موناسادات خواسته
مهرجان فجر السينمائي الثاني والأربعين اختتم فعالياته ونشاطاته الواسعة مساء الأحد، وأسدل الستار على عرض الأفلام الدولية المختلفة، فانقضت الأوقات كالبرق، مع كل أحداثه الثقافية والدموع والإبتسامات التي ارتسمت على وجوه المشاركين والمشاهدين، فشهدنا إقبالاً كبيراً لمهرجان هذا العام، حيث تمت عروض إضافية لبعض الأفلام حتى الساعات المتأخرة من الليل، وهذا هو خير دليل عن إقبال الجمهور على أكبر حدث ثقافي سينمائي في إيران الذي يُقام على المستوى الدولي، وقد خصص المهرجان في هذا العام قسما خاصا لفلسطين تحت عنوان “فلسطين، الروح والدم”، وما أجمل الإسم الذي يحمله هذا القسم، بما أن فلسطين تجري في شراييننا وفي خلجات صدورنا، القسم الذي تم فيه تقديم عروض مختلفة عن أفلام سينمائية بموضوع فلسطين.
أجواء المهرجان
الأجواء السائدة في المهرجان كانت تدل على نشاط وحيوية المهرجان، فعندما تروم دخول القاعة الرئيسية في برج ميلاد، تشاهد الجمهور والمشاركين والحوارات وغيرها، كما أن مهرجان هذا العام قد تميّز بإقامة ورشات تعليمية دولية، والتي تم إقامتها في برج ميلاد ومتحف السينما.
من جهة أخرى تزامناً مع العروض في برج ميلاد، تم عرض الأفلام في دور السينما بطهران ومختلف المحافظات الإيرانية.
وبعد عرض كل فيلم، يحضر فريق العمل في ندوة اختصاصية ويرد على أسئلة الحاضرين، وهذا التبادل الثقافي كان من الميزات الجيدة في المهرجان، فالأفلام المشاركة كانت تأخذك معها في أجوائها، فتبكي معها وتضحك معها وتحس نفسك وكأنك مع بطل الفيلم، أما الأفلام التي كانت بموضوع المقاومة وعن أبطال المقاومة، مثل فيلم “أحمد” و “في سماء الغرب” وغيرها، لفتت أنظار المتابعين، كما أن كل فيلم في الأقسام الأخرى كان محبوه يتابعونه باشتياق.
وأما سوق الفيلم أيضاً كان من النشاطات الأخرى للمهرجان، والذي أقيم على هامش المهرجان وقد شهد إقبالا من دول مختلفة من لبنان والصين وتركيا وغيرها، وتم تبادل العلاقات والبرامج للتعاون المشترك في المستقبل، كما حضر بعض الأجنحة بإنتاجاتها السينمائية الحديثة والبديعة على مستوى الشرق الأوسط، ومنها جناح إنتاج فيلم “إلهام” وتحدثت لنا المسؤولة عن انتاجه وسننشر حديثها في الأيام القادمة.
حفل الختام وإعلان الفائزين
وأخيراً وصل قطار المهرجان إلى محطته الأخيرة وتمت فعاليات هذا الكارنفال الثقافي بشغف وحرارة واسعة، وبعد تنافس شديد خلال عشرة أيام من إقامة المهرجان، تم إعلان أسماء الفائزين في الأقسام المختلفة من المهرجان وكلّ أخذ جائزته، وشهد حفل الختام، حضور وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد مهدي إسماعيلي، وأمين عام المهرجان مجتبى أميني، ورئيس منظمة السينما الإيرانية محمد خزاعي، وقد ألقى كل منهم كلمته، وكذلك حضر الحفل مثقفو ومحبو الفن السابع والإعلاميون.
وقال وزير الثقافة: إن الثورة الإسلامية التي حدثت عام 1979 في إيران كانت ثورة ثقافية، وأضاف: إن أحد العلامات الثقافية لهذه الثورة هو أن ذروة أحداثنا الثقافية والفنية تسمى الفجر، والتي تعني “فجر” باللغة الفارسية.
وأعرب عن امتنانه لعقد المهرجان، وقال: إن أكثر من 27 مليون شخص شاهدوا الأفلام في السينما، وتم إنشاء 13 دار سينما جديدة.
وقال: إن المهرجان هذا العام كان أقرب إلى المثل العليا للشعب الإيراني مقارنة بالمهرجانات السابقة، حيث تركت المشاركة الحماسية للمحاربين القدامى والمخرجين لأول مرة وغيرهم علامة لا تمحى في أيام وليالي الاحتفال للمجتمع الإيراني.
ومن جهته قال أميني: لقد وصلنا إلى نهاية 11 يوماً لا تُنسى وتم عرض 33 فيلماً في القسم الوطني، وتم عرض أعمال بمشاركة فنانين موهوبين في السينما الإيرانية.
