في بداية السنة الميلادية الجديدة...

أفلام وكتب تثير المشاعر في 2022

يحفل فيلم "علم" للمخرج الفلسطيني فراس خوري بالرموز، فالعلم رمز، ورفعه أو استبداله فعل رمزي شديد الثراء.

2023-01-01

الوفاق/ بدأ العام الجديد ومضى القديم، اعتبارا من هذا اليوم بدأت سنة ميلادية جديدة وصفحة جديدة وفرصة جديدة لمختلف النشاطات ومنها الثقافية، السينمائية والأدبية.

أما ما هي الاعمال التي أثارت مشاعر المتلقين في العام الماضي؟ وأي أفلام وكتب دار الحديث عنها وأصبحت على المستوى العالمي للتحدث عنها وخاصة في العالم العربي؟ هذا هو الموضوع الذي نتطرق اليه اليوم.

في الحقيقة مع نهاية عام 2022، حان الوقت لحصاد الأفلام العربية للعام الذي شهد إنتاجا أقل من حيث الكم والنوع مقارنة بالعام الماضي، وكان من غير اليسير اختيار أعمال جيدة بما فيه الكفاية لضمها لقائمة أفضل الأفلام العربية لعام 2022  وهنا نبدأ من الجيد الى الأفضل.

فرحة

فيلم “فرحة”، الذي شاركت في إنتاجه جهات من فلسطين والأردن والسعودية والسويد، وإخراج وتأليف دارين سلام وبطولة كرم الطاهر. عرض الفيلم في مهرجانات تورنتو السينمائي وبالم سبرينغر والبحر الأحمر، بالإضافة إلى محافل سينمائية دولية أخرى قبل وصوله إلى منصة نتفلكس، ليشعل حملة إسرائيلية مضادة له بسبب فضحه جرائم جيش الاحتلال الصهيوني إبان النكبة الفلسطينية.

تدور أحداث “فرحة” حول الناشئة الفلسطينية “فرحة” التي تحلم بالإنتقال من قريتها المحدودة إلى المدينة لبدء دراستها، ولكن تُغتال أحلامها على يد الجيش الإسرائيلي الذي داهم المنطقة واحتلها مدججاً بالسلاح وقتل الأهالي وطردهم من منازلهم، وخوفاً عليها يحبسها والدها في حجرة تخزين الطعام في الباحة، لتراقب انهيار عالمها.

فيلم “فرحة” من الأفلام المربكة، فهو يتناول قضية من الضروري الحديث عنها وتقديم أفلام تتناولها ووصولها إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور.

فيلم “علم”

فيلم “علم” الفلسطيني الفائز بجائزة أفضل فيلم من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بالإضافة إلى جائزة اختيار الجمهور، وأفضل ممثل مناصفة مع السوداني ماهر الخير، عُرض الفيلم سابقاً في مهرجان تورنتو السينمائي، وهو إخراج فراس خوري وبطولة محمود بكري.

تدور أحداث “علم” حول مجموعة من الشباب أبناء عرب 48 الذين يعيشون في قلب إسرائيل، ويضطرون إلى تعلم المناهج المحرفة التي تحاول طمس التاريخ الفلسطيني، يرصد العمل حياة هؤلاء المراهقين وصعوباتها بالتوازي مع مغامرتهم لإنزال العلم الإسرائيلي ورفع الفلسطيني محله في ذكرى النكبة، فيلم علم بسيط ومثير في آن واحد، لذلك استحق هذه المكانة كأفضل الأفلام العربية في 2022.

فيلم “علم” يرسم خريطة جديدة للوعي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، ورغم رموز الفيلم، فإنه فاض بواقعيته حتى انغرس في الحياة الحية للمجتمع الفلسطيني، الذي يقف منذ أكثر من 70 عاما على حافة الحياة طالبا الكرامة أو الموت.

يحفل فيلم “علم” للمخرج الفلسطيني فراس خوري بالرموز، فالعلم رمز، ورفعه أو استبداله فعل رمزي شديد الثراء، وقدرة الجيل الجديد على استبدال علم بعلم آخر هو فعل رمزي يتجاوز السينما والأدب إلى فعل نضالي ثوري على الأرض.

قصة بسيطة استطاع فراس خوري من خلالها أن يمرر العديد من الرموز والمعاني، ويعرض الحقائق التي يعيشها المجتمع الفلسطيني تحت سطوة احتلال غاشم.

يطرح الفيلم السؤال الصادم لأصحاب القناعات القديمة الراسخة من الأجيال السابقة: هل يمكن للأجيال الجديدة أن تتعايش الآن؟ ويسير قدما نحو استحالة حدوث ذلك في ظل الوجود الصهيوني.

الطنطورة

فيلم “الطنطورة” الذي أخرجه المخرج الإسرائيلي آلون شوارز يحظى بتغطية صحفية، نظرا للتفاصيل المرعبة التي يوثقها الفليم لمذبحة ضد الفلسطينيين لطالما أنكرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وهو فيلم وثائقي يفضح أسطورة تأسيس إسرائيل، ويعيد تصوير المجزرة وبشاعتها باعتراف مرتكبيها.

الأفلام والأنيميشن الإيراني

هناك أفلام وأنيميشن إيرانية كثيرة أصبحت عالمية وتم عرضها على المستوى الدولي، منها موقع مهدي، هناس، الفتى الدولفيني، لوبتو وغيره والذي تحدثنا في وقت سابق عن كل منهما، فعام 2022 كان لصناعة الأفلام الإيرانية عام مزدهر، حيث شق طريقه بين الأفلام والرسوم المتحركة الدولية واستطاع في هذا التنافس أن يحصد الجوائز العالمية، ويواصل مسيرته في هذا الطريق.

