الإمام الخامنئي، مؤكداً أن المستقبل لحضارة الإسلام الحقّة:

ثبات المقاومة وغزة يُظهران قوّة الإيمان الإسلامية

أشار سماحته إلى انكشاف كذب ادعاءات الحضارة الغربية بشأن حقوق الإنسان ونفاق الغربيين في حادثة غزة، موضحاً: «الغربيون الذين يثيرون الضجة والجلَبة بسبب إعدام شخص مجرم يغضون الطرف عن مقتل 30 ألفاً من الأبرياء في غزة.

2024-02-25

الوفاق- إلتقى القائمون على مؤتمر التكريم الثاني لـ 24 ألف شهيد من محافظة خوزستان، صباح أمس الأول السبت 24/2/2024، مع الإمام الخامنئي في حسينيّة الإمام الخميني (رض). وتحدّث قائد الثورة الإسلاميّة عن نفاق الحضارة الغربيّة في تعاملها مع حقوق الإنسان، وأنّ المقاومة أحبطت العدوّ في غزّة لامتلاكها قوّة الإسلام فشدّت الشباب في أمريكا وأوروبا نحو القرآن. كما شدّد سماحته على أنّ الغلبة في المستقبل لحضارة الإسلام الحقّة ذات المنطق السليم وأنّ الحضارة الغربيّة لن تبلغ هدفها والمنزل الأخير.     

 

وقال سماحته خلال اللقاء: إن ملحمة ومعجزة أهالي خوزستان خلال «الدفاع المقدس» هما نتيجة مزيج الهمّة الشعبية والإيمان الإسلامي. وتحدث سماحته عن بصيرة الإمام الخميني الجليل في اختيار عبارة «الجمهورية الإسلامية»، «لأن ما أدّى إلى استقرار النظام الإسلامي وتقدّمه وتغلبه على كثير من العقبات والمؤامرات كان مزيج الثقة بجمهور الناس والإسلام… الطريق إلى التغلب على المشكلات في المستقبل سيكون استمرار هذا الفكر».

 

*الإمام كان يثق دائماً بالشعب

في اللقاء، بارك الإمام الخامنئي حلول عيد النصف من شعبان السعيد والعظيم، كما تطرق إلى فهم الإمام (رض) الدقيق للشعب وكذلك نظرته الشاملة والمتسامية تجاه الإسلام. وقال: «كان الإمام يثق دائماً بالشعب منذ الأيام الأولى للنهضة الإسلامية حتى انتصار الثورة الإسلامية وبعد ذلك، ويرى الإسلام مدرسة وفكراً مُجدياً للسياسة وإدارة المجتمع، وبناء على ذلك استطاع أن يمهد الطريق لتقدم إيران واستمرار الحركات العظيمة».

 

مع تأكيده أن أهم مشكلة لأعداء الجمهورية الإسلامية هي افتقارهم المعرفة بالشعب الإيراني وكذلك بالإسلام، قال سماحته: «كان أعداء الشعب الإيراني، بناء على تقديراتهم ومخططاتهم، متأكدين من أن الجمهورية الإسلامية لن تحتفل بالذكرى الأربعين لتأسيسها، لكن رغم أنوفهم لم يتوقف تقدّم إيران، وسوف يستمر بلطف من الله وثقة بهمّة الناس وإرادتهم وإيمانهم الديني».

 

*صمود قوى المقاومة

في جزء آخر من كلمته، عدّ قائد الثورة الإسلامية ظروف غزة اليوم أنموذجاً آخر عن كون الثقة بالشعب والإيمان الديني يصنعان المعجزات. وقال: «صمود قوى المقاومة وتثبيطها العدو عن القضاء عليها، وكذلك صبر أهالي غزة أمام القصف والمصائب، يدلان على الإيمان الديني القوي لدى هؤلاء الناس».

 

وأشار سماحته إلى انكشاف كذب ادعاءات الحضارة الغربية بشأن حقوق الإنسان ونفاق الغربيين في حادثة غزة، موضحاً: «الغربيون الذين يثيرون الضجة والجلَبة بسبب إعدام شخص مجرم يغضون الطرف عن مقتل 30 ألفاً من الأبرياء في غزة، وأمريكا تستخدم “الفيتو” بوقاحة تامة ولمرّات عدة ضد قرار وقف القصف على غزة».

 

*الوجه الحقيقي للثقافة والحضارة الغربية

وتابع الإمام الخامنئي: «هذا هو الوجه الحقيقي للثقافة والحضارة الغربية والديموقراطية الليبرالية، الذي يبدو فيه السياسيون في ظاهرهم أنيقين ومبتسمين، أما في الداخل، فإنه كلب مسعور وذئب متعطش للدماء».

 

في الختام، قال سماحته: «نحن مطمئنون أن هذه الحضارة الغربية وهذا الحمل المعوج لن يصلا إلى مقصدهما، وسوف تتغلب ثقافة الحق والمنطق الصحيح للإسلام على كل ذلك».

 

ووصف قائد الثورة خلال استقباله يوم الخميس المنصرم، بتاريخ 22/2/2024، المشاركين في الدورة الاربعين للمسابقات الدولية للقرآن الكريم قضية غزة بأنها القضية الاولى للعالم الإسلامي، وأضاف: هل يلتزم قادة ومسؤولو الدول الإسلامية بتعاليم القرآن، التي تنص على انه “لا تتواصلوا مع أعداء الله والمسلمين”؟ ، لماذا لا يقطع قادة الدول الإسلامية علاقتهم علناً مع الكيان الصهيوني القاتل ويتوقفوا عن مساعدة هذا الكيان؟.

