الخبيرة في شؤون الاسرة بتول عرندس للوفاق:

الزواج والتربية يتطلبان الصبر والتحمل والتضحية والانسجام

لا بد من التركيز على الجانب العاطفي في الحياة الأسرية، فكما يحتاج الانسان الى الطعام والراحة وغيرهما، يحتاج إلى الإستقرار النفسي

2022-12-28

الوفاق/ خاص

سهامه مجلسي

تعرّف الأسرة؛ بأنّها المجموعة التي يرتبط وجودها بالزواج المشروع، مع التزام كلّ طرفٍ من أطرافها بالحقوق والواجبات المتعلّقة به، ويتعلّق مفهوم الأسرة بما ينتج من الأولاد، وما يرتبط بالأسرة من الأقارب، تمثّل الأسرة الأساس الأول الذي يقوم عليه المجتمع؛ فالمجتمع يتكوّن من مجموعةٍ من الأسر المرتبطة ببعضها البعض، وبقدر تماسك الأسر وترابط علاقتها تقاس قوّة المجتمع، والأساس في تماسك الأسرة تمسّكها في الدين الإسلاميّ، وللأسرة أهميّةٌ عظيمةٌ تظهر في العديد من الأمور، في هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الخبيرة في شؤون الاسرة بتول عرندس وفيما يلي نص الحوار:

كيف يتم الاستعداد لبناء الأسرة وما هي الواجبات والتحديات التي تواجهها؟

شرّع الإسلام التزويج وأكّد عليه على أنه الحافظ على المجتمعات الإنسانية والضامن لديموميتها واستمرارها.

لكي ينجح هذا الرباط، لا شك بأن على شريكيّ الزواج ادراك واجباتهما المتكاملة والوسائل الممكنة لحلّ كل المشاكل وتخطي العقبات. وكما على الزوج أن يحيط الأسرة بدعمٍ معنويٍ وماديٍ ونفسي، كان من الضروري جداً أن تؤمن الزوجة جواً من الرعاية والمحبة والإهتمام وأن تستعد للقيام بواجباتها الأسرية على أكمل وجه بالتعاون مع بقية الأفراد، تحقيقاً لسعادة الأسرة ونجاحها.

فالتربية أهلية ومسؤولية تتطلب تحصيل مجموعة من المهارات والمؤهلات التي تساعد على تربية الأجيال تربيةً صالحة وبناءة. فالزواج والتربية يتطلبان الصبر والتحمل والتضحية والانسجام، وهما مسؤوليتان يتم ترسيخهما والتدريب عليهما منذ الصغر، كما أعدت سيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء(ع) ابنتها السيدة زينب(ع) في فترة زمنية قصيرة لم تتعدَ السنوات الست. فترةٌ رسخت فيها قيم الصبر والتضحية والجهاد والعمل لوجه لله ولخدمة الناس ولمقاومة الظلم والاستكبار، اعداداً تربوياً واجتماعياً ودينياً وسياسياً.

ادارة المنزل والتربية ليست عيباً، انما شرفٌ خصّه الله للمرأة وكان ثوابه أن تكون الجنة تحت قدميها. لذا عليها أن تخطط جيداً لإختيار شريكٍ واعٍ ومتفهم. أن تدرك أهدافها من هذا الزواج وأن تصمم على تحقيق هذه الأهداف بأن تكون مجتهدةً وصابرةً ومتحملة. وأن تعرف أنها ستواجه الكثير من العراقيل والتجارب، الا أنها ستتعلم من خلالها الكثير من القيم والدروس. إذاً، تجربة الأمومة والزواج مدرسة بحد ذاتها تصقل شخصية المرأة وتزيدها علما ومعرفة وشرفاً ومسؤولية.

البيت هو كنف الحب والرحمة كيف يجب إدارته ليتحقق للأسرة سعادتها وهناؤها؟

ما بني على حق كان حقاً وما بني بشكلٍ صحيح دام طويلاً وطويلاً على الزوجة أن تخطط لجميع أمور المنزل، مادياً وحياتياً وتربوياً، وذلك بالسؤال: ما هو هدفي؟ هل أريد حياةً سعيدة؟ هل أريد حياةً مستقرة؟ بالتالي حين يُدرك الهدف، تدرك الوسائل وتتحقق النتيجة. فبالتخطيط والتنظيم تستقر الأسرة وتنال سعادتيّ الدنيا والآخرة.

من ناحية أخرى، لا بد من التركيز على الجانب العاطفي في الحياة الأسرية، فكما تحتاج الطعام والراحة وغيرهما، تحتاح إلى الإستقرار النفسي. إن مدّ الأسرة بالمخزون العاطفي أمرٌ غايةٌ في الأهمية وهو عملية تبادلية ينتج عنها الاحترام والمودة والتراحم. وحين يستقر الجو العاطفي في الأسرة يسود الإستقرار وتتحقق العملية التربوية بشكلٍ تامٍ وكاملٍ وصحيح، وكذلك ينشأ الأبناء بشكلٍ أسرع وأنفع تربوياً ونفسياً مما يساعدهم على تحقيق النجاحات المتوالية والمميزة في المستقبل.

