الملحق الثقافي العراقي في طهران لـ "الوفاق":

يجب تذويب الحواجز بين الثقافة الإيرانية والعراقية

المظفر: هناك الكثير من الأعمال الثقافية والافلام، الايرانية والعراقية يمكن أن تكون مشتركة.

2022-12-31

الوفاق/ خاص / موناسادات خواسته

ان العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق متجذرة منذ القدم ولا زالت وستبقی، فهما أشقاء قلباً وقالباً، أي جغرافياً وعقائدياً وثقافياً وودياً… وفي الحقيقة العلاقات الثنائية “الإيرانية-العراقية” عميقة ومتجذّرة.

من جهة أخرى إن العلاقات الإيرانية – العراقية تتجاوز الحدود فضلاً عن الحدود الواسعة بين هذين البلدين والتنقل الإنساني بين هذه المناطق علی مدی التاريخ، فقد كان الإيرانيون يرغبون دائماً في السفر الی العراق وحتی الإقامة فيه بسبب وجود مراقد الائمة المعصومين (ع) في هذا البلد، وكذلك بالنسبة للأشقاء العراقيين الذين يأتون لزيارة الإمام الرضا (ع) الى مشهد المقدسة، إضافة الى الطلاب العراقيين الذين يدرسون في الجامعات الإيرانية وكذلك السياحة الطبية التي يقوم العراقيون بها في إيران.

وفي هذا الإطار وبهدف التعريف بثقافة وعادات العراق؛ استضافت منطقة عباس آباد الثقافية والسياحية يوم الثقافة العراقي، يوم الخميس الماضي في بستان الفن، بطهران، وكانت المراسم برعاية المستشارية الثقافية العراقية ومجمّع عباس آباد للثقافة والسياحة في طهران، وكان ذلك بحضور السفير العراقي بطهران والملحق الثقافي العراقي في طهران الدكتور”أمجد حميد المظفر”، والدكتور “محمدعلي آذرشب” أستاذ جامعة طهران، وشخصيات عربية مختلفة، وبعض النخب والفنانين والطلاب العراقيين في الجامعات الإيرانية، وكذلك بحضور شخصيات عراقية بارزة في مجال العلوم والآداب، وانتهت المراسم بإزاحة الستار عن كتاب “الرحلة 1:20”.

وأقيمت المراسم في إطار التعريف بالتراث والحضارة والتقاليد العراقية وتعزيز الأواصر بين الاوساط الثقافية والفنية في كلا البلدين، وسلّط الضوء على ثقافة العراق وتاريخه.

ففي هذا البرنامج، من خلال عرض ثقافة هذا البلد في مجالات الشعر والموسيقى والرسم وتاريخ العلم والطعام والحلويات والملابس للشعب العراقي، ومن خلال الإشارة إلى القواسم الثقافية المشتركة بين البلدين واستخدام القدرات والعلاقات التاريخية العميقة بين إيران والعراق، من أجل خلق علاقات ثنائية، يتم اتخاذ خطوات أكثر حزماً وأيضاً لخلق فرص مناسبة للتعرف على ثقافة البلدين، بقدر الإمكان.

وبحسب تقرير العلاقات العامة لمنطقة عباس آباد الثقافية والسياحية؛ أقيم هذا البرنامج بهدف التعريف بثقافة وعادات بلد العراق والتقريب والتعريف بين مجتمع النخبة في إيران والعراق.

وعلى هامش هذا الحفل، أقيم معرض جانبي في بستان الفن بمنطقة عباس آباد الثقافية والسياحية بهدف التعريف بثقافة العراق وعاداته في شكل شعر وموسيقى ورسم وتاريخ وعلوم، وطعام وحلويات وملابس الشعب العراقي.

بدأت البرامج بتلاوة القرآن الكريم، وألقى كل من الملحق الثقافي العراقي في ايران الدكتور أمجد حميد المظفر، والدكتور محمدعلي آذرشب أستاذ جامعة طهران كلمتهم، وتحدثوا عن الثقافة الإيرانية والعراقية المتجذرة، كما تحدثت الشخصيات البارزة الأخرى من الحاضرين في الحفل.

