المؤلف وأستاذ الأدب المعاصر للوفاق:

الكتب الإيرانية المترجمة تلاقي ترحيباً في الدول العربية

خاص الوفاق: شجاعي: الكتابة هي دافع حياتي، ولا شيء يمكن أن يحل محل الكتب في نقل الثقافة، الفضاء الإلکتروني لا يمنح الإنسان عمقاً، ولا يخلق تحولاً في الإنسان.

موناسادات خواسته

 

عالم الأدب عالم مليء بالجمال مع الفكر، عالم يضفي على أفكار القارئ قصيدة غنائية جميلة من خلال تمرير قلم الكاتب على صفحة الورقة البيضاء وتقطير أفكار الأفراد المتعلمين على شكل كلمات على الورقة، وفي الوقت نفسه، فإن بعض الكتّاب لديهم تألق خاص، ولا شك أن الأستاذ العزيز سيد مهدي شجاعي اسم معروف في مجال الأدب الديني، وله العديد من الأعمال القيّمة، والتي تُرجم الكثير منها إلى لغات مختلفة، وقد تم توزيعها على نطاق واسع في مختلف الدول، وقد وصلت إلى أهل الثقافة والفن، فهو كاتب تعتبر أعماله نادرة في أدب اليوم.

 

كان الإهتمام الرئيسي للسيد مهدي شجاعي، خلال العقود الثلاثة الماضية وأيضاً التركيز الرئيسي لجميع أنشطته التنفيذية في هذه السنوات، هو الفن والأدب الملتزم، وتعزيز الثقافة والفن الديني، ودعم الفنانين في هذا المجال.

 

يعتبر سيد مهدي شجاعي من الكتّاب المعاصرين الذين يمزجون بين الروايات التاريخية والدينية والمصفوفات الأدبية، وهو مؤسس أسلوب وطريقة جديدة في نثر اليوم، النثر الشعري الذي يستخدم في خلق أسلوب النثر الشعري والقصة في مجال الأدب الديني.

 

وتعتمد مناجاته – بما في ذلك ترجماته وكتاباته – على أسلوبه الشعري ونثره، فضلاً عن الجو الروحاني السائد في مناجاته الدينية، كتب شجاعي العديد من الأعمال في مجالات النثر الأدبي والقصص القصيرة والروايات والسيناريوهات وقصص الأطفال والناشئين والأدب الدرامي والترجمة في بعض هذه المجالات.

 

 

نثر سيد مهدي شجاعي عاطفي وغنائي ويرافقه مونولوج، ونرى في أعماله ملاحم من صدر الإسلام، وثماني سنوات من الدفاع المقدس، وأحداث يوم عاشوراء، وقصص عن كربلاء المقدسة، وبعض قصصه القصيرة لها أيضاً موضوعات اجتماعية.

 

هو كاتب وخالق تيارات فكرية، ومن خلال كتابته لأعماله، فتح أسلوباً جديداً في الأدب، وخاصة الأدب الديني. ومن ناحية أخرى، من خلال إطلاق دار نشر “نيستان” وجمع دائرة من الكتّاب، تمكّن من أن يكون رائداً في أدب اليوم، وهذا بالإضافة إلى مسؤولياته المختلفة، منها عضو لجنة التحكيم في المهرجانات الدولية، بما في ذلك مهرجان فجر للسينما والمسرح وغيرها.

 

أدب الأطفال والناشئين هو جزء آخر من أنشطته الأدبية المستمرة، وقد قام بتأليف وترجمة أكثر من 100 كتاب في هذا المجال.

 

وحصلنا منذ وقت ليس ببعيد على فرصة للحوار في لقاء ثقافي بمناسبة ترجمة آخر من كتبه، وهو الكتاب رقم 100 الذي تم ترجمته مِن قِبَل وكالة ” تماس” الأدبية، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الأستاذ سيدمهدي شجاعي لكي نستفيد من تجاربه وكلماته العذبة، فهو إنسان متواضع ومثقف أجاب على أسئلتنا بوجه بهيج وبصبر وحماس، وفيما يلي نص الحديث.

