عام “2022”.. الأسوأ على الدول الغربية

إستقبل ثمانية مليارات شخص حول العالم عام مضطرب شهد الحرب في أوكرانيا وتضخماً قياسياً وأزمات عالمية مُتفاقمة.

2022-12-31

لم يك عام 2022 أفضل من الأعوام السابقة له من ناحية الأزمات التي تعرّضت لها البشرية، إذ كان الأسوأ على الدول الغربية والتي تغيرت مواقفها تجاه روسيا بعد بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. لم يكن التأثير الاقتصادي وحده فقط على تلك الدول، ولكن تأثر أيضا مخزون البعض منها من الناحية العسكرية فقد لجأت إلى تقديم المساعدات اللامحدودة لكييف”، علاوة على ذلك تسبب وقف ضخ الغاز الروسي الى الدول الأوروبية بحدوث أزمة طاقة كبيرة أشعلت احتجاجات في كافة أنحاء أوروبا لا سيما في بريطانيا وفرنسا وألمانيا المتضررين الأكبر من الأزمة، كما أن تبعات الحرب بين روسيا والغرب لم تتوقف على أوروبا فحسب إنما تركت تأثيراً مدمّرا على حياة الشعوب في مختلف أنحاء العالم خصوصاً أن روسيا وأوكرانيا تعتبران من أكثر المصادر الغذائية على سطح الأرض.

*عام مليء بالأحداث

عام مضى مليء بالأحداث العسكرية والتطورات الأمنية – قرارات وصنع قرارات، انسحابات واجتياحات، هجومات وتعزيزات هنا وهناك، دول ظلت ثابتة بمواقفها وأخرى تغبرت مواقفها بتغير المصالح ومواقف كشفت حقائق كانت غائبة عن الأنظار وأخرى كانت تحت طاولة الانتظار.

العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا هي الأبرز بين الأحداث العسكرية وما حدث بعد ذلك في العالم سواء في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وحتى في آسيا على المستوى الأوروبي كان تقديم فنلندا والسويد الطلب للانضمام إلى الناتو وقبول الحلف لهذا الطلب كان هو أكبر تطور عسكري على أقل تقدير، في حين تراجعت حدّة الحروب في غرب آسيا ما عدا الانتهاكات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، والتي تصاعدت بشكل كبير خلال العام المنصرم (2022)، وفي آسيا أيضاً تصاعدت حدّة التوتر العسكري بين الصين وأمريكا على خلفية زيادة تحركات الأخيرة ضد التنين الصيني.

* عام مضطرب

وفيما إستقبل ثمانية مليارات شخص حول العالم، اليوم سنة 2023، ووداع عام مضطرب شهد الحرب في أوكرانيا وتضخماً قياسياً وقيادة ليونيل ميسي منتخب بلاده إلى الفوز بمونديال قطر.

وشهدت سنة 2022 وفاة الملكة إليزابيث الثانية وأسطورة كرة القدم بيليه والزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف والرئيس الصيني السابق جيانغ زيمين ورئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي بعملية اغتيال.

وسجلت في هذا العام أيضاً استقالات جماعية لموظفين من عملهم بعد أزمة الوباء وصفعة في احتفال توزيع جوائز الأوسكار فضلاً عن تقلص ثروات أصحاب المليارات جراء تدهور قيمة العملات المشفرة.

لكن قبل كل شيء سيتذكر العالم سنة 2022 دائماً لأنها شهدت عودة الحرب إلى أوروبا مع الغزو الروسي لأوكرانيا.

ففي أكثر من 300 يوم، قتل قرابة سبعة آلاف شخص وجرح نحو 10 آلاف شخص، بحسب مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.

واضطر 16 مليون أوكراني للفرار من منازلهم. أما بالنسبة للذين بقوا، فيتخلل يومياتهم انقطاع متكرر للتيار الكهربائي وعمليات قصف روسي وحظر تجوال من الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتى الخامسة فجراً.

*العام الأسوأ في تاريخ أوكرانيا

وفي أوكرانيا، مرّ هذا البلد بأسوأ أزمة في تاريخه وذلك بعد الحملة العسكرية الروسية التي شنت عليه بهدف وقف تمدّد الناتو بالقرب من حدود روسيا، وفي آخر إحصائية دوت صافرات الإنذار 638 مرة في العاصمة كييف، منذ أن شنت موسكو حربها على البلاد لأول مرة، مع استمرار حالة الطوارئ لنحو 694 ساعة تقريباً. وتعرضت العاصمة لـ52 غارة جوية أسفرت عن مقتل 120 شخصاً، فيما أصيب 495 شخصاً في الهجمات الصاروخية وصواريخ “كروز”. وتضرّر أكثر من 600 مبنى من الهجمات، 2022 كان أسوأ عام في تاريخ كييف الحديث.

كل يعيش هذا النزاع على طريقته، فهناك من يصلون بهدوء وآخرون يحتفلون، في خطوات تهدف إلى إعطاء زخم للمقاومة المشتركة.

