أسقطت المقاومة طائرة تجسّس للعدوّ، يوم أمس، في أثناء قيامها باعتداء “روتيني” في لبنان. أجل، اعتداء “روتيني”، لأسباب عديدة، أوّلها أنّه لم يثر حفيظة “السياديين” في لبنان ولا أولئك الذين ينظمون الشعر في حبّ الالتزام بالقرار ١٧٠١ ويطالبون المقاومة باحترام بنوده، إذ لم يصدر عنهم في أي يوم من الأيام ولو همسة اعتراض على الطلعات الجويّة التي يجريها العدوّ في سماء لبنان، والتي تكاد تكون يومية ولم تتوقّف لا قبل طوفان الأقصى ولا بعده. وثانيًا لأن ردّ فعل العدوّ لم يقتصر على غضبه بسبب تلقّيه صفعة عسكرية مفاجئة في ميدان يُحسب أنّه لا يُمسّ فيه، بل على أساس أنّ من “حقّه” ممارسة هذه العدوانية وأنّ المقاومة اعتدت على “حقّه” هذا.. حقّه، أي حريّته المطلقة في ممارسة هذا العدوان، وبناء على هذه الفرضية تحدّثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن “خطورة إسقاط حزب الله للطائرة من دون طيار”، ورأت أنّ نجاح المقاومة في إصابة الطائرة وإسقاطها هو “مسّ بحرية التحليق فوق الأراضي اللبنانية”.
يستبيح العدوّ الصهيوني سماء لبنان منذ سنين، سواء لأغراض تجسسيّة أم للقيام بقصف المدن السوريّة، من دون أن ينبس “سياديّ” ببنت شفة ولو على سبيل رفع العتب أو الإبقاء على شيء من ماء الوجه الأخلاقيّ. تسجّل قوات اليونيفيل تعداد هذه الطلعات بشكل روتيني، وتُنشر. وبالرغم من ذلك لا تستوقف المصابين برهاب احترام القرارات الدولية والمؤمنين بوهم قدرتها على حماية الحقوق.
ولا بدّ أنّ هؤلاء أنفسهم الذين ينكرون على المقاومة حقّها الذي هو حقّ أهل الأرض بالدفاع عن النفس وردّ المتعدي، يستنكرون صفوفًا صفوفًا، همسًا وجهرًا، قيام المقاومة بتوجيه هذه الضربة القاتلة لعنجهية العدوّ في ميدان الجوّ، ويحسبون ردّ انتهاك الأجواء اللبنانية بالمسيّرات فعلًا مستنكرًا يمسّ بالسيادة. كيف لا؟!! فمعايير السيادة لديهم لا تلتقي ولو مصادفة بمفهوم السيادة على حقيقته..!
من جهة أخرى، تلقّى أهل المقاومة هذه المفاجأة بفرح عارم، فرح من لا يمسسه خوفٌ ولا يطاله رعب من الإرهاب الصهيوني ومن عدوانيّته.. فرح من يعتزّ بمقاومته وينتصر لأرضه ويستعيد مع كلّ إنجاز يحقّقه سلاح المقاومة، وقبل سلاحها روحها، سيل الإنجازات السابقة والانتصارات المحققة ويقرأ فيها سياق النصر القادم..
ذات تموز ٢٠٠٦، في عزّ غرور العدوّ بسلاحه “البحريّ” المتفوّق، قال الأمين: “انظروا إليها تحترق” ونظرنا، ورأينا البارجة كومةً من لهب تلفّ حطام العنجهية والشعور بالتفوّق لدى الصهاينة.. بالأمس، لم يحتج الأمين أن يقول بلسانه أن ننظر إلى السماء وننظر هيرمز ٤٥٠ تحترق.. بلسان الميدان أُبلغنا، ونظرنا، وسجدنا حامدين..
ليلى عماشا
أ.ش