من جانبه قال محمدباقر الحكيم مسؤول الطلبة العراقيين في ايران: اليوم إذا أردنا أن نتكلم بالمشتركات الإجتماعية والثقافية والعلمية فهي كثيرة، وحدود البلدين ممتدة الى نحو 1400كيلومتر، وكثير من العشائر لها أواصر مشتركة بين البلدين ومن الممكن أن تكون لدينا معهم برامج بالأخص الأكراد الفيلية، والشيعة والسنة، في البصرة وما شابه، وكذلك المشتركات العلمية كثيرة، وتم إفتتاح فرع من جامعة طهران للعلوم الطبية مع العتبة الحسينية، وهي تُسمى جامعة السبطين، وإن شاء الله ستكون طفرة نوعية في نقل الطب من الجمهورية الإسلامية الى العراق، واليوم أكثر من 7000 شركة معرفية تعمل في ايران، يمكنها تقديم خدماتها للطلبة العراقية.

ورسم الرسّام العراقي “أحمد الطحّان” لوحتين بصورة مباشرة أمام الحضور وهي صورة الشاعر الكبير العراقي “محمدمهدي الجواهري” وكذلك تم عرض موسيقي على خشبة مسرح الحفل.

الجواهري يمدح قائد الثورة

لقد تمّ نقل ذكرى من لقاء الشاعر العراقي الكبير محمدمهدي الجواهري مع قائد الثورة الإسلامية، حيث سأل الجواهري من سماحة القائد: هل تعرفون اللغة العربية لقراءة أشعاري؟ فأشار القائد الى المكتبة التي كانت تضم كتب الجواهري وتقريض قائد الثورة على أشعاره بالحواشي، فأنشد الجواهري قصيدة لقائد الثورة الإسلامية، كتبها على الصفحة الأولى من كتابه “ذكرياتي” وأهداها لقائد الثورة الإسلامية في إيران سماحة الإمام السيد علي الخامنئي يمدحهُ فيها وذلك أثناء لقائه به في مكتبه بطهران في آيار 1995م مع عظيم الثناء والتبجيل.

سَيّدي أيّها الأعز الأجَل

أنتَ ذو مِنّة وَأنتَ المدِل

يَعجَزُ الحرف أن يُوفّي عظيماً

كُل ما قيل في سِواه يَقِل

أيّها الشامِخ الذي شاءَهُ اللهُ

زَعيماً لِثَورَةِ تَستَهِل

لَكَ في ذِمّة الإله يَمينٌ

يَدٌ مَن مَسّها بِسوءِ تَشِل

لَكَ في السّلم مِنبَرٌ لا يُجارى

لَكَ في الحرب مِضرَب لا يَفِل

لَكَ أهلٌ فَوقَ الذّرى وَمَحَل

لَكَ بَعدَ المكرُمات وَقَبل

فإغتَفِر لي ما جاءَ في ذِكرياتي

يا عَطوفاً عَلى خُطى مَن يَزِل

وقال مقدّم البرامج: هنا أبجدية هذا التواصل الضاربة منذ القِدَم بين الثقافة الإيرانية والعراقية تتجسّد في هذا الزمن بين قائد الثورة الإسلامية وبين الرمز الشعري الأكبر في العراق الشاعر الأستاذ محمد مهدي الجواهري بهذه الصورة.

كتاب رحلة 1:20

وإختتم الحفل بإزاحة الستار عن كتاب “الرحلة 1:20” التي يضم أشعار شعراء ايرانيين وعراقيين للشهيدين الحاج قاسم السليماني، والشهيد أبي مهدي المهندس، وقبل ذلك تم قراءة بعض الأبيات من هذا الكتاب.