 

وقال سماحته خلال المسابقات: نأمل أن تنتشر الرغبة في «الاستضاءة» من القرآن ويزداد التوجّه نحو فهم معارفه يوماً بعد يوم بين شعبنا وشعوب العالم الإسلامي والأمة الإسلامية قاطبة، فنحن بحاجة إلى هذا.

 

وفيما استعرض سماحته أهمية قراءة وفهم القرآن الكريم، وبينما اعتبره هداية مؤكدا أننا كلّنا بحاجة إلى الهداية، قال:  للأسف، كان ولا يزال هناك بعض الأشخاص في العالم الإسلامي يتصورون ويعتقدون أن القرآن للقلوب فقط، ولزوايا المعابد، وأن البشر بحاجة إليه من أجل احتياجاتهم وعلاقتهم الشخصية مع الله. إنهم لا يقبلون الإسلام الذي يلبّي احتياجات المجتمعات، ولا يقبلون الإسلام السياسي، ولا الإسلام الذي يبني نظاماً اجتماعياً. هذه هي النقطة المقابلة تماماً لما يُبيّنه القرآن نفسه، والنقطة المقابلة لما يذكره أمير المؤمنين – عليه السلام – في وصف القرآن.

 

وإستعرض سماحته أن طرق الحصول وإستسقاء المعارف القرآنية، مؤكدا أن ذلك يحدث بالأُنس بـالقرآن، والتدبّر فيه، وبالرجوع إلى أولئك الذين نزل القرآن في بيتهم، [أي] أهل بيت رسول الله، عليهم الصلاة والسلام.

 

*قضيّة غزّة أعظم قضيّة في العالم الإسلامي                                            

واعتبر سماحته أن قضيّة غزّة أعظم قضيّة في العالم الإسلامي اليوم. وقال: هل نلاحظ تطبيق قادة ومسؤولي الدول الإسلاميّة تعاليم القرآن والمعارف القرآنيّة بخصوص غزّة؟ يخاطبنا القرآن: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران، 28). هل يجري العمل بهذه الآية في ما يرتبط بغزّة؟ لماذا لا يعلن قادة الدول الإسلامية علانية معارضتهم وقطع علاقتهم ومساعدتهم ودعمهم الكافر المقاتل الخبيث الصهيوني؟ يقول القرآن: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (الممتحنة، 1) فهل يجري العمل بهذا في عالمنا اليوم؟ يقول القرآن: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح، 29) فهل يبدون هذه الشدّة مقابل الكيان الصهيوني الخبيث؟ هذه الآلام الكُبرى للعالم الإسلامي اليوم. سوف يسائل الله المتعالي، ويؤاخذ أفراد الشعوب المسلمة كلّهم: لماذا لم يمارسوا الضغوط على حكوماتهم، ويؤاخذ الحكومات المسلمة: لماذا لم يطبّقوا [أمر القرآن]؟ {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ… أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} (الممتحنة، 9). هذه كلّها معارف قرآنيّة. إنها ما ينبغي لنا أن نُسلّط الضوء عليها في هذه التلاوات ويذكّر بعضنا بعضاً بها، وأن نتشارك هذه المسؤوليّات، وأن نتواصى بالحق. لا بد أن تكون هذه نتيجة مجالس تلاوتنا وما يصدر عنها.

 

*قوى المقاومة تطبق تعاليم القرآن اليوم

طبعاً لهذا الموضوع جانبٌ آخر أيضاً: تطبّق قوى المقاومة في غزّة وفلسطين [تعاليم] القرآن اليوم. إنّهم يعملون بتعاليمه، فالمقاومة داخل غزّة تصمد مقابل العدوّ؛ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (الحج، 39)؛ سوف ينصرهم الله المتعالي أيضاً، إن شاء الله. لا ريب في أنّ العالم الإسلامي في حداد من أجل غزّة اليوم. إنّ الذين لم يشتمّوا رائحة الإنسانية اضطهدوا أهالي غزة! من المتيقّن أنّ أعظم مسؤوليّة هي دعم ذاك الشعب المظلوم، والمقاومة الشجاعة والمضحّية، وقوى المقاومة في غزّة وفلسطين وجميع من يساعدونهم من أكناف العالم الإسلامي وأطرافه. نعم، شعب فلسطين مظلوم. ليس العالم الإسلامي فقط، بل جميع الأحرار من غير المسلمين أيضاً هم في حداد اليوم على أهالي غزّة المظلومين، لكن هؤلاء الناس أنفسهم يشيدون بالمقاومة الفلسطينية ويثنون عليها.

 

وأكمل سماحته: يحذونا الأمل، وأملنا في لطف الله ونصرته لا ينضب. يقول [الله المتعالي] في هذه الآية الشريفة: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}. يقول في آية أخرى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج، 40). هذا تأكيدٌ إلهي. سوف تشمل النصرة الإلهيّة – إن شاء الله – الشعب الفلسطيني، وسيشهد العالم الإسلامي – بلطف الله – زوال الغدّة السرطانيّة الصهيونية بأمّ العين. نحن نرتقب ذلك اليوم، وسوف يأتي، إن شاء الله. حتماً سيأتي، وهذا يجعل المسؤولية أثقل على عاتقنا جميعاً، وبخاصة مسؤولية قادة الدول الإسلامية، فينبغي سعي الجميع. إنّ أهمّ خطوة اليوم هي وقف دعم الكيان الصهيوني الغاصب، ومساندة أهالي غزة والشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية ودعمهم بأي طريقة ممكنة. نأمل أن يوفقنا الله المتعالي جميعاً في هذا الدرب، إن شاء الله.

 

المصدر: الوفاق