في ذكرى إعتقاله الثامنة:

الشيخ علي سلمان احد ابرز الوجوه التي قادت الحراك ومنعت الانجرار إلى احتراب داخلي.

الإعلامي البحريني مرتضى الطالبي:السلطات البحرينية اعتقلت الشيخ سلمان لإضعاف المعارضة ،وإرتماء النظام في أحضان الصهاينة هو الخوف من الشعب، ولضمان كرسي الحكم.

2022-12-30

خاص الوفاق/ أمل محمد شبيب

هو الرجل الشامخ، المناضل، العالم الذي عاهد الله فصدق، وما بدّل تبديلاً … هو القامة الصلبة والقوية الإرادة، القيادي البحريني المعارض، القائد السجين الذي كتب عنه أمس آية الله الشيخ عيسى قاسم في ذكرى اعتقاله الثامنة: يوم أن غيّب سماحة الشيخ علي سلمان في سجنه، غيّبت عن الساحة رؤية إيمانية هادية وعقلية سياسية قديرة وشجاعة واضحة، وتقدير موضوعي دقيق وإخلاص وطني كبير… لقد غيّب الرجل الأمين الوفي الناصح السجن ظلماً على طريقه جزاء سِنِمَّار.

مقتطفات من رسالة الشيخ علي سلمان التي كتبها في ذكرى اعتقاله الثامنة من داخل السجون البحرينية  بتاريخ 28/12/2002

إلى كل الأحبة في البحرين وخارجها الذين يسألون عني باستمرار، أطمئنكم بأني بألف خير وعافية، فأنا في حفظ الله وعنايته منذ وعيت، فما رأيت من ربي إلا جميلاً. وأسأل الله أن يُعينني على القيام بواجبي للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخدمة وطني وأهلي.

إن كل يوم يمر على الوطن وهو في صراع داخلي بعيداً عن التوافق الوطني هو يوم ضائع على الوطن وعلى أبنائه، وتفويتٌ لفرصة البناء والتنمية في خدمة الوطن والمواطن.

في الختام أوجه ندائي لكل ابناء الوطن: تعالوا إلى كلمة سواء، أن نعمل لهذا الشعب، بروح وطنية بعيداً عن أي تدخل خارجي وأي حسابات شخصية، نتحاور فيما اختلفنا فيه، نتوافق على إصلاح يعالج المشاكل الحقوقية والسياسية ويتوافق عليه، ويعطي للشعب مشاركة حقيقية وفاعلة في إدارة شؤونه العامة.

في ذكرى اعتقاله، الوفاق إلتقت بالإعلامي البحريني مرتضى الطالبي وكان اللقاء التالي:

محطات من حياة الشيخ علي سلمان

بداية اللقاء توقفنا عند اهم محطات حياة الشيخ علي سلمان، حيث قال الطالبي بأن سماحة الشيخ علي سلمان عالم دين بحريني وأحد ابرز القادة السياسيين في تاريخ البحرين الحديث. وإذا أردنا ان نتحدث عن أبرز محطات حياته السياسية فإن الشيخ علي كان أحد الوجوه البارزة في قيادة الحراك الشعبي في تسعينات القرن الماضي، وكان اعتقاله في 1994 هو الشرارة التي أعادت الوهج للحراك حينها. وعلى إثرها اتخذ النظام البحريني قراراً بنفيه من البلاد. في 2001 وبعد اصلاحات تعهد بها الأمير عاد الشيخ علي سلمان إلى البلاد إلا أن الامير لم يفِ بتعهداته. في عام 2001 انخرط في العمل السياسي كأمين عام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وفي 2006 شارك سماحة الشيخ في الانتخابات التشريعية مترأسًا كتلة الوفاق النيابية وحصد الشيخ علي أعلى عدد أصوات لنائب في تاريخ البحرين ولا يزال هذا الرقم صامدًا. إبان ثورة فبراير 2011 كان الشيخ علي احد ابرز الوجوه التي قادت الحراك وحافظت على سلميته ومنعت الانجرار إلى احتراب داخلي، إلى أن تم اعتقاله في 2014.بعد سنوات من اعتقال الشيخ علي سلمان بتهم واهية، وإبان الأزمة بين دول الخليج الفارسي مع قطر، اتهمت البحرين الشيخ علي سلمان بالتخابر مع دولة أجنية (قطر) وحكمت عليه بالسجن المؤبد في تهمة مضحكة. وقد أشار الشيخ علي في كلمته من داخل السجن الثلاثاء 27 ديسمبر 2022 إلى تعجبه من تحول مكالمة هاتفية علنية مع رئيس الوزراء القطري وبتنسيق مع أعلى سلطة في البلاد إلى تهمة بالتخابر مع دولة أجنبية!!

