كيف تُحدّث أطفالك عن النّزاعات والحروب

خاص الوفاق: للأطفال خاصيّة خاصّة، فففي الحياة العاديّة الطبيعيّة، يعتبرون أهاليهم بمثابة السّند ومانحي حضن الأمن والأمان في الحياة الطبيعة، فما بال الأمور؟ وإلى متى تؤول؟ وكيف تجري في ظل الأزمات والحروب؟

2024-02-27

 بقلم د. رُلى فرحات

 

تنشأ النّزعات والحروب ضمن البلد الواحد أو بين بلد وآخر فتخلق مشاعرًا مختلفة من الخوف والغضب والحزن والقلق عند المواطنين بمختلف أعمارهم وألوانهم ومستوياتهم الثّقافيّة والماديّة والإجتماعيّة وتُؤثّر حتمًا عليهم وتنعكس تداعياتها في تصرفاتهم وتتُرجم في أفكارهم وتعبيراتهم.

 

وللأطفال خاصيّة خاصّة، فففي الحياة العاديّة الطبيعيّة، يعتبرون أهاليهم بمثابة السّند ومانحي حضن الأمن والأمان في الحياة الطبيعة، فما بال الأمور؟ وإلى متى تؤول؟ وكيف تجري في ظل الأزمات والحروب؟

 

وعليه، نسرد 8 نصائح حول كيفيّة إجراء حوارًا مع الطّفل لتوفير الدعم والراحة له:

 

اكتشف ما يعرفونه وطبيعة ما يشعرون به

 

 

قم باختيار الزمان والمكان المناسبين اللذين تتمكن فيهما من معرفة ما يدور في عقل طفلك وهو على سجيته، أي عندما يشعر طفلك بالراحة لينطلق بالحديث بحرية، كما هو الحال عند تناول وجبته مع الأسرة. حاول تجنب التحدث عن هذه المواضيع قبل النوم مباشرة.

 

لكي تبدأ بحوار طيب مع طفلك اسأله عما يعرفه وكيف يشعر حياله. قد لا يعرف بعض الأطفال سوى القليل عما يحدث ولا يهتمون بالتحدث عنه. لكن قد يكون لدى البعض الآخر قلق دون البوح بذلك. أما مع الأطفال الأصغر سناً، فقد يساعد الرسم والقصص والأنشطة المختلفة في فتح الحوار معهم.

 

من المهم التحقق مما يراه الأطفال ويسمعونه، فهم قادرون على اكتشاف الأخبار بطرق مختلفة. إنها لفرصة جيدة حتى تطمئنهم وربما تصحح أي معلومات غير دقيقة صادفوها، سواء عبر الإنترنت أو على شاشة التلفاز أو في المدرسة أو من الأصدقاء.

 

يمكن أن يؤدي التدفق المستمر للصور والأخبار المزعجة إلى الشعور بأن الأزمة تحيط بنا. قد لا يميز الأطفال الأصغر سناً بين الصور التي تظهر على الشاشة وواقعهم الشخصي، وقد يتسرب لهم الاعتقاد بأنهم في خطر داهم، حتى لو كان الصراع يحدث بعيداً عنهم. ولربما رأى الأطفال الأكبر سناً أشياء تقلقهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فيخافون من كيفية تصاعد الأحداث.

 

عليك ألا تقلل من شأن مخاوف أطفالك أو تتغافل عنها. وإذا طرحوا عليك سؤالاً شديد الوقع بالنسبة لك، مثل “هل سنموت جميعاً؟” فطمئنهم بأن ذلك لن يحدث، ولكن حاول أيضاً معرفة تفاصيل ما سمعوه ولماذا أقلقهم. إذا تمكنت من فهم مصدر قلقهم، فغالب الظن أنك ستكون قادراً على طمأنتهم.

 

أكّد لهم أنك تتفهم مشاعرهم، وطمئنهم أن كل ما يشعرون به طبيعي. بيّن لهم أنك تنصت إليهم بكلّيتك من خلال منحهم كامل اهتمامك، وذكرهم بأنك ترحب بحديثهم إليك — وقتما يشاؤون — أو إلى أي شخص بالغ آخر موضع ثقة.

