطين الفوز.
وبالفعل، افتتحت فلسطين التسجيل في الدقيقة 37 عبر عدي الدباغ، فتطايرت فرحة عارمة من متابعي المباراة على شاشة التلفزيون.
قد تكون قطر حليفا سياسيا للفلسطينيين، لكن حسابات أرض الملعب تختلف.
أقيمت المباراة بموازاة العدوان على قطاع غزة، وشهدت بداية اللقاء الوقوف دقيقة صمت.
ورغم خسارة بعض أفراد المنتخب الفلسطيني أقرباء لهم نتيجة القصف العدواني المتواصل على المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس في القطاع المحاصر منذ سنوات، فإن “الفدائي” نجح في بلوغ الأدوار الإقصائية للمرة الأولى في مشاركته الثالثة في النهائيات.
هدف افتتاحي صادم
فاجأ الدباغ الجماهير المكتظة على مدرجات ملعب البيت (63 ألفا)، في مدينة الخور الشمالية في قطر، بهدفه الافتتاحي، فاحتفل الفلسطينيون كالعادة بحركة تكبيل الأيدي التي ترمز إلى محنة شعبهم.
والأجواء في الضفة الغربية ليست احتفالية عادة، حسب ما تقول والدة مصعب البطاط هناء الحوارين “المداهمات (الاسرائيلية) يومية”.
قبل ساعات من انطلاق المباراة، لم تُظهر شوارع التسوّق الأساسية في الخليل، المدينة الأقرب إلى القرية، علامات الحماس تجاه المباراة.
على الصعيد الرياضي تعقّدت الأمور مع توقف البطولات المحلية في الضفة الغربية وغزّة، في حين يتدرب المنتخب الوطني في الخارج.
قال والده خالد البطاط إن “فخر مشاهدة (نجله) مصعب في كأس آسيا ممزوج بالغضب”.
عمل البطاط في مجال البناء قبل تعليق تصريحه بسبب الحرب على قطاع غزة.
قال إن نجله تعلّم مداعبة الكرة في شوارع القرية عندما كان طفلا. بدأ مصعب اللعب عندما كان بعمر الحادية عشر وأحبّ كرة القدم دوما.
وأضاف والده “لو لم تكن لديه كرة كان سيصنع واحدة. كان يحوّل أي شي لكرة قدم حتى الأكياس البلاستيكية”.
تابع “كانت (كرة القدم) شغفه مذ كان طفلاً لغاية حمله شارة قائد المنتخب الفلسطيني”.
بالنسبة لوالدته هناء “لو لم يكن هناك احتلال، لكان وصل إلى مستوى أعلى”.
أشارت إلى قيود كالحواجز العسكرية والبيروقراطية الإدارية التي لا تسمح له باللعب بالخارج، فهناك “إجراءات تتطلّب أسابيع دون ضمان نجاحها”.
وقالت إن مجرّد جمع لاعبي قطاع غزّة والضفة الغربية معاناة بحد ذاتها.
لكن مع انطلاق صفارة البداية، وُضعت كل تلك المخاوف جانبا، ولو خلال فترة المباراة فقط، حيث بدأت الجماهير بتشجيع الفريق.
انتهت المباراة بخسارة مخيبة 1-2، لكن خروج فلسطين التي يشرف عليها المدرب التونسي مكرم دبوب كان مشرّفاً من البطولة.
قال إسماعيل البطاط “أنا فخور بشقيقي وباقي اللاعبين”، مضيفا “بلوغ دور الـ16 نتيجة جيدة. ليست نهاية المشوار”
أ.ش.