الطفل حمد يطلق الفرح بين أقرانه في غزة عبر طائرات ورقية

ما أن ينتهي الطفل حمد السكسك من صناعة الطائرات الورقية يتهافت الأطفال عليه لشرائها والإسراع لإطلاقها في السماء بينما تتعالى ضحكاتهم فرحا بما يسمونه "إنجازا" لقدرتهم على السيطرة عليها والحفاظ على تحليقها في السماء.

2024-02-14

لساعات طويلة يومياً ينشغل الطفل الفلسطيني حمد السكسك بصناعة العشرات من الطائرات الورقية باستخدام النايلون وأعواد خشبية رفيعة في مخيم النزوح الذي يعيش فيه بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.

 

ويقول السكسك البالغ من العمر (12 عاماً)، وهو من مدينة غزة إنه لجأ في البداية لصناعة الطائرات الورقية من أجل اللعب وقضاء أوقات مرح مع أشقائه ورفاقه بالمخيم للتخلص من الضغوط النفسية التي يعانون منها بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة في مخيمات النزوح.

 

ويضيف السكسك بينما أنهى صناعة طائرة ورقية لأحد جيرانه “عندما كنت أقوم باللعب بالطائرة الورقية وأطيرها في السماء هرع عشرات الأطفال نحوي يستفسرون عن المكان الذي اشتريتها منه وكم السعر (…) حينها أتتني فكرة صناعتها وبيعها وجني بعض المال لمساعدة والدي في المصاريف اليومية”.

 

وما أن ينتهي السكسك من صناعة الطائرات الورقية يتهافت الأطفال عليه لشرائها والإسراع لإطلاقها في السماء بينما تتعالى ضحكاتهم فرحا بما يسمونه “إنجازا” لقدرتهم على السيطرة عليها والحفاظ على تحليقها في السماء.

 

ويقول السكسك “آمل أن نتمكن يوما ما من التحليق والتحرك بحرية كما هو حال هذه الطائرة. نحن تعبنا من الحرب والموت الدائم في غزة. من حقنا أن نعيش حياتنا مثل باقي أطفال العالم دون خوف من الأوضاع التي نعيشها طوال حياتنا”.

 

وإلى حين تحقيق السكسك حلمه بالعيش آمنا، يشرح بأنه يسعى إلى جني المال من خلال موهبته في صناعة الطائرات الورقية، لافتا إلى أنه يقوم بإنتاج ما يقارب 30 طائرة يومياً، حيث يبيع كل واحدة بدولارين أميركيين.

 

ومع ذلك، لم تعد مهمة السكسك سهلة، حيث أنه بالكاد يتمكن من شراء الأخشاب الرفيعة والنايلون والخيطان اللازمة لصناعة طائراته الورقية في ظل غلاء الأسعار غير المعقول الذي يضرب مدينة رفح، على حد تعبيره.

 

ويضيف “الوضع صعب للغاية هنا. قد يبدو للبعض أنني أجني الكثير من الأموال ولكن بالحقيقة ما أجنيه بالكاد يكفيني لمساعدة والدي في مصاريف عائلتنا اليومية التي تعاني الويلات بسبب ما يجري في غزة”.

 

السكسك يعيش في خيمة مؤقتة أقامتها عائلته في مواصي مدينة رفح، وهي إحدى المناطق التي أعلن جيش الاحتلال أنها آمنة وطالب السكان المحليين بالتوجه إليها لتفادي الهجمات العسكرية “الإسرائيلية”.

 

وعلى مسافة ليست ببعيدة عن السكسك، ينشغل الطفل الفلسطيني موسى عبد العزيز، بإطلاق عنان طائرته الورقية التي اشتراها للتو من جاره السكسك نحو السماء، موجها إياها يمينا ويسارا للحفاظ عليها محلقة عاليا.

 

ويتشارك عبد العزيز البالغ من العمر (13 عاماً) ضحكاته مع رفاقه الذين يحيطونه ويحاولون منافسته في الإمساك بطائراتهم الخاصة مرددين كلمات “دعوها تحلق. لا تسمحوا لها بالهبوط مهما كان السبب”.

 

“هنا لا يوجد ألعاب ولا أي شيء آخر. أنا حقا سعيد بهذه اللعبة فهي تمنحني القدرة على التفاؤل بأننا يوما ما سنستعيد حياتنا في غزة ونعيش بحرية كما هو حال أطفال العالم”، يقول عبد العزيز.

 

ويتمنى السكسك وعبد العزيز أن تنتهي الحرب الإسرائيلية الحالية في أقرب وقت ممكن وأن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم في مدينة غزة واستعادة روتين حياتهم اليومية كما كانت قبل السابع من أكتوبر الماضي.

 

ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تشن “إسرائيل” حرباً واسعة النطاق في قطاع غزة  خلفت أكثر من 25 ألف قتيل وتدمير واسع للبنية التحتية والمباني السكنية.

 

من جانبه يقول صامد ياسين، وهو نازح فلسطيني من مدينة غزة، إنه تمكن أخيراً من رؤية ابنه الأصغر وجيه ينخرط في اللعب مع رفاقه بعد إصابته بصدمات نفسية عديدة جراء الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة بالبيوت المجاورة لهم، سواء بمدينة غزة أو أماكن النزوح التي لجأوا إليها خلال الفترة الماضية.

 

ويضيف ياسين “إن انخراط طفلي بمثل هذه الألعاب تساعده على التخلص من الضغوط النفسية التي يعاني منها بسبب أصوات الانفجارات غير المتناهية في قطاع غزة وكذلك تتيح له الفرصة بأن يستوعب بأن الحياة ستستمر وأن الحرب ستنتهي يوما ما ونعود لحياتنا الطبيعية”.

 

أ.ش

المصدر: الميادين