آل سعود وتوسع قمع الشیعة حتی المستطیل الأخضر

علی الرغم من وعود محمد بن سلمان النیولیبرالیة الجدیدة بالمملکة العربیة السعودیة، فإن وضع الشیعة یزداد سوءا کل یوم، وتزداد دائرة الحریات الدینیة في هذا البلد انغلاقا.

2024-02-26

عقب نشر خبر من حساب “سجناء العقیدة” علی توتیر بشأن الحکم الصادر من محکمة الاستئناف ضد أحد سجناء العقیدة في السعودیة المدعو” الشیخ خالد رشید” وتمدید مدة حکمه لمدة (40) عاما، بدأت موجة من الغضب الشعبي من قبل الشیعة في السعودیة.

 

وکتب حساب “سجناء العقیدة”: إن تعمد إصدار أحکام مشددة علی سجناء العقیدة یعد مخالفة قضائیة یطبقها النظام القضائي السعودي خلافا للقانون علی سجناء العقیدة، کما یعد ذلک مخالفة صریحة لقانون حقوق البشر والحریة الفکریة.

 

إن اعترافات جمیع الذین حکمت علیهم محکمة الاستئناف بأحکام مشددة کانت کاذبة وانتزعت تحت وطأة التعذیب.

 

کما أکدت منظمات حقوقیة أن الأحکام التعسفیة الشدیدة التي یطبقها القضاء السعودي ضد أصحاب الفکر العقائدي تأتي في ظل الاستهتار بالقانون وغیاب العدالة وانتهاک حقوق الإنسان وحریاته.

 

وسبق أن شنت السلطات السعودیة حملات منظمة أدت إلی اعتقال العشرات من الدعاة والأکادیمیین والناشطین المدنیین، لکن حسب ما أعلنه حساب (سجناء العقیدة) فإنه في هذه الأیام تتوالی الأخبار عن اعتقال مشایخ ومحامین سعودیین بارزین مثل الشیخ”عبد الرحمن السویلم” والشیخ “خالد الکثیري” من حي السویدي بالریاض والمحامي “عمر الخولي” و”طارق الشامی” دون ذکر أي سبب لاعتقال هولاء الأبریاء.

کذلک ذکر موقع ” العهد” الإخباري في وقت سابق أن الحکومة السعودیة، واستمرارا لإجراءتها المشددة ضد الشیعة في البلاد، حکمت علی الشیخ” کاظم العمري” أحد زعماء الشیعة في المدینة المنورة، بالسجن لمدة أربع سنوات، کما اعتقلت الحکومة السعودیة رجل الدین الشیعي البارز هذا للمرة الثانیة في نوفمبر (2023).

في غضون ذلک أکد مصدر آخر أن سلسلة الاعتقالات لم تستهدف الناشطین والدعاة السعودیین فقط، بل تعدتهم إلی اعتقال شیعة آخرین من دول أخری مقیمین في السعودیة مثل الناشط الیمني” فهد رمضان” الذي تم اعتقاله أیضا في تشرین الثاني 2023 خلال رحلته إلی جدة.

 

وجاء اعتقال “رمضان” بعد الکشف عن محادثة مزعومة علی تطبیق “واتس اب” انتقد فیها ولي العهد “الأمیر” محمد بن سلمان.

 

کما انتشرت أخبار علی التواصل الاجتماعي مفادها بأنه خلال موسم الحج لهذا العام، تم إلقاء القبض علی شخص ترکي أدی صلاة الفرج بعد انتشار الفيدیو في الفضاء الإکتروني، کما اعتقلت السلطات السعودیة العشرات من الفلسطینیین والأردنیین بتهمة تقدیم الدعم المالي لحرکة حماس.

 

ویقال إنه منذ الحرب في غزة تم اعتقال جمیع المشایخ الشیعة وغیر الشیعة، الذین أیدوا الفلسطنیین في حربهم مع “إسرائیل” أو ممن دعوا لنصرة الفلسطینیین علی عدوهم الصهیوني في صلاة الجمعة، وسیتم عقد جلسة محاکمة لهم، وسینظر في العقوبات التي ستتخذ في حقهم.

 

والإجراءات التعسفیة التي ترتکبها السعودیة بحق المعتقلین الأبریاء أنها تمنع اتصالهم بذویهم أو الاتصال بهم عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعی الأخری، بالإضافة إلی الشتم والضرب الذي لاقاه هولاء السجناء من قبل الشرطة السعودیة عند اعتقالهم.

 

ومن الجدیر بالذکر أنه بسبب التعذیب الذي لاقاه المعتقلون في السجون السعودیة تعرضوا لإعاقة دائمة في أبدانهم أو إصابات خطیرة.

 

 

سریان وسائل القمع السعودي إلی ملاعب کرة القدم

 

أظهرت تقاریر إعلامیة أنه في الآونة الأخیرة، وبعد بث مقطع لجماهیر فریق “الصفاء” السعودي لکرة القدم في مباراته مع فریق (الباقریة) یوم 24 ینایر الجاري في الدوري الأول السعودي والتي تم فیها تردید شعارات دینیة، حکمت لجنة الانضباط الأخلاقي للاتحاد السعودي لکرة القدم علی هذا الفریق الذي قامت جماهیره بإطلاق الشعارات الدینیة بأن یشترک بخمس مباریات دون جمهور وأیضا تم تغریم الفریق المشار إلیه بمبلغ ألفی ریال سعودي بالإضافة إلی إقالة جمیع أعضاء مجلس هذا النادي.

 

وحسب ما یمکن سماعه في هذا المقطع فإن شعارات جماهیر نادي الصفا لا تحتوي علی أطر تجاوز أخلاقي أو إهانة لرموز دینیة وسیاسیة، بل تتضمن مدح الخلیفة الرابع للمسلمین الإمام علي علیه السلام، کما قامت قوات الأمن السعودي باعتقال ثلاثة أعضاء في نادي المعجبین.

