كتب خبيران إيرانيان مقالاً مشتركاً تحدثا فيه عن خطط لتنشيط التبادل والتعاملات بين ايران والعراق يعود بالنفع على البلدين والشعبين في إطار معادلة الربح للجميع.
وأشار الخبيران الدكتور محمد تمنائي (أستاذ كلية هندسة المواصلات في الجامعة الصناعية في اصفهان) والدكتور مصطفى آيتي (عضو الهيئة التنفيذية لمعاهدة الترانزيت التابعة للأمم المتحدة)، في مقالهما، الى أن ايجاد منطقة حرة للتجارة المشتركة بين ايران والعراق وإشراك القطاع الخاص في إنشاء ومد خط سكك الحديد بين شلمجة الايرانية والبصرة العراقية، وخطة التأمين الحكومي على الصادرات الى العراق، هي مقترحات تدخل في إطار الاستراتيجية الشاملة المسماة “الشبكة الموحدة للإنتاج والنقل”.
وجاء في المقال:
إن خط سكك الحديد بين شلمجة الايرانية والبصرة العراقية بطول 35 كيلومتراً يربط البلدين ببعضهما، وهو إحدى البوابات الذهبية للمواصلات الجيوبوليتيكية بين البلدين؛ لكن على الرغم من مضي أكثر من 20 عاماً على سقوط نظام صدام ومجيء حكومة شعبية في العراق ورغم كل الشعارات والوعود، فان الطريق السككي المذكور لم يشيّد إلا بمقدار 300 متر (حسب تقارير ميدانية موثقة والمسح الميداني) والمشروع متوقف الآن، فأين تكمن العقدة ومشكلة النقل السككي بين البلدين الجارين؟ وما هو الحل؟
لا شك أن قيام العراق بتطوير إمكانياته اللوجيستية كخطوط سكك الحديد الداخلية وإنشاء محطات لوجيستية ومرافئ في ميناءي الفاو وأم القصر، الى جانب تطوير خطوط المواصلات الايرانية والموانئ الكبيرة مثل ميناء خرمشهر وميناء الإمام الخميني(رض) يمكن أن يساهم بشكل كبير في التظافر الجيوستراتيجي بين البلدين ويؤدي الى تعزيز التجارة والتعامل الاقتصادي. ومع ايجاد مثل هذا التنسيق والربط بين الإمكانيات والقدرات في مجال النقل، يمكن إنشاء قطب لوجيستي وتجاري كبير كجسر تجاري بين الشرق والغرب وبوابة أوروبا وشمال أفريقيا.
لقد وقفت ايران بكل قوة الى جانب الشعب العراقي في الجهاد العسكري والأوضاع الصعبة في المواجهة مع “داعش” وقامت بدور بارز، والآن كذلك فانها تقف في الجهاد الاقتصادي والحفاظ على الأمن الاقتصادي الى جانب الجار العراقي، إن الإسراع في إنجاز مشروع الربط السككي بين شلمجة والبصرة هو مقدمة لايجاد اتحاد استراتيجي وإنشاء محطة لوجيستية إقليمية بين العراق وايران.
إن الربط السككي هذا وإضافة الى المصالح الاقتصادية الكبيرة للبلدين، يؤدي أيضاً الى مكاسب اقتصادية كبيرة للبلدين الجارين وتسهيل الرحلات الدينية والزيارات والرحلات الترفيهية ورحلات العمل المتبادلة، ولهذا يمكن القول ان هذا مطلب هام للشعبين.
نقترح بأن يتم وضع إنشاء “منطقة تجارية حرة مشتركة في ميناءي الفاو وأم القصر وميناءي الإمام الخميني(رض) وخرمشهر” على جدول أعمال الحركة الدبلوماسية بين البلدين وبدء مفاوضات الجانبين لإنشاء هذه المنطقة التجارية الحرة المشتركة، بالإضافة الى تطوير التعاون اللوجيستي، وتأمين متطلبات ذلك ووضع محفزات ضريبية وجمركية من أجل استقطاب الاستثمارات. إن رئيس الوزراء العراقي الحالي كان محافظ البصرة في السابق وكان من دعاة التعاون بين البلدين، ولذلك ينبغي التحرك نحو تطبيق أفكار تؤمّن الربح للجميع.
إن إنشاء منطقة تجارية حرة ومشتركة هو يفوق الإمكانيات الحكومية لكلا البلدين وهو بحاجة الى دعم ومساهمة القطاع الخاص، إن الحكومتين الايرانية والعراقية يمكنهما الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة الموجودة لدى القطاع الخاص في كلا البلدين، كما يجب عليهما تهيئة الظروف للتظافر المطلوب في مجالات الاستثمار في البنى التحتية والإنتاج والتجارة والنقل.
يجب على الحكومة الايرانية أن تطور دبلوماسيتها الاقتصادية المبنية على مؤشر “الشبكة الموحدة للإنتاج والنقل” مع التوجه نحو تطوير الدورات الاقتصادية الحرة، وتوفر إمكانية دخول القطاع الخاص في مجال الاستثمار في البنى التحتية والإنتاج والتجارة في آن واحد. ولذلك نقترح أن تقوم الحكومة الايرانية بإنشاء شركة تأمين للصادرات على غرار التأمين الحكومي للصادرات التركية الى العراق والتأمين الحكومي للصادرات في ألمانيا، من أجل تشجيع وضمان أمن صادرات المستثمرين.
وضع حزمة استثمارات جذابة حسب نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) وبمشاركة القطاع الخاص للطرفين من أجل بناء خط حديدي بين شلمجة والبصرة ومنح امتياز تشغيل الخط السككي الجديد ومنح إعفاءات ضريبية وتوفير التأمين لنشاطات تطوير الإنتاج والتجارة بين البلدين في المنطقة التجارية الحرة المشتركة، هو من الحلول التي تحول دون بقاء إمكانيات الدولتين دون الاستفادة والاستغلال، وتمنع تأخر البلدين عن المنافسين الاقليميين.
وهذا يجب أن يتم وضعه سريعاً على جدول أعمال الحكومتين العراقية والايرانية، وان القطاع الخاص في الدولتين هو الذي يجب أن يتابع بشكل حثيث تحقيق هذه الأمور.
إن الفرص تمر مر السحاب…