فلسطينية في غزة تتحدى الحرب بتعليم أطفالها القرآن

عائلة إيناس الباز من مخيم الشاطئ لللاجئين هي من بين نحو 1.5 مليون فلسطيني يتكدسون في منطقة رفح جنوب قطاع غزة بعد أن أدى العدوان الإسرائيلي على القطاع المكتظ إلى نزوحهم من منازلهم.

2024-02-26

أصبحت حياة “إيناس الباز” التي كانت تعمل معلمة في غزة، منحسرة في البحث يومياً عن الطعام والماء لعائلتها، لكنها تكسر بؤس حياتها ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، سواء باستخدام نباتات برية في إعداد الطعام أو تخصيص وقت لتعليم أطفالها في خيمتهم.

 

وعائلة إيناس الباز من مخيم الشاطئ للاجئين هي من بين نحو 1.5 مليون فلسطيني يتكدسون في منطقة رفح جنوب قطاع غزة بعد أن أدى العدوان الإسرائيلي على القطاع المكتظ إلى نزوحهم من منازلهم.

 

وتحدثت إيناس عن حياتها قبل النزوح قائلة “أنا اللي أمامكم مدرسة مربية أجيال والحمد لله رب العالمين حياتي تحولت 180 درجة من حياتي، الحمد لله كنت أطلع على شغلي بدري وأشوف بيتي وأشوف أولادي وأطلعهم (اصطحبهم) على المدارس وأطلع (أذهب) أنا على شغلي وكنت منظمة حياتي مظبوط… كنت أقدر أوفق بين الغسيل والطبيخ كأي ست بيت لكن الآن فقدت كل هذه الأشياء حتى كمان في مظهري الخارجي. مظهري الخارجي بصراحة تحول 180 درجة”.

 

وقالت في خيمة الأسرة البدائية المصنوعة من الخشب المكسو بالبلاستيك “حالياً يعني في الخيمة أصبحت حياتي شو بدنا ناكل شو بدنا نطبخ كيف بدنا نقعد، هاي حياتي صارت… حتى أولادي عندهم مواهب وأوائل المدرسة الحمد لله وكان عندهم طموحات وكان عندهم انشغالات بالحياة اللي بيسايرها أي طفل، لكن الآن كل همهم: يا ماما شو بدنا ناكل شو بدنا نشرب”.

 

ومضت إيناس تقول إن أطفالها سئموا الأطعمة المعلبة التي لا يوجد غيرها تقريبا لسد الرمق. لكن أسعدها الحظ بهطول الأمطار في الآونة الأخيرة مما أدى إلى نمو نوع من النباتات الصالحة للأكل تسمى “الخبيزة” في مكان قريب. فأعدت من هذه النباتات البرية وجبة ولديها مزيد لوجبة أخرى.

 

ومضت تقول “الحمد لله رب العالمين، ولادي زهدوا المعلبات… فأنا حبيت أغير لهم… والحمد لله نزلت المطرات وحتى هذه النبتة الطبيعية بتطلع هيك في الأراضي بدون أي شيء والحمد لله بقدر أطبخ لهم الخبيزة”.

 

وقالت إنها حصلت أخيرا على أنبوبة غاز للمرة الأولى بعد نزوحها وهو تحسن ملحوظ بعد أشهر من الطهي على نار مفتوحة أدى دخانها الكثير إلى مرض ابنتها.

 

وأضافت “أنا بعد أربعة شهور قدرت أحصل على جرة (أنبوبة) غاز، بعد أربعة شهور وأنا باطبخ على النار وبعد أربعة شهور وأنا وأولادي بنعاني من النار اللي بتدخل الخيمة وهذه المعاناة بصراحة أثرت على بنتي وعلى صدر بنتي. وبنتي الحمد لله رب العالمين اليوم أنا لسه جاية بيها من المستشفى معاها مرض صدري بسبب أنه كانت بتعاني من ريحة النار اللي كانت موجودة، يعني اتأزمت صحتها بعد المعاناة”.

 

وتستغرق الأعمال اليومية مثل صنع الخبز وتنظيف الخيمة من الرمال وغسل الملابس يدويا معظم وقت إيناس لكنها تصر على مواصلة تعليم أطفالها.

 

وقالت “بحاول ما يتكومش (لا يتراكم) غسيل يعني كتير لأن زي ما أنت شايف غسيل كله يدوي على اليد، وهذا يعني بصراحة بيعمل تعب بأوتار أعصابي وأنا تقريبا خمسة شهور إلا عشرة أيام وأنا نفس العملية”.

 

وعلى الرغم من هذا قالت “أنا طبعا في الخيمة ما بضيع الوقت يعني بحفظهم قرآن وبحفظهم شعر. والحمد لله يعني ولادي أطفال بحد ذاتهم مثلهم مثل كل أطفال فلسطين ونحن مثل كل أمهات فلسطين بنحبوا ولادنا يكونوا أفضل الناس ونحب ولادنا يمارسوا حقوقهم بكل ما فيها. لكن إحنا الحمد لله رب العالمين انحرمنا من هذه الحقوق وولادنا بيعانوا واتحرموا من هذه الحقوق لكن إحنا كنساء فلسطينيات بنضل مثابرات وبنضل شدات على سواعد أولادنا حتى يكونوا أفضل الأطفال”.

 

وافترشت إيناس أرض الخيمة أمام ابنتها عنود التي كانت تلقي قصيدة باللغة العربية بحماس مفعم بالحيوية. وجلست مع ابنها سويلم، وعلمته أساسيات اللغة الإنجليزية. كما استمتع الأطفال باللعب بعض الوقت بإرسالهم طائرة ورقية في الهواء خارج الخيمة.

 

وقالت “المرأة الفلسطينية أنا بعتبرها من أقوى نساء العالم بدك تسميها (المرأة الحديدية) ليه؟ لأن المرأة الفلسطينية المعاناة اللي بتعانيها في الوضع الحالي ما حدا بيعانيها نحن كنساء فلسطينيات بنعاني جدا جدا جدا في هذه الخيم لكن رغم هذا بنقدر نتكيف مع الظروف ونعيش حياتنا والحمد لله دايرين (قادرين على إدارة) حالنا وعلى (رعاية) ولادنا وعلى بيتنا وعلى الوضع اللي احنا فيه رغم كل المعاناة اللي بنعانيها”.

 

وأدى الهجوم الإسرائيلي على القطاع منذ أكتوبر تشرين الأول إلى استشهاد أكثر من 29400 شخص، وفقاً لبيانات السلطات الصحية في غزة.

 

وتسبب في نزوح معظم سكان القطاع وفي انتشار الجوع والمرض.

 

أ.ش