قراءة في خطاب المقاومة الإستراتيجي للمرحلة الدقيقة

في خطابه الذي أكد فيه على طول الخط أن المعركة صهيو ـــ أميركية، وأن أميركا ترعاها وتقود بها الكيان، وأنه لا ينبغي أن يغفل أحد عن أن الحرب أميركية بالأساس في أكبر عملية نفاق أميركية تدعي بها أميركا أنها مهمومة بالضحايا في حين أنها تقود الحرب وتمدها، رسخ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، خط المقاومة ومعادلاتها وأرسل رسائل في غاية الأهمية في توقيت بالغ الدقة والحساسية.

2024-02-18

ورغم أن الإعلام ركز كثيرًا على تهديدات السيد باستهداف ما هو أبعد من “كريات شمونة” والوصول إلى “إيلات”، إلا أن التهديد كان جزءًا صغيرًا من خطاب أعمق وأشمل، أوضح فيه السيد نصر الله القيم التي تشكّل منطلقات عمل المقاومة، والتي أبرزها تتلخص في هذه العناوين:

 

1 – قيمة الشهادة كصمود وتضحيات لا يردعها عدو، وبالتالي هي أقوى من الإمكانيات التسليحية التي قد يصيبها الردع وقد تحيدها المواءمات والتوازنات.

 

2 – التضحية والثبات، وبالتالي افقاد العدوّ ورقة التهويل والتهديد.

 

3 – الوعي والبصيرة وبالتالي الصمود المدروس والذي يتبع مسارا استراتيجيا.

 

كما انطلق السيد من هذه القيم ليرسل عدة رسائل منها ما يلي:

 

أولًا: عدم التراجع رغم كلّ التضحيات والاغتيالات للقادة وتصفية الكوادر.

 

ثانيًا: تثبيت المعادلات وعدم السماح بخرقها، وخاصة ما يتعلق بالمدنيين، حيث لن تمرر المقاومة استهدافهم وستستهدف مثلهم بمعادلة خاصة وهي الدم مقابل الدم، مهما كانت الانزلاقات.

 

ثالثًا: البصيرة ومواجهة العدوّ الرئيسي وإفشاله وإثبات أن المقاومة راسخة ولن تثنيها أية ضغوط وتتحرك بمسارين متوازيين، الأول هو الثبات وعدم الانحراف عن الهدف وإفشال العدو، والثاني مسار خاص ونوعي يثبت المعادلات الخاصة مثل التي تتعلق بالمدنيين.

 

الخطاب وفي هذا التوقيت الهام والحساس هو خطاب التذكير بالثوابت وإقامة الحجة وخطاب الوعي والبصيرة. ونظرًا لحساسية اللحظة ووجودية المعركة الراهنة، فقد حرص السيد نصر الله على إبراز عدد من الحقائق والتي حاول الأعداء وذيولهم طمسها والتشويش عليها، ولذلك أكد على ما يلي:

 

– الثبات على الهدف الرئيسي ومواصلة العمل عليه وعدم السماح للانفعالات بأن تجر المقاومة لمعارك فرعية بعيدة عن الهدف الرئيسي.

 

– كما حرص السيد نصرالله على توضيح كلفة الاستسلام وما يترتب عليه من مذلة وفقدان للسيادة والكرامة، ليوضح للجميع قيمة المقاومة وحتمية تحمل كلفتها وتبعاتها وتضحياتها بما يترتب عليها من شرف وكرامة وحفظ للحقوق ويأس للعدو وزلزلته.

 

ولعلّ أخطر ما تناوله خطاب سماحته، هو الهدف الرئيسي الصهيوني بتهجير الشعب الفلسطيني ووضع جميع الدول المعنيّة أمام مسؤولياتها، وخاصة لبنان. وحول الواجبات التي بينها السيد نصرالله، جاء التبيين والشرح على رأس الواجبات، كما دعا إلى الالتفات إلى أهمية خيار المقاومة الشعبية والتي تساند الجيوش وتعوض النقص المترتب على القيود المفروضة عليها. وقد دلل السيد نصرالله على صحة ذلك بدلائل عملية مثل ما حدث في لبنان وغزّة وما شكلاه من انتصارات على العدوّ وإفشال لأهدافه، وخاصة لما تتميّز به من قوة مرنة لا تمتلكها الجيوش.

 

وقد أعاد السيد التأكيد على الهدف الاستراتيجي وهو إفشال العدوّ وخروج المقاومة منتصرة وتحديدًا حماس بسبب تركيز العدوّ عليها وذكرها بالاسم كهدف للمعركة، موضحًا توزيع أدوار الجبهة، بوجود جبهة رئيسية في غزّة ومواقع إسناد لها أدوار والجميع يعمل تحت مظلة الهدف الاستراتيجي الرئيسي. باختصار شديد يمكننا أن نقول إن هذا الخطاب وفي هذا التوقيت الهام والحساس هو خطاب التذكير بالثوابت وإقامة الحجة وخطاب الوعي والبصيرة بالهدف الرئيسي وعدم الانحراف عنه لا انفعالًا ولا رضوًخا وخوفًا من تهديد، وخطاب تثبيت المعادلات وإرسال الرسائل الحاسمة والمركزة للعدو وراعيه الأميركي.

 

د.ح

 

المصدر: موقع العهد الإخباري/ إيهاب شوقي