 

 

الدخول في مجال التأليف والنشر

 

في البداية طلبنا من الأستاذ أن يخبرنا عن كتبه وأنشطته وكيف بدأ مسيرته في الكتابة والكتب، فقال: عملي الرئيسي هو الكتابة وأنا أكتب منذ ما يقرب من 45 عاما، إلا أنني بدأت العمل كصحفي منذ البداية، ثم دخلت ببطء إلى فضاء النشر، والفترات التي كنت فيها مسؤولاً عن النشر في الفضاء الحكومي، حتى آخر 10 إلى 15 سنة، عندما بدأت نشاط النشر في الفضاء الإفتراضي وفي القطاع الخاص مع دار نشر “نيستان”، وتجربتي لهذه السنوات، هي أنني كنت على دراية بالكتب بشكل طبيعي وكان عملي الأساسي هو الكتابه، كانت أعمالي في أيدي ناشرين مختلفين، وفي وقت ما، شعرت أنه إذا تم تعييني في مكان لنشر الكتب، فيمكنني أن أكون مفيداً للكتّاب الآخرين وأتخذ خطوة لترويج أعمالهم، خاصة وأنني  في فترة كنت مسؤولاً عن دار نشر “بَرك” الحكومية، حيث قمنا بنشر حوالي 300 عنوان كتاب، وبعد ذلك شعرت بأنه يجب علينا الآن القيام بذلك في القطاع الخاص، ودخلنا هذا المجال، والآن حوالي 15 إلى 20 سنة أنا أعمل في مجال النشر بالقطاع الخاص، وقبل ذلك كانت لدي مسؤولية حكومية.

 

 

نشاط القطاع الخاص والحضور في الساحة العالمية

 

بعد ذلك سألنا الأستاذ عن رأيه في القطاع الخاص والأنشطة في مجال نشر الكتب، فأجاب سيد مهدي شجاعي: في رأيي أن العمل الأساسي في هذا المجال يقع على عاتق القطاع الخاص، والغرض الرئيسي هو من قبل القطاع الخاص، والذي يمكن أن يحقق النتيجة المرجوة، والسبب هو أنه من خلال التجربة التي مررنا بها خلال هذه السنوات، رأينا أن العمل في القطاع العام لم يكن ناجحاً، والعديد من الأعمال التي ترجمتها ذهبت إلى الخارج وتم تخزينها في المراكز الإيرانية في البلدان المختلفة.

 

من ناحية أخرى، عندما يدخل القطاع الخاص في هذا المجال فإنه ينظر إلى هذه القضية بنظرة تسويقية أيضاً إضافة إلى الجانب الأدبي، ويجب أن يكون قادراً على تنظيم دخله ونفقاته، وكمسؤولية أو عمل يريد القيام به فلا ينبغي إهماله، وفي رأيي منذ دخول أصدقاء القطاع الخاص إلى هذا المجال، يمكن القول أننا حققنا نشاطاً جدياً في الأدب العالمي والتواجد في ساحة الأدب العالمي.

 

 

الكتاب هو أفضل وسيلة لنقل الثقافة

 

واستمراراً لحديثنا مع الأستاذ حول مكانة الكتاب كسلعة بين المنتجات الثقافية الناشئة الأخرى (مثل الصور، الإعلام، الذكاء الإصطناعي وغيرها)، حيث قال: وفي جوهر هذا المعنى، أعتقد أنه لا شيء يمكن أن يحل محل الكتب في نقل الثقافة، فالفضاء الإفتراضي والأحداث التي وقعت في عالم العلاقات والتواصل، تركت أثرها في العالم وكذلك على دول العالم الثالث أيضاً، ما أراه في ذلك المكان هو أن الكتاب يُقرأ، فقط الأداة هي التي تختلف، الكتاب يُقرأ مع “كلندر”، أو في “مترو”، ولديهم هاتف أو جهاز مشابه في أيديهم وهم يقرأون كتاباً، ولكن هنا، لسوء الحظ، كان لها تأثير خطير على تداول كتّابنا وعدد جمهورنا، أي أنهم، حتى أولئك الذين يقرأون الكتب، كانوا ينجذبون أيضاً إلى أن يقضون معظم وقتهم في الفضاء الإلکتروني، والفضاء الإلکتروني لا يمنح الإنسان عمقاً، فهو يتابع المحتوى بمستوى واسع ومتنوع من المعلومات ولكنه يفتقر إلى العمق، ولا يخلق تحولاً في الإنسان، بل الكتاب يخلق هذا التحول، أعتقد أن أفضل ما يمكن فعله هو أن نستمر في إعادة معدل الدراسة للفرد في إيران إلى ما كان عليه من قبل على الأقل، لأنه انخفض كثيراً الآن، ودعونا نبدأ مع الجمهور، وخاصة أولياء الأمور والمعلمين، ولنجعلهم يفهمون أن الكتاب يمكن أن يلعب حقاً الدور الرئيسي في مصير الشعب، فكلّ هذه الأشياء ممكن قد تخلق جواً أو حمّى في فترة قصيرة من الزمن ولكن الكتاب هو الذي يؤثر بعمق على شخصية الجمهور.

