بألوانها الزاهية وبراعتها بفن الرسم تضع الطفلة الفلسطينية جنّات أحمد (13 عاماً) لمساتها الأخيرة على فراشة رسمتها على وجه طفلة نازحة من منزلها بفعل الحرب على غزة.
وتتطلّع من خلال خبرتها القليلة في الرسم إلى تخفيف هموم الحرب وإضفاء البسمة على وجه الأطفال الذين يتعرضون لأوضاع مأساوية بفعل الحرب.
وبينما تمسك جنّات بريشتها بين أناملها الصغيرة، تبدأ في وضع اللمسات الأخيرة على الرسمة الجميلة التي طلبتها إحدى الأطفال على وجهها، ما أعطاها مظهراً رائعاً.
وعندما تنتهي من رسمها ترسم ابتسامة خفيفة وهي تتأمل عملها من بعيد، فتشعر بالرضا على ما أنجزته بإمكانياتها البسيطة.
وتسعى الطفلة من خلال مهارتها بفن الرسم على الوجه، إلى إيصال الفرح والأمل إلى وجوه الأطفال الذين يعانون من آثار نفسية بسبب العدوان الإسرائيلي.
وتجد صاحبة البشرة القمحية في الفن الذي تعلمته منذ كانت في سن الثامنة، وسيلة لها للتفريغ عن نفسها وإشغال وقتها بما هو مفيد لها وللأطفال.
ولا تتردد الفنانة الصغيرة برسم ما يخطر ببالها، أو ما يطلب منها من قبل الأطفال، بهدف دفعهم لحب الحياة والايمان بالأمل.
وعلى مقربة من جنات، يحيط بها عشرات الأطفال الذين قدموا ليُزينوا وجوههم بالرسومات الزاهية والجميلة التي ترسمها الفنانة الصغيرة.
ورسمت جنات بأناملها الصغيرة على وجوههم علم فلسطين بألوانه الأسود، الأبيض، الأخضر والأحمر، وخطت عبارات وشعارات تعبر عن حب فلسطين.
ودفعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الطفلة جنات للنزوح من بيتها، حيث كانت تحتفظ بمرسمها الخاص الذي كانت تملأه بالعديد من الرسومات الملونة والجميلة، منها صور للمسجد الأقصى وقبة الصخرة، ومعالم تاريخية، وبساتين وزهور وطيور.
وتمكنت الطفلة إلى جانب والدتها وبعض أفراد أسرتها الفتيات، من النجاة من قصف إسرائيلي استهدف مدرسة الفاخورة التي نزحوا إليها في بداية الحرب.
لكنها فقدت أشقاءها ووالدتها خلال الضربة الإسرائيلية للمدرسة، ما دفعهم للنزوح إلى مدرسة اليمين السعيد في مخيم جباليا شمالي القطاع.
وقالت جنات: “أرسم على وجوه الأطفال لنضيف لهم بعض الفرح ونساعدهم على التغلب على اليأس الذي يصيبهم خلال الحرب”.
وأضافت: “أسعى لتخفيف الخوف الذي يعيشه الأطفال ونزع الرعب من قلوبهم بالقليل من الفرح الذي يمكنني صنعه بواسطة الفرشاة والألوان”.
وشددت على أن “الأطفال يعانون من الخوف والجوع والآلام النفسية الصعبة بسبب الحرب”.
وأشارت إلى أنها تعيش في المدارس منذ ثلاثة أشهر ونصف، حيث كانت في بداية نزوحها في مدرسة الفاخورة في بلدة بيت حانون، ولكن القصف ومقتل عدد من أفراد عائلتها بينهم والدتها وأشقاؤها، دفعها للنزوح إلى مخيم جباليا.
وأوضحت أنها، تبحث برفقة أقرانها عن جرعة من الفرح، بينما تعاني من نقص المياه والغذاء وغياب الأمان بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وفي 2 فبراير/ شباط الجاري أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” أن التقديرات تشير بأن 17 ألف طفل فلسطيني في غزة فقدوا ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم.
وقال جوناثان كريكس، مدير اتصالات اليونيسف في الأراضي الفلسطينية، خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي آنذاك، إن التقديرات تشير إلى أن 17 ألف طفل في غزة أصبحوا بدون ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم.
وأكد كريكس: “إن كل طفل من هؤلاء الأطفال لديه قصة مفجعة”.
وفي تصريحات سابقة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول بلغ مليوني شخص.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر تشن “إسرائيل” حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية.
أ.ش