كيف يمكننا استثمار أفلام الكارتون والألعاب الإلكترونية تربوياً؟

إذا كانت الألعاب الإلكترونية والكارتون تمثل تحدياً تربوياً، إلا إنه يمكننا تطويعها لخدمة أبنائنا وتنمية مهاراتهم عن طريق تحديد هدف واضح للوالدين من عملية التربية

فاطمة عبدالرؤوف

 

كيف نجعل التقنية الرقمية تعمل لصالحنا؟ لعل هذا هو السؤال المركزي الذي ينبغي أن نفكر في إجابات إبداعية خلاقة له.

 

ففي عصر صناعة المعلوماتية والانفجار المعرفي لا يمكن لنا أن ندير ظهورنا أو ندفن رؤوسنا لهذا العالم الجديد الذي يتشكل حولنا وبنا، سواء أردنا ذلك وكنا واعين به أو بقينا في حالة من الخدر المعرفي والنفسي، واقعين في فخ الإنكار والرفض لكل ما هو جديد، واضعين سلبياته تحت المجهر، فنبدع في إبراز ملامح المشكلة ونتخاذل في البحث عن حلول وإجابات لها.

 

مهما كان طريقنا ملغماً فلا بد أن نسعى للبحث عن خطوات للسير وفقاً للمبدأ الذي أرساه النبي صلى الله عليه وسلم: «قاربوا وسددوا».

 

في قلب هذا العالم الذي يتشكل رسائل موجهة لأبنائنا (أبناء عصر العولمة والقرية الصغيرة التي أصبح عليها العالم)، رسائل ناعمة غير مباشرة لكنها قوية تصل للقلوب البريئة مباشرة دون عوائق، رسائل تحكيها قصة مشوقة مبهرة بصوتها وصورها وحركاتها الأخاذة، أو لعبة يصبح ابنك أحد أبطالها تجعله يعيش في عالم مواز ذي قواعد وقوانين مختلفة، فأين نحن من ذلك؟

 

 

الطفل والطبيعة

 

بينما ترى الاختصاصية النفسية ومدربة تعديل السلوك راضية عشوش أن بإمكاننا استخدام الألعاب الإلكترونية البسيطة في خدمة أهداف التعلم، فألعاب مثل التطابق أو المتاهات يمكن استخدامها في تعلم التجويد واللغة العربية.

 

تضيف عشوش أن هناك دورات تدريبية كثيرة للمعلمين وللآباء أيضاً عن كيفية تطويع الألعاب الإلكترونية لخدمة الأهداف التعليمية التي تعتمد على الاختبارات القصيرة الخاصة بها لقياس الفهم.

 

وترى عشوش أن هناك ألعاباً تنمي الذكاء والصبر والمثابرة، فليست كل الألعاب مضرة، فلو نظرنا للعبة البيت السعيد أو المزرعة السعيدة فيما مضى تجد أن الطفل يشعر بمشاعر الإنجاز في نهاية اللعب، ويتعلم الطفل مفهوم الزرع والحصاد، ويعرف معلومات قيمة عن الماشية وعالم الحيوان.

 

أما عن الوقت المسموح للطفل بقضائه أمام الشاشة فهو، بحسب عشوش، يختلف من طفل لآخر، ومن مرحلة عمرية لأخرى، على أنه يجب عدم مشاهدة التلفاز واستخدام الشاشات قبل سن الثالثة.

 

 

تعديل السلوك

 

هناك أفلام كرتون حديثة تدعم القيم التربوية بطريقة مليئة بالمتعة والتشويق كتلك الأفلام المتضمنة ضمن تطبيق «Jeel»، على سبيل المثال.

 

فيمكننا استخدام أفلام الكارتون لتعديل السلوكيات لدى الطفل، فمثلاً في تعاملنا مع طفل صغير يسرق (وهي مشكلة متكررة تواجهها كثيراً) يمكن عرض فيلم قصير يتناول المشكلة، فالطفل يتأثر بما يشاهد ويسعى لتقليد السلوك الإيجابي.

 

والقصة المسموعة أعلى قيمة في تعزيز السلوك الإيجابي؛ لأنها تثري الخيال، وتشرح إحدى الأدوات التي تستخدمها في ورش الأطفال، فمن خلال برنامج «سكامبر» يتطلب من الأطفال أن يغمضوا أعينهم ويطلقوا العنان لخيالهم ويزوروا عوالم مختلفة.

 

 

تحدي التربية

 

وفي نصائح سريعة للوالدين، ترى الإعلامية والناشطة التربوية هبة فكري أنه إذا كانت الألعاب الإلكترونية والكارتون تمثل تحدياً تربوياً، إلا إنه يمكننا تطويعها لخدمة أبنائنا وتنمية مهاراتهم عن طريق تحديد هدف واضح للوالدين من عملية التربية.

 

النصيحة الثانية التي تقدمها فكري هي البحث عن الآليات المناسبة لتحقيق هذه الأهداف، ومن ذلك أن يكون الوالدان قدوة، فبطريقة لا شعورية يردد الأبناء كلام الوالدين وسلوكياتهما حتى في تعلقهما بالشاشات والمحتوى الذي يشاهدانه.

 

تضيف فكري أنه ينبغي الاهتمام بزرع التربية الإيمانية السليمة ومراقبة الله سبحانه وتعالى والاهتمام بالتربية الجنسية والنفسية السليمة بالتدرج حسب العمر؛ لأن الأبناء يتعرضون لمحتوى غير آمن، وتم رصد العديد من المخالفات في الكارتون والألعاب والمواقع والمنصات المختلفة.

 

ومن المهم كذلك الاتفاق المسبق على محتوى ومدة المشاهدة مع الطفل والمراهق، ومشاركة الأبناء في انتقاء الكارتون المناسب والألعاب المناسبة لأعمارهم، واستغلال الشاشات بالعملية التعليمية خاصة تعلم اللغات والبرمجة وتصميم الألعاب والمواقع وتنمية المهارات والمواهب المختلفة، مع منع استخدام الهاتف قبل النوم.

 

أ.ش