 

ومنذ الأول من فبرایر / شباط 2024 ، أي قبل 20 یوما تقریبا، بدأت السلطات السعودیة حملة اعتقالات واسعة استهدفت العشرات من جماهیر الصفا في مدینة صفوي بمدینة القطیف، وقالت المنظمة الأوروبیة لحقوق الإنسان السعودي ومنظمة القسط (التي أسسها المعارض أحمد العسیري) في بیان: إن حملة القمع المتزایدة والتي لا تستثني حتی الملاعب والریاضیین، تتزامن مع جهود الحکومة لجذب الاستثمارات وإقامة مباریات کرة القدم الکبری.

 

تجدر الإشارة إلی أن السعودیة حصلت مؤخرا علی شرف استضافة بطولة کأس العالم 2023.

 

وردا علی انتقادات للمعاملة الصارمة التي یتعرض لها فریق الصفاء أعلنت السلطات السعودیة أن “تردید الشعارات الدینیة والطائفیة یعد انتهاکا للحریة الدینیة ولوائح الفیفا”.

 

أثارت العقوبات التي فرضها الاتحاد السعودي لکرة القدم علی فریق المنطقة الشرقیة، حیث تعیش غالبية الشیعة هناك، في ظل الإصلاحات التي روج لها محمد بن سلمان، جدلا علی مواقع التواصل الاجتماعي حول حقوق الأقلیة الشیعیة في السعودیة.

 

 

الشیعة السعودیون سیاسة القمع وتحدي طلب الحق

 

إن قضیة قمع الشیعة في السعودیة ومحاولة القضاء علی المعتقدات الشیعیة هي من أهم انتقادات الناشطین ومنظمات حقوق الإنسان ضد حکومة آل سعود.

 

إن إصدار أوامر الکفر والردة وإضفاء الشرعیة علی قتل الشیعة علی ید المفتین الوهابیین، وإزالة السلطات الشیعیة من المجلس الأعلی للعلماء، فضلا عن الحرمان الاقتصادي بالنسبة للشیعة في هذا البلد “السعودیة” جعل من الشیعة السعودیین مواطنین من الدرجة الثانیة والثالثة.

 

وتترکز الترکیبة السکانیة للشیعة في السعودیة بشکل رئیسي في المناطق الشرقیة بسبب السیاسات الحکومیة لتهمیش الشیعة، علما أن المناطق الشیعیة في السعودیة محرومة من 80بالمئة من نفط السعودیة، ومدینتا ” الإحساء ” و” القطیف” مدینتان شیعیتان کبیرتان تقعان في هذه المحافظة.

 

ومن ثم یتم إبعاد الشیعة بشکل مدروس ومنهجی عن الوظائف العامة من قبل السعودیین.

 

لا یوجد في المملکة العربیة السعودیة وزراء أو رؤساء بلدیات أو قادة شرطة شیعیة.

 

في الواقع یمکن اعتبار المملکة العربیة السعودیة مثالا واضحا لحکومة الفصل العنصري الدیني.

 

ویقول الکاتب الباکستاني ” محمد تقي” إن المظالم الشیعیة في المملکة العربیة السعودیة ” هي نتیجة القمع الدیني والتهمیش السیاسي الذي یقترب من الفصل العنصري”.

 

کما یعتبر علي الأحمد ، مدیر معهد شؤون الخلیج الفارسي، المملکة العربیة السعودیة هی من أکبر واکثر الدول التي جسدت تجسیدا کاملا الفصل العنصري الدیني، ویقول في هذا الصدد:” الإسلام الوهابی مفروض ومطبق علی جمیع السعودیین بغض النظر عن توجهاتهم الدینیة.

 

وأکد بقوله أن الطائفیة الوهابیة لا تتسامح مع المعتقدات الدینیة أو الأیدولوجیة الأخری، مسلمة أو غیر مسلمة، والرموز الدینیة للمسلمین والمسیحیین والیهود وغیرهم من المؤمنین محظورة.

 

وفي تقریر لها عام 2019، أکدت منظمة هیومن رایتس ووتش أن المواطنیین الشیعة في السعودیة یواجهون” تمییزا ممنهجا في الدین والتعلیم والعدالة والتوظیف.

 

ویمکن النظر إلی ذروة المضایقات والتعذیب السعودي ضد الشیعة من خلال إعدام رجل الدین الشیعي البارز، الشیخ نمر مع سبعة وأربعین آخرین في عام 20216، الذین دعوا فقط إلی المظاهرات المؤیدة للدیمقراطیة.

 

ومن بین جرائم السعودیة الأخری، یمکننا أن نذکر مذبحة مکة عام 1980، حیث قام أعضاء طائفة مناهضة للحکومة بإعدام 63 شخصا في یوم واحد.

 

في الإعدام الجماعي لـ (81) شخصا في مارس عام 1400 ، کان أیضا سلسلة من الأعمال المعادیة للإنسان من قبل المملکة العربیة السعودیة، وکان 41 من الذین أعدموا من الشیعة في هذا البلد.

 

من وجهة نظر السعودیة، لیس فقط أنها لا تملک الإرادة لاستعادة صورتها في مجال حقوق الإنسان، بل إنها من خلال تجاهل الإنتقادات، تواصل التمییز واضطهاد وتعذیب الشیعة وتؤکد علی محاکم التفتیش.

 

تجدر الإشارة إلی أن استمرار هذا الوضع بالنسبة للشیعة السعودیین یرتبط بصمت المؤسسات الحقوقیة الدولیة.

 

أ.ش

المصدر: موقع الوقت