وعبّر أميني عن سعادته بالإقبال على هذه الدورة من المهرجان بالقول: أنا سعيد لأن المهرجان الـ42 أحيا ذكرى أبطال إيران الوطنيين الشهيد أحمد كاظمي والشهيد شيرودي والشهيد زين الدين ولقي اقبالاً فريداً من نوعه من قبل الجمهور.
وبعد ذلك تم إعلان الفائزين في كل الأقسام المختلفة من المهرجان، هذا وقد التقت “الوفاق” على هامش الندوات المختلفة التي أقيمت خلال أيام المهرجان رئيس منظمة السينما وبعض مسؤولي المهرجان وسألتهم عن الفن السابع والمهرجان وفيما يلي نص الحوارات:
خزاعي: السينما الإيرانية تدعم المظلوم
اعتبر رئيس منظمة السينما الإيرانية محمد خزاعي إن السينما أمر حساس، وقال: دائماً هناك صعود وهبوط عبر التاريخ، وقد حدث هذا في الماضي أيضاً، وتم حل القضايا بتقارب وتعاطف محبي السينما أنفسهم.
وحول السينما الإيرانية في المنطقة قال: ان وضع السينما الإيرانية لا يمكن مقارنته بالدول الأخرى بالمنطقة، سواء من حيث البنية التحتية أو من حيث جاذبيتها، لكن تعزيز السينما الإقليمية هو أحد الإنجازات التي تم تحقيقها، في هذه الفترة.
وأضاف: في هذه التفاعلات التي بيننا نتحدث عن التعليم الذي يكون في مختلف المجالات، وبعض هذه الورش كانت جيدة جداً، حتى في مجال المعدات والتقنيات وبناء القاعات وغيرها، حيث تم تقديم النصائح، هذه هي المعرفة وما حققته السينما الإيرانية، وكذلك المونتاج الذي أدخلته إيران إلى السينما ، كل هذه إنجازات حققناها، ويمكننا أخذ جولة لأن العديد من المجموعات التي زارت إيران أرادت الاستفادة من سعة وموقعية الأماكن والمناطق الإيرانية، وكذلك الاستفادة من قدرات مدن السينما وخبراء السينما الإيرانية في هذا المجال، وهذا سيحدد شروطاً جديدة للسينما الإيرانية.
وفيما يتعلق بإضافة قسم سينما المقاومة لفلسطين، وسبب هذا الاختيار وما تأثيره على وضع ساحة المقاومة، قال: الحقيقة أن واجب السينما هو هذا، فالسينما الإيرانية يمكن اعتبارها رائدة في الاعمال السينمائية في الدول الإسلامية والمنطقة، ولها مكانتها على أي حال.
كل مظلوم، أينما تعرض للظلم، السينما الإيرانية تحب بالفعل أن تلعب دورها بمساندته، لا يمكننا أن نبقى صامتين على مثل هذه الجرائم التي تحدث في فلسطين وغزة الآن، نحن سلاحنا الوحيد في مجال ثقافة الصورة.
ونحن كخبراء نعمل في مجال السينما، واجبنا أن نشرح حقائق هذه الحرب ونظهرها للعالم، لأننا لم ندخل هذا المجال فقط، بل دخلنا أيضا مجال سوريا، والعراق، وفي المجالات التي كنا نعتقد أن هناك تياراً متعجرفاً ظالماً، أعتقد أن صانعي الأفلام الوثائقية لدينا، وخاصة أصدقائي، دخلوا في الأعمال الروائية، القصيرة والطويلة، وأنتجوا أعمالاً رائعة.
ومن المتوقع اليوم أن تدخل كل الدول، حتى الدول التي تهتم بالأخلاق والإنسانية، إلى السينما لهذه الحملة، والآن يقومون بإنتاج فيلم لكي يفضحوا التيارات التي تعمل خلف الكواليس وجرائم الصهاينة باستشهاد ما لا يقل عن عشرة آلاف طفل.
إن هذه الإبادة الجماعية التي ارتكبها الصهاينة في السنوات الأخيرة غير مسبوقة في التاريخ، ومن الوهم أن يظنوا أنهم إذا دمروا هذا الجيل في غزة، فإن عدد المقاومين سيقل ويرتاح بالهم، ولكن العكس سيحدث مع كل شهيد وستنتصر المقاومة.
وعندما سألناه، ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها للعمل المشترك مع الدول العربية مثل لبنان والعراق وغيرها من الدول، وهل هناك خطة للمستقبل؟، قال خزاعي: تبادلنا مقترحات الإنتاج المشترك مع دول عربية منها سوريا والعراق ولبنان وعمان وقطر، لكن لم يتم إرسال أي خطة حتى الآن، أي أنهم في المفاوضات التي أجريناها كانوا مهتمين بالإنتاج المشترك، لكن الدولة الوحيدة التي أرسلت لنا خطة مكتوبة هي لبنان وأرسلت السيناريو، وتتابع بشكل حثيث حتى يمكن ملاحظة العمل ومراجعته في مجلسنا الدولي، وفي حالة الموافقة عليه يمكن اتخاذ خطوات الإنتاج.