 

 

دور الحكومة في توسيع نطاق الدراسة

 

وعن الضرر الأهم في هذا المجال، يرى السيد شجاعي أن قطاع الكتاب والنشر له عدة جوانب أو عدة ركائز، أحدها الأشخاص الذين يجب عليهم القراءة والذين تعتبر القراءة بالنسبة لهم قضية هامة، واحدى ركائزها الأخرى هو الناشر الذي يجب أن يأتي إلى الميدان ويستثمر ويتحلى بالصبر والمقاومة والإستمرارية، ودعم الدول والحكومات، يمكن أن تلعب دوراً هاماً وحقيقياً في تعزيز الدراسة والقراءة أو في انخفاض نصيب الفرد منها.

 

ويواصل الأستاذ كلامه: للأسف، شهدنا في السنوات الأخيرة ضعف هذا الدعم الحكومي في فئة النشر، وهذا يسبب أضراراً جسيمة، ففي وقت ما كان يتم دعم الورق لطباعة الكتب ولم يكن الكتاب متاحاً للجمهور بهذا السعر الباهظ، وفعلاً عندما تسود المشاكل الإقتصادية على الناس ، من الطبيعي أن يكون الكتاب في آخر الأولويات، واقتراحي هو أن تعمل الحكومة في المجال الإقتصادي وتدعم الناشر والمؤلف، ومن الطبيعي أن يلعب هذا الموضوع دوراً جدياً في توسيع نطاق القراءة.

 

 

تأليف الكتاب هو الخيار الأفضل

 

نطاق الحديث مع الأستاذ وصل إلى الماضي، وسألناه إذا عاد إلى الماضي فهل سيختار نفس الطريق مرة أخرى؟، فرَدّ علينا بالجواب مبتسماً: إنه سؤال يستحق التفكير فيه، الكتابة هي دافع حياتي، ونتيجة لذلك، فإن مسألة النشر هي أيضاً نفس الشيء، باستثناء أنني إذا عدت إلى الماضي، فإنني أشعر بالندم على الماضي، وفي تقديري أشعر أنه ربما 20-30٪ من حياتي انتهت في الكتابة والكتب، ففي حين، على سبيل المثال، تم إنفاق 70-80% من قضاء وقتي على الشؤون التنفيذية والعمل الإداري، فإذا كانت هذه النسبة على العكس، أشعر أنه كان له أكثر تأثيراً، هذا الجزء يؤسفني، لكن في اختياري لكتابة وتأليف الكتب والأدب، ليس هناك خيار آخر غير هذا.

 

 

دور الكتب في تحديد مصير الإنسان

 

نصيحة الأستاذ شجاعي لكتّاب الجيل الجديد هي أن يقرأوا الكتاب أولاً، ويقول: خذوا الكتاب على محمل الجد حقاً، فهذه مسألة هامة جداً، مما يعني أن الكتاب يلعب دوراً حاسماً في تحديد مصير الإنسان، ويجب أن تكون الكتب جزءاً من عادة حياتهم، ترى أن الكثير من أصدقائنا، حتى على المستوى الرسمي، عندما نسألهم هل تقرأون الكتب أم لا، يقولون: ليس لدينا فرصة! بينما أرى أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم يغتنمون الفرصة لمشاهدة التلفزيون ويفعلون أمور أخرى ولديهم وسائل ترفيه أخرى، لكنهم لا يقدّرون القيمة الحقيقية للكتاب وأصالته، لقضاء الوقت فيه.