*موسكو تلغي احتفالاتها

شرقاً، ألغت موسكو عروضها التقليدية للمفرقعات بعد أن سأل رئيس بلدية المدينة سيرغي سوبيانين السكان كيف يودون الانتقال إلى العام الجديد. وقالت إيرينا شابوفالوفا (51 عاماً) وهي موظفة في حضانة، إن أمنية سكان موسكو الوحيدة هي “سماء سلمية فوق رؤوسنا”.

رغم كل شيء، وعدت شبكة التلفزيون والإذاعة الروسية الوطنية  (VGTRK)بأن تبث برنامجاً يعكس “أجواء رأس السنة على الرغم من التغيرات في البلاد وفي العالم”.

في الشرق أيضاً، تشهد الصين تفشياً واسعاً لـ”كوفيد-19″، فيما يسمح التلقيح لسكان سائر دول العالم بعيش حياة شبه عادية. وتخلّت بكين فجأة عن سياستها “صفر كوفيد” مطلع الشهر، في تحول تلاه فوراً ارتفاع حاد في عدد الإصابات. وفي حين تكتظ المستشفيات بالمصابين وكذلك المحارق بالجثث، غير أن الاحتفالات بعيد رأس السنة ستقام في عدد لا يحصى من الحانات والمسارح ومراكز التسوق في جميع أنحاء البلاد.

في المقابل، أعلنت سلطات شنغهاي عدم إقامة أي احتفال في الواجهة البحرية الشهيرة للمدينة.

*الأسوأ من حيث انتهاكات الاحتلال بالأقصى

في غرب آسيا، لا سيما في فلسطين المحتلة، وصف المدير العام لدائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى المبارك الشيخ عزام الخطيب عام 2022 بأنه كان الأسوأ والأعلى من حيث انتهاكات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين للحرم القدسي الشريف. وقال الخطيب في بيان: إن “حدة ووتيرة الاقتحامات تزايدت خلال هذا العام ليصل مجموع المتطرفين اليهود المقتحمين من جهة باب المغاربة للمسجد الأقصى المبارك إلى 48 ألفا و238 متطرفا”.

وأوضح الخطيب أن الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك لم تتوقف عند حد عسكرة الساحات وتحويل المسجد إلى ثكنة عسكرية، بل تجاوز ذلك لأول مرة إلى قيام المجموعات اليهودية المتطرفة بتصرفات استفزازية لمشاعر المسلمين.

*تصرفات إستفزازية

وأشار إلى أن التصرفات الاستفزازية غير المسبوقة شملت صلوات وانبطاحات وأداء لطقوس تلمودية علنية وأناشيد وغناء ورقص داخل الباحات، إضافة لرفع الأعلام الصهيونية داخل باحات المسجد الأقصى في مناسبات وأعياد يهودية خلال هذا العام. وجاءت الانتهاكات في المسجد الأقصى خلال العام -وفق بيان دائرة الأوقاف- “في ظل تطورات خطيرة وسريعة تقودها حكومات يمينية إسرائيلية متطرفة ستؤدي إلى إشعال فتيل حرب دينية في المنطقة والعالم”.

وقررت إسرائيل أحاديا منذ عام 2003 السماح لمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى بحراسة شرطة الاحتلال الإسرائيلية رغم اعتراضات الأوقاف الإسلامية. وكان يسمح لليهود بزيارة ساحات المسجد الأقصى ولكن لا يسمح لهم بإداء الصلوات هناك. ويخشى المسؤولون الفلسطينيون تفاقم التوتر في المسجد الأقصى مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية اليمينية الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو.

*إرث ثقيل من الأزمات الاقتصادية

وينتهي عام 2022 بإرث ثقيل من الأزمات الاقتصادية، تتوقع سيناريوهات عديدة تفاقمها في العام الجديد، لا سيما مع استمرار التضخم العالمي، وتعطل سلاسل إمدادات الغذاء والأسمدة والطاقة، وعودة شبح جائحة كورونا، لترتسم ملامح جديدة للكثير من الاقتصادات، في ظل القلق من تصاعد الاضطرابات الاجتماعية، ويعلو فيها ما يعرف باقتصاد “الثكنات” الذي بدأت ملامحه تطل بالفعل في العام الذي يدخل ذاكرة التاريخ في غضون أيام.

ويتوقع أن يواجه العالم ركوداً في عام 2023، إذ تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة، التي تهدف إلى معالجة التضخم إلى انكماش عدد من الاقتصادات، منها قاطرات للنمو العالمي، فالمعركة ضد الغلاء المتوحش في العديد من المجتمعات لم تحسم بعد، كما يتوقع أن تمتد تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا لمدد أطول حاملة معها الكثير من المعاناة لمختلف الأطراف، والدفع نحو حدوث ردة لافتة على ليبرالية الأسواق، وعودة الحكومات للتحكم في الكثير من المرافق الحيوية والخدمات.

وبينما حذّر صندوق النقد الدولي في تقرير له في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من أن أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي سوف ينكمش في 2023، وأن هناك فرصة بنسبة 25% لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة أقل من 2% في العام الجديد وسط ركود عالمي، إلا أن العديد من المراكز البحثية والمؤسسات المالية تتوقع سيناريو أكثر تشاؤماً.

المصدر: الوفاق