 

 

حافظ على حديثك هادئاً متناسباً مع عمر الطفل  

 

للأطفال الحق في معرفة ما يحدث في العالم، ولكن البالغين يتحملون أيضاً مسؤولية الحفاظ على سلامتهم من الكرب. فأنت تعرف طفلك جيداً، لذا استخدم لغة تناسب عمره. راقب ردود أفعاله، وكن متنبهاً لمستوى قلقه.

 

أما بالنسبة لك، فمن الطبيعي أيضاً أن تشعر بالحزن أو القلق تجاه ما يحدث. ولكن ضع في اعتبارك أن الأطفال يستمدون ردة فعلهم العاطفية من البالغين، لذا حاول ألا تبالغ في مشاركة مخاوفك مع طفلك. تحدث بهدوء وكن مدركاً للغة جسدك، كتعبيرات وجهك مثلاً.

 

استخدم لغة تناسب عمرهم، وراقب ردود أفعالهم، وكن متنبهاً لمستوى قلقهم.

 

بقدر استطاعتك طمئن أطفالك بأنهم في مأمن من أي خطر. وذكّرهم بأن العديد من الناس يعملون بجد في جميع أنحاء العالم لوقف الصراع وإحلال السلام.

 

تذكر أنه لا بأس عليك إن لم تستطع أن تقدم جواباً لكل سؤال. يمكنك القول بإنك بحاجة إلى البحث عن الجواب، أو أن تستفيد من السؤال بجعله فرصة تبحث من خلالها مع الأطفال الأكبر سناً عن الإجابات. استخدم مواقع الويب الخاصة بالمؤسسات الإخبارية ذات السمعة الطيبة أو المنظمات الدولية مثل اليونيسف والأمم المتحدة. وضّح لهم أن بعض المعلومات التي تقدمها الإنترنت ليست دقيقة، وأكد على أهمية العثور على مصادر موثوقة للمعلومات.

 

 

انشر التعاطف لا الوصم    

 

يمكن للصراع في كثير من الأحيان أن يجلب معه التحيزات والتمييز، سواء ضد شعب ما أو بلد بعينه. عند التحدث إلى أطفالك، تجنب التصنيف، كقول “الأشخاص السيئون” أو “الأشرار” وبدلاً من ذلك استغل فرصة الحوار هذه لتشجع طفلك على التعاطف مع غيره، كالأسر التي أجبرت على الفرار من منازلها.

 

حتى وإن كان الصراع يحدث في بلد بعيد عنك فيمكنه أن يغذي التمييز في قلب المكان الذي تحيا فيه. تحقق من أن أطفالك لا يعانون من التنمر أو يساهمون فيه. وإذا تم نعتهم بألقاب معينة أو تعرضوا للتنمر في المدرسة، فشجعهم على إخبارك بما يحدث معهم أو إخبار شخص بالغ يثقون به.

 

ذكر أطفالك بأن الجميع يستحقون أن يكونوا آمنين في مدرستهم وفي المجتمع الذي يقطنونه. فالتنمر والتمييز فعلان خاطئان حتماً، ويجب على كل منا القيام بدوره في نشر كرم الأخلاق والتكافل.

 

 

التركيز على من يقدمون المساعدة

 

من الأهمية بمكان أن يعرف الأطفال أن الناس يعينون بعضهم بعضاً بأعمال تنم عن الشجاعة وكرم الخلق. ابحث عن قصص ذات تأثير إيجابي، كأمثال أولئك الذين لبّوا نداء المساعدة من فورهم، أو الشباب الذين يدعون إلى نشر السلام.

 

حاول أن تعرف إذا ما كان طفلك يرغب في المشاركة في أي عمل إيجابي. ربما يمكنه رسم ملصق ما أو كتابة قصيدة من أجل إرساء السلام. أو ربما يمكنك المشاركة في حملة جمع تبرعات محلية أو توقيع عريضة. العمل الطيب (الخير) إن مهما صَغر سيجلب لك شعوراً عارماً بالراحة.

 

 

 اختم حوارك مع طفلك بعناية فائقة    

 

عندما تنتهي من حوارك مع طفلك فتأكد من عدم تركه وهو في حالة من الضيق. حاول تقييم مستوى قلقه من خلال مراقبة لغة جسده، مع الأخذ في عين الاعتبار ما إذا كان يستخدم نبرة صوته المعتادة أم لا، وراقب طريقة تنفسه أيضاً.

