في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة:

أمير عبداللهيان: العالم يواجه أفظع أزمة أخلاقية وإنسانية

علينا أن نقبل بخجل أن العالم أمام أزمة أخلاقية وإنسانية، جاءت نتيجة 80 عاماً من الانتهاكات الشاملة لحقوق الفلسطينيين.

2024-02-28

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: “علينا أن نقبل بخجل أن العالم أمام أزمة أخلاقية وإنسانية، جاءت نتيجة 80 عاماً من الانتهاكات الشاملة لحقوق الفلسطينيين”.

 

وأضاف: خلال الـ 142 يومًا الماضية، استشهد وجُرح أكثر من 100 ألف شخص في غزة، والأحياء أيضًا معرضون لخطر الموت الوشيك بسبب المجاعة، وصرح وزير الخارجية الإيراني بالقول: “دعونا لا نسمح للإبادة الجماعية بأن تصبح روتينًا طبيعيًا في العالم”.

 

أما النص الكامل لهذا الخطاب فهو كما يلي:

 

بسم الله الرحمن الرحیم

 

السيد الرئيس، الوفود الكرام

 

يسعدني أن أشارككم بعض النقاط المتعلقة بحقوق الإنسان وأهمية الاهتمام الحقيقي بها، في هذا الاجتماع رفيع المستوى لمجلس حقوق الإنسان، نيابةً عن جمهورية إيران الإسلامية.

 

أصحاب السعادة، السيدات والسادة

 

إن جمهورية إيران الإسلامية ثابتة في التمسك بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية واحترامها، على أساس المعتقدات والقيم الوطنية والإسلامية.

 

ومن المؤسف أن تحقيق الأهداف السامية لحقوق الإنسان على الساحة الدولية، يواجه عدة تحديات مهمة، وأكثرها إلحاحاً هو “قتل الإنسان” المنهجي وواسع النطاق الذي يرتكبه کيان الفصل العنصري الوحيد في العالم، وهو الکيان الإسرائيلي المحتل.

 

والحقيقة أننا يجب أن نتقبل أن العالم يواجه الأزمة الأخلاقية والإنسانية الأكثر خزياً، وهي نتيجة 80 عاماً من الدعم الشامل والتساهل مع الاحتلال الاستعماري، والانتهاك المستمر والمميت لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

 

ففي الـ 140 يوماً الماضية فقط، ذُبح أو جُرح أكثر من مئة ألف “إنسان” في غزة والضفة الغربية؛ أو مدفونون تحت الأنقاض، والأحياء معرضون لخطر الموت الوشيك من الجوع والأمراض المعدية.

 

أيها الأصدقاء الأعزاء

 

لنؤكد اليوم في هذا الاجتماع المهم، على عدم السماح للإبادة الجماعية والجرائم الشنيعة بأن تصبح روتيناً عادياً، وفي هذا الصدد، أودّ أن ألفت انتباهكم إلى تقرير المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة، والذي يوضح عمق وحجم الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية.

 

يشهد العالم اليوم الدعم الشامل من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها للكيان الصهيوني، وهو ما يعتبر “تواطؤاً” حقيقياً في جرائم الإبادة الجماعية، وينبغي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، باعتباره أعلى مظهر للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن يحاسب الکيان الصهيوني ومؤيديه على جرائمهم ضد الإنسانية.

 

وما لا شك فيه أن إفلات قادة “إسرائيل” من العقاب خلال العقود الثمانية الماضية، كان السبب الرئيسي لاستمرار وتصعيد الاحتلال والقتل من قبل هذا الکيان، وأؤكد على أن محاكمة ومعاقبة مرتكبي وقادة أفظع الجرائم الدولية المرتكبة ضد الفلسطينيين، يجب أن توضع بشكل جدي على أجندة المؤسسات الدولية المختصة، وفي مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية.

 

 

السيد الرئيس

 

إن أحد أكبر ألغاز العصر الحالي، هو تزايد الأصوات المهتمة عالمياً بقيمة المرأة وكرامتها وحقوقها من جهة، ومن جهة أخری انتشار ظاهرة التمييز والدوس على مكانة المرأة وكرامتها وتجاهل وجودها الفريد في العالم، ودورها في الساحة الأسرية وفي الأنشطة الاجتماعية العادلة.