 

نصيحتي للجيل الجديد أولاً وضع الأساس للدراسة والقراء، وثانياً هو قراءة الأدب القديم وكنوز النصوص الفارسية، والتي أعتقد أن جيلنا بدأ ينفر منها شيئاً فشيئاً، على سبيل المثال، من المستحيل أن تكون في إنجلترا ولا تعرف شكسبير، وهنا أيضاً من غير المعقول أن شبابنا لا يعرفون “سعدي” الذي هو معيار اللغة الفارسية، أو لا يعرفون حافظ، إن ابتعاد شبابنا عن الأدب القديم هو أكبر ضرر لنا، وأعتقد أنه مَن تعلّم في مدرسة أدب “سعدي” سيصبح إنساناً مؤدباً وحسن الخلق ومثالياً، والآن أصبحنا بعيدين عن أدبنا القديم، و في حين كل منهما يشرح ويغطي جانباً ومظهراً من وجوه الإنسان، وأعتقد أن هذه الفجوة ستكون خطيرة علينا في المستقبل.

 

 

الكتب المترجمة

 

 

بعد ذلك تحدثنا عن الكتب المترجمة للأستاذ، فقال: على حد ذاكرتي، تُرجمت كتبي إلى العربية والروسية والبوسنية والفرنسية والأردية والتركية والإسطنبولية والإنجليزية والإسبانية، وعن عناوين الكتب، لا بد أن أقول إن وكالة “تماس” الأدبية قامت بترجمة 3 من كتبي وهي: “الشمس خلف الحجاب”، و”السفينة الراسية”، و”الأب، العشق والإبن”. حيث عملوا مع ناشرين أجانب وعرب، والآن صدر كتاب “الشمس خلف الحجاب” عن دار الحضارة الإسلامية ويمكنكم رؤية الباقي، أما الأعمال التي ترجمت إلى التركية الإسطنبولية فقد تم نشرها من قبل ناشرين آخرين، وكتابان تمت ترجمتهما إلى اللغة الإنجليزية، أحدهما هو “الديموقراطية أو الديموقراضية” والذي ترجمته السيدة كارولين، وهي من أصول أمريكية، والآخر عبارة عن مجموعة من القصص، وهي متاحة على أمازون، وليس لها ناشر أجنبي، ولكن الترجمات توضع على أمازون، كما تمت ترجمة العديد من عناوين كتب الأطفال إلى لغات مختلفة، للأطفال والناشئين والكبار في عدة موضوعات مختلفة من الدينية أو الشعائرية أو غيرها.

 

 

مترجم إيراني أو أجنبي؟

 

عندما سألنا رأي الأستاذ حول العمل مع مترجمين إيرانيين أو غير إيرانيين وما هي الإختلافات، قال: إنه سؤال دقيق للغاية، إحدى مشاكلنا في هذه السنوات هي أننا لم ننتبه إلى حقيقة أنه يجب أن يكون لدينا مترجم أصلي (نِيتيو) لترجمة الأعمال إلى لغات أخرى، أي أنه بغض النظر عن مدى جودة وطلاقة المترجم الإيراني، فعندما تكون اللغة التي يترجمها لغته الثانية، فمن الطبيعي أن نواجه مشاكل، وكثير من الأعمال التي تُرجمت كانت تعاني من هذا الضعف، ولم يتم عرضها كثيراً في العديد من البلدان، هناك أعمال تمت ترجمتها من قبل ناشرين إيرانيين، وحتى الآن كانت هناك بعض التعديلات، لكن بما أن المترجم لم تكن لغته الأم، فنرى أن بها نقاط ضعف، ولا تتواصل مع الجمهور، هذا هو الأساس في الموضوع، من الممكن أن يتمكن المترجمون الإيرانيون الأكفاء من استبدال المترجمين الأجانب تدريجياً وببطء، ولكن إذا أراد مترجم أجنبي ترجمة شيء ما وكان هذا العمل بلغته الثانية، فسيكون أكثر نجاحاً في هذا العمل.

