تاركاً مؤلفاته كشواهِد عن الحدود الحقيقية لليبرالية الغربية

روجيه غارودي.. كتاباته ودفاعه عن القضية الفلسطينية

أطلق غارودي مواقفه من القضية الفلسطينية مُبكراً، لكن ما أعقب غزو لبنان من أحداث، قاده إلى مرحلة أكثر جذرية.

2024-02-19

أطلق غارودي مواقفه من القضية الفلسطينية مُبكراً، لكن ما أعقب غزو لبنان من أحداث، قاده إلى مرحلة أكثر جذرية. فأصدر بياناً بعد مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982 نشره في جريدة “لوموند” الفرنسية بعنوان “معنى العدوان الصهيوني بعد مجازر لبنان”.

 

ولِدَ روجيه غارودي عام 1913 لعائلةٍ فرنسية، اعتنق المسيحية البروتستانتية في سنٍ مُبكرة، ودرس في جامعات فرنسا، وفي عام 1937 عُيِّن أستاذاً للفلسفة في مدرسة الليسيه من ألبي.

 

في عُمر العشرين، انضمّ إلى الحزب الشيوعي الفرنسي.

 

والتحق بصفوف المقاومة ضدّ الغزو الألماني النازي، إذ كان الحزب الشيوعي من أهمّ القوى السياسية التي انخرطت فيها. وخلال الحرب العالمية الثانية أُخذ كأسير حرب لفرنسا في الجلفة بالجزائر بين 1940 و1942.

 

وفي عام 1945، انتخب نائباً في البرلمان، فخاض مع حزبه الشيوعي تجربة سياسية برلمانية، لمدّة 14 عاماً حتى سنة 1960.

 

حصل على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عام 1954 من جامعة موسكو.

 

طرد من الحزب الشيوعي الفرنسي سنة 1970؛ بسبب انتقاداته المستمرة للاتحاد السوفياتي. فأسس مركزاً للدراسات الماركسية، وفي تلك الفترة، أصدر كتابه “في سبيل حوار الحضارات” عام 1977 كان بمنزلة مرافعة في الدفاع عن قضية حوار الحضارات.

 

في 2 تموز/ يوليو 1982، أشهر غارودي إسلامه، وكتب “وعود الإسلام” و”الإسلام يسكن مستقبلنا”. عرف الجمهور العربي والإسلامي غارودي لأول مرة بهذه المناسبة، معلناً أنه لم يتخلّ باعتناقه الإسلام عن جوهر المسيحية وفلسفة الماركسية.

 

أطلق غارودي مواقفه من القضية الفلسطينية مُبكراً، لكن ما أعقب غزو لبنان من أحداث، قاده إلى مرحلة أكثر جذرية. فأصدر بياناً بعد مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982 نشره في جريدة “لوموند” الفرنسية بعنوان “معنى العدوان الصهيوني بعد مجازر لبنان”.

 

وكان هذا البيان بداية صدام غارودي مع المنظمات الصهيونية التي شنت حملة ضده في فرنسا والعالم. فتحوّل بعد هذا الموقف من ضيف دائم على الإعلام إلى شخصية قاطعتها الصحف اليومية الفرنسية.

 

في عام 1998، دانت محكمة فرنسية غارودي بتهمة التشكيك في محرقة اليهود في كتابه “الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل”، حيث شكّك في الأرقام الشائعة حول إبادة يهود أوروبا في غرف الغاز على أيدي النازيين.

 

لم يفتح الكتاب في فرنسا نقاشاً أكاديمياً وعلمياً، بل فتح حملة إعلامية شرِسة ضدّ ما عُدّ مُعاداةً للسامية، لينتهي به المطاف في أروقة العدالة الفرنسية. فصدر بحقه حُكم بالحبس لمدة عام مع وقف التنفيذ.

 

ورد غارودي على ذلك بكتابه “الإرهاب الغربي” الذي نشره عام 2004 في الجزائر، بعد أن رفضت دور النشر الفرنسية نشره خشية العقوبة أو التشهير.

 

رحل روجيه غارودي عام 2012 عن عُمر 99 سنة، تاركاً مؤلفاته كشواهِد عن الحدود الحقيقية لليبرالية الغربية والفرنسية بالأخصّ.

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ وكالات