 

ويجب أن أقول بصوت عال، إن السجل الدولي لحقوق الإنسان قد تلطّخ بل وأسودّ، لأن عدد النساء اللواتي استشهدن في غزة وصل إلى الآلاف، ولا يزال هذا القتل المخزي ضد النساء والأطفال مستمراً في شكل إبادة جماعية.

 

إن استعادة مكانة حقوق الإنسان في العالم، تتطلب ألا نسمح لکيان الاحتلال بمواصلة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، من خلال مواصلة الهجمات الجوية والبحرية والبرية وانتشار المجاعة في غزة.

 

 

سيداتي سادتي

 

لن ننسى أنه في العام الماضي، وبحجة الوفاة المأساوية لفتاة إيرانية عزيزة أثرت علينا جميعاً في إيران، ارتفعت الصرخات في هذا المكان وتم تشكيل لجنة لتقصي الحقيقة، ولكن اليوم وفي مواجهة مقتل الآلاف من النساء والأطفال الأبرياء في غزة، لم يتم اتخاذ أي إجراء جدي على مستوى الأمم المتحدة.

 

ومن الضروري أن أكرر هذه النقطة مرةً أخرى، وهي أن إنشاء آليات فُرضت ضد بلدي بحجة كشف الحقيقة، في ظل أن مثل هذه الآليات تنشط في جمهورية إيران الإسلامية؛ ليس له أي أساس منطقي أو شرعية قانونية دولية، وهو مجرد ذريعة لاستغلال حقوق الإنسان كأداة لممارسة الضغط السياسي.

 

 

السيد الرئيس

 

لا تزال ظاهرة الإرهاب والتطرف المشؤومة والخطيرة تحصد الضحايا، وجمهورية إيران الإسلامية، باعتبارها دولةً كانت في طليعة الحرب ضد الجماعات الإرهابية، وقدّمت العديد من الشهداء في هذا الصدد، تؤكد دائماً على ضرورة التصميم الجاد للمجتمع الدولي وتعاون البلدان والمؤسسات الدولية من أجل مكافحة الإرهاب بشكل حاسم وفعال، باعتباره تهديداً عالمياً شاملاً.

 

إن القضاء على الإرهاب يتطلب، في المقام الأول، وقف الاستخدام الذرائعي للإرهاب من جانب بعض القوى، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومن المؤسف أن بعض الدول الغربية تستمر في استضافة العناصر الإرهابية، وهذا مثال آخر على التناقض والنفاق في شعار حماية حقوق الإنسان.

 

 

السيد الرئيس

 

إن الإسلاموفوبيا، الناتجة أساسًا عن الخطابات العنصرية، لا تزال مستمرةً في بعض الأوساط والسلطات السياسية والخطابية في الغرب، بطرق عديدة، ونتيجة هذا التطرف هي زيادة التمييز والعنف القائم على الدين في أجزاء مختلفة من العالم، وخاصةً ضد الأفراد والمجتمعات المسلمة.

 

کما أن الإسلام دين الرحمة والإنسانية، وهذا التحدي يحتاج إلى دراسة مستمرة في مجلس حقوق الإنسان، وينبغي احترام القيم والمعتقدات الوطنية والثقافية والدينية للشعوب، وتجنب فرض نسخة واحدة ومكتوبة مسبقاً.

 

 

السيد الرئيس

 

إن الإجراءات القسرية الأحادية الجانب، تنتهك بشكل منهجي حقوق الإنسان الأساسية في البلدان الخاضعة للعقوبات، وتتسبب في أضرار جسيمة للناس، کما أن فرض العقوبات الأحادية الجانب على الشعوب، هو عمل غير قانوني ويعادل جريمةً ضد الإنسانية.

 

 

السيد الرئيس

 

في الختام، أودّ أن أؤكد أن السياسة الأساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تقوم دائمًا على التفاعل والحوار، وبناءً علی ذلك، تعلن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التزامها الثابت بسياسة التعاون والتفاعل كمحور أساسي في سياستها الخارجية، وخاصةً في مجال حقوق الإنسان، وستستخدم قدراتها الوطنية في الحفاظ على حقوق الإنسان وتعزيزها على أساس القيم الدينية والدستور والتزاماتها القانونية، ولن تدخر جهداً في هذا الاتجاه.

