مع الحرب الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة، تتعدد أوجه معاناة الأطفال في قطاع غزة، بعدما حوّلهم الاحتلال إلى بنك أهداف مشروع ومستباح.
وبعد 136 يوماً من حرب الإبادة الجماعية، يقتل الاحتلال الأطفال بمعدل كارثي وبمستوى من الوحشية لم نشهده في العقود الأخيرة، وفق ما خلصت له منظمات حقوقية فلسطينية.
ويبلغ عدد الأطفال دون سن ال 18، نحو 1.06 مليون طفل، بما يشكل الأطفال 47% من إجمالي سكان قطاع غزة، وفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ومن بين أكثر من 28 ألف شهيد في قطاع غزة هناك 12 ألف طفل وفق إحصاءات غير نهائية، فيما لا يزال هناك 7,000 مفقود، 70% منهم من الأطفال والنساء.
ويشكّل هذا ضعف معدل قتل الأطفال مقارنة بالأعداد التي شهدناها على مدار العشرين سنة الماضية، وفق بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومكز الميزان ومؤسسة الحق.
وفق البيان، يفقد أكثر من 10 أطفال في المتوسط إحدى ساقيهم، أو كلتيهما يومياً في غزة منذ بداية العدوان العسكري الإسرائيلي، وفق منظمة إنقاذ الطفولة، وذلك في إثر نقص المعدات والإمدادات الطبية والأدوية مقابل الأعداد المهولة للضحايا. فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة ما عرّض العديد من حديثي الولادة في الحاضنات للوفاة، كما توقفت خدمات غسيل الكلى، وباتت نسبة النجاة ضئيلة.
الهجمات الإسرائيلية المستمرة على المؤسسات الصحية وإخراج العشرات من المستشفيات والمؤسسات الصحية عن العمل، أثّر بشكل كبير وفاقم من معاناة الأطفال المصابين بالفشل الكلوي الذين هم بحاجة بشكل مستمر وعاجل لغسيل الكلى.
معاناة النزوح، وجه آخر لمعاناة الأطفال، فمن بين حوالى 1.9 مليون شخص نازح في قطاع غزة، أكثر من نصفهم أطفال، حيث نزح أكثر من 600 ألف طفل وأسرهم، والعديد منهم لأكثر من مرة، إلى محافظة رفح وفق آخر بيان للمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وتشير تقديرات المنظمة إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل أصبحوا منفصلين عن أهلهم.
لا أعرف شيئًا عن أهلي
تروي الطفلة سلسبيل بدوي، 16 عاماً، من سكان غزة، مشاهد مروعة أثناء نزوحها: “بعد بداية الهجوم البري على قطاع غزة بأسبوع أو ما يقارب الأسبوعين بدأ جيش الاحتلال الاسرائيلي بالقصف بالأحزمة النارية على الحي الذي كنا نسكن به، فقالت لي أمي اذهبي على الجنوب مع الجيران وسألحقك، وقال لي أخي زكريا أنه سيلحقني هو الآخر ولكنه استشهد وكذلك أخي يوسف أصيب في رجليه وقدميه.
وأضافت: خرجت مع جيراننا “بيت العمارين”، ولا أعرف أي شيء عن أهلي حتى اللحظة ولا يوجد أي تواصل بيننا، وأثناء نزوحي مع جيراننا من شمال غزة عبر الممر الآمن كان هناك جثث للعديد من الشهداء ملقاه على الأرض، وكنت أمر من فوقهم ودعست على رأس شهيد، الله يسامحني، وافترقت عن جيراننا، رأيت الدبابات أمامي، وكان جيش الاحتلال يقتل الناس بجانبي، وبعد ما افترقت عنهم وقدمت عن الحاجز عثرت عليهم، وهم الذين أحضروني هنا في رفح”.
جوع وأمراض
ويعيش الأطفال في غزة أوضاعاً مأساوية حيث يواجهون خطر الموت جوعاً، فقد أشار أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) إلى مستويات مدمرة من انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة.
وأكد التقرير أن جميع سكان غزة يعانون أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وأن العديد من البالغين يعانون الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.
الأمراض المعدية كالجرب والقمل وجدري الماء والطفح الجلدي. وقد سجّل ما يزيد عن 1000 حالة من التهابات الجهاز التنفسي الحادة.
وتنتشر هذه الأمراض مع تدمير واسع للبنية التحتية والخدمات الأساسية للمياه والصرف الصحي.
ويأتي هذا الخطر في وقت يواجه فيه النظام الصحي في قطاع غزة انهياراً كاملاً حيث يتعرض الأطفال دون سن الخامسة، وهم 335,000 طفل، للخطر على نحو خاص.
أ.ش