السلطات البحرينية اعتقلت الشيخ سلمان لإضعاف المعارضة  

وحول اسباب اعتقال السلطات البحرينية الشيخ علي سلمان، قال الطالبي بأن السبب الرئيسي لاعتقال الشيخ علي سلمان كان المقاطعة الشاملة للانتخابات التشريعية في 2014، وكانت السفارة الأمريكية لوّحت للمعارضة بأن الحكومة سوف تنتقم من جمعية الوفاق إذا ما قاطعت الانتخابات، لكن الشيخ علي أكد استعداده والوفاق لتحمّل نتائج عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية التي تنتج برلمانًا صوريًا لا يملك القدرة على الرقابة والتشريع.

أما من جهة أخرى فإن السلطات أرادت عبر اعتقال الشيخ علي سلمان إسكات قائد المعارضة وتغييب صوته، وبالتالي إضعاف المعارضة وإسكات المعارضين، وفي النتيجة توجيه ضربة قاصمة وقاتلة للحراك والتأثير النفسي على جماهير الشعب لليأس من إمكانية النصر واستعادة الحقوق.

لأجل المطالب الإنسانية قاد الشيخ الإنتفاضة الشعبية

ثم كان الحديث عن اهم المطالب التي قاد فيها الشيخ الانتفاضة الشعبية، اضاف الإعلامي مرتضى الطالبي بأنه يمكن تلخيص المطالب التي يطالب بها الشيخ علي سلمان في مجموعة من المطالب الإنسانية البديهية لكل  الشعوب: حكومة منتخبة، برلمان كامل الصلاحيات، قضاء عادل، أمن للجميع، مواطنة متساوية. وإنه لعجبٌ عُجاب أن يُعتقل انسان هذه مطالبه! ورغم أن الكثير من المعارضين كانوا يعيبون على الشيخ علي سلمان تمسكه بإصلاح النظام قبال إسقاطه، إلا أنّ النظام اعتقل داعية الإصلاح والسلمية بتهم واهية وأقل ما يقال عنها أنها مضحكة.

النظام البحريني رمز للدكتاتورية

وحول الى ماذا يسعى النظام البحريني من كل  الانتهاكات والاصرار  على تغييب القيادات الشعبية الوطنية، قال الطالبي أن الهدف الأساسي هو تكريس الدكاتورية وإحكام القبضة الأمنية على البحرينيين. يريد النظام عبر اعتقال القيادات الوطنية ونفيها كما حصل مع آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم أن يقول أن لا خطوط حمر لديه، وانه مستعد لتجاوز كل الخطوط بغرض احتكار السلطة لدى أسرة واحدة، والقلة القليلة من المحيطين بها.

للمعارضة البحرينية دورها المهم في الحياة السياسية

اعتقال الشيخ علي سلمان كان ضربة قوية وجهها النظام إلى الحراك الشعبي والعمل السياسي العلني، بهذه العبارة بدأ الطالبي حديث عن كيفية انعكاس اعتقال الشيخ سلمان خلال هذه السنوات على أهله وناسه في البحرين وعلى مجمل الحياة السياسية هناك منذ العام 2014، مضيفاً: ” إلا أن النظام -كما كان يؤكد الشيخ علي- حكم على استمرار الأزمة بعدد السنوات التي حكم بها على الشيخ وقيادات المعارضة. على صعيد الحياة السياسية وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة في نوفمبر 2022  كان رأي الكثير من الموالين للسلطة بأن أفضل مجلس للنواب كان حين شاركت جمعية الوفاق رغم ملاحظاتها على العيوب فيه. أما ما بعد المعارضة،  فإنه أصبح مجرد صورة باهتة. إن هذا يعطي مؤشراً مهماً لدور المعارضة في الحياة السياسية في البحرين، وأنه من دون المعارضة والشراكة معها في إدارة شؤون البلاد فإن الامور ستسير إلى الأسوء، وهو ما نشاهده اليوم من تدهور وانتهاكات حقوقية لا تتوقف، و انسداد في أفق الحياة السياسية باجراء انتخابات قاطعها أغلبية الشعب، وأزمات اقتصادية أدت لفرض الضرائب على المواطنين.

