إن الاسلام يريد الحفاظ على شخصيّة المرأة كما على قيمتها، كإنسان له كيانه وحضوره وتأثيره في المجالات الاجتماعيّة والسياسيّة وغيرها وإنّ التكليف بالستر والحجاب هو صيانة للمرأة وللرجل، للأسرة والمجتمع وللأمّة ككل.
وإن انتصار الثورة الاسلاميّة في إيران في عام 1979 م كان حدثاً تاريخياً يحمل في طيّاته العديد من التحوّلات والتغيّرات في الحياة السياسيّة والاجتماعيّة للبلاد.
ومن بين هذه التحوّلات؛ كان تعزيز دور المرأة ومشاركتها في مختلف الشؤون السياسيّة والاجتماعيّة. ومع ذلك، فإن هذا التعزيز لم يكن يتعارض مع حفظ حجاب المرأة وعفّتها، بل كان يهدف إلى توفير فرص عادلة للمرأة في التعبير عن آرائها والمساهمة في بناء المجتمع.
لقد أصبحت المرأة بعد انتصار الثورة الاسلاميّة الإيرانيّة تتمتّع بكثير من الحقوق والإمكانيّات، وحصلت على مكانة عالية في المجتمع الإيراني، لم تكن حصلت عليها طوال التاريخ، وتوافرت لها الفرص أكثر من ذي قبل.
وإنّنا إذ نجد أن الاهتمام بالشأن الإنساني والمكانة الإنسانيّة للمرأة ازداد وارتفع، على العكس ممّا يريده الغرب للمرأة، فحصلت المرأة على فرص للتقدّم والرقيّ لم تتوافر في تاريخ البلاد. هذا وقد حقّقت المرأة الإيرانية تقدّمًا كبيرًا خلال السنوات الأربعين من انتصار الثورة الاسلاميّة.
كما ساهمت المرأة الإيرانيّة في الحياة السياسيّة بدور حيويّ وفعال، فهي تشغل مناصب عالية وحسّاسة في الدولة كمنصب نائب رئيس الجمهورية في الشؤون القانونية، ونائب شؤون المرأة والأسرة، ونائب رئيس الجمهورية ورئيس مؤسسة الحفاظ على البيئة، ووزير للصّحة ومنصب نائب رئيس الجمهورية لشؤون العلوم والتكنولوجيا ومنصب محافظ مدينة وغيرها من المناصب المهمّة.
ومن أهم مؤشرات المشاركة السياسيّة هي حقّ التصويت وحقّ التصدي للمسؤوليّات السياسيّة، وقد تقدّمت المرأة الايرانية كثيرًا في هذين المجالين بعد انتصار الثورة الاسلاميّة وكانت مشاركتها أكبر نسبة من الرجال في الاستفتاءات والمسيرات والمظاهرات والانتخابات.
والمراة الايرانية سجّلت حضوراً ملحمياً في جميع المسيرات الجماهرية التي جابت إيران للإطاحة بنظام الاستبداد (البهلوي)، لاسيما خلال العام 1979 حيث شاركت النساء جنبًا الى جنب الرجال في النهضة واستشهدن ودخلن السجون، كما خلال فترة الدفاع المقدس، فقد جسدت المرأة مشاركة ملحميّة أيضًا.
بعد انتصار الثورة الاسلاميّة، تمّ إدخال تغييرات في القوانين والسياسات لتعزيز دور المرأة في المجتمع. فقد تم إلغاء العديد من القيود التي كانت تفرض على المرأة في الماضي وتمنحها حقوقًا جديدة في المشاركة السياسيّة والاجتماعيّة.
من التجليات زاد اهتمام المجتمع الإيراني بتعزيز دور المرأة في المشاركة الاجتماعيّة والتنموية. حيث تمّ تنظيم العديد من الحملات التوعويّة والتثقيفيّة، كما تم توفير فرص تعليمية وتدريبية للنساء لتطوير مهاراتهن وزيادة معرفتهن في مختلف المجالات. تم إنشاء العديد من المراكز والمؤسسات التي تقدم الدعم والتدريب للمرأة الإيرانية في مجالات مثل التعليم، والصحة، والتنمية الاقتصادية.
ومع تعزيز دور المرأة ومشاركتها في المجتمع، تم الحفاظ على حجاب المرأة وعفتها كقيمة أساسيّة. وبرز ذلك في العمل على تطوير مفهوم الحجاب الاسلاميّ وتوجيه المرأة بشأن كيفيّة المشاركة في المجتمع والحفاظ على قيمها الدينيّة والثقافية. تم توفير بيئة تشجّع المرأة على المشاركة والتأثير في المجتمع من دون المساس بحجابها وعفتها.
إن المرأة الايرانية استطاعت رغم كلّ التحدّيات والضغوطات، أن تحقّق إنجازات ملفتة في شتى المجالات، وكان كل هذا التقدّم والرّقيّ في ظل الحجاب الاسلاميّ، ليثبت أنّ الحجاب لا يشكّل قيدًا ولا مانعًا أمام التطوّر والرّقي، وباتت الأنظار متّجهة نحو قدرات المرأة وكرامتها الإنسانيّة، وليس شكلها الخارجي وهذا يشكّل أنموذجًا لباقي المجتمعات، ولذا نجد أعداء إيران الذين يشنّون حربًا ناعمة وثقافيّة على المجتمع الإيراني يستهدفون الحجاب من أجل قلب المفاهيم والأذهان.
لكن لن ينجحوا ولن يفلحوا… فالحجاب ضابط اجتماعي شرّعه الله (عزّ وجلّ) لحماية المجتمعات من الانحراف والفساد، وضبط النفس البشريّة ومنعها من الانقياد للأهواء، ويحافظ على حياء المرأة وعفتها.
في الختام، لا يمكن القول إلا أنّ الاسلام جاء مع رسول الله (ص)، ليوقف وأد البنات، والإسلام رائدٌ أيضًا في التركيز على البُعد الإنساني في المرأة، ليصبح تشريع الحجاب عاملاً من عوامل تدعيم شخصية المرأة، لأن الاسلام يريد الحفاظ على شخصيّتها كما على قيمتها، كإنسان له كيانه وحضوره وتأثيره في المجالات الاجتماعيّة والسياسيّة وغيرها. وإنّ التكليف بالستر والحجاب هو صيانة للمرأة وللرجل، للأسرة والمجتمع وللأمّة ككل.
“زينب غندور”
أ.ش