المظفر: الإرتباط بين ايران والعراق عميق على جميع المستويات 

وعلى هامش الحفل إغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الملحق الثقافي العراقي في ايران الدكتور “أمجد حميد المظفر”، حيث سألناه حول رأيه بالنسبة للثقافة المشتركة الإيرانية والعربية وخاصة العراق، فقال: اليوم شهدنا يوما ثقافيا عراقيا من داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإن شاء الله نشهد قريباً يوما ثقافيا ايرانيا من داخل بغداد، الثقافة الإيرانية والعراقية ثقافة واسعة مشتركة ومتجذرة منذ ما قبل الميلاد لحد يومنا هذا، من ضمن الحضارات والثقافة المشتركة وبعدها الثقافة الإسلامية المشتركة خاصة بوجود الأئمة المعصومين عليهم السلام، وأحد الأئمة المعصومين الإمام الثامن الإمام الرضا (ع) في مدينة مشهد المقدسة وكثير من العلماء في الجمهورية الإسلامية الذين منحوا نفسهم للعلم، وكثير من العلماء الإيرانيين خدموا العلم المشترك بين الجمهورية الإسلامية وجمهورية العراق ومنهم العالم “ابن سينا”، الإرتباط بين الجمهورية الإسلامية وجمهورية العراق ارتباط عميق على جميع المستويات، على المستوى العلمي والمدني والتاريخي والثقافي، وإن شاء الله نشهد أيام أوسع في مجال الثقافة وهذه بداية وشروع لأعمال ثقافية مشتركة في كلا البلدين وتؤدي الى الثقافة المشتركة بين البلدين.

ورداً على سؤال حول توسيع الأعمال الثقافية المشتركة وتبادل التجارب بين ايران والعراق، قال الدكتور “أمجد حميد المظفر”: هناك عدة طرق لتوسيع العلاقات الثقافية، ونرى أن كثير من الطلبة العراقيين يأتون الى الجمهورية الإسلامية، تعريف الشاب العراقي للثقافة الإيرانية مهم جدا وسينقل جزء كبير من الثقافة الموجودة في الجمهورية الإسلامية الى الثقافة في العراق من عادات وتقاليد، هذه النقطة الأولى، وكذلك إقامة ورشات العمل وأيام الثقافية المشتركة، والمؤتمرات بين ايران والعراق هذا يؤدي الى تذويب الحواجز الموجودة، وزيادة الإنسجام بين الثقافة العراقية والإيرانية، وإن شاء الله في الأيام القادمة نشهد أكثر من هذه المؤتمرات والأيام الثقافية.

وهناك الكثير من الأعمال يمكن أن تكون مشتركة وهناك الكثير من الأفلام المشتركة، عن الحرب ومابعدها، ومحاربة داعش وغيرها، هذا يؤدي الى اندماج الثقافة العراقية والإيرانية في السينما والمسرح والموسيقى وغيره.

الطحّان: الفن نوع من أنواع الإعلام

من جهة أخرى سألنا الرسّام العراقي “أحمد الطحّان” مسؤول تجمع الجامعيين العراقيين في ايران، ورسم اللوحات الفنية الرائعة أمام الحضور على خشبة المسرح، حول رأيه بالنسبة للثقافة المشتركة بين البلدين ايران والعراق، فأعرب عن شكره للذين ساهموا بإنجاز هذا البرنامج، وقال: في طبيعة الحال نحن كطلاب عراقيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نعتبر جميعنا سفراء لبلدنا العراق، وبالتالي مشاركتي في مثل هذه البرامج، يعتبر نوعا من انواع ايجاد فرص مشتركة للتعاون ما بين الجانبين الإيراني والعراقي، وكذلك فتح فرص من باب التواصل في مختلف المجالات للتعرّف على ثقافة العراق وقومياته.

وعندما سألناه حول دور الفن وتأثيره على الآخرين، قال الطحّان: في طبيعة الحال الفن هو نوع من أنواع الإعلام والقوة، وبالتالي الفنان هو الصوت الصادح في هذا المجال ويمكنه ارسال رسائل قوية من خلال الرسم على الرمال، او الرسم من خلال الحبر.

 

تصوير: نيما بزرگمهري فرد

المصدر: الوفاق/ خاص