 

ذكره بأنك تهتم به وأنك هنا لتستمع له وتدعمه كلما شعر بالقلق.

 

 

 الاستمرار في المتابعة 

 

مع توالي أخبار النزاع، يجب عليك أن تتابع طفلك لمعرفة ما يفعل وكيف يشعر؟ هل لديه أية أسئلة أو أمور جديدة طرأت يرغب في أن يحدثك عنها؟

 

إذا ما بدا طفلك مضطرباً أو قلقاً بشأن ما يحدث، فراقب أية تغييرات تطرأ على تصرفاته أو تصيب عواطفه، كأن يعاني من آلام في المعدة أو الصداع أو الكوابيس أو صعوبات النوم.

 

تختلف ردود فعل الأطفال على الأحداث السيئة، كما أن بعض علامات الضيق قد لا تظهر عليهم بوضوح جلي. قد يصبح الأطفال الأصغر سناً أكثر تعلقاً بك من المعتاد. بينما قد يُظهر المراهقون مشاعر الحزن أو الغضب الشديد. العديد من ردود الفعل هذه تستمر لفترة قصيرة، وهي ردود فعل طبيعية على الأحداث العصيبة. أما إذا استمرت ردود الفعل هذه لفترة طويلة من الزمن، فقد يحتاج طفلك إلى دعم مختص.

 

يمكنك مساعدة طفلك على التخفيف من حدة توتره من خلال القيام ببعض الحركات معاً، كتطبيق التنفس من البطن:

 

خذ نفساً عميقاً 5 مرات، واستمر في ذلك لـ 5 ثوان. ثم ولـ 5 ثوان أخرى أطلق تلك الأنفاس. خذ نفسك من خلال أنفك وأخرجه من فمك.

 

بسّط الأمر لطفلك قائلاً له أن استنشاقه أشبه بنفخ معدته كالبالون، وأنه وعندما يزفر فإن الهواء يخرج ببطء من البالون مرة أخرى.

 

كن مستعداً للحوار مع طفلك إذا ما أثار تلك المواضيع. وإذا حدثك بها قبل وقت النوم مباشرة، فاختم حوارك معه بأمر إيجابي، مثل قراءة قصته المفضلة لمساعدته على النوم بعمق.

 

 

اعمل على الحد من سيل الأخبار المتدفق  

 

كن مدركاً لكمية الأخبار التي يطلع عليها أطفالك، خاصة تلك التي تكثر فيها العناوين المثيرة للقلق والصور المزعجة. حاول ألا تتابع الأخبار في وجود الأطفال الأصغر سناً. أما مع الأطفال الأكبر سناً، فيمكنك استغلال مشاهدتهم للأخبار كفرصة لمناقشتهم في مقدار الوقت الذي يقضونه في متابعتها، وما هي مصادر الأخبار التي يمكن أن يثقوا بها. وانتبه عند الحديث عن النزاعات مع البالغين الآخرين في حال كان أطفالك على مسمع.

 

حاول قدر الإمكان إيجاد نشاطات إيجابية تشغل بها أطفالك، كلعب لعبة أو الذهاب في نزهة سويةً.

 

 

اعتن بنفسك  

 

ستتمكن من مساعدة أطفالك على نحو أفضل إذا ما تمكنت أنت أيضاً من التأقلم مع هذا الحال. سوف يلحظ الأطفال طريقة استجابتك للأخبار، وذلك سيساعدهم على معرفة قدرتك على الهدوء وضبط النفس.

 

وإذا ما أحسست بالقلق أو الانزعاج، فخصص بعض الوقت لنفسك وتواصل مع الأسرة والأصدقاء والأشخاص الموثوق بهم. ضع في اعتبارك كيفية تناولك للأخبار: حاول تحديد أوقات معينة خلال اليوم لمتابعة ما يحدث بدلاً من الاتصال الدائم بالإنترنت. وقدر المستطاع، خصص بعض الوقت للقيام بأمور تساعدك على الاسترخاء واستعادة التوازن.

 

 

أ.ش

المصدر:  الوفاق/ خاص