ومما لا شك فيه، أنه لابد أن تتحلى الأسرة بالصبر والتحمل والإجتهاد فالحياة ليست بالبساطة والانسيابية التي نتوقعها، لذا تكمن الحاجة الماسة الى الاجتهاد والتعاون وتحمل المشقات. ومن خلال الصبر، تتعلم الأسرة الكثير وتصبح أكثر قوةً وصلابةً على تحمل الأمور وتخطي عقبات الحياة ومطباتها. فالأسرة لا تتعلم الا بالتجارب والامتحانات والتي  يضعها الله في طريقنا لنصبح أكثر قوةً واندفاعية وعملاً.

ما هي طرق تعزيز الحياة الزوجية؟

قيم الكمال:إن ما يمنح الحياة شكلها ورونقها هو كمال الإنسان لا جماله الظاهري أو ثراؤه المادّي؛ ذلك أن عقل الإنسان ومظنته وتقواه وعفّته هي التي تبعث الحياة في الشخصية الإنسانية وبالتالي تعكسها في شكل الحياة البشرية وروحها.

إن التأثير الأخلاقي والأدبي الذي يتمتع به أحد الزوجين كجمال باطني يفوق أضعاف الجمال الظاهري الذي يمكن أن يتمتع به الآخر؛ ذلك أن الحب والمودّة الزوجية إنما تنشأ بين روحين وبين قلبين يلتقيان في صعيد واحد، ولا يمكن في حال من الأحوال أن يولد حب حقيقي على أساس من المظاهر الماديّة الزائفة.

ولذا، فإن على الإنسان أن يبني شخصيته على أسس متينة من الأخلاق والقيم، فهي وحدها التي تتمتع بالبقاء والدوام، أما المظاهر المادّية فهي إلى الزوال والفناء.

اين يكمن الاحترام والمودة والرحمة بين الزوجين؟

دائما ما نسمع أن فلانه شخصيتها قوية، حتى انها تسيطر على زوجها كيفما تشاء فقد شغفه حبها حتى قضت عليه، فهي تأمر وتنهى وهو يطيع حتى صارت هي الرجل وصار هو ظلا لها، ان رغب بشيء خاف أن ينبس بكلمة كيلا يزعجها.

تلك المرأة المتسلطه تزداد زهوا وفخرا بما أنجزته، وللأسف هذه الصور باتت اكثر من عادية بمجتمعنا.

بل قد يحلو لبعض السيدات أن تتفاخر بين صديقاتها بأنها الزوجة الحديدية، وأن زوجها لايكاد يعصي لها امراً من شدة حبه لها،  بل أنه سيصعد السماء لينظم لها عقوداً من نجوم السماء لو ارادت ذلك، وربما تزيد تلك الوقاحة وتبالغ الى درجة ان تتعدى على الزوج المسكين أمام صديقاتها فتنعتة بصفات لاتليق بمكانته المرموقة بالمجتمع، أو لا تليق بكونه انسانا وزوجا من بني البشر، وليس عبداً تملكته بحبه لها. الذي فاق حده فانقلب الى ضده.

وربما يحلو لها أن تثبت للصديقات والمعارف بالدليل القاطع، أنه خاتم سحري في يدها تحركه كيفما تشاء ووقتما تشاء،  كأن تصرخ في وجهه أمامهن، أو تخالفه الرأي بحده، أو تحط من قيمة اقتراحاته، فلا يجرؤ على اتخاذ اي قرار مهما كان بسيطاً الا بمشورتها، فيصبح اضحوكة السمار من هؤلاء النسوة، يتندرن به في المجالس، امام كل انسان وجيها كان او وضيعاً، فهو رجل بلا كرامة او قدر، وهناك نساء يفعلن تلك الافاعيل أمام الاطفال كي يستخف الابناء بوالدهم فيسفهون رأيه ويستصغرون شأنه، وتسقط هيبته من نفوسهم .

فالرأي والمشورة بيد الأم، ولا أهمية لراي هذا الأب المغلوب على أمره، فهي بهذا العمل تلغي دور الاب التربوي للأبناء، وتوجه الأطفال حسب مزاجها، والويل كل الويل للزوج، لو شاهد شيئا أو سلوكا خاطئا في الأبناء، وحاول أن يعترض أو حتى يقول رأيه، فأنها ترميه بالجهل وعدم المعرفة، ثم تخالفه وتتصرف تصرف آخر بشكل عكسي مغاير،كي تهز صورته فوق أهتزازها، اشاهدتم مأساة مثل هذه المأساة. فاكيد هذا خطأ كبير وغير صحيح وفيه سلبيات على المجتمع والاولاد، أنا بدوري لا ألغي دور الأم من حياة الأبناء، ولا اطلب منها أن تكون عديمة الشخصية، ولا أقلل من شأنها. فهي لها حقوقها ووظيفتها ولكن عليها احترام الزوج كما يحترمها، ويكون الاحترام بين الطرفين.

ما هي نصيحتكم لكل الطرفين الزوج والزوجة؟

هنا لا بد من طرح أهمية الأسرة من خلال العلاقة الأسرية الزوجية حيث وصف الزواج بالميثاق الغليظ في قوله تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضٰى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيْثٰقًا غَلِيظًا (سورة النساء:21)، ليبين قداسة عقد الزواج الذي يتمخض عنه تأسيس أسرة. كما جعل أهم مقصد للزواج تحقيق السكن النفسي الوجداني والمودة والرحمة بين الزوجين مما ينتج عنه أسرة مستقيمة يسودها الاستقرار والطمأنينة والسكينة ومن ثم تلقي بظلالها على المجتمع كله: وَمِنْ آَيٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوٰجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيٰتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (سورة الروم:2)