 

 

حضور الأدب الإيراني على الساحة العالمية

 

وعبّر سيد مهدي شجاعي عن رأيه حول الأدب الإيراني وقال: برأيي من حق الأدب الإيراني ظهوره على الساحة العالمية، وهذه ضرورة وواجب.

 

بمعنى أنني الآن كشخص يعمل في مجال نشر الأدب منذ أربعين عاماً، أعرف الأدب العالمي إلى حد ما، قرأت أعمالاً مترجمة وقمنا بنشر أعمال مترجمة بلغات مختلفة، ولدي إتقان نسبي للأدب الإيراني، وأعتقد أن أدبنا يمكن مقارنته بسهولة بالأدب الخيالي والفني في البلدان الأخرى، لكن العائق الكبير أمام تواجدنا في المحافل الدولية هو مسألة اللغة، ولأننا محصورون في إطار اللغة الفارسية، وحتى لم تتم ترجمة هذه الأعمال بشكل صحيح إلى لغات أخرى، فإننا لن نكتسب المعرفة حول هذا الفضاء، وإذا نشهد أن بعض الأعمال تم عرضها في بلدان أخرى غير بلادنا، فهذا لا يعني أنها أفضل الأعمال، فإما المؤلف أو الناشر كانت لديهما علاقات أو حسب الصدفة، أي لم يكن الأمر بأن يوجد هناك شخص أو مجموعة تختار أفضل الاعمال، لذلك، إذا كانت هناك منظمة، أي مجموعة لديهم هذا التعاطف لدراسة وتعريف الأعمال المختارة للعالم، فسيكون هذا حدثاً كبيراً.

 

على سبيل المثال السبب وراء تمكننا من الحصول على حضور ايران العالمي في مجال السينما، هو أنه في السينما، بالإضافة إلى الأدب، تساعد الصور وأشياء أخرى أيضاً وتقيم علاقة مع الجمهور، وبالنظر إلى الأعمال التي انتقلت من السينما إلى الساحة العالمية، نرى أننا لسنا أضعف في الأدب من السينما، فلماذا، لا نتألق مثل السينما؟

 

والسبب هو عدم وجود جسر الترجمة التواصلي، وهذا جزء يجب على المهتمين بثقافتنا أن يبذلوا جهوداً كثيرة في هذا المجال، فالمجتمع العالمي اليوم يشبه قرية صغيرة، عندما يكتب كاتب في إيران، فكأنه يكتب قصة ويقرأها لعائلته، كم يختلف الأمر عندما تُنشر على يد ناشر وعلى مستوى المجتمع؟، وحتى الآن، علاقتنا بالعالم هي العلاقة العائلية بالنشر المحلي، أي أننا طالما نقرأ أحلامنا في مساحتنا الخاصة ونمدحها أو ننتقدها، حتى ندخل الساحة الدولية، ستكون القضية مختلفة تماماً، نحن ليس أمامنا خيار، إلا إذا دخلنا هذه الساحة وإلا فإننا سنبقى في هذا الحصار.

 

 

القواسم المشتركة الثقافية الإيرانية والعربية

 

وعن نجاح الكتب المترجمة إلى العربية وردود أفعالها قال سيد مهدي شجاعي: أعتقد أن الثقافة الإيرانية تشترك مع الثقافة العربية أكثر من البلدان الأخرى، بمعنى آخر، ثقافتنا أقرب من حيث المعتقدات، وعلينا أن نخطو الخطوات الأولى مع الدول العربية، وفيما يتعلق ببعض كتبي التي ترجمت، فمن المثير للإهتمام أنه كانت هناك تأملات جيدة للغاية، وأُرسلت لي على الإنستغرام، والأشخاص الذين استمتعوا بها تركوا لي رسالة، ومن المثير للإهتمام أن بعض الأصدقاء الذين كانوا في العراق كانوا يتابعون معي، ويتساءلون مثلا ، كتاب “الإمام السجاد (ع)” الذي سيتم نشره، ما رأيك في ترجمته ونحن بحاجة إليه، هذا الطلب والتعطش موجود في خارج ايران، وفي رأيي يمكن للوسطاء مثل وسائل الإعلام أن يأخذوا الدور الرئيسي لإيصال هذا المحتوى إلى الجمهور.