 

 

شكرًا لكم على اهتمامكم

 

بدوره أكد وزير الخارجية السوري في هذا الاجتماع، أن الغرب والولايات المتحدة يستخدمان حقوق الإنسان أداةً للتدخل في شؤون الدول، وأكد أن الدعم اللامحدود والشامل لجرائم الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني، هو بمثابة دليل واضح على أن ادعاءات حقوق الإنسان للغرب والولايات المتحدة كاذبة.

 

وانتقد “فيصل المقداد” ازدواجية معايير الغرب في مجال حقوق الإنسان، خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والذي شارك فيه عبر مؤتمر الفيديو، ومع رفضه للجهود الجماعية التي يبذلها الغرب للتدخل في شؤون الدول بحجة المطالبة بحقوق الإنسان، أعلن أن سوريا متمسكة بموقفها بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.

 

وقال فيصل المقداد: إن حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” كطرف محتل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، هي دليل واضح على الطبيعة العنصرية للکيان الإسرائيلي المحتل، والتي تعود إلى نظام الفصل العنصري والعصور الوسطى.

 

کما يفتخر جيش الاحتلال بمذبحة راح ضحيتها نحو 30 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، فضلاً عن استهدافه المتعمد للطواقم الطبية وكل البنية التحتية المدنية، بما فيها المستشفيات والمدارس.

 

وأضاف: “إن كل هذه الجرائم الإسرائيلية تتم بدعم سياسي وعسكري واقتصادي غير محدود من المطالبين بحقوق الإنسان، وعلى رأسهم الغرب وأمريكا، والجرائم الشنيعة واللاإنسانية التي يرتكبها کيان الاحتلال، تترافق مع حقد قادة هذا الکيان السياسيين والعسكريين على شعبنا في فلسطين؛ حيث يصف المحتلون الشعب الفلسطيني بأبشع العبارات، وهم يحاولون حرمان هؤلاء الأشخاص من كونهم بشرًا، وبالتالي تبرير سياسة الإبادة الجماعية القذرة ضدهم”.

 

وشدّد هذا المسؤول السوري كذلك على حق بلاده في استعادة كامل الجولان المحتل، ورفض جميع التحركات الإسرائيلية لمواصلة احتلالها، بما في ذلك إقامة المستوطنات في الجولان.

 

وأعلن أن تصرفات المحتلين هذه تشكل انتهاكات جسيمة لجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وترفض دمشق مجدداً أي محاولة لفرض قرارات وآليات مسيسة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ما يؤدي إلى إضعاف مصداقية مجلس حقوق الإنسان وتدمير النظام الدولي المتعلق بمجال حقوق الإنسان، إذ تسعى الدول الغربية دائمًا إلى تنفيذ برامج سياسية وتحقيق طموحاتها الجيوسياسية، بحجة دعم حقوق الإنسان.

 

وقال فيصل المقداد إن عدوان کيان الاحتلال المباشر على سوريا، هو مثال واضح على زيف الادعاءات الغربية بشأن حقوق الإنسان، كما أن دعم الجماعات الإرهابية والميليشيات الانفصالية ونهب الموارد الطبيعية السورية، وفرض العقوبات الأحادية التي تعتبر حرباً مباشرةً على حقوق الشعب السوري، من بين أمور أخرى تثبت زيف ادعاءات الغرب بشأن حقوق الإنسان.

 

وأکد كذلك على التزام سوريا بحماية مواطنيها من الإرهاب، وإيجاد الأرضية الضرورية والمناسبة لعودة اللاجئين وطالبي اللجوء، وأعلن أنه رغم كل التحديات فإن دمشق تؤكد عزمها على مواصلة العمل معاً لتعزيز التعامل مع حقوق الإنسان في كل الأماكن، وفق مبادئ محايدة وبعيداً عن المعايير الانتقائية والمزدوجة.

 

أ.ش

المصدر: الوقت