كما أن إيران شهدت مهرجانات سينمائية مختلفة من مهرجان فجر السينمائي الى سينما الحقيقة الذي أقيم أخيراً الى مهرجان أفلام لمقاومة الدولي السابع عشر الذي سيعقد في شهر مارس / آذار القادم، ويتطرق الى 17 محوراً موضوعياً في 6 أقسام رئيسية، التوليد السردي، الدفاع المقدس، العالم بدون إسرائيل، الرواية بالقلم الرصاص والنقد وقسم البحث في العلوم الإنسانية وسينما المقاومة.

يقام المهرجان الدولي السابع عشر لفيلم المقاومة في الخليج الفارسي تحت شعار خطاب المقاومة والحركة العالمية للمستضعفين وحرية القدس الشريف.

الكتب المميزة

الكتاب والقراءة من المجالات التي تجذب كل من يبحث عن العلم والخوض في عالم أفضل، وفي هذا الإطار نرى أن كل عام يشهد إصدارات حديثة وهامة، واختيار الكتاب الأفضل من بين هذه الإصدارات أمر صعب للغاية، خاصة أن عام 2022 شهد إقامة معارض كتب دولية كثيرة، في ايران ومختلف الدول العربية، بحضور دور نشر واسعة و إصدارات حديثة إضافة الى الإصدارات السابقة.

فهناك شهدنا أحداثا مثل جائزة “بوكر” العربية، حيث حصلت رواية “خبز على طاولة الخال ميلاد” للروائي محمد النعّاس من ليبيا على جائزة “البوكر” العربية لعام 2022، وفق بيان لجنة التحكيم.

ورواية “خبز على طاولة الخال ميلاد”، تعود إلى “المجتمع الليبي في النصف الثاني من القرن العشرين، وتتناول نقداً دقيقاً عميقاً للتصورات السائدة عن الرجولة والأنوثة وتقسيم العمل بين الرجل والمرأة وتأثيرهما النفسي والاجتماعي”.

وكتب النعّاس روايته، وهي الأولى له، في ستة أشهر “أثناء فترة الحجر الصحي، عندما كان مقيماً في مدينة طرابلس الليبية (غرب)، تحت القصف، وأخبار الموت عن المرض والحرب، والتي حصنته من الدخول إلى مرحلة الجنون”، وفق البيان.

والنعّاس (31 عاماً) هو ثاني أصغر كاتب فاز بجائزة “البوكر” العربية وأول كاتب ليبي، حسب لجنة التحكيم.

وجرى اختيار الرواية الليبية الفائزة من بين ست روايات في القائمة القصيرة أعلنتها لجنة التحكيم أواخر مارس/آذار الماضي. والروايات الستة هي: “ماكيت القاهرة” لطارق إمام من مصر و”دلشاد” لبشرى خلفان من عُمان، و “يوميات روز” لريم الكمالي من الإمارات، و”الخط الأبيض من الليل” لخالد النصر الله من الكويت، و “خبز على طاولة الخال ميلاد” لمحمد النعّاس من ليبيا، و”أسير البرتغاليين” لمحسن الوكيلي من المغرب.

وأما من الكتب العربية التي اجتذبت القرّاء وتُرجمت الى الفارسية هو كتاب “من جمر الى جمر.. صفحات من ذكريات منير شفيق” والذي حصل على جائزة فلسطين العالمية للآداب.

وأزيح الستار عن كتاب “الاستعمار العالمي فرنسا في كلمات قائد الثورة الإسلامية” خلال مراسم حضرتها مجموعة من الشخصيات الثقافية والإعلامية في العاصمة اللبنانیة بیروت، وكذلك الدكتورة دلال عبّاس تصدر كتاب “أيّامٌ مئات في إيران قبل الثورة” “دار الأمير” في بيروت، والكتاب شهادة حيّة على الأحداث السياسية والحراك الثقافي والاجتماعي الإيراني الذي سبق انتصار الثورة الإسلامية بسنتين.

كما أننا شهدنا إزاحة الستار عن ثلاثة كتب فارسية مترجمة إلى العربية في معرض بيروت الدولي للكتاب، وهي خاصة للأطفال والناشئين، فهي:  “موسوعة الشيعة”، “أحب أهل البيت” (ع)، “القرآن والأطفال والترفيه”.

وأما الأحداث التي أثارت ضجة إعلامية في مجال الأدب، هي سحب جائزة نوبل من الروائية  “آني إرنو” على جرأتها الإنسانية ودعمها لقضية فلسطين.

بسبب “الشجاعة والدقّة في المعالجة، اللتين تكشف من خلالهما الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية”، فازت الروائية الفرنسية آني إرنو بجائزة “نوبل للآداب” هذا العام، وفقاً لبيان الأكاديمية السويدية في ستوكهولم، وهي الجهة المانحة للجائزة.

بعد فوزها بجائزة “نوبل”، هاجمت الصحافة الإسرائيلية إرنو لأنّها “من أشد المؤيدين لحركة مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها”، وهو الأمر ذاته الذي قامت به شخصيات ومؤسسات داعمة لـ”إسرائيل”.

ثمة مواقف كثيرة اتخذتها إرنو دفاعاً عن القضايا العادلة، لا سيما القضية الفلسطينية، وفي العام الماضي وقّعت رسالةً بعنوان “خطابٌ ضد الفصل العنصري”.

وهكذا مضى عام 2022 وأطل علينا العام الجديد لنرى ماذا سيحدث في السنة الجديدة على الصعيد الثقافي.

 

 

المصدر: الوفاق