 

 

 كتب وموضوعات مشهورة في الدول العربية

 

وحول الكتب والموضوعات الأكثر قدرة على طرحها في الدول العربية، يرى الأستاذ أنه من الطبيعي في البيئة الاعتقادية الآن، لأن شعوبنا وشعوب الدول العربية، ومعتقداتهم الدينية فيما يتعلق بأهل البيت عليهم السلام، القرآن والسنة هامة جداً، ولذلك فإن الإتجاه يميل إلى هذا الإتجاه، كون كتاب “السفينة الراسية” كان الكتاب الأكثر مبيعاً في إيران لسنوات عديدة في إحصائيات وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي وفي أماكن أخرى، وكان السبب هو اعتقاد الناس في السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، أي أنهم أرادوا أن يعرفوا عنها، ولأن معلوماتهم في هذا المجال كانت ناقصة، فقد ملأ هذا الكتاب هذه الفجوة.

 

في رأيي، ستكون لدينا هذه الفجوة هناك أيضاً، في بعض هذه البلدان، بما في ذلك لبنان والعراق وغيرها من البلدان، كان لدي بعض الدراسات والتحقيق في مسألة النشر، وأشعر أنهم على الرغم من ضعفهم من حيث الجمهور ونسبة القراءة للفرد، مثلنا، لكن بنفس القدر، أولاً، يحبون ويرحبون بالكتب الشعائرية والدينية أكثر، وثانياً، بعد هذا الجانب الديني، هناك أذواق جذابة في جميع البلدان، لنفترض أن الأعمال الرومانسية، أو الأعمال الفكاهية، هي أشياء تعتبر نقداً اجتماعياً، أو أعمال يمكنها معرفة ثقافة المجتمع، أو يمكنها بسهولة شرح الثقافة الإيرانية لشخص خارجي، فهذه أعمال تحبها بشكل طبيعي.

 

 

أثر الترجمة في التعريف بأعمال العظماء

 

وعن أثر الترجمة في التعريف بأعمال الأدباء الكبار، يرى السيد مهدي شجاعي أن كل شيء يتم بالترجمة، ويقول: كل القضية تعود إلى الترجمة، وإذا دقّقت في كتّاب البلدان الأخرى، سترى أن فلان كاتب جزائري وفلان كاتب هندي أو فلان كاتب مغربي، طالما كان في إطاره الخاص، لم يُعرف شيء وعمله بقي في نفس النطاق، ولكن بمجرد أنه يتم ترجمة العمل، يحصل على جائزة دولية على الفور، فإن وجهة نظري هي أنه عندما لا تتم ترجمة العمل، فإنه يختنق في مهده، أي أنه مع جمهورنا المحدود، فإن أعمال الترجمة هي أهم حدث ضروري لدخول النشر العالمي.

 

 

تأثير وسائل الإعلام على نشر الكتب

 

ثم يتناول الأستاذ شجاعي نقطة مهمة فيما يتعلق بإنعكاس أخبار النجاحات الأدبية في الخارج فيقول: نقطة مهمة فيما يتعلق بالنشر في الخارج، وهي أن المراجعات التي تنشرها الصحافة البارزة في تلك الدول في مجلاتها والصحف، أي أنه حتى لو نشر ناشر عملاً، ولو كان ناشراً قوياً، لكن إذا لم يكن هناك دعاية أو حديث او نقد ورأي في الصحافة، فإن ذلك الكتاب لن يحقق نجاحا كافيا.

 

في رأيي، أحد جوانب الفجوة لدينا هو أنه عندما يتم ترجمة شيء ما إلى لغة أخرى، فإننا لا ننتبه لهذا الجانب من الترجمة، وأن هذا الكتاب يجب أن يطرحه النقاد والصحفيون والمراسلون، وإذا لم يحدث ذلك فإن النجاح المنشود لا يتحقق بشكل طبيعي.

