الكلمة مرة أخرى للميدان: السيد الحوثي يثبت معادلات المواجهة

ان التصعيد الذي بدأت به القوات الأميركية البريطانية المنتشرة قبالة المياه الإقليمية اليمنية، قابله رد يمني موازٍ على رغم فرق القدرات الشاسع بين الجانبين

2024-02-17

تأتي تطورات الساحة اليمنية في طليعة الأحداث التي تشكل قلقاً بالغاً لكل من الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية. اذ ان التصعيد الذي بدأت به القوات الأميركية البريطانية المنتشرة قبالة المياه الإقليمية اليمنية، قابله رد يمني موازٍ على رغم فرق القدرات الشاسع بين الجانبين. هذه المعركة غير المتكافئة، والتي لم تستطع فيها الولايات المتحدة تحقيق هدفها المتمثل في وقف الهجمات، ثبّتت فيها القوات المسلحة اليمنية معادلات وفرضتها كأمر واقع، بحسب ما أكد قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي.

 

تتزايد وتيرة التصعيد الأميركي البريطاني ضد اليمن. فالغارات التي كانت على دفعات متفرقة وأعداد قليلة، راحت وتيرتها تتصاعد مع اتساع رقعة الاستهداف إلى عدد أكبر من المحافظات أيضاً. حيث تواصلت الغارات على الحديدة، والصليف والتحيتا والحاج جنوب المدينة، إضافة لعدد من المناطق الأخرى، بعد ان كانت سابقاً ترتكز بشكل أكبر على صعدة والعاصمة صنعاء. وبما ان المعادلة تقتضي ان يقابل التصعيد تصعيداً، جاء استهداف السفينة البريطانية أخيراً، ليرفع عدد السفن المستهدفة منذ بدء العمليات العسكرية إلى 24 سفينة.

 

ويؤكد السيد الحوثي في خطابه حول آخر المستجدات، أن “الجبهة اليمنية مستمرة وفاعلة ومؤثرة بالرغم من العدوان الأمريكي والبريطاني المساند للعدو الإسرائيلي”. مشيراً إلى ان العدوان فشل في فرض استراتيجية ردع، ولا استراتيجية إجبار اليمن لوقف عملياته. وقال السيد الحوثي أن “المعادلة التي كان يفرضها انتهت، وتلاشى ذلك النفوذ”.

 

شهد واقع المنطقة تحولاً استراتيجياً مع بزوغ قوة يمنية قادرة على تثبيت معادلات لم تعتد عليها الولايات المتحدة من قبل. اذ أن الهدف الذي بُني على أساسه هيكل الحرب المفروضة عام 2015 والمستمر إلى اليوم دون التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، لم يتحقق. ويقول السيد الحوثي في هذا الصدد، أن “الأمريكي كان قد حقق نفوذاً يفوق ما يحلم به، حالة الخنوع التام، والاستسلام التام، في كل الدول العربية، وفي العالم الإسلامي بشكلٍ عام، وهو ينفرد هو، أو الإسرائيلي- ويدعم الإسرائيلي- ببلدٍ هنا أو بلدٍ هناك، يشن العدوان عليه، يرتكب أبشع الجرائم، يحتل، يسيطر، يفعل ما يفعل، والآخرون يتفرجون، كان يريد أن تستمر هذه الحالة، بل وأسوأ منها، يريد أن يُجَيِّش أبناء الأمة معه، وليس فقط على مستوى التخاذل، بل على مستوى أن يُجَيِّش أبناء الأمة معه بكل قدراتهم: العسكرية، والمالية، والإعلامية؛ ليكونوا جنداً مجندين له”.

 

وخلافاً لهذا الواقع، كان اليمن احدى الدول القليلة التي حافظت على استقلاليتها من المضي في الأجندة الأميركية المعدة للمنطقة.

 

“موقف اليمن أسقط أهدافاً للأميركي، وصنع تحولاً، وصنع معادلات جديدة، وصنع متغيرات مهمة جدّاً، والعمليات الفاعلة أوقفت على العدو الإسرائيلي حركته في باب المندب والبحر الأحمر؛ بينما كان في مصاف أكبر المستفيدين من الحركة التجارية ضمن البحر الأحمر وباب المندب، لم يكن على مستوى محدود، يستفيد شيئاً بسيطاً كان من أكبر المستفيدين من الحركة الملاحية في البحر الأحمر وباب المندب”.

 

شكل هذا الواقع معضلة معقدة بالنسبة للإدارة الأميركية وهي على بعد أشهر من الانتخابات الرئاسية القادمة. اذ ان عدم القدرة على إيقاف العمليات العسكرية اليمنية، والتي تعنى بها مختلف دول العالم -كجزء من تدويل القضية الفلسطينية وتصديرها واجهة الاهتمامات-، ثم الفشل في إيقاف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة رغم الإقرار الجماعي بالابادة الجماعية على رغم من اختلاف التسميات في المحافل الدولية التي “تخشى على صورة إسرائيل العالمية”. هذا كله يصب في واقع واحد، وهو ما دعا إليه السيد الحوثي، بربط وقف العمليات العسكرية بوقف الحرب ورفع الحصار، وهو ما يجعله مفتاح المرحلة المقبلة. لكن ماذا لو قرر الجيش الإسرائيلي احتلال رفح عسكرياً خلال شهر رمضان؟ أو المماطلة مجدداً في المفاوضات الجارية؟ بالنسبة لليمن، ستكون الكلمة مرة أخرى للميدان.

 

أ.ش