خطوات وتوجّهات عملية لتسريع إنهاء الوجود الأجنبي في العراق

أكدت أوساط ومحافل وشخصيات سياسية عراقية أن الأمور تتجه، بصورة واضحة وعلى نحو متسارع، إلى إنهاء الوجود الأجنبي بأشكاله وصوره وعناوينه ومسمياته كافّة في العراق خلال الشهور القلائل المقبلة، أو في أقصى تقدير نهاية العام الجاري.

2024-02-19

بغداد: عادل الجبوري

 

في هذا السياق، أوضح أعضاء في لجنة الأمن والدفاع النيابية في البرلمان العراقي أن الأمور ماضية نحو جدولة انسحاب قوات التحالف الدولي من الأراضي العراقية، وقد شُكّلت لجنة مختصة لوضع جدول لانسحاب قوات التحالف من البلاد. وأشار هؤلاء الأعضاء إلى: “أن وجود القوات الأميركية والأجنبية على الأراضي العراقية كان بطلب من الحكومات السابقة والحالية، ووجودها ليس لغرض القتال وإنما للتدريب، وأن القوات الأمنية العراقية باتت اليوم جاهزة، وأن هناك الآن توجهًا عند الجميع بضرورة انسحاب ما تبقى من القوات الأجنبية”.

 

وفي الحادي عشر من شهر شباط/فبراير الجاري، أعلنت الحكومة العراقية استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن مستقبل التحالف الدولي لمكافحة “داعش”، وأكدت: “أن عملية انسحاب قوات التحالف ستتم، بصورة دورية، بهدف إتمامها بالسرعة الممكنة”.

 

وجاءت عملية استئناف المفاوضات بين واشنطن وبغداد بشأن إنهاء الوجود الأجنبي من الأراضي العراقية، بعد تصاعد سلسلة الاعتداءات والتجاوزات والانتهاكات الأميركية، والتي كان آخرها اغتيال القيادي في الحشد الشعبي وكتائب حزب الله أبي باقر الساعدي، بقصف صاروخي استهدفه في منطقة المشتل شرق العاصمة بغداد في الثامن من شهر شباط/فبراير الجاري، علمًا أن المحادثات بين الجانبين، كانت قد انطلقت في أواخر الشهر الماضي في إطار لجنة عسكرية عليا مشتركة. وبيد أن المحادثات تلكأت وتعثرت بعد الهجوم الذي تعرضت له قاعدة عسكرية أميركية متمركزة عند الحدود السورية -الإيرانية، وتسبّب بمقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة أكثر من ثلاثين آخرين. وقد عُدّ ذلك الهجوم الأعنف والأقوى ضد القوات الأميركية في المنطقة منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” بين فلسطين والكيان الصهيوني في السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

 

وعلى هامش مؤتمر ميونخ للأمن بنسخته الستين، والذي انعقد في ألمانيا قبل يومين، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني: “أن الحكومة العراقية تسعى إلى تنظيم العمل مع التحالف الدولي، والذهاب نحو إنهاء وجوده في العراق، والانتقال إلى العلاقات الثنائية المتعددة مع دول التحالف”. فضلًا عن ذلك؛ فإنّ السوداني تطرق إلى هذا الموضوع خلال لقائه وفدًا من الكونغرس الأميركي في ميونخ، ضم أربعة أعضاء؛ وهم: مايك تيرنر، ميكي شيرل، جو ويلسن، وجيري كونولي؛ حيث شدّد السوداني على: “ضرورة إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، بعد وصول القوات الأمنية العراقية إلى مرحلة متقدمة من الجاهزية والأداء العالي، والانتقال إلى علاقات ثنائية واسعة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية وباقي دول التحالف”.

 

من جانب آخر؛ أبلغ وكيل الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ورئيس فريق المراجعة الاستراتيجية لعمل “بعثة يونامي” في العراق فولكر بيرتس رئيس الوزراء العراقي، خلال لقائه معه في ميونخ، بتوجّه المنظمة الدولية إلى إنهاء مهامها في العراق تدريجيًا ارتباطًا بالتقدم الحاصل في بسط الأمن والاستقرار الداخلي، والاكتفاء بنقل النشاطات والبرامج المشتركة للمنظمة الدولية إلى المنظمات المتخصصة بعد إنهاء الدور السياسي لبعثة يونامي.

 

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء العراقي زار هولندا، قبل توجهه الى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن، والتقى في أمستردام نظيره الهولندي مارك روتيه بحضور وزيري الخارجية والزراعة العراقيين، فؤاد حسين وعباس جبر المالكي. هذا في الوقت الذي ذكر فيه المكتب الإعلامي للسوداني أنه عقد على مدى يومين في ميونخ أكثر من عشرين لقاء واجتماعًا مع زعماء دول ورؤساء شركات عالمية، وشخصيات سياسية واقتصادية رفيعة المستوى. وتمحورت مجمل تلك اللقاءات والاجتماعات حول أهمية الشروع بمرحلة جديدة من العلاقات مع العراق بعد إنهاء وجود التحالف الدولي، والتركيز على الجوانب الاقتصادية في ظل استتباب الأوضاع السياسية والأمنية العراقية، ونجاح العراقيين في التغلب على الكثير من المصاعب والتحديات التي كانت تواجه البلاد خلال المراحل السابقة.

 

وبحسب المكتب الإعلامي للسوداني، فإنّه: “كان هناك تفهم دولي كبير لرغبة العراق في الانتقال بالعلاقة مع دول التحالف الدولي من الأمن إلى الشراكات الاستراتيجية وفي مجالات مختلفة. وكانت الرسائل واضحة بأنّ أمن العراق ضرورة لأمن المنطقة، والعراق المستقر يُمثّل مصلحة للجميع، وأنه يُعد منطقة التقاء ويرفض أن يكون ساحة لتصفية الحسابات، وكذلك ينبغي على المجتمع الدولي التحرك سريعًا لإيقاف الحرب على غزة”.

 

 

أ.ش

المصدر: العهد