عصيّ على الإنكسار

في والحديث عن صمود الشيخ داخل معتقلات ال خليفة، قال الطالبي بأن سماحة الشيخ علي سلمان رجلٌ مؤمن بحق، في الذكرى الثامنة لاعتقاله يقول في كلمته “لم أر من ربي إلا جميلاً ” بهذه الروحية والعقلية التي يتمتع بها سماحة الشيخ فإنه عصي على الانكسار. ورغم تواجده خلف القضبان إلا أن الشيخ علي لا زال يتابع الاوضاع السياسية وهموم المجتمع ويصدر في مختلف المحطات البيانات والتعليقات في ما يرتبط بالأوضاع العامة رغم أنه قد يتعرض إلى المضايقات والعقاب.

اعتقال الشيخ علي سلمان عزز من وجوب استمرار الحراك

وفي السؤال حول ما اذا حقق النظام ما كان يصبو إليه بتغييب هذه الشخصية القيادية النضالية وغيره من الرموز داخل السجون؟ أجاب الإعلامي البحريني مرتضى الطالبي بأنه إذا عدنا إلى الإجابة السابقة حول الاهداف سنجد أن الهدف النهائي للنظام هو وأد الحراك، إلا أن اعتقال الشيخ علي سلمان عزز من وجوب استمرار الحراك، وهذا ما نراه اليوم من مسيرات واعتصامات لم تتوقف للمطالبة بالحقوق السياسية لشعب البحرين. وعلى صعيد آخر فإن النظام أراد أيضا أن يخلق قطيعة بين الشيخ علي وجماهيره، وأن يصطنع قيادات بديلة تنوب مكان الشيخ علي والقيادات الشعبية إلا أن هذا المسعى باء بالفشل أيضًا فلا زال الشعب متمسك بقياداته التي خبرها وجربها في مختلف المحطات فوجدها تملك من الوعي السياسي والشجاعة الكثير.

الرموز البحرينية خلّفت فكراً ووعياً سياسياً عند الشعب البحريني

وفي الحديث عن تطبيع النظام مع الكيان الاسرائيلي، وما إذا لجأت الحكومة البحرينية الى سياسة كم الافواه ووضع هذه الرموز داخل السجون من اجل انجاح هذا التطبيع، اعتبر الطالبي بأنه لو كان الشيخ علي سلمان وقيادات المعارضة خارج السجن لوجدناهم في مقدمة الصفوف المناهضة والمقاومة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي المحتل. ولربما يكون أحد أهداف تلفيق القضية السخيفة لشيخ علي سلمان بالتخابر مع دولة قطر، هو تغييب الشيخ علي سلمان لتمرير مشروع التطبيع. ولكن بفضل الله سبحانه ووعي الشعب البحريني فإن الشعب حاضر في الساحة، وقد راينا جميعنا  كيف تسببت التظاهرات في تغيير برنامج الرئيس الإسرائيلي في زيارته للبحرين. وقبل أيام كان من المزمع أن تخرج مسيرة للاحتفال بما يسمى بعيد الحانوكا يشارك فيها اسرائيليون جاؤوا إلى البحرين من فلسطين المحتلة، إلا أن شعب البحرين خرج في تظاهرات غاضبة في قلب العاصمة المنامة، فألغيت هذه المسيرة. في المحصلة، نستطيع القول أن رغم تغييب الشيخ علي سلمان والرموز السياسيين في السجون إلا أنهم خلّفوا ورائهم فكراً ووعياً سياسياً جعل البحرينيين يقفون عقبة وسدًا بوجه الكيان الإسرائيلي.

النظام مستمر في تعنته، والشعب ماضٍ في مطالبته بحقوقه

وكان ختام اللقاء حول ماذا بعد استمرار انتهاج سياسة الاعتقال؟ وما هو مستقبل هذه القضية الانسانية؟ وهل ستستمر الحكومة في ملف انتهاكات حقوق الانسان لا سيما للقادة؟ وختم الطالبي: “للأسف، النظام البحريني يواصل الاتكاء على الدعم الدولي والإقليمي له من أجل التمسك بالوضع القائم، وهو غير مستعد حتى الآن للجلوس إلى طاولة الحوار مع المعارضة للوصول إلى توافق ينقذ الوطن والمواطن من الانحدار والتراجع المستمر في كل المجالات. وبرأيي فإن سبب ارتماء النظام في أحضان الصهاينة هو الخوف من الشعب، ولضمان كرسي الحكم. النظام مستمر في تعنته، والشعب ماضٍ في مطالبته بحقوقه وفي صراع الإرادات هذا بين حكمٍ وشعب، لم يحدثنا التاريخ بأن الشعوب هُزمت.

ونختم المقال بقول آية الله شيخ عيسى قاسم: “إن بقاء السجناء السياسيين الشرفاء المطالبين بحقوق الشعب في السجون، شاهد على فقد الوزن الإنساني للسياسة القائمة، وهو واحد من شواهد كثيرة كلها فاضحة”.