 

 

دور الجامعات في إنتاج أو توفير العمل

 

بعد ذلك تحدثنا عن دور الجامعات في إنتاج أو توزيع الأعمال في الخارج، واعتبر الأستاذ شجاعي دور الجامعات حاسماً جداً وقال: لدي خبرة، منذ حوالي 15-16 سنة في الهند، ألقيت محاضرة لأساتذة اللغة الفارسية في الهند، وتم تدريس اللغة الفارسية هناك، وأعطيت تقرير عن الأدب المعاصر واندهشت جداً وكان غريباً بالنسبة لي، نظروا إلي بأفواه مفتوحة ومستغربين، رأيت أن معرفتهم بالأدب الإيراني توقفت قبل الثورة، مثلاً عند “جلال آل أحمد”؛ فلما رأوا ما حدث في الشعر والأدب قالوا: نحن ندرس اللغة الفارسية هنا في الجامعة، ولكننا لا نعلم ذلك، ولهذا السبب عندما عدت إلى إيران قمت باختيار وطباعة مجموعة مختارة من الأدب الإيراني المعاصر (100 صفحة من أفضل أعمال كل كاتب وشاعر)، وأرسلتها إلى الأماكن التي يوجد بها قسم اللغة الفارسية، برأيي أن للجامعة دورا حاسما، فعندما تكون الجامعة مواكبة للتطور وتقدم أعمالاً جديدة وأعمال أدباء معاصرين، فإن هذا في النهاية سيعرف أكثر في تلك البلدان.

 

 

دور المؤسسات الحكومية والهيئات الأدبية

 

ولا شك أن دور رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية والمؤسسات الحكومية والهيئات الأدبية في مد الجسور بين الدول في مجال الدبلوماسية الثقافية كبير جداً. يقول سيد مهدي شجاعي فيما يتعلق بتجربته في هذا المجال: تجربتي مع الرابطة وفيما يتعلق بالوكالات الأدبية، هي أن لدينا تجربة محترفة في هذا المجال، لقد كانت لي تجربة أننا قمنا بترجمة وطبع الكتاب هنا وأردت أن أعرض الكتاب هناك ولكن لم يكن ذلك ممكنا، وإذا ذهبت إلى العديد من المراكز الثقافية والاستشارات فإن مستودعاتهم مليئة بالكتب المترجمة التي لم يتم توزيعها.

 

وبرأيي فإن سر النجاح هو أن تجد المنظمات والوكالات ناشراً أجنبياً وأن يقوم ناشر أجنبي متمكن بنشر الأعمال، ففي هذه الحالة يكون هناك أمل في النجاح، في رأيي أن دور الوكالة وكرامتها يستحقان كونها لا تنشر العمل بنفسها، بل تعمل كوسيط لتعريف المؤلف أو الكتاب لناشر أجنبي، وعندما يدخل ذلك الناشر في هذا المجال، يقوم بالتوزيع والإعلان في نظامه الخاص، لكن إذا طبعنا الكتاب وأردنا توزيعه هناك بدون أدوات، فبالطبع لن يكون الأمر ناجحا.

 

 

حضور إيران وأدبها على الساحة الدولية

 

وخصصنا الكلمة الختامية لحضور الإيرانيين والأدب الإيراني على المستوى الدولي، وقال الأستاذ في هذا الصدد:

 

في رأيي أن الحضور الناجح على الساحة الدولية هو أمر مهم، وتكمن هذه الصفة بشكل كبير جداً في جوهر الأدب الإيراني، لكن إذا كنا نتحدث عن الإيرانيين في الخارج، للأسف في بعض البلدان التي ذهبت إليها، رأيت أن الإيرانيين في الخارج أخذوا معهم هذا النقص وعدم الإهتمام بالقراءة، وهناك أيضاً نرى أن الناشرين الذين ذهبوا إلى هناك وحاولوا العمل من أجل هذا الجمهور لم يحققوا نجاحا كبيرا، لكن يمكنني أن أقول بصراحة ذلك من حيث المستوى الأدبي ومن حيث التواجد في العالم، أعتقد أن العمل ينافس أعمال دول أخرى، ولديه ما يقوله.

 

 

 

 

        

 

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة