نشرت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين تقريراً تناولت فيه محطات من حياة المعتقل البحريني الذي أعتقل تعسّفاً عمار إبراهيم أحمد وتم سجنه في سجن جو سيء السمعة.
وفي التقرير قالت المنظمة أن عمّار تعرّض خلال احتجازه للتعذيب والتحرش الجنسي والحرمان من الاستعانة بمحاميه خلال مدّة الاستجواب والمحاكمة غير العادلة المبنية على اعترافات منتزعة تحت التعذيب، كما تعرض للإهمال الطبي. وهو يقضي حاليًا حكمه الصادر بالسجن عشرين سنة في سجن جو.
في 13 يوليو 2013، حين كان عمار يمضي إجازته الصيفية بعيد انتهاء العام الدراسي، وعندما كان متواجدًا في منزل أخته في قرية “القرية” لتناول وجبة السَّحُور في شهر رمضان، صودف وقوع انفجار بالقرب من الشارع العام القريب من منزل شقيقته. عندها، قامت القوات التابعة لوزارة الداخلية وعناصر مركز شرطة البديع بمداهمة المنزل وأخرجت جميع الأشخاص المتواجدين فيه، واعتقلت عمار بعد القيام بضربه. أخبر الضباط عمار أنه متهم بالتفجير لمجرد تواجده في بيت أخته القريب من موقع الانفجار، وكون عمار ليس من أصحاب المنزل. نُقل عمّار بعدها إلى مركز شرطة الخيالة، حيث قام عناصر الشرطة باستجوابه دون حضور محاميه واعتدوا عليه بالضرب الشديد بالهراوات، وعمدوا إلى تقييده بأسلوب الفيلقة وضربه، وتحرشوا به جنسيًا، وقاموا بشتمه لإجباره على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليه. ونتيجة التعذيب الذي تعرض له، أصيب عمار بكسر في الانف، وعانى من آلام شديدة في الظهر والفم، بالإضافة إلى آلام أخرى ناتجة عن آثار الضرب التي اختفت مع الوقت. نتيجة التعذيب، اضطر عمار للاعتراف بالتهم الملفقة الموجهة إليه . إلا أن عائلته اكتشفت فيما بعد أن التهم الموجهة إليه – والتي نُشرت في الصحف المحلية – بعيدة كل البعد عن التهم التي كان قد أجبر على الاعتراف بها. بعد خضوعه للتحقيق، نُقل عمّار في اليوم التالي إلى مركز شرطة البديع. وفي 15 يوليو 2013، تم عرضه على النيابة العامة من دون حضور محاميه، حيث اعترف بالتهم الموجهة إليه خوفًا من تكرار تعرضه للتعذيب، ومن ثم نُقل إلى مركز احتجاز الحوض الجاف بعد أوامر من النيابة العامة.
لم يُمنح عمار الوقت والتسهيلات الكافية للتحضير لمحاكمته، ولم يستطع تقديم أدلة وتحدي الأدلة المقدمة ضده. ورغم قيامه بنفي التهم المنسوبة إليه والمنتزعة منه بالإكراه تحت التعذيب، إلا أنها استُخدمت كأدلة ضده. في 20 أكتوبر 2014، حكمت المحكمة على عمار بالسجن 15 سنة بعد إدانته ب1) التفجير بقصد ترويع المدنيين، و2) الشروع في القتل مستخدمًا بذلك الإرهاب، و3) إشعال حريق وتعريض حياة الناس للخطر، و4) الاشتراك في التجمهر في مكان عام. استأنف عمار الحكم الصادر بحقه، وفي 23 فبراير 2015، رفضت المحكمة الاستئناف وأيدت الحكم الأولي. ولاحقاً، أيدت محكمة التمييز الحكم. عرف الأهل لاحقًا أنه تم سؤال جميع المعتقلين في القضية أثناء التحقيق وقبل صدور حكم التمييز إن كان عمار شريكًا في الجريمة، إلا أن جميعهم نفوا ذلك. ورغم ذلك، لم يتغير الحكم الصادر بحقه.
في مايو 2015، حكمت المحكمة على عمار بالسجن خمس سنوات إضافية بتهمة 5) حرق دورية، وهي التهمة التي علم بها لاحقًا خلال تواجده في مركز احتجاز الحوض الجاف، ما يجعل مجموع أحكامه عشرين سنة. استأنف عمار الحكم الصادر بحقه، وفي 14 فبراير 2016، رفضت المحكمة الاستئناف وأيدت الحكم الأولي. وفي عام 2022، تقدمت عائلة عمار بطلب الإفراج عن ابنها مقابل عقوبات بديلة، إلا أن السلطات البحرينية رفضت الطلب. وفي مارس 2023، كان عمار واحدًا من بين 100 سجين حكمت عليهم المحكمة بغرامة ألف دينار بحريني بتهمة نشر وباء كورونا في سجن جو.
في 18 مايو 2015، نُقل عمار إلى سجن الحوض الجاف الجديد، المخصص للمحكومين تحت سن الواحدة والعشرين عامًا وفي مايو 2017، بعد بلوغه الـ21، نقل إلى سجن جو.
خلال وجوده في السجن، تعتقد عائلة عمار أن ابنها تعرض لحوادث تضمنت انتهاكات عدة، لكنهم غير متأكدين من الأسباب لأن عمار لا يتحدث بصراحة عن هذه الأمور. على سبيل المثال، تعرّض عمار لكسر في يده، كما تعرّض لكسر في رجله، لكن العلاج اقتصر على تجبير رجله من دون أن تسمح إدارة السجن له بمتابعة العلاج إذ لم تصطحبه إلى الطبيب المختص لمتابعة حالته الصحية، ما أجبره على نزع الجبيرة بنفسه خوفًا من تعفنها. وتشك العائلة في أن ما حصل مع عمار قد يكون نتيجة التعذيب بعد صدور الأحكام بحقه. كما خضع عمار لعملية في الأنف بعد أن تعرض للكسر خلال فترة الاستجواب، ولعملية أخرى وهي عملية اللحمية في الأنف، والتي لم تنجح بسبب سوء الرعاية الصحية في السجن، ما اضطره إلى إعادتها مرة أخرى. ويعاني عمار حاليًا من آلام في الظهر والرقبة والمفاصل والأسنان، ومن صداع متكرر وضعف في النظر، بسبب الإهمال الطبي المستمر من قبل إدارة سجن جو.
في أغسطس 2023، شارك عمار في الإضراب الجماعي عن الطعام إلى جانب حوالي 800 معتقل آخرين لمدة أربعين يومًا، احتجاجًا على سوء أوضاعهم وللمطالبة بحقوقهم الأساسية. ومن بين هذه الحقوق: التقيد بمواعيد الأطباء وصرف الأدوية ووقف الإهمال الطبي بحق السجناء، زيادة عدد الاتصالات ومدتها، زيادة أوقات الزيارة وشمولها للأقارب من غير الدرجة الأولى، الحصول على زيارات خاصة، زيادة أوقات التشمس، تعديل الوجبات، حرية إقامة الشعائر الدينية وإدخال الكتب، وغيرها من المطالب الأساسية.
إن اعتقال عمار دون مذكرة توقيف وتعرّضه للتعذيب والتحرش الجنسي والمحاكمة غير العادلة والإهمال الطبي يشكّل انتهاكًا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة واللاإنسانية، إضافة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تعدّ البحرين طرفًا فيهم. بالإضافة لذلك، فإن الانتهاكات التي تعرض لها بالرغْم من كونه قاصرًا، تنتهك اتفاقية حقوق الطفل التي تعدّ البحرين أيضًا طرفًا فيها.
من هنا، تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن عمار، والتحقيق في ادعاءات الاعتقال التعسفي والتعذيب والتحرش الجنسي والحرمان من الاستشارة القانونية في مرحلة الاستجواب عندما كان قاصرًا والإهمال الطبي وتعويضه على الإصابات التي ألمت به نتيجة التعذيب، وصولًا لمحاسبة الجناة، أو على أقل تقدير، إجراء إعادة محاكمة عادلة له وفق قانون العدالة الإصلاحية للأطفال، وصولًا إلى إطلاق سراحه. كما تطالب المنظمة إدارة سجن جو بتقديم الرعاية الصحية الضرورية لعمار فوراً، محملة إياها مسؤولية أي تدهور إضافي في وضعه الصحي.
أ.ش