فريدزاده: أفلام قسم فلسطين لاقت استحساناً كبيراً
قال مدير القسم الدولي في المهرجان، رائد فريدزاده حول مدى مشاركة الأفلام العربية والفرق مقارنة بالأعوام السابقة، في حديثه للوفاق: الحمد لله لقد استقبلنا هذا العام أفلاماً جيدة جداً وكان لدينا هذا العام قسم خاص عن غزة وفلسطين، حيث تمكنا من جمع أعمال السنوات القليلة الماضية، وكانت هناك أعمال رائعة جداً، سواء في التصوير السينمائي أو في السينما، الفيلم الوثائقي الذي كان في القسم الخاص بغزة عرضناه وواجه إقبالاً كبيراً.
ورداً على سؤال حول خطة الإنتاج المشترك، قال فريدزاده: إن شاء الله لدينا خطط في هذا المجال، وقد تمت مناقشات حول هذا الأمر، والأفلام التي شاهدها الضيوف والمشاهدون الآخرون، وكذلك الجمهور الإيراني، قالوا إنها أفلام رائعة جداً ولاقت استحساناً كبيراً.
نجفي: مهرجان هذا العام تميّز بتنوع موضوعاته
مسؤول العلاقات العامة في المهرجان مسعود نجفي تحدث للوفاق حول الفرق بين هذه الدورة والدورات الأخرى من المهرجان خاصة في القطاع الدولي، وقال: تميزت هذه الفترة من المهرجان بعدة خصائص عن غيرها من الفترات، منها تنوع اعمال الأفلام.
كانت لدينا أفلام تتراوح بين الكوميدية والاجتماعية، والرياضية، وأفلام الأطفال والناشئين، والأفلام الحربية، إلى أفلام التاريخ المعاصر والتاريخ الإسلامي، وكان الحضور المختلف للشباب في هذه الفترة مثيراً للإعجاب، مما أدى إلى إضافة قسم “نظرة جديدة” إلى المهرجان بعد سنوات عديدة.
كان لدينا مخرجون متنوعون، من جيل “جعفر جوزاني” و “بهروز أفخمي” والسيد شعيبي إلى الشباب الذين يعملون هذه الأيام، وعاد قسم “صنّاع الأفلام الأولى” إلى المهرجان وأصبح قسماً مستقلاً، ولدينا قسم الرسوم المتحركة هذا العام بنشاط واسع ومشاركة 4 رسوم متحركة.
وحول مشاركة الدول العربية في المهرجان وقسم فلسطين قال نجفي: من أقسامنا المميزة هذا العام كان “فلسطين، الروح والدم” والذي أقيم بأفلام جيدة تم جمعها من دول مختلفة، سواء الوثائقية أو الروائية، والمشاركون في هذا القسم كانوا صوتاً واحدا لإظهار مظلومية الشعب الفلسطيني، والعدوان الصهيوني، لكن فيما يتعلق بالقسم العربي، يجب أن أضيف أن هذا العام، ولأول مرة، تم افتتاح القسم العربي في موقعنا، وتم تفعيله، فمن خلال عدد الزيارات، أظهر هذا القسم أنه كان علامة على اهتمام الناطقين باللغة العربية بمهرجان فجر السينمائي.
وحول خطة الإنتاج الإيراني العربي في الأعوام المقبلة، قال: هذا السؤال يجب أن يُطرح على مسؤولي السينما، والمهرجان هو مكان لعرض هذه الأعمال، والمنافسة التي يقدمها لهم، لكن بطبيعة الحال، من ضمن توجهات مؤسسة السينما التعامل مع هذه الفئة بشكل أكبر ؛ ولكن الشيء الجيد الذي حدث هو مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين السيد خزاعي رئيس منظمة السينما و7 دول أخرى، وكان هذا أمراً إيجابياً أتمنى أن تكون له عواقب على السينما الإيرانية.
وحول تقييمه لمهرجان هذا العام قال نجفي: يمكن تقييم مهرجان هذا العام بعدة صيغ، ومن الأعمال التي ذكرتها سابقاً حفل استقبال الجمهور لعروض الأفلام حتى وصلت بعضها إلى 14 عرضا للأفلام المشاركة.
كما أن استقبال الإعلاميين للحصول على بطاقة المهرجان يدل على اهتمام الإعلاميين وصناع السينما أنفسهم، ويمكن القول أن كل من كان لديه أفلام شارك في المهرجان بأعماله، وهذا يكتمل بجوانب المهرجان الثلاثة والناس والمصورين السينمائيين ووسائل الإعلام، وقد لقيت جميع النطاقات الثلاثة استقبالاً جيداً.
أ.ش