أثر أفلام الكارتون على العقيدة والأخلاق

أن أعظم ما يجب على الآباء الحفاظ عليه في تربية أبنائهم هي العقيدة والأخلاق

2024-03-03

رقية محمد

 

هل تتصور أن أباً يفتح الباب على مصراعيه للصوص يسرقون فلذة كبده؟! ألم يشاهد أحدنا بعض الآباء يتعجب من أفكار تخرج من فم أولادهم ولا يدري من أين أتى بها؟ أيستطيع أحدنا الإجابة عن تلك التساؤلات:

 

هل يشاهد أولادك الأفلام والمسلسلات؟

 

هل تسمح بمشاهدة الكارتون لظنك أنه آمن؟

 

هل تعرف ما يصنعه ذلك المحتوى من تأثير في أفكار أبنائك وعقيدتهم ونفوسهم؟

 

هل جلست يوماً لمشاهدة ما يراه أبناؤك قبل السماح لهم بذلك؟

 

خذ دقيقة لقراءة هذا الأخبار المفجعة: فقدت فتاة سورية صغيرة بالصف الثالث الابتدائي حياتها عندما شنقت نفسها تقليدًا لمشهد في مسلسل تتابعه، انتهى الخبر ولم تنته فاجعة الأسرة، وربما كذلك في أسر أخرى أيضًا كأسرة طفل أصيب بصدمة بعدما شاهد قصة «ذات الرداء الأحمر» ورأى الذئب يلتهم فيها الناس، وأخرى تم التحرش بأبنائها إلكترونيًا، وأخرى شاهد ابنهم مقطعاً دينياً يصادم عقيدته فحاولت الأم جاهدة إخراج ما استقر بعقله وفشلت لأنه كما يقال: الهدم أسهل من البناء، وغير ذلك كثير مما نراه واقعًا.

 

وبما أن أعظم ما يجب على الآباء الحفاظ عليه في تربية أبنائهم هي العقيدة والأخلاق، فلنقف على بعض ما تصنع أفلام الكارتون حيال ذلك:

 

 

1- مصادمة مبدأ توحيد الرب:

 

دائمًا نشاهد في أفلام الكارتون إعطاء بعض القدرات الإلهية لشخصيات خيالية مثل فيلم كارتون «tinker bell» الذي يعطي للجنيات القدرة على تغير فصول السنة وإنزال المطر وإنبات الزرع.. إلخ، وقد ذكرت إحدى الأمهات أن طفلها حين رأى فصل الربيع أخبرها بحماسة أن الجنيات قد أحضروه، ثم لما حاولت إقناعه بأن الله تعالى وحده من يخلق كل شيء وهو من ينزل المطر رفض ذلك! ومثله في «أنيمي» «dragon ball» بعدما وجد البطل كرات التنين ظهر له التنين ليحقق له 3 أمنيات منها إحياء ميت!

 

 

2- عبادة أرواح الأجداد وتقديسهم:

 

نجد في فيلم «molan» أن أرواح الأجداد لديها القدرة على حماية العائلة، ووضع الخطط لتغيّر مجرى الأحداث، وفي فيلم «lion king» جاء على لسان سكار موصيًا ابنه سيمبا: «تتحول أرواح الملوك العظماء إلى نجوم في السماء تنقذنا عندما نحتاجها».

 

 

3- الإيمان بقوى السحر والكهنة:

 

في فيلم «Cinderella» تساعد الساحرةُ البطلة لتوصلها إلى الحفل سريعًا بأن تحول بعصاها السحرية الفئران إلى خيول، واليقطين إلى عربة تجرها الخيول، والكلب إلى سائق العربة، ثم نتعجب من فعل بعض الأبناء الذين يلوحون بعصا مثل الساحرة ويرددون كلماتها! ويشبهها في لعبة «world of Warcraft» وما بها من عوالم سحرية، حيث يختار اللاعبون واحدًا من عدة أدوار من بينها الساحر أو المشعوذ ووظيفتهم (طبقاً لموقع «ويكيبيديا») أن الساحر «Mage» اختصاصاته: النار والصقيع والخفايا «arcanes» جميعها هجومية عن بُعد، والمشعوذ «Warlock» اختصاصاته: البلاء والدمار وعلم المردة جميعها، ثم نطلب بعد ذلك منهم ألا يصدقوا ساحراً مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ»!

 

 

4- تقبُّل الفاحشة:

 

لا تخلو أغلب أفلام الكارتون من قصص الحب والرقص أو قُبلة من حبيب لفك اللعنة، مثل فيلم «shrek»، وفيلم «snow white and seven dwarfs»، وحتى تلك الأفلام التي تدور حول الحيوانات، مثل فيلم «ريو» (Rio)؛ حيث سمحت ذات مرة إحدى الأمهات لأطفالها بمشاهدته في أمسية أسرية ليفاجَؤُوا بمشهد بنهاية الفيلم ترتدي فيه مالكة الطائر لباسًا غير لائق، فأسرعت بتمرير المشهد، ولكنها فوجئت بأسئلة أطفالها عن ملابس الفتاة.

 

 

5- العزلة وعدم الرغبة في التواصل الاجتماعي الحقيقي:

 

خلق الله تعالى الإنسان كائنًا اجتماعيًا بطبعه، فلا يستطع أن ينعزل بمفرده عن الناس، ولكن عندما جاءت الشاشات جعلته منشغلًا دوماً عن أسرته ومن يخالطهم، فتجلس الأسر منشغلة بمتابعة الأفلام والمسلسلات في ذلك المحيط الافتراضي، متناسية ما يجب أن يكون عليه الأولاد من ترويض لعقلهم وخلقهم وجسدهم، فيتأخر بعضهم في الكلام ويتلعثم الآخر ويصاب آخرون بالتوحد وغير ذلك من تأخر يمس قدراتهم الذهنية وبنيتهم الجسدية ومهاراتهم الاجتماعية، وهذا معروف مشاهَد.

 

وننوه بملاحظتين؛ الأولى: أن كل تلك الأفلام والألعاب منها إصدار أو أكثر مترجمة أو مدبلجة إلى اللغة العربية، وبالفعل يشاهدها الملايين من أطفال المسلمين -مع الأسف- دون تنبه لما فيها من دمار للعقيدة والأخلاق، والثانية: أن غفلة المربين عن مثل ذلك قد يمحو كل ما قد يصنعونه مع أولادهم من حسن التربية، ويدمر كل ما يحلمون به تجاههم من آمال.

 

وفي الختام، أوصي كل مربٍّ أن يستعد لسؤال الله تعالى له عن رعيته، وأن يتقي الله فيهم، ولا يسلمهم إلى فاسدي العقيدة مدمري الفطرة محرفي الأخلاق كي يسرقوا دينهم، ولا أجمل من قول الله سبحانه وتعالى: (يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ  وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماًيُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً) (النساء).

 

أ.ش

الاخبار ذات الصلة